الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واختيار ابن المنذر
(1)
.
أدلة الجمهور على اشتراط الطهارة
.
الدليل الأول:
من الكتاب قوله تعالى: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ}
(2)
. فالآية خبر بمعنى النهي، أي لا يمس المصحف إلا المطهر: والمطهر هو المتطهر من الحدث الأصغر والأكبر، ومنه الحيض.
وأجيب:
بأن المراد بالمطهرون الملائكة. والضمير في قوله: "لا يمسه" يعود إلى أقرب مذكور، وهو الكتاب المكنون.
وهذا قول ابن عباس
(3)
.
(1)
الأوسط (2/ 103).
(2)
الواقعة آية (79، 78، 77).
(3)
انظر تفسير الطبري (11/ 659)، وأحكام القرآن - الجصاص (5/ 300)، تفسير ابن كثير (4/ 299)، وتفسير السيوطي (8/ 26)، وفي معنى المطهرون أقوال:
فقيل: المراد بهم الملائكة، فيكون المقصود بالمطهرين: أي المطهرين من الذنوب.
وقيل: المطهرون من الأحداث والأنجاس.
وقيل: المطهرون من الشرك.
وقيل: معنى: لا يمسه: أي لا يقرؤه إلا المطهرون: أي إلا الموحدون.
وقيل: المراد: لا يجد طعمه ونفعه وبركته إلا المطهرون: أي المؤمنون بالقرآن، قاله ابن العربي، وهو اختيار البخاري، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً.
وقيل: لا يعرف تفسيره إلا من طهره الله من الشرك، والنفاق.
وقيل: لا يوفق للعمل به إلا السعداء.
وقال مالك
(1)
: "أحسن ما سمعت في هذه الآية {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} إنما هي بمنزلة هذه الآية التي في عبس: قول الله تبارك وتعالى {كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (11) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (12) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (14) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرَامٍ بَرَرَةٍ}
(2)
.
قال ابن المنذر: قال أنس
(3)
، وابن جبير، ومجاهد، والضحاك، وأبو العالية: المراد بالآية: الملائكة
(4)
.
وجواب ثان عن الآية:
قالوا: إن ما ورد في الآية ليس أمراً، وإنما هو خبر، والله سبحانه وتعالى لا يقول إلا حقاً، ولا يجوز أن يصرف لفظ الخبر إلى معنى الأمر إلا بنص جلي، أو إجماع متيقن، ولما كان المصحف يمسه الطاهر وغير الطاهر علمنا أنه عز وجل لم
وقيل: لا يمس ثوابه إلا المؤمنون. انظر تفسير القرطبي (17/ 226)، وزاد المسير (8/ 152)، فتح القدير (5/ 160)، تفسير أبي السعود (8/ 22).
(1)
الموطأ (1/ 199).
(2)
عبس من آية (11 - 16).
(3)
أخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، عن أنس رضي الله عنه: لا يمسه إلا المطهرون قال: الملائكة عليهم السلام، وانظر تفسير القرطبي (17/ 225).
(4)
الأوسط (1/ 103)، وذكرهم ابن كثير في تفسيره (4/ 299) وزاد عليهم: عكرمة، وأبو الشعثاء جابر بن يزيد، وأبو نهيك، والسدي، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وقتادة. اهـ.
وقال السيوطي في تفسيره (8/ 26): أخرج آدم بن أبي إياس، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي في المعرفة، عن مجاهد رضي الله عنه، قال: القرآن في كتابه المكنون: الذي لا يمسه شيء من تراب ولا غبار، لا يمسه إلا المطهرون، قال: الملائكة عليهم السلام اهـ.