الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باستغفار المؤمنين الكائنين بين أظهرهم، وقوله تعالى:{وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ} أي: بعد خروج المؤمنين الذين كان استغفارهم سببًا لدفع العذاب الدنيوي، فبعد خروجهم عذّب الله أهل مكة في الدنيا بأن سلط عليهم رسوله صلى الله عليه وسلم حتى فتح مكة، ويدل لكونه تعالى يدفع العذاب الدنيوي عن الكفار بسبب وجود المسلمين بين أظهرهم ما وقع في صلح الحديبية كما بينه تعالى بقوله:{وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} فقوله: {لَوْ تَزَيَّلُوا} أي: لو تزيل الكفار من المسلمين لعذبنا الكفار بتسليط المسلمين عليهم، ولكنا رفعنا عن الكفار هذا العذاب الدنيوي لعدم تميزهم من المؤمنين، كما بينه بقوله:{وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ} ، ونقل ابن جرير هذا القول عن ابن عباس والضحاك وأبي مالك وابن أبزي، وحاصل هذا القول أن كفار مكة لما قالوا:{اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ} أنزل الله قوله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} ، ثم لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم بقيت طائفة من المسلمين بمكة أنزل الله قوله:{وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ} أي: أي شيء ثبت لهم يدفع عنهم عذاب الله، وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون من بين أظهرهم فالآية على هذا كقوله:{قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ} (1).
الوجه الثالث: أن المراد بقوله {يَسْتَغْفِرُونَ} أي: المشركين
.
فيكون أن الله تعالى يرد عنهم العذاب الدنيوي بسبب استغفارهم، أما عذاب الآخرة فهو واقع بهم لا محالة، فقوله:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ} أي: في الدنيا في حالة استغفارهم، وقوله:{وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ} أي: في الآخرة وقد كانوا كفارًا في الدنيا (2).
(1) دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب للشنقيطي (105، 106).
(2)
المصدر السابق (107).