الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أمر عائشة رحمها الله أن تترز، ثم يباشرها، وهي حائض. ولا يحرم عندي أن يأتيها دون الفرج إذا اتقى موضع الأذى.
والفرج بالكتاب، وباتفاق أهل العلم محرم في حال الحيض.
وسائر البدن إذا اختلفوا فيه على الإباحة التي كانت قبل أن تحيض، وغير جائز تحريم غير الفرج إلا بحجة، ولا حجة مع من منع ذلك
…
الخ كلامه رحمه الله
(1)
.
وقال النووي: "وأما مباشرة النبي صلى الله عليه وسلم فوق الإزار فمحمولة على الاستحباب، جمعاً بين قوله صلى الله عليه وسلم وفعله"
(2)
.
دليل من قال: إن وثق المباشر بضبط نفسه جاز له مباشرة ما تحت الإزار وإلا فلا
.
لا ينبغي أن يكون هذا القول قولاً مستقلاً، بل يرجع هذا القول إلى القول الأول، وهو جواز المباشرة لما تحت الإزار، لأن هذا الشرط معتبر عندهم، ومثله المباشرة للصائم، والقبلة له، فإذا ترتب على ارتكاب المباح أمراً محظوراً حرم المباح.
قال النووي في المجموع: "إن وثق المباشر تحت الإزار بضبط نفسه عن الفرج، لضعف شهوة، أو شدة ورع جاز وإلا فلا، حكاه صاحب الحاوي ومتابعوه عن أبي الفياض البصري وهو حسن"
(3)
.
(1)
الأوسط (2/ 208).
(2)
المجموع (2/ 393).
(3)
المجموع (2/ 393).
واستحسنه ابن رجب، وقال: "في كلام عائشة ما يشهد له، فإنها قالت: وأيكم يملك إربه، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يملك إربه؟ ويشهد لهذا مباشرة المرأة في حال الصيام، فإنه يفرق فيها بين من يخاف على نفسه ومن يأمن.
وقالت عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل ويباشر وهو صائم، وكان أملككم لإربه". اهـ كلام الحافظ ابن رجب
(1)
.
قلت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أملك الأمة لإربه، ومع ذلك كان يباشر من فوق الإزار، فليست المباشرة فوق الإزار خاصة لمن خشي الوقوع في المحرم، فالقول باستحباب أن يكون ذلك من فوق الإزار مطلقاً هو الأقرب، إلا أن يقال: إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك تشريعاً لغيره ممن ليس بمعصوم، لكن من الممكن أن يبين بالقول ولا يترك المباشرة لما تحت الإزار.
(1)
في شرح البخاري (2/ 37).
الفرع الأول: حكم الاستمتاع بما تحت الإزار بالنظر واللمس دون الوطء
اختلف جمهور العلماء القائلون بتحريم المباشرة بالوطء بما تحت الإزار في حكم الاستمتاع بما تحت الإزار بالنظر واللمس ونحوهما إلى قولين:
فقيل: يجوز الاستمتاع بالنظر ونحوه لما تحت الإزار، لأن النظر ليس أعظم من التقبيل ومع ذلك يجوز.
اختاره ابن نجيم من الحنفية
(1)
، وبعض المالكية
(2)
، وبعض الشافعية
(3)
.
وقال بعضهم: لا يجوز
(4)
، لأنه مدعاة لجماعها، ولأنه استمتاع بما لا يحل مباشرته.
وسبب الاختلاف: اختلاف التعبير عند المؤلفين.
فمن عبّر بالاستمتاع، قال: يحرم النظر واللمس بشهوة، ولأنه نوع من الاستمتاع.
(1)
البحر الرائق (1/ 208 - 209).
(2)
انظر: حاشية العدوي المطبوع مع الخرشي (1/ 208)، حاشية الدسوقي (1/ 173)، حاشية البناني على شرح الزرقاني (1/ 137).
(3)
مغني المحتاج (1/ 110).
(4)
انظر: منحة الخالق على البحر الرائق، مطبوع بهامش البحر الرائق لابن عابدين (1/ 207)، حاشية الطحطاوي (1/ 150)، الشرح الصغير (1/ 216)، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (1/ 173)، المنتقى للباجي (1/ 117)، مغني المحتاج (1/ 110)، روضة الطالبين (1/ 136).
ومن عبّر بالمباشرة: قال لا يحرم الاستمتاع بالنظر ولو بشهوة، لأنه ليس أعظم من تقبيلها في فمها ووجهها بشهوة، وقد تبين من المسألة السابقة أنه لا يحرم سوى الفرج.