الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
662 - " بَابٌ إِذَا أحَالَ دَيْنَ الْمَيِّتِ على رَجُلٍ جَازَ
"
762 -
عن سَلَمَةَ بْنِ الأكْوَعِ رضي الله عنه قَالَ:
" كُنَّا جُلُوساً عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ أتِىَ بِجَنَازَةٍ فقالُوا: صَلِّ عَلَيْهَا، فَقَالَ: هَلْ عَلَيْهِ دَيْنُ؟ قَالُوا: لا، قَال: فَهَلْ تَرَكَ شيْئاً؟ قَالُوا: لا، فَصَلَّى عَلَيْهِ. ثُمَّ أتِي بِجَنَازَةٍ أخْرَى فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ صَلِّ عَلَيْهَا، قَالَ: هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟ قِيلَ: نَعَمْ، قال: فَهَلْ تَرَكَ شَيْئاً؟ قَالُوا: ثَلَاَثةَ دَنَانِيرَ، فَصَلَّى عَليْهَا، ثم أُتِي بالثَّالِثَةِ، فَقالُوا: صَلِّ عَلَيْهَا، قَالَ: هَلْ تَرَكَ شَيْئاً؟ قَالُوا: لا، قال: فَهَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟ قالُوا: ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ؟ قَالَ: صَلُّوا على صَاحِبِكُمْ، قَالَ أبو قُتادة: صَلِّ عَليْهِ يا رَسُولَ اللهِ وعليَّ دَيْنُهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ ".
ــ
662 -
" باب إذا أحال دين الميت على رجل جاز "
أي إذا أحال أحد دين الميت على رجل وقبل الحوالة جازت الحوالة.
762 -
معنى الحديث: أن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه يروي لنا في هذا الحديث أنهم بينما كانوا جالسين مع النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده قدمت بين يديه جنازة ليصلي عليها فقال صلى الله عليه وسلم: " هل ترك هذا الميت مالاً " وهل عليه دين؟ فقالوا: لا، فصلى على جنازته لبراءة ذمته من حقوق الناس.
ثم جيء بجنازة أخرى ليصلي عليها، فسأل: هل على هذا الميت دين؟ فقالوا: نعم عليه دين، قال: هل خلّف مالاً، قالوا ثلاثة دنانير، فصلى عليه صلى الله عليه وسلم، لأنه ترك سداد دينه، فبرأت ذمته من حقوق الناس وتبعاتهم. ثم قدمت بين يديه جنازة ثالثة فقال: هل ترك مالاً قالوا: لا، قال: فهل عليه دين،
قالوا: عليه دين مقداره ثلاثة دنانير فتوقف عن الصلاة عليه، وأمرهم أن يصلوا عليه، " قال أبو قتادة صلِّ عليه يا رسول الله وعليَّ دينه " يعني فتكفل أبو قتادة بتسديد ذلك الدين الذي عليه " فصلى عليه " النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك. الحديث: أخرجه أيضاًً النسائي.
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: التحذير من الدين، والتوقي منه، والإِسراع في تسديده، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل على من ترك ديناً لم يترك سداده، لتعلق حق الناس بذمته، قال الصنعاني: ويدل هذا الحديث على شدة أمر الدين، فإنه صلى الله عليه وسلم ترك الصلاة عليه لأنها شفاعة، وشفاعته مقبولة لا ترد، والدين لا يسقط إلا بالتأدية. وقال البيضاوي: لعله امتنع عن الصلاة على المدين الذي لم يترك وفاءً تحذيراً عن الدين، وزجراً عن المماطلة، وكراهة أن يوقف دعاؤه عن الإِجابة بسبب ما عليه من مظلمة الخلق. وقد كان صلى الله عليه وسلم في أوّل هجرته وقبل فتح الفتوحات لا يصلي على المدين، فلما كثرت الفتوحات، وزاد: رأس المال الإسلامي، وتضاعف الدخل العام، تحمّل رسول الله صلى الله عليه وسلم ديون هؤلاء، فقال صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي هريرة، " أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم " فمن توفي من المؤمنين فترك ديناً فعليَّ قضاؤه، ومن ترك مالاً فلورثته " أخرجه البخاري ولهذا قال بعض أهل العلم: يجب على الإمام أن يقضي من بيت المال دين الفقراء اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، فإنه صلى الله عليه وسلم صرح بوجوب ذلك عليه في قوله " فعليّ قضاؤه ". اهـ. كما أفاده العيني. ثانياًً: جواز الحوالة في دين الميت، وأن الوارث إذا أحال دين الميت على غني، وقبل هذه الإحالة، صحت الحوالة شرعاً، وهو ما ترجم له البخاري واستدل عليه بحديث الباب، مع أنّه في الضمان والكفالة لا في الحوالة لتقاربهما، لأنهما ينتظمان في كون كل منهما نقل ذمة إلى ذمة أخرى، وقال أبو ثور: الكفالة والحوالة سواء، وكلاهما ينقل الحق عن ذمة المضمون عنه والمحيل، وحكي
ذلك عن ابن أبي ليلى وابن شبرمة وداود كما أفاده ابن قدامة، ويرى الحنفية أن لا كفالة ولا حوالة عن الميت إذا لم يترك شيئاً، ونصَّ في " الهداية " على أن دين الميت لا يقبل الحوالة. ثالثاً: جواز ضمان دين (1) الميت الذي لم يترك شيئاً وكفالته، ولا رجوع للكفيل عندئذٍ في مال الميت إن ظهر للميت مال، وهو مذهب الشافعي والصاحبين محمد وأبي يوسف، وقال مالك: له أن يرجع (2) في ماله إن ظهر له مال. وقال أبو حنيفة لا يجوز إذا لم يترك الميت مالاً. والمطابقة: في: " في كفالته لدين الميت والحوالة والكفالة سواء.
…
(1) هكذا قال ابن بطال كما نقله عنه العيني ج 12 وقال ابن قدامة: صحة الضمان عن كل من وجب عليه حق: حياً كان أو ميتاً، مليئاً أو مفلساً، وهو قول أكثر أهل العلم، وقال أبو حنيفة: لا يصح ضمان دين الميت إلا أن يخلف وفاء، قال: ولنا حديث أبي قتادة وعلي فإنهما ضمنا دين ميت لم يخلف وفاء والنبي صلى الله عليه وسلم حثهم على ضمانه في حديث أبي قتادة بقوله: ألا قام أحدكم فضمنه.
(2)
يشرط أن يكون قد قال: ضمنت لأرجع.