الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
461 - " بَابُ الصَّدَقَةِ قَبلَ الرَّدِّ
"
540 -
عَنْ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ رضي الله عنه قَالَ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " تَصَدَّقُوا فإِنَّهُ يَأتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ يَمْشِي الرَّجُلُ بِصَدَقَتِهِ فَلَا يَجِدُ مَنْ يَقْبَلُهَا، يَقُولُ الرَّجُلُ: لَوْ جِئْتَ بِهَا بالأمْسِ لَقَبِلْتُهَا، فأمَّا الْيَوْمَ فَلَا حَاجَةَ لي بِهَا ".
541 -
عَنْ أبِي هُرَيْرةَ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ الْمَالُ فَيفِيضَ
ــ
461 -
" باب الصدقة قبل الرد "
540 -
معنى الحديث: يقول حارثة بن وهب: " سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: تصدقوا فإنه يَأتِي عليكم زمان "، أي بادروا بإخراج الزكاة وانتهزوا فرصة قبولها بوجود الفقراء قبل أن يأتي عليكم زمان يكثر فيه المال حتى أنه " يمشي الرجل بصدقته "، أي يمشى بزكاته يبحث عن فقير يعطيها له فلا يجده، " يقول الرجل " الذي يقدم له الصدقة. " لو جئت بها بالأمس " أي أاعتذر إليك عن قبول صدقتك ولو جئتني قبل هذا اليوم لأخذتها منك، أما اليوم فلا حاجة لي، لأنني غني. الحديث: أخرجه الشيخان.
والمطابقة: في قولة: " يمشي الرجل بصدقته فلا يجد من يقبلها ".
541 -
معنى الحديث: يقول أبو هريرة رضي الله عنه: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. لا تقوم الساعة حتى يكثر فيكم المال فيفيض " المراد بالساعة هنا يوم القيامة أو المواد أنه لا ينتهي القرن الأول الهجري حتى يكثر المال، وتعم الثروة وينتشر الرخاء، وتتوفر السيولة النقدية في أيدي الناس جميعاً، فلا يحتاج أحد
حَتَّى يُهِمَّ رَبُّ الْمَالِ مَنْ يَقْبَلُ صَدَقَتَهُ، وَحَتَّى يَعْرِضَهُ، فَيَقُولُ الَّذِي يَعْرِضُهُ عَلَيْهِ: لَا أرَبَ لِي فِيهِ".
542 -
عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِم رضي الله عنه قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَهُ رَجُلَانِ أحَدُهُمَا يَشْكُو العَيْلَةَ، والآخَرُ يَشْكُو قَطع السَّبِيل، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أمَّا قَطع السَّبِيلِ فَإِنهُ لا يَأتِي عَلَيْكَ إلَّا قَلِيل حَتَّى تَخْرُجَ العِيرُ إلى مَكَّةَ بِغَيْرِ خَفِيرٍ وَأما
ــ
إلى الصدقة، " حتى عم رب المال من يضل صدقته " أي حتى يجتهد رب المال في البحث عن شخص فقير يقبل منه صدقته فلا يجده. " فيقول الذي يعرضه عليه " أي فيقول الشخص الذي يعرض عليه المال " لا أرب في فيه " أي لا حاجة في فيه. والمطابقة: في قوله: " فيقول الذي يعرضه عليه لا حاجة في فيه ". الحديث: أخرجه الشيخان.
542 -
ترجمة راوي الحديث: هو عدي بن حاتم الطائي رضي الله عنه. أسلم سنة تسع، وقال له عمر رضي الله عنه: آمنت إذ كفروا، وأقبلت إذ أدبروا، ووفيت إذ غدروا، وأول صدقة بيضت وجه رسول الله كانت صدقة جئت بها، شهد فتح العراق، وشارك فيه، وجاهد في سبيل الله، وتوفي سنة ثمان وستين من الهجرة.
معنى الحديث: يقول عدي بن حاتم رضي الله عنه: " كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه رجلان يشكو أحدهما العيلة " بفتح العين يعني الفقر والفاقة، " ويشكو الآخر قطع السبيل " أي قطع الطريق باللصوص، " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمّا قطع السبيل فإنه لا يَأتِي عليك إلاّ قليل " أي لا يمر عليك سوى زمن قصير وإذا به قد انتشر الإِسلام، واستتب الأمن في جزيرة العرب،
الْعَيْلَةُ فَإن السَّاعَةَ لا تَقُومُ حَتى يَطُوفَ أحَدُكُمْ بِصَدَقَتِهِ لَا يَجِدُ مَنْ يَقْبَلُهَا مِنْهُ، ثُمَّ لَيَقِفَن أحدُكُمْ بَيْنَ يَدي اللهِ لَيْسَ بيْنَهُ وَبَيْنَهُ حِجَاب، وَلَا تَرْجُمَان يُتَرْجِمُ لَهُ، ثُمَّ لَيقُولَنَّ لَهُ: ألَمْ أوتِكَ مالاً! فَلَيَقُولَنَّ: بَلَى، ثُمَّ لَيَقُولَنَّ: ألمْ أرْسِلْ إلَيْكَ رَسُولاً! فَلَيَقُولَنَّ: بَلَى، فَيَنْظرٌ عَنْ يَمِينهِ فَلا يَرَى إلَّا النَّارَ، ثُمَّ يَنْظُرُ عَنْ شِمَالِهِ فلا يَرَى إلَّا النَّارَ، فَلْيَتَّقِيَنَّ أحدُكُمْ النَّارَ، وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طيبةٍ".
