الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المعارضة ولم يصح في هذا الباب شيء.
الدليل الثاني:
(311)
ما رواه البخاري، قال: حدثنا عياش، قال: حدثنا عبد الأعلى، قال: حدثنا حميد، عن بكر، عن أبي رافع عن أبي هريرة قال: "لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا جنب، فأخذ بيدي، فمشيت معه حتى قعد، فانسللت، فأتيت الرحل فاغتسلت، ثم جئت وهو قاعد فقال: أين كنت يا أبا هريرة؟ فقلت له: فقال: سبحان الله، يا أبا هريرة إن المؤمن لا ينجس. ورواه مسلم
(1)
.
وجه الشاهد منه، قوله:"إن المؤمن لا ينجس".
فإذا كان المؤمن لا ينجس فالحائض والجنب ونحوهما أجسامهم طاهرة؛ لأنهم من جملة المؤمنين، والطاهر لا يمنع من دخول المسجد.
والحقيقة أن قوله: "إن المؤمن لا ينجس" يحتمل أن المؤمن لا ينجس بالجنابة، لأنه معلوم أن المؤمن كغيره تلحقه النجاسة الحسية كما لو وقع عليه بول أو غائط، ودم الحيض مجمع على نجاسته.
ويحتمل: "إن المؤمن لا ينجس" أي أن المؤمن طاهر بإيمانه فهي طهارة معنوية، كما أن المشرك نجس بشركه نجاسة معنوية، وإن كان بدنه طاهراً حساً. وعلى كلا الاحتمالين فلا يصلح هذا دليلاً في مسألتنا.
الدليل الثالث:
(312)
ما أخرجه سعيد بن منصور في سننه، قال: ثنا عبد العزيز بن محمد
(1)
البخاري (285)، ومسلم (371) واللفظ للبخاري.
الداروردي، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم
عن عطاء بن يسار، قال: رأيت رجالاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلسون في المسجد وهم مجنبون إذا توضؤا وضوء الصلاة
(1)
.
[وهشام بن سعد وإن كان فيه كلام، إلا أن أبا داود قال فيه: أثبت الناس في زيد بن أسلم، وباقي رجاله ثقات إلا الداروردي فإنه صدوق فحديثه من قبيل الحسن وهو من رجال مسلم].
وقد اختلف على هشام بن سعد
(2)
، وعلى فرض صحته فإنه لا يدل على الوجوب.
أولاً: لأنه حكاية فعل عن بعض أصحاب رسول الله، والفعل المجرد من النبي صلى الله عليه وسلم لا يدل على الوجوب فكيف من غيره.
(1)
تفسير ابن كثير (2/ 313).
(2)
فقد رواه ابن أبي شيبة (1/ 135) 1557: حدثنا وكيع، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم قال: كان الرجل منهم يجنب ثم يدخل المسجد فيحدث فيه" اهـ.
ووكيع أثبت من الداروردي ولا مقارنة، وذكره عن زيد ولم يذكر عطاء بن يسار، كما لم يذكر وضوءاً، وروى حنبل بن إسحاق صاحب أحمد، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدثون في المسحد وهم على غير وضوء، وكان الرجل يكون جنباً فيتوضأ، ثم يدخل المسجد فيتحدث".
وهنا تابع أبو نعيم وكيعاً في عدم ذكر عطاء إلا أنه ذكر الوضوء. وكما ذكرت بأن ذلك حكاية فعل لا تدل على الوجوب. وقد ذكر ابن كثير في تفسيره (2/ 313) بأن إسناده صحيح على شرط مسلم.