الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل الثالث:
القياس على الجنب؛ لأنه إذا منع الجنب منعت الحائض، لأن حدث الحيض أغلظ، حيث يمنع من الصيام، وقضاء الصلاة. وأحاديث منع الجنب من قراءة القرآن منها:
(225)
ما رواه أحمد، قال: حدثنا أبو معاوية، حدثنا شعبة، عن عمرو ابن مرة، عن عبد الله بن سَلِمة،
عن علي، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئنا القرآن ما لم يكن جنباً
(1)
.
[إسناده ضعيف، والمعروف أنه موقوف على عليّ]
(2)
.
الجرح والتعديل (9/ 129).
وقد روي عن جابر بسند أمثل من هذا لكنه موقوفاً عليه، فقد روى ابن المنذر في الأوسط (2/ 97) من طريق ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن أبي الزبير أنه سأل جابراً عن المرأة الحائض والنفساء هل تقرأ شيئاً من القرآن؟ فقال جابر: لا.
(1)
المسند (1/ 83).
(2)
في الإسناد عبد الله بن سَلِمة، لم يرو عنه غير عمرو بن مرة على الصحيح.
قال شعبة: سمعت عبد الله بن سلمة يحدثنا، وكان قد كبر، فكنا نعرف وننكر. تهذيب الكمال (15/ 50).
وقال البخاري: لا يتابع في حديثه. التاريخ الكبير (5/ 99).
وقال النسائي: يعرف وينكر. الضعفاء والمتروكين له (347)، لسان الميزان (2/ 431).
وقال الدارقطني: ضعيف. السنن (2/ 121).
وقال ابن حبان: يخطئ. الثقات (5/ 12).
وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به. الكامل (4/ 169).
وقال: يعقوب بن شيبة: ثقة. تهذيب التهذيب (2/ 212).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وقال أبو حاتم: تعرف وتنكر. الجرح والتعديل (5/ 73).
وذكره ابن الجوزي في الضعفاء، وقال الذهبي في الكاشف: صويلح.
فالأكثر على ضعفه، وعلى التنزل بأنه ثقة، فقد تغير، وحدث بهذا الحديث بعد أن كبر قال عمرو بن مرة: كان عبد الله بن سلمة يحدثنا فيعرف، وينكر، كان قد كبر وبالرغم من أن شعبة كان يقول: هذا الحديث ثلث رأس مالي، فإنه كان يقول أيضاً: روى عبد الله ابن سلمة هذا الحديث بعد ما كبر. وإذا كان قد رواه زمن تغيره لم يقبل منه.
وقد اختلف أهل العلم في هذا الحديث.
فذكر الشافعي رحمه الله أن أهل الحديث لا يثبتونه. قال البيهقي رحمه الله في معرفة السنن والآثار (1/ 323): "ذكره الشافعي - يعني حديث علي - في كتاب جامع الطهور".
ثم قال: "وأحب للجنب والحائض أن يدعا القرآن حتى يطهرا احتياطاً لما روي فيه، وإن لم يكن أهل الحديث يثبتونه".
قال البيهقي: "وإنما توقف الشافعي رحمه الله في ثبوت الحديث؛ لأن مداره على عبد الله ابن سلمة الكوفي، وكان قد كبر، وأنكر من حديثه وعقله بعض النكرة، وإنما روى الحديث بعد ما كبر، قاله شعبة". اهـ
وقال الخطابي في معالم السنن (1/ 156)"كان أحمد يوهن حديث علي هذا، ويضعف أمر عبد الله بن سلمة" اهـ.
وقال النووى في المجموع (2/ 183): "قال الترمذي: حسن صحيح، وقال غيره من المحققين: هو حديث ضعيف".
وقال النووى في الخلاصة (1/ 207): "قال الترمذي: هو حسن صحيح، وخالفه الأكثرون، فضعفوه".
واقتصار النووي على الترمذي فيمن صحح الحديث ليس بدقيق، فقد صححه جماعة غير الترمذي، قال الحافظ في التلخيص (1/ 242) قوله: "صححه الترمذي، وابن السكن، وعبد الحق، والبغوي في شرح السنة، وروى ابن خزيمة بإسناده عن شعبة قوله: هذا الحديث
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ثلث رأس مالي، وقال شعبة: ما أحدث بحديث أحسن منه.!!!
وقال الحاكم: صحيح الإسناد، وعبد الله بن سلمة لا مطعن فيه، وأقره الذهبي" اهـ.
وقال الحافظ في الفتح (1/ 408): "والحق أنه من قبيل الحسن، يصلح للحجة" اهـ.
لكن قال الحافظ في التقريب: صدوق، تغير حفظه، فإذا كان قد تغير حفظه، وصرح شعبة بأنه حدث به في حال الكبر، بعد ما تغير فكيف يكون حسناً.
[تخريج الحديث]
الإسناد كما ذكرنا مداره على عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة، عن علي مرفوعاً. ويرويه عن عمرو بن مرة جماعة: هم شعبة، والأعمش، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، ومسعر، وإليك تخريج رواياتهم:
الطريق الأول: شعبة، عن عمرو بن مرة.
