الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحائض إذا خشيت فوات الحج بأنها ترفض عمرتها.
ثانياً: قوله صلى الله عليه وسلم "هذه مكان عمرتك" ولو كانت العمرة الأولى باقية لم تكن هذه مكانها، فلا تحل الثانية مكان الأولى إلا إذا كانت الأولى قد بطلت.
ثالثاً: قالت عائشة رضي الله عنها كما في رواية لمسلم: أيرجع الناس بحجة وعمرة وأرجع بحجة.
[الدليل الثالث]
(*)
(356)
فقد روى مسلم، قال: حدثني سليمان بن عبيد الله أبو أيوب الغيلاني، حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو، حدثنا عبد العزيز ابن أبي سلمة الماجشون، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه،
عن عائشة رضي الله تعالى عنها، قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نذكر إلا الحج، حتى جئنا سرف، فطمثت، فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي. فقال: ما يبكيك؟ فقلت: والله لوددت أني لم أكن خرجت العام. قال: مالك لعلك نفست؟ قلت: نعم. قال: هذا شيء كتبه الله على بنات آدم، افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري. قالت: فلما قدمت مكة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: اجعلوها عمرة، فأحل الناس إلا من كان معه الهدي. قالت: فكان الهدي مع النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر وعمر وذوي اليسارة، ثم أهلوا حين راحوا. قالت: فلما كان يوم النحر طهرت فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأفضت. قالت: فأتينا بلحم بقر. فقلت: ما هذا؟ فقالوا: أهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه البقر، فلما كانت ليلة الحصبة، قلت: يا رسول الله يرجع الناس بحجة وعمرة، وأرجع بحجة. قالت: فأمر عبد الرحمن بن أبي بكر فأردفني على جمله. قالت: فإني
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ما بين المعكوفين ليس في المطبوع
لأذكر، وأنا جارية حديثة السن، أنعس فيصيب وجهي مؤخرة الرحل حتى جئنا إلى التنعيم، فأهللت منها بعمرة جزاء بعمرة الناس التي اعتمروا
(1)
.
فقولها رضي الله عنها: "يرجع الناس بحجة وعمرة، وأرجع بحجة" صريح أنها لم تكن قارنة، وإلا لما قالت ذلك، لأن القارن قد رجع بحج وعمرة.
رابعاً: قوله: "انقضي رأسك وامتشطي" دليل على أنها لم تكن محرمة؛ لأن الامتشاط لا يجوز للمحرم.
هذه أوجه الاستدلال من الحديث.
وقد ناقش الجمهور هذه الاستدلالات، وأجابوا عنها، وإليك بيانها:
الجواب عن قوله صلى الله عليه وسلم دعي عمرتك أو أرفضي عمرتك.
فأجابوا عنها بعدة إجابات.
منها إعلال هذه اللفظة، فقد ذهب بعضهم إلى شذوذها، وأنها غير محفوظة.
قال ابن قدامة: فأما حديث عروة، فإن قوله:"انقضي رأسك، وامتشطي، ودعي العمرة" انفرد به عروة، وخالف به سائر من روى عن عائشة حين حاضت، وقد روى ذلك طاووس
(2)
،
(1)
صحيح مسلم (120 - 1211).
(2)
رواية طاووس، عن عائشة رواها أحمد (6/ 124) ومسلم (132 - 1211) من طريق وهيب، عن عبد الله بن طاووس، عن أبيه، عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها أهلت بعمرة، فقدمت ولم تطف بالبيت حتى حاضت، فنسكت المناسك كلها وقد أهلت بالحج،
والقاسم
(1)
، والأسود
(2)
وعمرة
(3)
عن عائشة، فلم يذكروا ذلك، وحديث جابر وطاووس مخالفان لهذه
فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم يوم النفر: يسعك طوافك لحجك وعمرتك، فأبت، فبعث بها مع عبد الرحمن إلى التنعيم فاعتمرت بعد الحج.
(1)
رواية القاسم، عن عائشة.
رواه عبد الرحمن بن القاسم، عن القاسم، عن عائشة. كما في البخاري (294، 5548، 5559، 1650، 305)، ومسلم (1211 - (121، 120، 119، 122)، والحميدي (206)، وأحمد (6/ 6/ 186، 181، 39)، وابن ماجه (2963)، والدارمي (1904)، وابن خزيمة (2936)، وابن حبان (3835، 3834)، والبيهقي (1/ 308)، و (5/ 86، 3)، والبغوي (1913).
ورواه ابن عون، عن القاسم. كما عند البخاري (1787)، ومسلم (1211 - (126، 127). ورواه يحيى بن سعيد، عن القاسم به. رواه البخاري (2952) ملحقاً سنده بعد ذكره لحديث يحيى بن سعيد، عن عمرة.
ورواه أفلح بن حميد، عن القاسم. رواه البخاري (1788، 1560)، ومسلم (1211 - (384، 123)، وابن خزيمة (3907)، وابن حبان (3795).
ورواه أيمن بن نابل، عن القاسم، كما في رواية البخاري (1518).
ورواه عبيد الله بن عمر، عن القاسم. رواها أحمد (6/ 193، 192، 99)، ومسلم (124 - 1211). وابن حبان (3904، 3900)، والبيهقي (5/ 2).
(2)
رواية الأسود عن عائشة.
