الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوجه الأول: أقوال أهل العلم في هذه المسألة
.
للعلماء فيها قولان:
القول الأول: لا نخوض في تأويلها؛ لأن هذا علمٌ مستورٌ، وسِرٌّ محجوبٌ، استأثر الله تبارك وتعالى به، ولا يجب أن نتكلم فيها، ولكن نؤمن بها ونُمِرُّها كما جاءت.
القول الثاني: لنا أن نفسرها ونلتمس ما فيها من المعاني.
قال ابن عطية: والصواب ما قاله الجمهور أن تُفَسَّرَ هذه الحروفُ ويُلتَمَسَ لها التأويل (1).
والدليل على هذا القول - الثاني -:
أما الآيات فأربعة عشر:
أحدها: قوله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24] أَمَرَهُمْ بالتدبر في القرآن، ولو كان غير مفهوم فكيف يأمرهم بالتدبر فيه؟
ثانيها: قوله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: 82] فكيف يأمرهم بالتدبر فيه لمعرفة نفي التناقض والاختلاف مع أنه غير مفهوم للخلق؟
ثالثها: قوله: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: 192 - 195] فلو لم يكن مفهومًا بطل كون الرسول صلى الله عليه وسلم منذرًا به، وأيضًا قوله:{بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} يدل على أنه نازل بلغة العرب، وإذا كان الأمر كذلك وجب أن يكون مفهومًا.
رابعها: قوله: {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: 83] والاستنباط منه لا يمكن إلا مع الإحاطة بمعناه.
خامسها: قوله: {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: 89] وقوله: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38].
(1) المحرر الوجيز (1/ 16).
سادسها: قوله: {هُدًى لِلنَّاسِ} [البقرة: 185]، {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 2] وغير المعلوم لا يكون هدى.
سابعها: قوله: {حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ} [القمر: 5] وقوله: {وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [يونس: 57] وكل هذه الصفات لا تحصل في غير المعلوم.
ثامنها: قوله: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ} [المائدة: 15].
تاسعها: قوله: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [العنكبوت: 51] وكيف يكون الكتاب كافيًا، وكيف يكون ذكرى مع أنه غير مفهوم؟
عاشرها: قوله تعالى: {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ} فكيف يكون بلاغًا، وكيف يقع الإنذار به مع أنه غير معلوم؟ وقال في آخر الآية:{وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [إبراهيم: 52] وإنما يكون كذلك لو كان معلومًا.
الحادية عشرة: قوله: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا} [النساء: 174] فكيف يكون برهانًا ونورًا مبينًا مع أنه غير معلوم؟
الثانية عشر: قوله: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} [طه: 123، 124] فكيف يمكن اتباعه والإعراض عنه غير معلوم؟
الثالثة عشر: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: 9] فكيف يكون هاديًا مع أنه غير معلوم؟ .
الرابعة عشر: قوله تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ} [البقرة: 285] إلى قوله: {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} [البقرة: 285] والطاعة لا تمكن إلا بعد الفهم فوجب كون القرآن مفهومًا.