أخرجه الطيالسي (101) حدثنا شعبة به. وأخرجه أحمد (1/ 84) حدثنا يحيى - القطان - عن شعبة، به. ومن طريق يحيى أخرجه ابن الجارود في المنتقى (94).
وأخرجه أحمد (1/ 107) حدثنا محمَّد بن جعفر، حدثنا شعبة به. ومن طريق أحمد أخرجه الحاكم (4/ 107)، وصحح إسناده، ووافقه الذهبي.
وأخرجه أبو يعلى (408)، وابن ماجه (594)، وابن خزيمة (208) عن بندار (محمَّد ابن بشار) عن محمَّد بن جعفر به.
وأخرجه أبو يعلى (406) من طريق عبيد الله بن عمر، عن محمَّد بن جعفر به.
وأخرجه البزار (708) حدثنا محمَّد بن المثنى، قال: نا محمَّد بن جعفر به. قال البزار: لا يروى عن علي إلا من حديث عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة، عن علي. وكان عمرو ابن مرة يحدث عن عبد الله بن سلمة، فيقول: يعرف في حديثه وينكر.
وأخرجه أحمد (1/ 124) حدثنا وكيع، عن شعبة به.
وأخرجه الحميدي (57) عن سفيان بن عيينة، عن شعبة به. ومن طريق سفيان أخرجه ابن حبان (799)(800) والدارقطني (1/ 119).
وأخرجه أبو يعلى (287) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا شعبة به. وأخرجه النسائي (265)، أخبرنا علي بن حجر، قال: أنبأنا إسماعيل بن إبراهيم، عن شعبة به.
وأخرجه أبو يعلى (407) حدثنا علي بن الجعد، عن شعبة به. ومن طريق علي بن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الجعد أخرجه البغوي في شرح السنة (273).
وأخرجه أبو داود (229) حدثنا حفص بن عمر، قال: حدثنا شعبة به. وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 87) من طريق وهب بن جرير، وأبي الوليد الطيالسي، وعبد الرحمن بن زياد، وحجاج، كلهم، عن شعبة به.
الطريق الثاني:
الأعمش، عن عمرو بن مرة.
أخرجه ابن أبي شيبة، (1/ 97) 1078، 1107، حدثنا حفص بن غياث عن الأعمش به. وأخرجه الترمذي (146) والبزار (706) أخبرنا أبو سعيد عبد الله بن سعيد الأشج، حدثنا حفص ابن غياث وعقبة بن خالد، قالا: حدثنا الأعمش به.
وأخرجه النسائي (1/ 144) أخبرنا محمَّد بن أحمد (أبو يوسف الصيدلاني الرقي) قال: حدثنا عيسى بن يونس، قال: حدثنا الأعمش به.
وأخرجه الطحاوي (1/ 87) من طريق حفص بن غياث به.
وذكره الدارقطني في العلل (3/ 248)، فقال: هو حديث يرويه عمرو بن مرة، عنه - أي عن عبد الله بن سلمة - حدث به أصحاب عمرو بن مرة عنه كذلك.
ورواه الأعمش عن عمرو بن مرة، واختلف عنه:
فرواه عيسى بن يونس، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة - على الصواب - عن عبد الله ابن سلمة، عن علي.
وتابعه حفص بن غياث، عن الأعمش بذلك مثله.
وخالفهما أبو جعفر الرازي، وجنادة بن مسلم، ومحمد بن فضل، فرووه عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن علي. إلا أن ابن فضيل وقفه، والآخران رفعاه.
وخالفهم أبو الأحوص، فقال: عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن علي موقوفاً مرسلاً .... الخ كلامه رحمه الله
الطريق الثالث:
عن محمَّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عمرو بن مرة.
أخرجه أحمد (1/ 134) حدثنا أبو معاوية، حدثني ابن أبي ليلى، عن عمرو بن مرة به.
وأخرجه البزار (707) من طريق حفص وأبى معاوية، عن ابن أبي ليلى، عن عمرو بن مرة
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
به. وأخرجه أبو يعلى (348، 524) من طريق سفيان. وأخرجه (623) من طريق وكيع كلاهما عن ابن أبي ليلى به. وأخرجه الطحاوي (1/ 87) من طريق يحيى بن عيسى، عن ابن أبى ليلى، به.
وابن أبي ليلى، وإن كان فيه ضعف من قبل حفظه إلا أنه قد توبع.
قال الدارقطني في العلل موصولاً بكلامه السابق (3/ 251): ورواه ابن أبي ليلى، عن عمرو ابن مرة - على الصواب - عن عبد الله بن سلمة، عن علي، رواه جماعة من الرواة عن ابن أبي ليلى كذلك. وخالفهم يحيى بن عيسى الرملي من رواية إسماعيل بن مسلمة بن قعنب، فرواه عن ابن أبي ليلى، عن سلمة بن كهيل، عن عبد الله بن سلمة، ووهم فيه، والصواب: عن عمرو بن مرة، والقول قول من قال: عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة، عن علي.
هذا الكلام فيما يتعلق برواية عبد الله بن سلمة. وقد تفرد بروايته عن علي مرفوعاً.
