الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في صَوْمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَبَعَثْتُ إلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِشَرَابٍ فَشَرِبَهُ".
527 - " بَابُ التَّهجِير بالرَّوَاحِ إلى عَرَفَةَ
"
618 -
عَنْ سَالِم بْنُ عَبْدِ الله بْن عُمَرَ قَالَ: كَتَبَ عَبْدُ المَلِك إِلَى الحَجَّاجِ أن لا يُخَالِفَ ابن عُمَر فِي الحَجِّ، فَجَاءَ ابنُ عُمَرَ رضي الله عنهما وَأنا مَعَهُ يَوْمَ عَرَفَةَ حِينَ زَالَتِ الشَّمْسُ، فَصَاحَ عِنْدَ سُرادِقِ الْحَجَّاجِ، فخَرَجَ
ــ
وعبد الله، وعبيد الله، وقثم، ومعبد، وعبد الرحمن.
معنى الحديث: تقول أم الفضل رضي الله عنها: " شك الناس يوم عرفة في صوم النبي صلى الله عليه وسلم " أي شك الصحابة هل صام ذلك اليوم، لكثرة ما ورد في فضل صيامه من الأحاديث أو أفطر، لأن للحاج ظرفه الاستثنائي قالت:" فبعثت إلى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بشراب " أي بقدح من لبن " فشربه "، وعند ذلك تأكدت رضي الله عنها من إفطاره. الحديث: أخرجه الشيخان وأبو داود.
فقه الحديث: دل الحديث على أنه يندب للحاج الإِفطار يوم عرفة اقتداءً بالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وعملاً بسنته، فهو الأفضل، وصيامه خلاف الأولى (1). والمطابقة: في كونه صلى الله عليه وسلم لم يصم يوم عرفة فِي حجة الوداع.
527 -
" باب التهجير بالرواح إلى عرفة "
أي هذا باب يذكر فيه أن من السنة التعجيل بالذهاب إلى عرفة في الهاجرة بعد الزوال، وعقب أداء الظهر والعصر في مسجد نمرة ببطن عرنة.
618 -
معنى الحديث: أن ابن عمر " أتى يوم عرفة حين زالت الشمس عند سرادق الحَجَّاج " أي صاح منادياً عليه عند مخيمه لأن عبد الملك لما وَلَّى الحجَّاج إمارة مكة أمره أن لا يخالف ابن عمر في المناسك فحج
(1) ويسن صيامه لغير الحاج. (ع).
وَعَلَيْهِ مِلْحَفَةٌ مُعَصْفَرَةٌ فَقَالَ: مَالَكَ يا أبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! فَقَالَ: الرَّوَاحَ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ، قَالَ: هَذِهِ السَّاعَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأنْظِرْنِي حتى أُفِيضَ عَلَى رَأسِي ثم أخْرُجَ، فَنَزَلَ حتَّى خَرَجَ الحَجَّاجُ، فسَارَ، فَقَالَ لَهُ سَالِمُ بن عَبْدِ الله وَكَانَ مَعَ أبيهِ: إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ فَاقْصُرِ الْخُطْبَةَ وَعَجِّلِ الْوُقُوفَ، فَجَعَلَ يَنْظرٌ إلى عبدِ اللهِ، فَلَمَّا رَأى ذَلِكَ عبد اللهِ قَالَ: صَدَقَ.
