الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيحتاج إلى دليل خاص، ولا دليل
(1)
.
والذي يظهر لي أن الحديث ليس فيه دليل؛ لأن الطواف استثني من أفعال المناسك، فحين قال لها صلى الله عليه وسلم:"افعلي ما يفعل الحاج" دخل فيه جميع أفعال المناسك من الرمي، والوقوف، والسعي، والمبيت. وقوله صلى الله عليه وسلم "غير ألا تطوفي في البيت" فأخرج من أفعال المناسك الطواف، وبقي ما عداه. وليست قراءة القرآن من أفعال المناسك الخاصة، حتى تدخل في عموم:"افعلي ما يفعل الحاج".
الدليل الرابع:
إذا كان الجنب على الصحيح لا يمنع من قراءة القرآن، وهو حدث أكبر لم تمنع الحائض من باب أولى؛ لأن الجنابة من كسب العبد، ويملك رفعها، والحيض ليس من كسب المرأة، ولا تملك رفعه، وقد يطول بها، وقد تتعرض لنسيان ما حفظت، وإليك الأحاديث الدالة على جواز قراءة القرآن للجنب
(232)
ما رواه مسلم، قال حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء، وإبراهيم ابن موسى، قالا: حدثنا ابن أبي زائدة، عن أبيه، عن خالد بن سلمة، عن البهي، عن عروة،
عن عائشة، رضي الله عنها، قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه
(2)
.
(1)
فتح الباري، بتصرف يسير (1/ 542).
(2)
صحيح مسلم (117).
وجه الاستدلال:
قولها رضي الله عنها: "يذكر الله على كل أحيانه".
قال ابن حجر: "والذكر أعم من أن يكون بالقرآن أو بغيره، وإنما فرق بين الذكر والتلاوة بالعرف"
(1)
.
فإذا كان لفظ الذكر يشمل قراءة القرآن، وكان لفظ الذكر مطلقاً في الحديث، فمن قيد الذكر بما عدا القرآن فعليه الدليل.
وحاول أن يرده ابن رجب، فقال:"ليس فيه دليل على جواز قراءة القرآن للجنب؛ لأن ذكر الله إذا اطلق لا يراد به القرآن"
(2)
.
وهذا غير صحيح، لأن قوله:"الذكر إذا اطلق لا يراد به القرآن" هل يريد لا يراد به القرآن شرعاً أم عرفاً. فإن كان يقصد العرف فمسلم والعرف يختلف من قوم إلى قوم، ومن زمان إلى آخر، وأما في الشرع فإن القرآن كله يسمى الذكر، قال سبحانه وتعالى:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}
(3)
وقال سبحانه: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}
(4)
، والآيات في هذا كثيرة، والحقيقة الشرعية مقدمة على الحقيقة العرفية.
(1)
الفتح، في شرحه لحديث (305).
(2)
شرح ابن رجب للبخاري (2/ 45)
(3)
الحجر آية (9).
(4)
النحل آية (44).