فإن قيل: قد أخرجه أحمد (6/ 110) حدثنا عائذ بن حبيب، حدثني عامر بن السمط، عن أبي الغريف، قال: أتى علي بوضوء، فمضمض واستنشق ثلاثاً، وغسل وجهه ثلاثاً، وغسل يديه وذراعيه ثلاثاً ثلاثاً، ثم مسح برأسه، ثم غسل رجليه، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ، ثم قرأ شيئاً من القرآن، ثم قال: هذا لمن ليس بجنب، فأما الجنب فلا ولا آية.
فهذه متابعة من أبي الغريف لعبد الله بن سلمة في روايته عن علي مرفوعاً.
فالجواب على هذا الكلام من وجهين:
الأول: درجة أبي الغريف. فقد ضعفه بعضهم بأبي الغريف بحجة أنه لم يوثقه إلا ابن حبان، والحق أنه قد وثقه يعقوب بن شيبة كما في المعرفة والتاريخ (3/ 200)، وذكره البرقي فيمن احتملت روايته، وقد تكلم فيه، وقال الحافظ في التقريب: صدوق رمي بالتشيع.
وأما أبو حاتم الرازي فقد خسفه، وهو من المتشددين في الجرح غالباً، فقال: كان على شرطة علي، وليس بالمشهور، قيل: هو أحب إليك أو الحارث الأعور؟ قال: الحارث أشهر، وهذا شيخ قد تكلموا فيه، من نظراء أصبغ بن نباتة. الجرح والتعديل (5/ 313). وأصبغ، قد قال فيه الحافظ: متروك. اهـ وباقي رجاله ثقات إلا شيخ أحمد فإنه صدوق.
الأمر الثاني: وهو المهم، أن الحديث ظاهره أن لفظه كله مرفوع، ويحتمل أن المرفوع
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ينتهي عند قوله: "هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ". وأما قوله: "ثم قرأ شيئاً من القرآن، ثم قال: هذا لمن ليس بجنب، وأما الجنب فلا ولا آية". فيحتمل أنه من فعل علي وقوله موقوفاً عليه، ويحتمل أن يكون موصولاً بالقدر المرفوع، ومع الاحتمال يطلب مرجحاً لأحد الأمرين، فوجدت الدارقطني في سننه (1/ 118) قد أخرجه من طريق يزيد بن هارون، نا عامر بن السمط، ثنا أبو الغريف الهمداني، قال: كنا مع علي في الرحبة، فخرج إلى أقصى الرحبة، فوالله ما أدري أبولاً أحدث أم غائطاً؟ ثم جاء فدعا بكوز من ماء، فغسل كفيه، ثم قبضهما إليه، ثم قرأ صدراً من القرآن، ثم قال: اقرؤا القرآن ما لم يصب أحدكم جنابة، فإن أصابته جنابة، فلا ولا حرفاً واحداً.
وقال الدارقطني: هو صحيح عن علي.
فرواية يزيد بن هارون عن عامر بن السمط صريحة بالوقف.
وأخرجه عبد الرزاق (1306) عن الثوري، عن عامر الشعبي، قال سمعت أبا الغريف الهمداني، يقول: .... وذكر الأثر موقوفاً على علي.
وأظن قوله (عامر الشعبي) خطأ، بل هو عامر بن السمط. وقد راجعت ترجمة أبي الغريف في تهذيب المزي ولم أجد من تلاميذه عامر الشعبي.
ورواه شريك، عن عامر بن السمط به، موقوفاً على علي، كما في المصنف لابن أبي شيبة (1086).
ورواه ابن المنذر في الأوسط (2/ 97، 96) من طريق خالد بن عبد الله الواسطي (الطحان)، ومن طريق إسحاق بن راهوية، فرقهما، عن عامر بن السمط به، موقوفاً على عليّ.
فيكون على هذا رواه الثوري، ويزيد بن هارون، وإسحاق بن راهوية، وخالد بن عبد الله الطحان، وشريك، خمستهم رووه عن عامر بن السمط عن أبي الغريف، عن عليّ موقوفاً عليه.
وخالفهم عائذ بن حبيب، فرواه عن عامر بن السمط، عن علي بلفظ محتمل للرفع والوقف، ورواية الجماعة مقدمة على رواية عائذ على القول بالتعارض، لأن الواحد من هؤلاء مقدم على عائذ ابن حبيب ولا مقارنة. فتكون رواية عائذ بالرفع شاذة لمخالفتها من هو أوثق. وإن كنت أرجح أن الروايتين موقوفتان على علي، لأن الرواية المحتملة ترد إلى الرواية
وجه الاستدلال:
أن تبليغ القرآن من الرسول صلى الله عليه وسلم واجب، وكونه يترك هذا الواجب يدل على أنه تركه لما هو أوجب منه، وإذا منع الجنب منعت الحائض؛ لأن الحيض أغلظ، حيث يمنع الصوم، وقضاء الصلاة، وانظر أدلة منع الجنب من قراءة القرآن في أدلة من يفرق بين الحيض والجنابة.
