الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
464 - " بَاب إذَا تصَدَّقَ على غَنِي وَهُوَ لَا يَعْلمُ
"
547 -
عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:
أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "قَالَ رَجُل: لأتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقتِهِ فوضَعَهَا في يَدِ سَارِق، فأصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ على سَارِقٍ! فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ لأتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَها في
ــ
أن تتصدق في حال صحتك واستكمال قواك الجسمية، وحرصك الشديد على تنمية ثروتك وطمعك في الغنى وخشيتك من الفقر، وحبك الشديد لمالك، فإذا تصدقت وأنت على هذه الحال كانت صدقتك أعظم أجراً، لما في ذلك من مجاهدة النفس، ومقاومة غريزة الشح فيها، وقد أثنى الله تعالى على من فعل ذلك في قوله:(وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا)، " ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم " أي بلغت الروح الحلقوم وأوشكت على مفارقة البدن، " قلت: لفلان كذا "، أي أوصيت بجزء من مالك لفلان وفلان، فإن هذه الوصية وإن كانت مشروعة إلاّ أن الصدقة في حال الصحة أفضل، لأن مالك قد أصبح عند مفارقتك الحياة لورثتك.
فقه الحديث: دل الحديث على أن الصدقة في وقت صحة الإِنسان وسلامته أفضل من الوصية، وأن الوصية جائزة مشروعة أيضاً. الحديث: أخرجه الشيخان والنسائي. والمطابقة: في كون الحديث جواباً للترجمة.
464 -
" باب إذا تصدق على غني وهو لا يعلم "
547 -
معنى الحديث: يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قال رجل " من بنى إسرائيل " لأتصدقن بصدقة " طيبةٍ نافعة أخرجها من مال حلال، وأدفعها لمن يستحقها، وأقسم على ذلك، والتزم به صدقته، " فخرج بصدقته "
يَدَيْ زَانِيةٍ، فأصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ تُصدِّقَ اللَّيْلَةَ على زَانِيَةٍ! فَقَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى زَانِيةٍ، لأتصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا في يَدَيْ غَنِيٍّ، فأصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ على غَنِي! فَقَال: اللهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ على سَارِق، وَعَلى زَانِيةٍ، وَعَلى غَنِي، فَأتِيَ، فَقِيلَ لَهُ: أما صَدَقَتُكَ
ــ
يريد أن يضعها في يد رجل صالح يستحقها، " فوضعها في يد سارق "، أي فأخطأ عن غير قصد، فوضعها في يد رجل سارق، وهو يظن أنّه رجل صالح وإنسان شريف، " فأصبحوا يتحدثون: تصدق على سارق! " أي يتكلمون في ذلك، ويتعجبون منه، لأن الصدقة كانت عندهم -فيما يبدو- لا تدفع إلاّ لأهل الخير والصلاح، كما أفاده العيني. " فقال: اللهم لك الحمد "، فحمد الله تعجباً مما وقع له حيث إنه أراد أن يتصدق على رجل صالح، فوقعت صدقته في يد فاسق وحمد الله لكونه لم يقدر عليه ما هو أسوأ من ذلك، لأنه ما من بلية إلاّ وهناك أعظم منها، " لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها " خطأً ودون قصد " في يد زانية " وهو يظنها امرأة شريفة، " فقال: اللهم لك الحمد على زانية "، فحمد الله أيضاً، وهو الذي لا يحمد على مكروه سواه، " لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته، فوضعها في يدي غني "، يعني فأعطى صدقته خطأً لرجل غني، والغني لا تحل له الصدقة، ولكنه لم يجزع، وإنما قال: " اللهم لك الحمد على سارق! وعلى زانية، وعلى غني؟ " أي فحمد الله على خطئه ثلاث مرات راضياً بما قدره الله عليه، وابتلاه به، " فأتي " بالبناء للمجهول، أي فعامله الله عز وجل بحسب قصده، وكافأه على حُسِنْ نيته، فرأى في منامه، أو هاتفاً يخاطبه، " فقيل له: أما صدقتك على سارق فلعله أن يستعف عن سرقته "، أي فبشره أن الله قد قبل منه صدقاته كلها، فأمّا الصدقة الأولى فلعله أن ينتفع