الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
531 - " بَابُ مَنْ قَدَّمَ ضَعَفَةَ أهْلِهِ بِلَيْل فَيَقِفُونَ بالْمُزْدَلِفَةِ، وَيَدْعُونَ ويُقَدِّمُ إذَا غَابَ الْقَمَرُ
"
622 -
عَنْ أسْمَاءَ بِنْتِ أبِي بَكْير رضي الله عنهما:
"أنَّهَا نَزَلَتْ لَيْلَةَ جَمْع عِنْدَ الْمُزْدَلِفَةِ فَقَامَتْ تُصَلِّي فَصَلَّتْ سَاعَةً ثُمَّ قَالَتْ: يَا بُنَيَّ هَلْ غَابَ الْقَمَرُ؟ قُلْتُ: لَا، فَصَلَّتْ سَاعَةً ثُمَّ قَالَتْ: هَلْ غَابَ الْقَمَرُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَتْ: فارْتَحِلُوا، فارْتَحَلْنَا وَمَضَيْنَا حَتَّى
ــ
فقه الحديث: دل هذا الحديث على ما يأتي: أولاً: أن من السنة الالتزام عند الإِفاضة من عرفات بالهدوء والسكينة، وتخفيف السرعة، وتنفيذ قواعد المرور محافظة على سلامته وسلامة الآخرين. ثانياًًً: مشروعية تنظيم حركة المرور، لا سيما عند الإِفاضة من عرفات، وإشراف المسؤولين عليها، فقد كان صلى الله عليه وسلم يتولى ذلك بنفسه، كما في حديث الباب.
531 -
" باب من قدم ضعفة أهله بليل فيقفون بالمزدلفة ويدعون ويقدم إذا غاب القمر "
622 -
معنى الحديث: يحدثنا عبد الله بن كيسان مولى أسماء رضي الله عنها " عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها أنها نزلت ليلة جمع عند المزدلفة " أي أنّها نزلت ليلة العيد بعد الإِفاضة من عرفات في مزدلفة فأحيت بعض الليل بالعبادة والصلاة، وهو معنى قوله:" فصلت ساعة " أي: بعض الوقت من الليل، " ثم قالت " لمولاها عبد الله بن كيسان:" هل غاب القمر؟ " تريد أن تتعرف بغياب القمر على أنّها قد صارت في الثلث الأخير من الليل، لأن غياب القمر ليلة العاشر من الشهر يكون فيه كما هو معروف "قال: لا، فصلت ساعة ثم قالت: يا بني هل غاب القمر؟ قال: نعم،
رَمَتِ الْجَمْرةَ، ثُمَّ رَجَعَتْ فَصَلَّتْ الصُّبْحَ في مَنْزِلِهَا، فَقُلْتُ لَهَا: يَا هَنْتَاهُ مَا أَرَانَا إِلَّا قَدْ غَلَّسْنَا، أَتالَتْ: يَا بُنَيَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أذِنَ لِلْظُّعُنِ".
623 -
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:
"نَزَلْنَا الْمُزْدَلِفَةَ، فاسْتَأذَنت النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سَوْدَةُ أن تَدْفَعَ قَبْلَ حَطْمَةِ النَّاس، وكانت امْرَأةٍ بطيئَةً فَأذنَ لَهَا، فَدَفَعَتْ قَبْلَ حَطْمَةِ النَّاس، وأقَمْنَا
ــ
قالت فارتحلوا" أي فلما علمت بغياب القمر، وعرفت من ذلك أنهما صارت في الثلث الأخير من الليل أمرته بالنزول معها إلى مني " قال: فارتحلنا ومضينا حتى رمت الجمرة " أي رمت جمرة العقبة في آخر الليل قبل الفجر " ثم رجعت فصلت الصبح في منزلها فقلت لها يا هنتاه " بفتح الهاء وسكون النون أي يا هذه " ما أرانا إلّا قد غلسنا " أي تسرعنا في الرحيل من مزدلفة ورمي الجمرة بالليل، " قالت: يا بني إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن للظعن " بضم الظاء والعين، أي رخص لضعفه النساء مثلي في النزول من مزدلفة في آخر الليل قبل الفجر. الحديث: أخرجه الشيخان وأبو داود ومالك وأحمد والطبراني ". والمطابقة: في قولها رضي الله عنها: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن للظعن ".
623 -
معنى الحديث: تقول عائشة رضي الله عنها: " نزلنا المزدلفة، فاستأذنت النبي صلى الله عليه وسلم سودة أن تدفع قبل حطمة (1) الناس، وكانت امرأة بطيئة " أي بطيئة الحركة لسِمَنِها وضخامة جسمها كما جاء ذلك في رواية أخرى للبخاري عن عائشة حيث قالت فيها: " وكانت ثقيلة ثبْطَةً "(بفتح الثاء وسكون الباء) أي: وكانت سودة امرأة ضخمة سمينة (2) ثقيلة
(1) بفتح الحاء وسكون الطاء.
(2)
" شرح العيني " ج 10.
حَتَّى أصْبَحنَا نَحْنُ، ثمَّ دفَعْنَا بِدَفْعِهِ، فلان أكونَ اسْتَأذَنْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا اسْتَأذَنَتْ. سَوْدَةُ أَحَبُّ إِلَّي مِنْ مَفْرُوحٍ بِهِ".
ــ
الحركة، بطيئة السير، فاستأذنت النبي صلى الله عليه وسلم أن تنزل من مزدلفة آخر الليل قبل حطمة الناس - أي قبل شدة الزحام، لأن الزحام يشتد بعد الفجر، فأرادت أن تخلص من شدة الزحام بالنزول قبل الفجر، لأنّها من ضعفة النساء وأهل الأعذار. فلا تقدر على مزاحمة الناس لها، " فأذن لها " بالنزول في آخر الليل فنزلت قبل الفجر، " وأقمنا حتى أصبحنا نحن، ثم دفعنا بدفعه "، أي نزلنا عند الإِسفار " فلأن أكون استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما استأذنت سودة أحبُّ إلي من مفروح به " أي فلما رأيت شدة الزحامِ تمنيت لو كنت فعلت كما فعلت سودة، ولو أني استأذنت مثلها لسررت كثيراً ولفرحت فرحاً عظيماً بالتخلص من ذلك التعب الذي عانيناه من شدة الزحام. الحديث: أخرجه الشيخان. والمطابقة: في قولها: " وكانت امرأة بطيئة فأذن لها ".
فقه الحديثين: دل هذان الحديثان على ما يأتي: أولاً: أنه يرخُصُ لأهل الأعذار من النساء والصبيان والشيوخ بالنزول من مزدلفة بعد منتصف الليل، لقول أسماء رضي الله عنها:" أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن للظعن "، ولأنه صلى الله عليه وسلم أذن لسودة بالنزول آخر الليل قبل الفجر. ثانياًًً: مشروعية الوقوف بمزدلفة لقول عائشة " نزلنا المزدلفة " ومشروعية المبيت فيها حتى الصباح لقولها: " وأقمنا حتى أصبحنا " أي حتى صلينا الصبح فيها: وهذا المبيت واجب يجبر بالدم، عند أحمد وأبي حنيفة وقالت الشافعية: الواجب التواجد فيها ولو لحظة في النصف الثاني من ليلة النحر، وقالت المالكية: الواجب النزول بمزدلفة ليلة النحر، قبل الفجر بمقدار حط الرحال، سواء كان ذلك أوّل الليل أو آخره. أما المبيت فهو سنة عند المالكية والشافعية. وسيأتي تفصيل ذلك في