ونوزع هذا الاستدلال بما يلي:
أولاً: قراءة الرسول صلى الله عليه وسلم منها ما هو واجب، ومنها ما هو على سبيل الاستحباب، كالتعبد بتلاوته، وتبليغ الرسول صلى الله عليه وسلم واحداً من أمته تبليغ للأمة، فأكثر ما تكون قراءته له صلى الله عليه وسلم على وجه الذكر والتعبد، فإذا كان كذلك، كان حديث عليّ لو صح مجرد فعل من الرسول صلى الله عليه وسلم، والفعل المجرد لا يدل على الوجوب.
قال ابن خزيمة: "لا حجة في هذا الحديث لمن منع الجنب من القراءة؛ لأنه
الصريحة. والله أعلم.
فإن قيل: هذا الموقوف ألا يقوي رواية عبد الله بن سلمة المرفوعة.
فالجواب أن الموقوف غالباً علة برد المرفوع، فكون عبد الله بن سلمة هو الذي تفرد برفعه، مع كونه قد تغير، وحدث به في زمن الكبر، كل هذا دليل على خطئه ووهمه. وإن كانت طريقة جمهور الفقهاء لا يعللون المرفوع بالموقوف، ولكن طريقة جمهور المحدثين أدق وأحوط.
[تخريج الحديث]
أخرجه مع أحمد، أبو يعلى (365) حدثنا أبو خيثمة، حدثنا عائذ بن حبيب به. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 276) رجاله موثوقون. اهـ.
ليس فيه نهي، وإنما هو حكاية فعل"
(1)
.
وقال ابن حزم: "فأما منع الجنب من قراءة القرآن فاحتجوا بما رواه عبد الله بن سلمة، عن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يحجزه عن القرآن شيء ليس الجنابة. وهذا لا حجة فيه؛ لأنه ليس فيه نهي عن أن يقرأ الجنب القرآن، وإنما هو فعل منه عليه السلام لا يلزم، ولا بين عليه السلام أنه إنما يمتنع من قراءة القرآن من أجل الجنابة، وهو عليه السلام لم يصم قط شهراً كاملاً غير رمضان، ولم يزد قط في قيامه على ثلاث عشرة ركعة، ولا أكل قط على خوان، ولا أكل متكئاً، أفيحرم أن يصام شهر كامل غير رمضان، أو أن يتهجد المرء بأكثر من ثلاث عشرة ركعة، أو أن يأكل على خوان، أو أن يأكل متكئاً؟ هذا لا يقولونه، ومثل هذا كثير جداً، وقد جاءت آثار في نهي الجنب، ومن ليس على طهر عن أن يقرأ شيئاً من القرآن، ولا يصح منها شيء"
(2)
.
(226)
ومنها ما رواه الدارقطني، من طريق أبي نعيم النخعي (عبد الرحمن بن هانئ)، نا أبو مالك النخعي، عن عبد الملك بن حسين، حدثني أبو إسحاق السبيعي، عن الحارث، عن علي.
قال أبو مالك: وأخبرني عاصم بن كليب، عن أبي بردة، عن أبي موسى كلاهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
تلخيص الحبير (1/ 242) رقم 184
(2)
المحلى (مسألة 116).
يا علي إني أرضى لك ما أرضى لنفسي، وأكره لك ما أكره لنفسي، لا تقرأ القرآن وأنت جنب، ولا أنت راكع، ولا أنت ساجد، ولا تصل، وأنت عاقص شعرك، ولا تدبح تدبيح الحمار.
[إسناده ضعيف جداً]
(1)
.
(1)
سنن الدارقطني (1/ 118). مدار هذه الأسانيد على أبي نعيم النخعي.
قال أحمد: ليس بشيء. الجرح والتعديل (5/ 298)، الضعفاء للعقيلي (2/ 349).
وقال ابن عدي: عامة ماله لا يتابعه عليه الثقات. الكامل (4/ 315).
وقال ابن معين: بالكوفة كذابان: أبو نعيم الكوفي، وأبو نعيم ضرار بن صرد. الجرح والتعديل (5/ 298).
وقال أبو حاتم الرازي: لا بأس به يكتب حديثه. الجرح والتعديل (5/ 298).
وقال ابن حبان: ربما أخطأ. الثقات (8/ 377).
وقال الذهبي: مختلف في توثيقه. الكاشف (3334).
وفي الإسناد: أبو مالك النخعي.
قال ابن معين: ليس بشيء. الجرح والتعديل (5/ 347)، الضعفاء للعقيلي (3/ 22).
وقال النسائي: ليس بثقة، ولا يكتب حديثه. وقال أيضاً: متروك الحديث. تهذيب التهذيب (12/ 240).
وقال البخاري: ليس بالقوي عندهم. التاريخ الكبير (5/ 411)، الكامل في الضعفاء (5/ 303). وقال ابن عدي: وأبو مالك له أحاديث حسان، عامتها لا يتابع عليها. الكامل (5/ 303).
وقال أبو حاتم الرازي، وأبو زرعة: ضعيف الحديث. الجرح والتعديل (5/ 347).
وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالقوي عندهم، وقال عمرو بن علي: ضعيف الحديث منكر الحديث. تهذيب الكمال (34/ 247)، وتهذيب التهذيب (12/ 240).
