الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الخامس: إذا حاضت المرأة في وقت الصلاة وقبل أن تصلي فهل يجب عليها القضاء إِذا طهرت
؟
هذه المسألة يسميها بعض الفقهاء إذا طرأ المانع بعد دخول وقت الصلاة وقبل أن يصلي .. كما لو طرأ جنون، أو إغماء، أو حيض أو نفاس بعد دخول وقت الصلاة، فهل يجب قضاء تلك الصلاة بعد ارتفاع المانع أي بعد أن يفيق المجنون والمغمى عليه، وتطهر الحائض والنفساء
…
والذي يعنينا في هذا الباب إذا طرأ الحيض أو النفاس بعد دخول وقت الصلاة، هل يجب على المرأة القضاء أم لا؟
اختلف العلماء في هذه المسألة إلى ستة أقوال:
فقيل: لا يجب عليها مطلقاً. سواء حاضت في أول الوقت أو آخره، وهو مذهب الحنفية
(1)
، ورواية في مذهب المالكية
(2)
، وهو مذهب ابن حزم
(3)
، وخرجه ابن سريج قولاً في مذهب الشافعية
(4)
.
وقيل: إن كان الباقي من الوقت يسع ركعة وجب قضاء تلك الصلاة
(1)
المبسوط للسرخسي (2/ 15، 14)، شرح فتح القدير (1/ 171)، الأصل (1/ 300) بدائع الصنائع (1/ 95).
(2)
فتح البر بترتيب التمهيد لابن عبد البر (4/ 110)،
(3)
المحلى (2/ 175).
(4)
المجموع (1/ 71)
وهو مذهب المالكية
(1)
.
وقيل: أن أدركت من الوقت قدراً يسع تلك الصلاة، وجب القضاء وإن كان الذي أدركته من الوقت لا يسع تلك الصلاة فلا يجب عليها القضاء
(2)
، وهو مذهب الشافعية
(3)
.
وقيل: إن أدركت من الوقت مقدار ركعة كاملة، وجب القضاء وإلا فلا.
(1)
والصلاة عندهم لا تخلو إما أن تكون ممن يجمع معها غيرها، أو لا يجمع معها غيرها كصلاة الصبح.
فإذا حاضت المرأة، وقد بقي من صلاة الصبح ما يسع ركعة كاملة بسجدتيها سقطت صلاة الصبح، وإن كان الباقي من الوقت حين حاضت أدنى من ركعة وجب عليها القضاء.
وأما الصلاة التي تجمع مع غيرها كما لو نسيت صلاة الظهر حتى دخل وقت العصر ثم حاضت المرأة، أو كانت مسافرة فأخرت صلاة الظهر لتجمعها مع العصر، فلما دخل وقت صلاة العصر حاضت، فإن كان بقي من الوقت ما يسع عدد ركعات الصلاة الأولى وركعة واحدة من الصلاة الثانية سقطت الصلاتان. وإن بقي من الوقت أدنى من هذا إلى ركعة كاملة سقطت الثانية ووجب قضاء الأولى، وإن كان الباقي من الوقت أقل من ركعة كاملة وجب قضاء الأولى والثانية.
انظر في المذهب المالكي: منح الجليل (1/ 189)، أسهل المدارك (1/ 100)، حاشية الدسوقي (1/ 185)، مواهب الجليل (1/ 411)، حاشية الخرشي (1/ 221)، شرح الزرقاني لمختصر خليل (1/ 149)، الشرح الصغير (1/ 273)، فتح البر بترتيب التمهيد لابن عبد البر (4/ 110).
(2)
لا يعتبر مع إمكان فعلها إمكان الطهارة، لأنه يمكن تقديم الطهارة قبل الوقت، إلا إذا كانت الطهارة لا يمكن تقديمها كالمستحاضة، فيعتبر إمكان فعلها.
(3)
المجموع (3/ 71)، مغني المحتاج (1/ 132)، نهاية المحتاج (1/ 397)، روضة الطالبين (1/ 188 - 189).
اختاره بعض الشافعية، ومنهم أبو يحيى البلخي
(1)
.
وقيل: إن أدركت من الوقت قدر تكبيرة الإحرام ثم حاضت، وجب عليها القضاء. وهو المشهور من مذهب الحنابلة
(2)
.
وقيل: إن كان الباقي من الوقت حين حاضت مقدار ما يمكنها أن تصلي فيه، فليس عليها قضاء تلك الصلاة، وإن كان دون ذلك فعليها القضاء وهو اختيار زفر من الحنفية
(3)
ورجحه ابن تيمية من الحنابلة
(4)
، وهو الراجح، والله أعلم.
وسبب الخلاف في هذه المسألة، خلافهم في مسألة أصولية. هل الصلاة تجب في أول الوقت أو في آخره؟
وهل إذا دخل الوقت ومضى معه مقدار ما يسع الأداء أصبحت الصلاة ديناً في ذمته، فلو سافر من بلده لم يقصر تلك الصلاة، لأنها وجبت عليه في وقت
(1)
انظر المجموع (2/ 71)، ومغني المحتاج (1/ 132)، وروضة الطالبين (1/ 188 - 189).
(2)
الكافي (1/ 98)، الفروع (1/ 306)، المحرر (1/ 29)، الإنصاف (1441)، المبدع (1/ 353)، الإقناع (1/ 85).
(3)
الأصل (1/ 330)، المبسوط للسرخسي (2/ 15، 14)، شرح فتح القدير (1/ 171)، الأصل (1/ 300)، بدائع الصنائع (1/ 95).
(4)
قال في الاختيارات (ص: 53): "ومن دخل عليه الوقت، ثم طرأ عليه مانع من جنون أو حيض، فلا قضاء عليه، إلا أن يتضايق الوقت عن فعلها، ثم يوجد المانع، وهو قول مالك وزفر، ورواه زفر عن أبي حنيفة" اهـ.