الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول في نجاسة دم الحيض
نقل الإجماع على نجاسة دم الحيض كثير من الفقهاء، وإليك النقول عن بعضهم.
قال النووي: "والدلائل على نجاسة الدم متظاهرة، ولا أعلم فيه خلافاً عن أحد من المسلمين إلا ما حكاه صاحب الحاوي عن بعض المتكلمين أنه قال: هو طاهر، ولكن المتكلمين لا يعتد بهم في الإجماع والخلاف على المذهب الصحيح الذي عليه جمهور أهل الأصول من أصحابنا وغيرهم، لا سيما في المسائل الفقهيات"
(1)
.
وقال ابن عبد البر: الدم المسفوح رجس نجس، وهذا إجماع من المسلمين
(2)
.
وقال الشوكاني: "واعلم أن دم الحيض نجس بإجماع المسلمين"
(3)
.
الأدلة على نجاسة دم الحيض.
الدليل الأول:
(200)
ما رواه البخاري، قال: حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا يحيى، عن هشام، قال: حدثتني فاطمة عن أسماء، قالت: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم،
(1)
المجموع (2/ 576)، وقول النووي عن نجاسة الدم بأنه إجماع غير مسلم، بل الراجح طهارة الدم إلا دم الحيض.
(2)
التمهيد (22/ 230).
(3)
نيل الأوطار (1/ 58).
فقالت: أرأيت إحدانا تحيض في الثوب، كيف تصنع. قال: تحته، ثم تقرصه بالماء، وتنضحه، وتصلي فيه. ورواه مسلم
(1)
.
قال الحافظ رحمه الله: (تحته): أي تحكه. كذا رواه ابن خزيمة، والمراد بذلك إزالة عينه.
(ثم تقرصه): أي تدلك موضع الدم بأطراف أصابعها، ليتحلل بذلك، ويخرج ما تشربه الثوب منه.
(وتنضحه) قال الخطابي: أي تغسله. وقال القرطبي: المراد به الرش؛ لأن غسل الدم استفيد من قوله: "تقرصه بالماء". وأما النضح فهو لما شكت فيه من الثوب. قال الحافظ: فعلى هذا فالضمير في قوله: تنضحه يعود على الثوب، بخلاف تحته. فإنه يعود على الدم، فيلزم منه اختلاف الضمائر، وهو على خلاف الأصل. ثم إن الرش على المشكوك فيه لا يفيد شيئاً؛ لأنه إن كان طاهراً فلا حاجة إليه، وإن كان متنجساً لم يطهر بذلك. فالأحسن ما قاله الخطابي
(2)
.
قلت: النضح يأتي في اللغة بمعنى الغسل، كما يأتي بمعنى الرش، قال ابن الأثير: قد يرد النضح بمعنى الغسل والإزالة، ومنه الحديث: نضح الدم عن جبينه
(3)
.
(201)
قلت: الحديث قد رواه مسلم، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع ومحمد بن بشر، عن الأعمش، عن شقيق،
(1)
البخاري (227)، ومسلم (291).
(2)
الفتح بتصرف يسير (1/ 439).
(3)
النهاية في غريب الحديث (5/ 70).
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبياً من الأنبياء ضربه قومه، فهو ينضح الدم عن جبينه
(1)
.
قال السيوطي في شرحه للحديث ينضح الدم بكسر الضاد أي يغسله ويزيله
(2)
. وقال الطحاوي: فقد يجوز أن يكون أراد بالنضح الغسل لأن النضح قد يسمى غسلا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لأعرف مدينة ينضح البحر بجانبها يعني يضرب البحر بجانبها.
(3)
اهـ.
وهذا الحديث الذي ذكره الطحاوي.
(202)
قد رواه أحمد، قال: ثنا يزيد، أخبرنا جرير، أنبأنا الزبير بن الخريت، عن أبي لبيد قال:
خرج رجل من طاحية مهاجراً يقال له بيرح بن أسد، فقدم المدينة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بأيام فرآه عمر رضي الله تعالى عنه فعلم أنه غريب، فقال له: من أنت؟. قال من أهل عمان. قال: نعم قال فأخذ بيده فأدخله على أبي بكر رضي الله تعالى عنه. فقال: هذا من أهل الأرض التي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إني لأعلم أرضاً يقال لها عمان، ينضح بناحيتها البحر، بها حي من العرب لو أتاهم رسولي ما رموه بسهم ولا حجر
(4)
.
(1)
رواه مسلم (1972)، وهو في الصحيحين إلا أنه بلفظ:"وهو يمسح الدم عن وجهه".
(2)
الديباج (4/ 402).
(3)
شرح معاني الآثار للطحاوي (1/ 53).
(4)
المسند (1/ 44).