وقال ابن حبان: كان ممن يروي المقلوبات عن الأثبات، لا يجوز الاحتجاج به فيما وافق الأثبات، ولا الاعتبار فيما لم يخالف الأثبات. المجرحين (2/ 134).
(227)
ومنها ما رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار من طريق عبد الله ابن لهيعة، عن عبد الله بن سليمان، عن ثعلبة بن أبي الكنود،
عن مالك بن عبادة الغافقي، قال: أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جنب، فأخبرت عمر بن الخطاب، فجرني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله إن هذا أخبرني أنك أكلت وأنت جنب. قال: نعم إذا توضأت أكلت وشربت، ولكني لا أصلي ولا أقرأ حتى أغتسل
(1)
.
[إسناده ضعيف، ولو صح لكان حكاية فعل في الجنب خاصة]
(2)
.
وفيه الحارث الأعور: متهم، وقد سبقت ترجمته.
وقد اختلف على أبي إسحاق، فرواه عنه النخعي كما في حديث الباب.
ورواه سفيان كما في مصنف ابن أبي شيبة (1113) ثنا وكيع، عن سفيان عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي، قال: اقرأ القرآن على كل حال ما لم تكن جنباً.
فقد رواه سفيان عن أبي إسحاق، وخالفه النخعي في أمرين:
الأول: في الرفع، حيث رفعه، ووقفه سفيان.
الثاني: في الزيادة في المتن.
(1)
شرح معاني الآثار (1/ 88).
(2)
في إسناده عبد الله بن لهيعة، وهو ضعيف.
وفي إسناده أيضاً: ثعلبة بن أبي الكنود. وقيل: ثعلبة أبو الكنود.
ذكره البخاري وابن أبي حاتم وسكتا عليه. التاريخ الكبير (2/ 175)، الجرح والتعديل (2/ 463).
وذكره ابن حبان في الثقات (4/ 99).
وأما عبد الله بن سليمان فلم ينسبه، لكن قال صاحب كشف الأستار عن رجال معاني الآثار (ص: 55): "أظنه عبد الله بن سليمان بن زرعة". اهـ وظنه هذا راجح؛ لأن عبد الله بن سليمان بن زرعة مصري، وعبد الله بن لهيعة كذلك، وقد ترجم المزي لعبد الله
(228)
ومن أدلة منع الجنب من قراءة القرآن ما رواه عبد الرزاق، قال: عن الثوري، عن أبي وائل،
عن عبيدة السلماني، قال: كان عمر بن الخطاب يكره أن يقرأ القرآن وهو جنب.
[رجاله ثقات، والكراهة عند السلف تعني التحريم، وعمر له سنة متبعة؛ لأنه من الخلفاء الراشدين المأمورين باتباع سنتهم]
(1)
.
ابن سليمان في تهذيبه وذكر جملة من الرواة المصريين يروون عنه، منهم: الليث بن سعد، ويحيى بن أيوب، وعمرو بن الحارث وغيرهم.
قال البزار عن عبد الله بن سليمان: حدث بأحاديث لم يتابع عليها.
قلت: وأظن هذا منها. وقال عبد الله بن وهب: سمعت حيوة بن شريح يحدث عن عبد الله بن سليمان، وكانوا يرونه أحد الأبدال. وفي التقريب: صدوق يخطئ. ثم وقفت بعد على رواية عند البيهقي في الخلافيات (2/ 20) فوجدته منسوباً، وإذا هو ليس بأبي زرعة، وإنما هو عبد الله ابن سليمان بن أبي سلمة. قال أبو حاتم الرازي: لا بأس به. الجرح والتعديل (5/ 74).
وقال يحيى بن معين: ثِقَة. المرجع السابق.
وقال أبو عامر العقدي: حدثنا عبد الله بن سليمان، شيخ من أهل المدينة لا بأس به. تهذيب الكمال (15/ 61)، تهذيب التهذيب (5/ 216).
وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: يخطئ. الثقات (7/ 18).
[تخريج الحديث]:
أخرجه الدارقطني في السنن (1/ 119) والطبراني في الكبير (19/ 295) والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 89) من طريق ابن لهيعة به.
وتابع الواقدي ابن لهيعة، ولا يفرح بها؛ لأن الواقدي متروك، فقد أخرجه البيهقي في الخلافيات (2/ 20) عن عبد الله بن سليمان ابن أبي سلمة، عن ثعلبة به.
(1)
المصنف (1307) ورواه ابن أبي شيبة (1/ 97) حدثنا حفص وأبو معاوية، عن
والجواب: أن يقال: الصحابة قد اختلفوا، وإذا اختلفوا نظرنا في أقربهم للحق.
(229)
ومنها ما رواه ابن أبي شيبة، حدثنا غندر، عن شعبة، عن حماد، عن إبراهيم،
أن ابن مسعود كان يمشي نحو الفرات، وهو يقرئ رجلاً القرآن، فبال
الأعمش، عن شقيق (أبي وائل) به. بلفظ: قال عمر: لا يقرأ الجنب القرآن.
ورواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 90) من طريق زائدة، وحفص بن غياث، كلاهما، عن الأعمش به، بلفظ عبد الرزاق.
