الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
495 - " بَابُ فضلِ الْحَجِّ الْمَبْرُورِ
"
582 -
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
يا رَسُولَ اللهِ نَرَى الْجِهَادَ أفْضَلَ الأعْمَالِ أفَلَا نُجَاهِدُ؟ قَالَ: " لا، لَكُنَّ أفْضَلُ الْجِهَادِ حَجٌ مَبْرُورٌ ".
ــ
495 -
" باب فضل الحج المبرور "
582 -
معنى الحديث: أن عائشة رضي الله عنها " قالت: يا رسول الله نرى الجهاد أفضل الأعمال " أي: لقد سمعنا الكثير عن فضائل الجهاد حتى صرنا نظن أنه أفضل الأعمال بعد الإيمان بالله تعالى " أفلا نجاهد؟ " الهمزة للاستفهام الاستخباري، وقد قُدِّمت على فاء العطف لما في الاستفهام من الصدارة في الكلام، كما أنها تقدم أيضاًً على الواو، وثم (1) نحو أو لا يعلمون أثم إذا ما وقع والنية بها التأخير، وما عداها من حروف العطف لا تقدم عليه عند جمهور النحاة. " والمعنى " إذا كان هذا هو فضل الجهاد، فأخبرنا ألا يجوز لنا أن نجاهد فنشارك الرجال في هذا الفضل العظيم. " قال: لا، لكن أفضل الجهاد حج مبرور " والظاهر أن " لا " تفيد النهي والنفي معاً، ولكن (بفتح اللام وضم الكاف وتشديد النون). أي لا تقاتلن يا معشر النساء، لأن الجهاد المسلح لم يشرع لكنَّ، وليس هو أفضل الأعمال بالنسبة للمرأة، أمَّا إذا أردتن أن تعرفن أفضل الأعمال وأشرف الجهاد بالنسبة إليكن فإنه " الحج المبرور " أي المقبول عند الله تعالى المستوفي لأحكامه الخالي من الرياء والسمعة والإِثم والمال الحرام، وفي رواية " لكِنّ " بزيادة ألف بعد اللام، وكسر الكاف وتشديد النون، والرواية الأولى أنسب. الحديث:
(1)" حاشية الجمل على الجلالين " ج 1.
583 -
عَنْ أبِي هُرَيْرةَ رضي الله عنه قَالَ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " مَنْ حَجَّ لله فلَمْ يَرْفُثْ، ولم يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمَ ولَدَتْهُ أمُّهُ ".
ــ
أخرجه أيضاًً النسائي وابن ماجة. والمطابقة: في قوله صلى الله عليه وسلم: " لكن أفضل الجهاد حج مبرور ".
583 -
معنى الحديث: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من حج لله فلم يرفث " أي فلم يفعل شيئاً من الجماع أو مقدماته " ولم يفسق " أي: ولم يرتكب إثماً أو مخالفة شرعية صغيرة أو كبيرة تخرجه عن طاعة الله تعالى " رجع كيوم " بالجر على الإِعراب (1)، وبالفتح على البناء " ولدته أمه " أي عاد بعد حجه نقياً من خطاياه، كما يخرج المولود من بطن أمه، أو كأنه خرج حينئذ من بطن أمه. الحديث: أخرجه الشيخان. والمطابقة: في قوله: " رجع كيوم ولدته أمه ".
فقه الحديثين: دل الحديثان على ما يأتي: أولاً: أن الحج المقبول الخالي من الرياء والسمعة والمال الحرام، ومن الجماع ومقدماته، ومن الآثام والسيئات صغيرها وكبيرها، لا يعدله شيء من القربات، لأنّه أفضل الأعمال بعد الإِيمان بالله تعالى. وقد اختلفت الروايات في الحج والجهاد أيُّهما أفضل، والتحقيق تفضيل الحج، لأنه ركن من أركان الإِسلامٍ الخمسة، وفرض عيني على كل مسلم، رجلاً كان أو امرأة إذا كان مستطيعاً، في حين أنّ الجهاد فرض كفاية إلّا في حالات استثنائية فقط، وذلك إذا تعرضت بلاد المسلمين لمداهمة العدو، فالأصل هو أفضلية الحج. أما تقديم الجهاد في حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي الأعمال أفضل؟ قال:" إيمان بالله ورسوله "، قيل: ثم ماذا؟
(1)" شرح الشرقاوي على مختصر الزبيدي " ج 2.