الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مجمع لا يختلف فيه أحد
(1)
.
دليل من ذهب إلى وجوب قضاء الصلاة من الخوارج
.
وبالرغم من أن هذا الخلاف شاذ، ولا يعتد به، إلا أني ما سقت دليلهم إلا لبيان باطلهم، من ردهم السنة الصحيحة، وتحكيم العقل في أمور الشرع.
قال ابن حجر: من أصولهم المتفق عليها بينهم - يعني الخوارج - الأخذ بها دل عليه القرآن، ورد ما زاد عليه من الحديث مطلقاً
(2)
.
وخاب وخسر من رد السنة بالقرآن، وقد نزل القرآن باتباع السنة:
قال سبحانه: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}
(3)
.
وقال سبحانه: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}
(4)
.
وكيف يصلي الإنسان؟ وكيف يؤدي زكاته؟ لولا أن بيان ذلك جاء في السنة. فليس في كتاب الله إلا الأمر بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة.
(265)
وأما ما روى أبو داود، قال رحمه الله: حدثنا الحسن بن يحيى، أخبرنا محمّد بن حاتم - يعني حبي - حدثنا عبد الله بن المبارك، عن يونس بن نافع، عن كثير بن زياد، قال: حدثتني الأزدية - يعني: مسة - قالت: حججت فدخلت على أم سلمة، فقلت: يا أم المؤمنين إن سمرة بن جندب يأمر النساء
(1)
المحلى، مسألة (257).
(2)
فتح الباري (1/ 560) ح 321.
(3)
الحشر آية: (7).
(4)
النساء آية (80).
يقضين صلاة المحيض.
فقالت: لا يقضين، كانت المرأة من نساء النبي صلى الله عليه وسلم تقعد في النفاس أربعين ليلة لا يأمرها النبي صلى الله عليه وسلم لقضاء صلاة النفاس
(1)
.
[ضعيف]
(2)
.
قال ابن رجب في شرحه للبخاري: في سنن أبي داود بإسناد فيه لين أن سمرة بن جندب كان يأمر النساء بقضاء صلاة الحيض
(3)
.
وإذا كان الإسناد ضعيفاً فلا يثبت هذا إن شاء الله عن سمرة، ولو ثبت فليس لأحد حجة بعد كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن حجر تعليقاً على قول البخاري
(4)
: لا تقضي الحائض الصلاة.
قال الحافظ: "نقل ابن المنذر، وغيره إجماع العلماء على ذلك، وروى عبد الرزاق عن معمر أنه سأل الزهري عنه، فقال: اجتمع الناس عليه، وحكى ابن عبد البر عن طائفة من الخوارج أنهم كانوا يوجبونه، وعن سمرة بن جندب أنه كان يأمر به فأنكرت عليه أم سلمة، لكن استقر الإجماع على عدم الوجوب،
(1)
سنن أبي داود (312).
(2)
وهذا إسناده فيه ضعف. من أجل مسة الازدية، روى عنها كثير بن زياد، قال ابن حجر في التهذيب: ذكر الخطابي وابن حبان أن الحكم بن عتيبة روى عنها أيضاً. وذكرها الذهبي في المجهولات في الميزان، ونقل عن الدارقطني قوله فيها: لا يحتج بها. انظر الكلام على هذا الحديث بالتفصيل، في النفاس، في بحث: أكثر النفاس.
(3)
شرح ابن رجب للبخاري (2/ 134)
(4)
في كتاب الحيض باب (20).
كما قاله الزهري، وغيره"
(1)
.
وربما استدل بعض الخوارج بالقياس على وجوب قضاء الصوم، فإذا كانت تؤمر بقضاء الصوم فكذلك الصلاة فإنها من أهل التكليف.
وهذا قياس في مقابلة النص، فيكون قياساً فاسداً.
فقد أخرج البخاري تعليقاً في صيغة الجزم، قال البخاري:"وقال أبو الزناد: إن السنن ووجوه الحق لتأتي كثيراً على خلاف الرأي فما يجد المسلمون بداً من اتباعها، من ذلك أن الحائض تقضي الصيام، ولا تقضي الصلاة". اهـ
(2)
.
وقوله: على خلاف الرأي، يقصد به بادي الرأي، وإلا فالشرع لا يخالف العقل إذا كان النظر صحيحاً، لكن العقل عاجز عن إدراك الحكمة في كل أوامر الله، وإلا فالله لا يفرق بين متماثلين، ولا يجمع بين متفرقين، ولا يأمر ولا ينهى إلا لحكمة وهو الحكيم العليم.
وقال العلامة أحمد شاكر رحمه الله في تعليقه على سنن الترمذي: "وأمر الحائض بقضاء الصوم وترك أمرها بقضاء الصلاة، إنما هو تعبد صرف لا يتوقف على معرفة حكمته، فإن أدركناها فذاك، وإلا فالأمر على العين والرأس، وكذلك الشأن في جميع أمور الشريعة، لا كما يفعل الخوارج، ولا كما يفعل كثير من أهل هذا العصر، يريدون أن يحكموا عقولهم في كل شأن من شئون الدين فما قبلته قبلوه، وما عجزت عنه فهمه وإدراكه أنكروه وأعرضوا عنه، وشاعت هذه
(1)
فتح الباري (1/ 559).
(2)
في كتاب الصوم باب (41).
الآراء المنكرة بين الناس، وخاصة المتعلمين منهم، حتى ليكاد أكثرهم يعرض عن كثير من العبادات، وينكر أكثر أحكام الشريعة في المعاملات، اتباعاً للهوى، ويزعمون أن هذا هو ما يسمونه روح التشريع، أو حكمة التشريع، وإنه ليخشى على من يذهب هذا المذهب الردي أن يخرج من ساحة الإسلام المنيرة إلى ظلام الكفر والردة، والعياذ بالله من ذلك، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يعصمنا باتباع الكتاب والسنة، والاهتداء بهديهما. اهـ
(1)
.
وقد تلمس بعض العلماء الحكمة من التفريق بين الصلاة والصيام،
قال ابن رجب: وقد فرق كثير من الفقهاء من أصحابنا وأصحاب الشافعي بين قضاء الصوم والصلاة بأن الصلاة تتكرر كل يوم وليلة خمس مرات، والحيض لا تخلو منه كل شهر غالباً، فلو أمرت الحائض بقضاء الصلاة مع أمرها بأداء الصلاة في أيام طهرها لشق ذلك عليها، بخلاف الصيام فإنه إنما يجيء مرة واحدة في السنة فلا يشق قضاؤه.
ومنهم من قال: جنس الصلاة يتكرر في كل يوم من أيام الطهر، فيغني ذلك عن قضاء ما تركته منها في الحيض بخلاف صيام رمضان فإنه شهر واحد في السنة لا يتكرر فيها، فإذا طهرت الحائض أمرت بقضاء ما تركته أيام حيضها لتأتي بتمام عدته المفروضة في السنة كما يمر بذلك من أفطر لسفر أو مرض
(2)
.
هذا فيما يتعلق بالصلاة وحكم قضائها.
(1)
شرح سنن الترمذي (1/ 235).
(2)
شرح ابن رجب للبخاري (2/ 134).