وأخرجه ابن المنذر في الأوسط (2/ 96) من طريق محمَّد بن داسة، عن الأعمش به.
وقد أخرجه البيهقي (1/ 89) من طريق أيوب بن سويد، عن الثوري، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عمر بإسقاط عبيدة. قال البيهقي: ورواه غيره عن الثوري، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عبيدة، عن عمر، وهو الصحيح. وهذه الأسانيد مدارها على الأعمش، وهو مدلس، لكن الحافظ جعله في المرتبة الثانية: أي ممن يحتمل تدليسه. والقاعدة في المدلس أنه متى كان مكثراً من التدليس رد حديثه، ومن لم يكثر فإنه تحتمل عنعنته. وقد صحح إسناده في التلخيص (1/ 138).
ورواه الدارمي (992) أخبرنا أبو الوليد، ثنا شعبة، ثنا الحكم، عن إبراهيم، قال: كان عمر يكره أن يقرأ - أو ينهى - أن يقرأ الجنب والحائض. قال شعبة: وجدت في الكتاب: والحائض.
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (1/ 89) من طريق سليمان بن حرب، ثنا شعبة، به. وأخرجه في الخلافيات بنفس الإسناد (2/ 39). وهذا منقطع، إبراهيم لم يدرك عمر.
قال الذهبي في الميزان (1/ 75): "استقر الأمر على أن إبراهيم حجة، وأنه إذا ارسل عن ابن مسعود وغيره فليس ذلك بحجة" اهـ.
ابن مسعود، فكف الرجل عنه، فقال ابن مسعود: مالك؟ فقال: إنك بلت. فقال ابن مسعود: إني لست بجنب.
[إسناده منقطع، إبراهيم لم يسمع من ابن مسعود، وباقي رجاله ثقات إلا حماد بن أبي سليمان فإنه صدوق له أوهام]
(1)
.
(230)
ومنها ومنها ما رواه الدارقطني: حدثنا محمَّد بن مخلد، نا العباس ابن محمَّد الدوري (ح) وحدثنا إبراهيم بن دُبَيْس بن أحمد الحداد، نا محمد بن سليمان الواسطي، قالا: نا أبو نعيم، نا زمعة بن صالح، عن سلمة بن وهرام، عن عكرمة، قال: كان ابن رواحة مضطجعاً إلى جنب امرأته، فقام إلى جارية له في ناحية الحجرة، فوقع عليها، وفزعت امرأته، فلم تجده في مضجعه، فقامت وخرجت، فرأته على جاريته، فرجعت إلى البيت، فأخذت الشفرة،
(1)
رواه ابن أبي شيبة (1/ 97) ورواه أيضاً (1/ 99) حدثنا وكيع، عن شعبة به. إلا أن وكيعاً خالف غندراً في لفظه، فلم يذكر الجنابة. ولفظه: عن عبد الله أنه كان معه رجل، فبال، ثم جاء، فقال له ابن مسعود: اقرئه.
وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 90) من طريق حماد - يعني ابن سلمة - عن حماد الكوفي به. ولم يذكر أيضاً الجنابة، ولفظه: أن ابن مسعود كان يقرئ رجلاً، فلما انتهى إلى شاطي الفرات كف عنه الرجل، فقال: مالك؟ قال: أحدثت، قال: اقرأ، فجعل يقرأ، وجعل يفتح عليه. وهذا الأثر فيه أن المحدث هو الرجل، وليس ابن مسعود، بخلاف الأول.
وأخرجه عبد الرزاق (1319) عن معمر، عن عطاء الخرساني، قال: كان ابن مسعود يفتح على الرجل، وهو يقرأ، ثم قام، فبال فأمسك الرجل عن القراءة، فقال له ابن مسعود ..... وتركه محقق الكتاب فراغاً. وعطاء الخرساني لم يسمع من ابن مسعود. والأكثر على عدم ذكر الجنابة، وإنما هو في قراءة القرآن للمحدث حدثاً أصغر. والله أعلم.
فقال: مهيم؟ فقالت: مهيم! لو أدركتك حيث رأيتك لوجأت بين كتفيك بهذه الشفرة. قال: وأين رأيتيني؟ فقالت: رأيتك على الجارية. فقال: ما رأيتيني، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرأ أحدنا القرآن، وهو جنب، قالت: فاقرأ، فقال:
أتانا رسول الله يتلو كتابه
…
كما لاح مشهور من الفجر ساطع
أتى بالهدى بعد العمى فقلوبنا
…
به موقنات أن ما قال واقع
فقالت: آمنت بالله، وكذبت البصر. ثم غدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فضحك حتى رأيت نواجذه صلى الله عليه وسلم.
[إسناد القصة ضعيف، وفيه انقطاع، والشعر ثابت لعبد الله ابن رواحة من غير هذا الطريق]
(1)
.
(1)
سنن الدارقطني (1/ 120) وفي إسناده زمعة بن صالح.
قال ابن معين: ضعيف. وقال مرة: صويلح الحديث. وقال أيضاً: صويلح. وقال: لم يكن بالقوي. تاريخ ابن معين (2/ 174).