ــ
" الحَجَّاجُ " ذلك العام، فلما توجه من مني إلى عرفة نزل في نمرة ونصب سرادقه هناك كما كان يفعل غيره من الأمراء اقتداءً بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما حان وقت الزوال ذهب إليه ابن عمر ليبين له المناسك، فصاح به منادياً عليه " فخرج وعليه ملحفة معصفرة فقال: ما لك يا أبا عبد الرحمن؟ " يعني ابن عمر " فقال: الرواح إن كنت تريد السنة " أي عجّل بالذهاب إلى عرفة بعد الزوال. عقب أداء صلاتي الظهر والعصر قصراً وجمعاً ببطن عُرَنة إن كنت تريد العمل بسنته صلى الله عليه وسلم " قال: فأنظرني حتى أفيض على رأسي ثم أخرج، فنزل حتى خرج الحجّاج فسار فقال له سالم وكان مع أبيه: إن كنت تريد السنة فاقصر الخطبة " أي فاختصر الخطبة وأدِّ صلاتي الظهر والعصر ببطن عرنة قصراً وجمعاً وخففهما " وعجل بالوقوف " أي وسارع إلى الوقوف بعرفة عقب الصلاة مباشرة لتقف بها في الهاجرة عند منتصف النهار لما في حديث جابر رضي الله عنه قال: " لما زاغت الشمس أَتى صلى الله عليه وسلم بطن الوادي، أي وادي عرنة، فخطب الناس، ثم صلى الظهر والعصر جمعاً وقصراً، ثم ركب القصواء (بفتح القاف) وهي ناقته المشهورة، حتى أتى الموقف " إلخ. الحديث: أخرجه البخاري وأبو داود والنسائي.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أن من السنة أن
يصلي الإِمام الظهر والعصر قصراً وجمعاً في مسجد نمرة (بفتح النون وكسر الميم) ويقع هذا المسجد ببطن وادي عُرنَة، ومن السنة أيضاًً أن يخفف الخطبة والصلاة ويسارع بالذهاب إلى الموقف فيقف هناك في الهاجرة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وهو ما ترجم له البخاري، فالتهجير سنة مستحبة، أما الانتقال من عُرنَةَ إلى الموقف من عرفة فهو أمر لا بد منه، ولا يتحقق الوقوف بدونه، لأنّ عُرنة ليست من عَرفة عند الجمهور، فمن اقتصر على الوقوف فيها لا يجزئه ذلك، فهي واد بين العلمين اللذين هما على حد عرنة، والعلمين اللذين هما على حد الحرم فليست من عرفة ولا من الحرم (1). اهـ. كما ذكره الفاسي في " تاريخه "، وحكى ابن المنذر عن مالك أن عُرَنَةَ من عرفات، وفي صحة ذلك عنه نظر على مقتضى ما ذكره الفقهاء المالكية في كتبهم، ولعل ما حكاه ابن المنذر عن مالك رواية غير مشهورة في المذهب. فقد نص خليل في " مختصره " على أن من وقف في بطن عرنة لا يصح وقوفه بها ولا يجزئه.
وإنما اختلف المالكية في " مسجد نَمِرَةَ " هل هو من عَرَفَةَ أو من عُرنَة؟ فمن قال إنه من عرفة قال يجزىء الوقوف به ومن قال إنه من عُرنة، قال لا يجزىء.
ولذلك اختلفوا في حكمه على خمسة أقوال: الإِجزاء وعدمه والإِجزاء مع وجوب الدم (2)، والتوقف في حكمه، فقد روى القرافي عن مالك أنه قال: لم يصب (3) من وقف به، فمن فعل لا أدري (4) وخامسها: الإِجزاء مع الكراهة، وهو ما حكاه خليل في " مختصره " حيث قال:" وأجزأ " أي الوقوف " بمسجدها بكُرْهٍ " قال الحطاب يعني أن من وقف بمسجد نمرة فإنه يجزئه وقوفه مع الكراهة، وعند غيرهم لا يجزىء. إذن فالمعتمد عندهم أن
(1) هذا ما ذكره الفاسي عُرنَةِ وحدودها في " تاريخه " كما نقله عنه الحطاب في " شرح الخليل ".
(2)
" مواهب الجليل لشرح مختصر خليل " للحطاب ج 3.
(3)
" التاج والإكليل للمواق على هامش مواهب الجليل " ج 3.
(4)
أي لا أدري هل يجزئه ذلك الوقوف أم لا؟ وهذ النص صريح على توقفه في حكمه.