رواها إبراهيم النخعي، عن الأسود، عن عائشة به. كما في مسند أحمد (6/ 122، 175، 253، 224، 213) والبخاري (1787، 1762، 1561) ومسلم (1211 - (126، 128، 387، 129)، والنسائي (2803)، وابن ماجه (3073)، والطحاوي (2/ 233 - 234)، والبيهقي (5/ 163، 162).
(3)
رواية عمرة عن عائشة. رواها عن عمرة يحيى بن سعيد، كما في رواية الموطأ
الزيادة، وقد روى حماد بن زيد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة حديث حيضها، فقال فيه: حدثني غير واحد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: دعي العمرة، وانقضي رأسك، وامتشطي، وذكر تمام الحديث. وهذا يدل أن عروة لم يسمع هذه الزيادة من عائشة
(1)
، وهو مع ما ذكرنا من مخالفته بقية الرواة، يدل على
(1/ 393)، الشافعي (1/ 369)، البخاري (1720، 2952، 1709) ورواه مسلم (125 - 1211)، والنسائي (5/ 178)، وابن ماجه (2981)، والبيهقي (5/ 5).
ورواه عن عمرة أبو بكر بن محمَّد بن عمرو بن حزم، عن عمرة، كما في رواية مالك (1/ 412)، والبخاري (328)، ومسلم (385 - 1211)، والنسائي (1/ 194)، والطحاوي (2/ 234)، والبيهقي (5/ 163).
وهناك رواة آخرون رووه عن عائشة لم يذكرهم ابن قدامة رحمه الله، منهم:
مجاهد، وصفية بنت شيبة، وعبد الله بن عبيد الله بن مليكة، وعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، وذكوان، وأبي سلمة.
أما رواية مجاهد عن عائشة، فقد رواها مسلم (133 - 1211).
وأما رواية صفية بنت شيبة، فقد رواها مسلم أيضاً (134 - 1211).
وأما رواية عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة، عن عائشة، فقد رواها أحمد (6/ 245)، والبخاري (2984).
وأما رواية عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، فقد رواه البخاري (2958، 1784)، ومسلم (135 - 1211)، وأبو داود (1995)، والترمذي (934)، وابن ماجه (2999).
وأما رواية ذكوان، عن عائشة. فقد رواه الطيالسي (1540)، ومسلم (1211 - (131، 130)، وابن خزيمة (2606)، وابن حبان (3941)، والبيهقي (5/ 19).
وأما رواية أبي سلمة، عن عائشة. فيرويها عن أبي سلمة محمَّد بن إبراهيم بن الحارث التيمي كما في رواية أحمد (6/ 86، 85) ومسلم (386 - 1211).
والزهري، عن أبي سلمة، كما عند أحمد (6/ 82) والبخاري (4401)، ومسلم (1211 - (383، 382).
(1)
قد اختلف على حماد بن زيد، فرواه جماعة عنه، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة
الوهم مع مخالفتها الكتاب والأصول؛ إذ ليس لنا موضع آخر يجوز فيه رفض العمرة مع إمكان إتمامها"
(1)
.
وقال ابن القيم: "تعليل هذه اللفظة وردها - يعني دعي عمرتك - بأن عروة انفرد بها، وخالف بها سائر الرواة، وقد روى حديثها طاووس، والقاسم،
على الاتصال، فقد أخرجه أبو داود (1778) من طريق سليمان بن حرب مطولاً مقروناً برواية غيره، والنسائي (2717) من طريق يحيى بن حبيب بن عربي. ورواه ابن خزيمة (2604) مختصراً، ورواه ابن حبان (3792) مطولاً. من طريق أحمد بن المقدام العجلي كلهم رووه عن حماد بن زيد، عن هشام، عن عروة، عن عائشة متصلة.
وأما الرواية المنقطعة التي أشار إليها ابن قدامة فرواها ابن عبد البر في التمهيد، كما في فتح البر (8/ 289) من طريق محمَّد بن عبيد، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم موافين هلال ذي الحجة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من شاء أن يهل بحج فليهل، ومن شاء أن يهل بعمرة فليهل، فمنا من أهل بحج، ومن من أهل بعمرة حتى إذا كنت بسرف حضت، فدخل علي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، فقال: ما شأنك؟ فقلت: وددت أني لم أخرج العام، وذكرت له محيضها، قال عروة: فحدثني غير واحد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: دعي عمرتك، وانقضي رأسك، وامتشطي، وافعلي ما يفعل الحاج المسلمون في حجهم، قالت: فأطعت الله ورسوله، فلما كانت ليلة الصدر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن أبي بكر، فأخرجها إلى التنعيم، فأهلت منه بعمرة.
ورجح ابن عبد البر: رواية حماد، وأن الكلام لم يسمعه عروة من عائشة.
وعندي والله أعلم أن خطأ حماد بن زيد أقرب من خطأ الجماعة، هذا على الجزم بأن الخطأ من حماد، ولا يمكن الجزم به، وقد اختلف على حماد، والأكثر على أنه متصل مرفوع، وإذا لم يكن محمَّد بن عبيد له متابع فالجزم بخطئه متعين. والله أعلم.
(1)
المغني (5/ 370، 369) وذكر نحوه ابن القيم في زاد المعاد (2/ 169)، ولعلي أسوق كلامه بتمامه بعد قليل إن شاء الله.