وقال البخاري: يخالف في حديثه تركه ابن مهدي أخيراً. التاريخ الكبير (3/ 451).
وقال أحمد: ضعيف الحديث، كما في رواية عبد الله بن أحمد. الجرح والتعديل (3/ 624).
وقال أبو داود: أنا لا أخرج حديث زمعة. سؤالات الآجري (421).
وقال ابن حبان: كان رجلاً صالحاً، يهم ولا يعلم، ويخطئ، ولا يفهم حتى غلب في حديثه المناكير التي يرويها عن المشاهير. المجروحين (1/ 312).
وذكره العقيلي في الضعفاء. الضعفاء الكبير (2/ 94).
وقال النسائي: ليس بالقوي، مكي، كثير الغلط عن الزهري. الضعفاء والمتروكين (220).
وقال ابن خزيمة: في قلبي منه شيء. وقال في موضع آخر: أنا بريء من عهدته.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تهذيب التهذيب (3/ 292).
وقال الجوزجاني: متماسك. أحوال الرجال (255).
وقال ابن عدي: ربما يهم في بعض ما يرويه، وأرجو أن حديثه صالح، لا بأس به. الكامل (3/ 13/ 229).
وفي التقريب: ضعيف، وحديثه عند مسلم مقرون.
ومع ضعفه فإن روايته عن سلمة أشد ضعفاً، قال عبد الله بن أحمد سألته - يعني أباه - عن سلمة بن وهرام، فقال: روى عنه زمعة أحاديث مناكير، أخشى أن يكون حديثه حديثاً ضعيفاً. العلل رواية عبد الله بن أحمد (2/ 527) رقم 3479. وانظر الجرح والتعديل (4/ 175)، ضعفاء العقيلي (2/ 146).
وقال ابن حبان: يعتبر بحديثه - يعني سلمة بن وهرام - من غير رواية زمعة بن صالح عنه. الثقات (6/ 399).
وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس بروايات الأحاديث التي يرويها عنه غير زمعة. الكامل (3/ 338)، تهذيب الكمال (11/ 328)، تهذيب التهذيب (4/ 141).
العلة الثانية في الحديث: الانقطاع. حيث لم يسمع عكرمة من ابن رواحة. قال ابن عبد الهادي في التنقيح (1/ 426): "رواه الدارقطني هكذا مرسلاً". وقال مثله السبكي في طبقاته (2/ 265).
وقال النووي في المجموع (2/ 159): "ولكن إسناد هذه القصة ضعيف، ومنقطع".
هذا ضعفها من قبل الإسناد، وأما ضعفها من قبل المتن فقد قال الشيخ محمد رشيد رضا في فتاويه:(3/ 970): "أما وجه حكمي بوضعها؛ فهو ما فيه من نسبة تعمد الكذب من صحابي من الأنصار الأولين الصادقين الصالحين، وتسميته الشعر قرآناً: أي نسبته إلى الله عز وجل القائل فيه: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ} وإقرار النبي صلى الله عليه وسلم له على ذلك بالضحك الدال على الاستحسان، كما صرح به في بعض الروايات، وقد صرح العلماء بأن من نسب إلى القرآن ما ليس منه كان مرتداً" اهـ.
[تخريج الحديث]:
الحديث أخرجه الدارقطني كما في حديث الباب، ومن طريقه البيهقي في الخلافيات (2/ 30).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وأخرجه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (1/ 259) ومن طريقه البيهقي في الخلافيات (2/ 30) ثنا أبو نعيم به بلفظ: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرأ أحدنا منها القرآن وهو جنب.
واختلف على زمعة فيه، فرواه عنه أبو نعيم كما سبق عن زمعة، عن سلمة بن وهرام، عن عكرمة، عن ابن رواحة منقطعاً.
وخالفه عمر بن زريق كما في سنن الدارقطني (1/ 121) ومن طريقه البيهقي في الخلافيات (2/ 32).
وسعيد بن زكريا كما عند ابن عساكر في تاريخ دمشق (28/ 116) فروياه عن زمعة ابن صالح، عن سلمة بن وهرام، عن عكرمة، عن ابن عباس، فوصلاه. ولعل هذا التخليط من زمعة بن صالح، فإنه كما عرفت من ترجمته.
وللقصة شواهد ضعيفة، منها: ما رواه ابن أبي شيبة في المصنف (5/ 275) ح 26015 حدثنا أبو أسامة، عن نافع، قال: كان لعبد الله جارية، فكان يكتم أمرأته غشيانها، قال: فوقع عليها ذات يوم، فجاء إلى امرأته فاتهمته أن يكون وقع عليها، فأنكر ذلك. فقالت: اقرأ إذاً، فقال:
شهدت بإذن الله أن محمداً
…
رسول الذي فوق السموات من عل
وأن أبا يحيى ويحيى كلاهما
…
له عمل في دينه متقبل
فقالت: أو لا ذلك. اهـ.
ورواه ابن عساكر في تاريخه (28/ 113) والذهبي في سير أعلام النبلاء (1/ 238) من طريق ابن وهب. وأخرجه ابن عساكر وحده (28/ 113) من طريق أبي أسامة، عن أسامة ابن زيد الليثي، عن نافع به. وقد صرح أبو أسامة بالتحديث عند ابن عساكر، وتابعه ابن وهب.
