الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع الرابع: إذا قيل بوجوب الكفارة على من أتى امرأته وهي حائض فهل تجب على الجاهل والناسي
قال ابن قدامة: "على وجهين:
أحدهما: تجب لعموم الخبر؛ ولأنها كفارة تجب بالوطء أشبهت كفارة - الوطء في الصوم والإحرام - قلت: وهذا هو المشهور عند الحنابلة ثم قال: والثاني: لا تجب؛ لقوله عليه السلام: "عفى لأمتي عن الخطأ والنسيان" ولأنها تجب لمحو المأثم، فلا تجب مع النسيان ككفارة اليمين، فعلى هذا لو وطئ طاهراً فحاضت في أثناء وطئه لا كفارة عليه، وعلى الرواية الأولى عليه الكفارة .. " اهـ
(1)
.
قلت: الصحيح أن الوطء في الصوم والإحرام كغيره لا يجب على الناسي والجاهل شيء، فالصحيح لو قلنا بوجوب الكفارة أن الجاهل والناسي لا شيء عليهما بدلالة الكتاب قال تعالى:{وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ}
(2)
.
(411)
وأخرج مسلم، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وأبو كريب، وإسحاق بن إبراهيم، واللفظ لأبي بكر، عن وكيع، عن سفيان، عن آدم بن سليمان مولى خالد، قال: سمعت سعيد بن جبير يحدث
(1)
المغني (1/ 418).
(2)
الأحزاب، آية: 5
عن ابن عباس، قال: لما نزلت هذه الآية: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ}
(1)
قال: دخل قلوبهم منها شيء لم يدخل قلوبهم من شيء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"قولوا سمعنا وأطعنا وسلمنا" قال: فألقى الله الإيمان في قلوبهم، فأنزل اله تعالى:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} قال: قد فعلت. {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} قال: قد فعلت. {وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا} قال: قد فعلت
(2)
.
(412)
وأخرج البخاري، قال: حدثنا عبدان، أخبرنا يزيد بن زريع، حدثنا هشام، حدثنا ابن سيرين،
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا نسي فأكل وشرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه. وأخرجه مسلم
(3)
.
والاستدلال بهذه الأحاديث أولى من الاستدلال بحديث: "عفي لأمتي الخطا والنسيان". للاختلاف في صحته.
فالناسي والجاهل إذا كان مثله يجهل لا شيء عليهما، لو قيل بوجوب الكفارة.
والمقصود بالجاهل من يجهل التحريم، أما إذا كان يعلم بالتحريم، ويجهل الكفارة، فإن ذلك لا يسقط الكفارة عنه. لأنه فعل فعله وهو يعلم أنه محرم.
(1)
البقرة، آية:284.
(2)
صحيح مسلم (126).
(3)
صحيح البخاري (1933)، ومسلم (1155).