ــ
" حتى تخرج العير إلى مكة بغير خفير "، أي حتى تسير القافلة التجارية إلى مكة دون حارس يحرسها. " وأما العيلة فإن الساعة لا تقوم "، أي لا تقوم القيامة أو لا ينتهي القرن الأوّل الهجري حتى يعم الغنى والثراء " حتى يطوف أحدكم بصدقته لا يجد من يقبلها " وذلك لتواجد المال في أيدي الناس، " ثم ليقفن أحدكم بين يدى الله ليس بينه وبينه حجاب ولا ترجمان "، أي يقف أمام الله دون حائل، ويكلمه مباشرة بدون واسطة ترجمان، لأن الله عليم بكل اللغات، " ثم ليقولن له: ألم أوتك مالاً، فيقول بلى، ألم أرسل إليك رسولاً " أي ألم أرسل إليك رسولاً يبين لك أركان الإِسلام، ومنها الزكاة، " فيقول: بلى ". أي فيقول مانع الزكاة: بلى قد أرسلت إلي رسولاً وأخبرني أن الزكاة من أركان الإِسلام، " فينظر عن يمينه فلا يرى إلاّ النار، ثم ينظر عن شماله فلا يرى إلاّ النار " فعند ذلك يتأكد أنه قد حاق به العذاب بسبب شحه وبخله " فليتقين أحدكم النار ولو بشق تمرة " أي فليجعل بينه وبين النار حاجزاً من الصدقة، ولو أن يتصدق بنصف تمرة، فإن الصدقة تطفىء غضب الرب، " فإن لم يجد " ما يتصدق، " فبكلمة طيبة " أي فليرد رداً جميلاً يطيب به نفس السائل. الحديث: أخرجه النسائي أيضاً. والمطابقة: في قوله: " لا تقوم الساعة حتى يطوف أحدكم بصدقته لا يجد من يقبلها ".
543 -
عَنْ أبي مُوسَى رضي الله عنه:
عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَيَأتِيَنَّ عَلَى النَّاس زَمَانٌ يَطُوفُ فِيهِ الرَّجُلُ بِالصَّدَقَةِ مِنَ الذَّهَبِ ثُمَّ لَا يَجِدُ أحداً يَأخُذُهَا مِنْهُ، وَيُرَى الرَّجُلُ الْوَاحِدُ يَتْبَعُهُ أرْبَعُونَ امْرَأةٍ يَلُذْنَ بِهِ مِنْ قِلَّةِ الرِّجَالِ وكَثْرَةِ النِّسَاءِ ".
ــ
543 -
معنى الحديث: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: " وليأتين على الناس زمان يطوف الرجل بالصدقة من الذهب "، أي يطوف بزكاته من الذهب ويبحث عمن يعطيها له، " ثم لا يجد أحداً يأخذها منه " قيل إن ذلك كان في زمن عمر بن عبد العزيز، وقال المناوي، وقيل: إنه يقع في زمن عيسى.
" ويرى الرجل الواحد يتبعه أربعون امرأة يلذن به " أي يعرضن عليه الزواج منهن " من قلة الرجال " بسبب كثرة الحروب. الحديث: أخرجه الشيخان.
والمطابقة: في قوله: " يطوف الرجل فيه بالصدقة من الذهب ثم لا يجد أحد يأخذها منه ".
فقه أحاديث الباب: دلت هذه الأحاديث على ما يأتي: أولاً: الترغيب في المبادرة إلى إخراج الزكاة وانتهاز الفرصة المناسبة لِإخراجها، وعدم التباطؤ بها، والحرص على إخراجها عند مسيس الحاجة إليها، والتحذير من التسويف بها، لأنه قد يكون التأخير سبباً في عدم وجود من يقبلها، ولهذا قال الفقهاء: يجب إخراج الزكاة فوراً، ويحرم تأخيرها عن وقتها إلاّ لعذر شرعي لهذا الحديث، ولقوله صلى الله عليه وسلم:" ما خالطت الصدقة مالاً إلاّ أهلكته " أخرجه البخاري، وزاد الحميدي: يكون قد وجب عليك في مالك صدقة فلا تخرجها فيهلك الحرام الحلال. ثانياً: أن من معجزاته صلى الله عليه وسلم إخباره عن التطور الاقتصادي حيث أخبر عن انتشار الغنى بين أفراد المسلمين في آخر الزمان قرب الساعة، حتى لا يوجد من يقبل الصدقة ويحتمل أن يكون إشارة إلى