وهذه القصة فيها: أولاً: إسنادها منقطع، نافع لم يدرك ابن رواحة.
ثانياً: ليس فيها أن ابن رواحة ذكر ذلك للرسول صلى الله عليه وسلم وأقره على فعله.
ثالثاً: الأبيات الشعرية مختلفة عن رواية زمعة بن صالح. والله أعلم
الشاهد الثاني:
أخرج الدارمي في الرد على الجهمية (82) ثنا سعيد بن أبي مريم المصري، أنبأ يحيى بن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أيوب، ثنا عمارة بن غزية، عن قدامة بن إبراهيم بن محمد الحاطبي فذكرها.
وقدامة لم يوثقه أحد غير ابن حبان حيث ذكره في الثقات (7/ 340)، وفي التقريب مقبول: أي في المتابعات، كما أن فيه علة أخرى قدامة لم يدرك ابن رواحة ولا امرأته. قال الذهبي في العلو (ص: 42): روى من وجوه مرسلة. والله أعلم.
الشاهد الثالث:
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (28/ 112)، والذهبي في السير (1/ 238) من طريق محمد بن حرب، نا محمد بن عباد، نا عبد العزيز ابن أخي الماجشون، قال: بلغنا أنه كانت لعبد الله بن رواحة جارية يستسرها سراً عن أهله، فبصرت به امرأته يوماً قد خلا بها، فقالت: لقد اخترت أمتك على حرتك، فجاحدها ذاك. قالت: إن كنت صادقاً فاقرأ آية من القرآن، فقال:
شهدت بأن وعد الله حق
…
وأن النار مثوى الكافرين
قالت: فزدني آية آخرى، فقال:
وأن العرش فوق الماء طاف
…
وفوق العرش رب العالمين
فقالت: زدني أخرى، فقال:
وتحمله ملائكة شداد
…
ملائكة الإله مسومينا
فقالت: آمنت بالله، وكذبت البصر، فأتى ابن رواحة رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثه، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يغير عليه.
وهذا الإسناد ساقها بلاغاً، فهو منقطع، والأبيات التي فيه تختلف عن الروايتين السابقتين، فتكون الأبيات ذكرت على ثلاث روايات.
الشاهد الرابع:
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (28/ 114) من طريق الوليد بن شجاع بن السكوني، حدثني عبد الله بن وهب، عن عبد الرحمن بن سلمان بن الهاد أن امرأة ابن رواحة رأته على جارية، فذكر نحوه
…
وهذا إسناد منقطع، ابن الهاد لم يدرك ابن رواحة، ولم يذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اطلع على ذلك وأقره.
هذه أدلة منع الجنب من قراءة القرآن، وإذا كان الجنب ممنوعاً كانت الحائض أولى بالمنع؛ لأن حدثها أغلظ، وقد عرفت أن هذه الأدلة ليست قوية، فلا تكفي في التحريم.
وقد قال بالمنع جماعة من التابعين، منهم عطاء بن أبي رباح
(1)
، مجاهد
(2)
،
الشاهد الخامس:
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (28/ 115) من طريق أبي بكر محمد بن يحيى بن العباس الصولي، نا عون - يعني ابن محمد - عن أبيه، عن الهيثم - وهو ابن عدي - قال: ذكروا أن عبد الله بن رواحة ابتاع جارية وذكره إلا أنه ذكر أن امرأته وجدته مرتين، وسألته فقرأ عليه مرة: قوله
شهدت بأن وعد الله حق .... الخ الأبيات، وفي المرة الثانية، قرأ عليها: وفينا رسول الله يتلو كتابه
…
الخ الأبيات. وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال له: "هذا لعمري من معاريض الكلام، إن خياركم خيركم لنسائه.
وهذا الإسناد فيه ضعف، ومنقطع أيضاً. وعون بن محمد لم يرو عنه أحد إلا محمد بن يحيى الصولي، ولم يوثقه أحد. انظر ترجمته في تاريخ بغداد (2/ 294).
وقال الحافظ: أخباري، ما حدث عنه سوى الصولي. لسان الميزان (4/ 388).
فالقصة كل شواهده معضلة، وفيها اختلاف في متنها، وقد ضعفها جماعة منهم النووي كما في المجموع (2/ 159) وابن عبد الهاد في التنقيح (1/ 426)، والذهبي في العلو (ص: 42).
وصحح إسنادها ابن عبد البر في التمهيد (1/ 296) وقال في الاستيعاب (3/ 900): "رويناها من وجوه صحاح".
وقال محمد بن عثمان الحافظ: رويت هذه القصة من وجوه صحاح. انظر اجتماع الجيوش الإسلامية (145). ولم يتعقبه ابن القيم في شيء. والحق مع من ضعف هذه القصة. والله أعلم.
(1)
رواه عبد الرزاق (1203) وسنده صحيح.
(2)
ورواه ابن أبي شيبة (1/ 97) رقم 1083 وسنده صحيح، إلا أنه في منع الجنب.