الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 - شبهة: حول نفي العذاب وإثباته
.
نص الشبهة:
والسؤال:
• كيف يصح أن ينفي العذاب أولًا، ثم يثبته آخرًا؟
• كيف يجد النبي صلى الله عليه وسلم عذرًا لقومه خاصة، وأنهم طلبوا العذاب مع أن الأنبياء قبل ذلك لم يحاولوا أن يجدوا أعذارًا للكفار من قومهم؟
والجواب على ذلك من وجوه:
الوجه الأول: الآية فيها أن الله أمَّنهم من العذاب في أحد الحالين
.
الوجه الثاني: أن المراد بقوله {يَسْتَغْفِرُونَ} استغفار المؤمنين المستضعفين بمكة.
الوجه الثالث: أن المراد بقوله {يَسْتَغْفِرُونَ} أي: المشركين.
الوجه الرابع: أن معنى {وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} أي: يسلمون.
الوجه الخامس: قيل: إن العذاب الأول غير العذاب الثاني.
الوجه السادس: قيل: إن الآية الثانية ناسخة للأولى.
الوجه السابع: ماذا عن حال الأنبياء في الكتاب المقدس؟
وإليك التفصيل
الوجه الأول: الآية فيها أن الله أمَّنهم من العذاب في أحد الحالين.
فالنبي صلى الله عليه وسلم خرج مهاجرًا، واستغفارهم معدوم لإصرارهم على الكفر، فاستحقوا الوعيد الآخر، أو أنه تعالى نفى ذلك - أي العذاب - بشرطٍ وأثبته مع فقد الشرط (1).
(1) ذكره الطبري في تفسيره (6/ 236)، "تنزيه القرآن عن المطاعن" للقاضي عبد الجبار (184).
قال الطبري: معنى ذلك: وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم يا محمد، وما كان الله معذب المشركين وهم يستغفرون، أي: لو استغفروا. قالوا: ولم يكونوا يستغفرون، فقال جل ثناؤه: إذ لم يكونوا يستغفرون {وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} ، ونقل ذلك بسنده عن قتادة، والسدي وابن زيد فقال عن قتادة:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)} قال: إن القوم لم يكونوا يستغفرون، ولو كانوا يستغفرون ما عذبوا، وكان بعض أهل العلم يقول: هما أمانان أنزلهما الله فأما أحدهما فمضي نبي الله، وأما الآخر فأبقاه الله رحمة بين أظهركم، الاستغفار والتوبة (1).
فالعذاب لا يتنزل بهم في حالة استغفارهم لو استغفروا، ولا في حالة وجود نبيهم فيهم، لكنه خرج من بين أظهرهم، ولم يستغفروا لكفرهم، ومعلوم أن الحال قيد لعاملها، وصْف لصاحبها، فالاستغفار مثلًا قيد في نفي العذاب، لكنهم لم يأتوا بالقيد، فتقرير المعنى:{وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} لو استغفروا، وبعد انتفاء الأمرين عذبهم بالقتل والأسر يوم بدر (2).
وقد رجح هذا الوجه ابن جرير الطبري في تفسيره فقال: وأولى هذه الأقوال عندي في ذلك بالصواب قول من قال: تأويله، وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم يا محمد، وبين أظهرهم مقيم، حتى أخرجك من بين أظهرهم؛ لأني لا أهلك قرية وفيها نبيها، وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون من ذنوبهم، وكفرهم، ولكنهم لا يستغفرون من ذلك؛ بل هم مصرون عليه فهم للعذاب مستحقون، كما يقال: ما كنت لأحسن إليك وأنت تسيء إليَّ - يراد بذلك لا أحسن إليك، ولكن أحسن إليك؛ لأنك لا تسيء إلي وكذلك ذلك، ثم قيل:{وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} بمعنى: وما شأنهم وما
(1) تفسير الطبري (6/ 236)، والأثر عن قتادة.
(2)
دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب للشنقيطي (104)، وانظر تفسير الرازي (15/ 158).