الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أي: لم يصنع شيئاً صواباً.
هذا سبيل من رام الجمع، وفي كلا الأمرين في حال الترجيح، أو الجمع يبقى القول بوقوع الطلاق قولاً لا يمكن دفعه لكثرة رواياته.
الدليل الرابع:
احتج القائلون بأن طلاق الحائض لا يقع
(426)
بما رواه ابن حزم، بإسناده من طريق محمد بن عبد السلام الخشني، نا محمد بن بشار، نا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، نا عبيد الله بن عمر، عن نافع مولى ابن عمر،
عن ابن عمر أنه قال في الرجل يطلق امرأته وهي حائض، قال ابن عمر: لا يعتد لذلك
(1)
.
وصحح إسناده الحافظ في الفتح في كتاب الطلاق: باب إذا طلقت الحائض تعتد بذلك الطلاق، وهو كما قال.
كما صحح إسناده ابن القيم في تهذيب السنن
(2)
.
وجه الاستدلال:
قالوا: إن قول ابن عمر: "لا يعتد لذلك" أي لا يعتد بتلك الطلقة وإذا كان لا يعتد بها فكأنها لا شيء فلم تحتسب.
(1)
المحلى (مسألة 1945).
(2)
تهذيب السنن (3/ 101).
وأجيب:
بأن اللفظ فيه اختصار موهم،
(427)
فقد رواه ابن أبي شيبة، نا عبد الوهاب الثقفي، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر في الذي يطلق امرأته وهي حائض قال: لا تعتد بتلك الحيضة
(1)
.
وأخرجه البيهقي، من طريق يحيى بن معين، نا عبد الوهاب الثقفي به، قال يحيى: وهذا غريب ليس يحدث به إلا عبد الوهاب الثقفي
(2)
.
فتبين أن حديث عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي هو في نفي الاعتداد بتلك الحيضة، وليس في نفي الطلاق في الحيض.
ونفي الاعتداد بتلك الحيضة معناه الاعتداد في غيرها، فهو يومئ إلى وقوع الطلاق في الحيض، فلو كان لا يقع لم يحتج إلى التأكيد إلى نفي الاعتداد بتلك الحيضة؛ لأنها لن تعتد بتلك الحيضة ولا بغيرها. لكن لما كان الطلاق معتبراً أشار إلى عدم الاعتداد بتلك الحيضة التي وقع فيها الطلاق.
وقد أوقع الاختصار الذي في رواية ابن حزم، أوقع ابن حزم وابن القيم إلى الجزم بأن ابن عمر قد اختلف عليه في احتساب ذلك الطلاق منه وإلى تقوية رواية أبي الزبير بهذه الرواية الموقوفة، فتبين ولله الحمد أنه لا دليل فيها، وأن ابن عمر لم يختلف عليه في وقوع الطلاق.
(1)
المصنف (4/ 58) رقم 17746.
(2)
سنن البيهقي (7/ 418).
ولو فرضنا أن قوله: "لا يعتد بها .. " أي لا يعتد بتلك الطلقة لكان معناه أنه قد اختلف على عبد الوهاب الثقفي فرواه محمد بن بشار بلفظ: "لا يعتد بها
…
".
ورواه ابن أبي شيبة، ويحيى بن معين عنه:"لا يعتد بتلك الحيضة" وهما أرجح وأقوى منه حفظاً، بل كل واحد منهما بانفراده مقدم عليه مع أن حمل الرواية المجملة على الرواية المبينة هو المتعين.
بل إن عبيد الله بن عمر الذي روى عنه عبد الوهاب الثقفي قوله: "لا يعتد لذلك" كان يروى عنه من قوله ومن روايته عن نافع أنها حسبت على ابن عمر.
(428)
فقد أخرج الدارقطني، من طريقين عن محمد بن عبد الأعلى الصنعاني، نا معتمر بن سليمان، قال: سمعت عبيد الله، عن نافع، عن عبد الله أنه طلق امرأته وهي حائض تطليقة، فانطلق عمر فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وذكر الحديث.
وفيه: قال عبيد الله: وكان تطليقه إياها في الحيض واحدة، غير أنه خالف السنة
(1)
.
[وسنده صحيح] فهذا من قوله يدل على أنها وقعت عليه واحدة.
(429)
وأما ما كان من روايته عن نافع. فقد أخرجه مسلم: من طريق عبد الله بن نمير، حدثنا عبيد الله، عن نافع عن ابن عمر وذكر الحديث، قال
(1)
سنن الدارقطني (4/ 7).