الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"
كتَابٌ فِي الِاسْتِقْرَاضِ وَأدَاءِ الدُّيُونِ والْحَجْرِ والْتَّفْلِيس
"
677 - " بَابُ مَنِ اشْتَرَى بالدَّيْنِ ولَيْس، عِنْدَهُ ثَمَنُهُ
"
777 -
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قالَ:
غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم " قَالَ: " كَيْفَ تَرَى بَعِيرَكَ، أتَبيعُهُ؟ "، قُلْتُ: نَعَمْ، فَبِعْتُهُ إِيَّاهُ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ، غَدَوْتُ إِلَيْهِ بالبَعِيرِ، فَأعْطَانِي ثَمَنَهُ.
ــ
677 -
" كتاب الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليس "
والاستقراض: طلب القرض، وهو شرعاً: دفع مال لمن ينتفع به ويَرُد بدله، وأما الحجر والتفليس فسيأتي بيانهما.
" باب من اشترى بالدين وليس عنده ثمنه وليس بحضرته "
777 -
معنى الحديث: أن جابراً رضي الله عنه يقول: " غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم " أي خرجت معه صلى الله عليه وسلم في غزوة الفتح " قال: كيف ترى بعيرك "؟ أي فأبطأ به جمله، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً كيف ترى بعيرك؟ قال جابر: قلت: يا رسول الله قد أعيا، أي اشتد عليه التعب والضعف حتى عجز عن السير، قال: فنزل رسول الله يحجنه بمحجنه " أي يجره بعصى معوجة الرأس، ثم قال: اركب فركبته فلقد رأيته أكفه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " أي فرأيته يجري بسرعة شديدة وأنا أمنعه عن السرعة، لئلا يتقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم " قال: أتبيعه؟ قلت: نعم، فبعته إياه " أي فبعت له ذلك البعير ديناً " فلما قدم المدينة غدوت إليه بالبعير فأعطاني ثمنه " أي فلما وصل
إلى المدينة ذهبت إليه بالبعير صباحاً، فأعطاني ثمنه، وفي رواية: فاشتراه مني بأوقية وهي أربعون درهماً، وفي رواية أخرى:" بأربعة دنانير " وفي رواية أخرى قال: " قدم النبي صلى الله عليه وسلم قبلي وقدمت بالغداة -أي صباحاً- فجئنا إلى المسجد، فوجدته على باب المسجد قال: الآن قدمت؟ قلت: نعم، قال: فدع جملك وادخل فدخلت، وصليت، فأمر بلالاً أن يزن لي فوزن بلال فأرجح لي في الميزان، فانطلقت حتى وليت، فقال: ادعو لي جابراً، فقلت: الآن يردّ علي الجمل ولم يكن شيء أبغض إلي منه، قال: خذ جملك ولك ثمنه ".
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: جواز الشراء بالدين، وقد أجمعوا على جوازه لقوله تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ). ثانياًًً: مشروعية الدين عامة سواء كان في البيوع أو ديناً خالصاً - إذا كان مستوفياً لشروطه الشرعية، ولم يكن في الأشياء الربوية، كالصرف، أو بيع التمر بالشعير نسيئة، أو كان قرضاً جرَّ نفعاً، فإنه لا يجوز. ثالثاً: استدل به الإِمام أحمد على جواز بيع دابة يشترط البائع (1) ركوبها لنفسه إلى موضع معلوم، وأجازه مالك بشرط أن تكون المسافة قريبة، وقالت الشافعية والحنفية: لا يصح، سواء بعدت المسافة، أو قربت، لحديث النهي عن بيع وشرط، وأجابوا عن حديث الباب بأنه واقعة عين يتطرق إليها الاحتمال، والدليل إذا طرقه الاحتمال بطل به الاستدلال.
الحديث: أخرجه الخمسة غير ابن ماجة. والمطابقة: في كونه صلى الله عليه وسلم اشترى بعير جابر بالدّين.
(1) واختلف العلماء: هل يجوز للبائع أن يشترط نفعاً معلوماً في المبيع؟ كسكنى الدار المبيعة شهراً، فذهب الأئمة الثلاثة إلى عدم صحة العقد والشرط، وذهب أحمد إلى جواز شرط واحد فقط. اهـ. كما في " تيسير العلام شرح عمدة الأحكام ".