الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الشيخ محمد رشيد رضا: قال الراغب: "الوجل" استشعار الخوف يعني ما يجعل القلب يشعر به بالفعل وعبر غيره عنه بالفزع والخوف. (1)
قال القنوجي: "وجلتا" أي فزعت وخضعت وخافت ورقت قلوبهم لذكر الله استعظامًا له وتهيبٌ من جلاله، والوجل: الخوف والفزع ويقال بإثبات الواو في المضارع، والمراد أن حصول الخوف من الله والفزع منه عند ذكره هو شأن المؤمنين الكاملي الإيمان المخلصين لله (2).
الوجه الثاني: جمع الله بين المعنيين في آية واحدة ليتضح المراد
فقال الله: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الزمر: 23].
قال ابن كثير: هذه صفة الأبرار عند سماع كلام الجبار المهيمن العزيز الغفار لما يفهمون منه من الوعد والوعيد والتخويف والتهديد تقشعر منه جلودهم من الخشية والخوف: {تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} لما يرجون ويؤملون من رحمته ولطفه فهم مخالفون لغيرهم من الكفار من وجوه:
أحدها: أن سماع هؤلاء هو تلاوة الآيات، وسماع أولئك نغمات الأبيات من أصوات - القينات - أي المغنيات. . .
الثاني: أنهم إذا تليت عليهم آيات الرحمن خروا سجدًّا وبكيا بأدب وخشية ورجاء ومحبة وفهم وعلم كما قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2)} [الأنفال: 2]، وقال:{وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73)} [الفرقان: 73]؛ أي لم يكونوا عند سماعها متشاغلين لاهين عنها، بل مصغين إليه فاهمين بصيرين بمعانيها، فلهذا إنما يعملون بها ويسجدون عندها عن بصيرة لا عن جهل ومتابعة لغيرهم.
(1) تفسير المنار (9/ 589).
(2)
فتح البيان في مقاصد القرآن (5/ 129).