الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل الثالث:
قالوا: إن من شرط الاعتكاف أن تكون المرأة صائمة، والحائض ليس عليها صيام
(1)
.
(322)
فقد روى أبو داود رحمه الله، قال: حدثنا وهب بن بقية، أخبرنا خالد، عن عبد الرحمن يعني - ابن إسحاق - عن الزهري، عن عروة،
عن عائشة أنها قالت: السنة على المعتكف أن لا يعود مريضا، ولا يشهد جنازة، ولا يمس امرأة، ولا يباشرها، ولا يخرج لحاجة إلا لما لا بد منه، ولا اعتكاف إلا بصوم، ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع.
قال أبو داود غير عبد الرحمن لا يقول فيه: قالت: السنة. قال أبو داود جعله قول عائشة.
[ضعيف مرفوعاً، ورجح البيهقي أن يكون من كلام الزهري أو عروة]
(2)
.
شاءت اعتكفت في مسجد بيتها، ومسجد بيتها أفضل لها من مسجد حيها" اهـ. وهذه مسألة تخص باب الاعتكاف، لكن أحببت أن أشير إلى أنها ليست محل وفاق، وإن كان الراجح عندي وجوب كون الاعتكاف في مسجد.
(1)
وهو مذهب الحنفية والمالكية يشترطون الصوم للاعتكاف. انظر بدائع الصنائع (2/ 109) مختصر الطحاوي (ص 57)، المبسوط (3/ 115)، الهداية (1/ 132). بخلاف الشافعية والحنابلة فإنهم يصححون الاعتكاف ولو بدون صوم. انظر مغني المحتاج (1/ 449)، الوجيز (1/ 106)، مختصر المزني (ص: 60).
(2)
رواه أبو داود في السنن (2473)، ومن طريق أبي داود أخرجه البيهقي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
(4/ 321)، وقال: قد ذهب كثير من الحفاظ إلى أن هذا الكلام من قول من دون عائشة وأن من أدرجه في الحديث وهم فيه، فقد رواه سفيان الثوري، عن هشام بن عروة، عن عروة: قال المعتكف لا يشهد جنازة، ولا يعود مريضا، ولا يجيب دعوة ولا اعتكاف إلا بصيام ولا اعتكاف إلا في مسجد جماعة. وعن ابن جريج، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب أنه قال: المعتكف لا يعود مريضا ولا يشهد جنازة.
قلت: رواية ابن جريج عن الزهري، رواها الدارقطني (2/ 201) من طريق القاسم بن معن، ومن طريق حجاج، كلاهما، عن عبد الملك بن جريج، عن محمد بن شهاب، عن سعيد ابن المسيب، وعن عروة بن الزبير، عن عائشة أنها أخبرتاهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من شهر رمضان، حتى توفاه الله، ثم اعتكفن أزواجه من بعده، وأن السنة للمعتكف أن لا يخرج إلا لحاجة الإنسان، ولا يتبع جنازة، ولا يعود مريضاً، ولا يمس امرأة، ولا يباشرها، ولا اعتكاف إلا في مسجد جماعة، ويأمر من اعتكف أن يصوم.
قال الدارقطني: يقال: إن قوله وإن السنة للمعتكف إلى آخره ليس من قول النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه من كلام الزهري، ومن أدرجه في الحديث فقد وهم. اهـ وقد صرح ابن جريج بالتحديث في طريق حجاج.
وقال البيهقي في المعرفة (6/ 395): وقد أخرج البخاري ومسلم صدر هذا الحديث - يعني حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان
…
الحديث. إلى قوله والسنة في المعتكف أن لا يخرج، ولم يخرجا الباقي لاختلاف الحفاظ فيه: فمنهم من زعم أنه من قول عائشة ومنهم: من زعم أنه من قول الزهرى، ويشبه أن يكون من قول من دون عائشة؛ فقد رواه سفيان الثوري، عن هشام بن عروة، عن عروة، قال: المعتكف لا يشهد جنازة، ولا يعود مريضاً، ولا يجيب دعوة، ولا اعتكاف إلا بصيام، ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع. اهـ.
وقال البيهقي: (4/ 319) "روى أبو بكر الحميدي، عن عبد العزيز بن محمد، عن أبي سهيل بن مالك: قال اجتمعت أنا ومحمد بن شهاب عند عمر بن عبد العزيز، وكان على امرأتي اعتكاف ثلاث في المسجد الحرام، فقال ابن شهاب: لا يكون اعتكاف إلا بصوم، فقال عمر بن عبد العزيز: أمن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا. قال: فمن أبي بكر؟ قال: لا. قال: فمن عمر؟ قال: لا. قال: فمن عثمان؟ قال: لا. قال أبو سهيل: فانصرفت، فوجدت طاوسا
الشاهد من الحديث: قوله "ولا اعتكاف إلا بصوم"، والحديث لا حجة فيه مع ضعفه، وقد جاء في الصحيح ما يشهد لصحة الاعتكاف بدون صوم.
(323)
فقد روى البخاري رحمه الله، قال: حدثنا مسدد، حدثنا يحيى ابن سعيد، عن عبيد الله، أخبرني نافع، عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما:
أن عمر سأل النبي صلى الله عليه وسلم، قال: كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام. قال: فأوف بنذرك. ورواه مسلم (1).
قال ابن قدامة: "لو كان الصوم شرطاً لما صح اعتكاف الليل؛ لأنه لا صيام فيه"(2).
والراجح أن الليلة تطلق، ويراد بها اليوم، ويطلق اليوم وتدخل الليلة، ولذلك رواه مسلم، بلفظ اليوم.
(324)
، قال مسلم، حدثني أبو الطاهر أخبرنا، عبد الله بن وهب حدثنا جرير بن حازم، أن أيوب حدثه، أن نافعا حدثه، أن عبد الله بن عمر حدثه،
أن عمر بن الخطاب سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالجعرانة بعد أن رجع من
ــ
وعطاء فسألتهما عن ذلك فقال طاوس: كان ابن عباس لا يرى على المعتكف صياماً إلا أن يجعله على نفسه وقال عطاء ذلك رأي. هذا هو الصحيح موقوف، ورفعه وهم، وكذلك رواه عمرو بن زرارة، عن عبد العزيز موقوفاً، وهو فيما أنبأني أبو عبد الله إجازة، أن أبا الوليد أخبرهم، ثنا عبد الله بن محمد بن شيرويه، ثنا عمرو بن زرارة، ثنا عبد العزيز، فذكره موقوفاً مختصراً، قال: فقال: كان ابن عباس لا يرى على المعتكف صوماً. وقال عطاء: ذلك رأي اهـ.
قد ساقه البيهقي بإسناده مرفوعاً، وحكم بوهمه. وصحح الموقوف عن ابن عباس.
(1)
صحيح البخاري (2032)، ومسلم (1656).
(2)
المغني (4/ 460، 459).