الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذلك على أنه من عند الله لا من البشر. (1)
وحكى القرطبي عن الفراء وقطرب نحو هذا. (2)
وأقره الزمخشري ونصره أتم نصر. (3)
وإليه ذهب الشيخ العلامة أبو العباس ابن تيمية وأبو الحجاج المزي. (4)
قال ابن كثير: قال الزمخشري: ولم ترد كلها مجموعة في أول القرآن وإنما كررت؛ ليكون أبلغ في التحدي والتبكيت، كما كررت قصص كثيرة وكرر التحدي بالصريح في أماكن، وجاء منها على حرف واحد كقوله:{ص} {ن} {ق} ، وحرفين {حم} ، وثلاثة مثل {الم} ، وأربعة مثل:{المَر} و {المص} ، وخمسة مثل:{كهيعص} و {حم (1) عسق} لأن أساليب كلامهم على هذا من الكلمات ما هو على حرف واحد، وعلى حرفين، وعلى ثلاثة، وعلى أربعة، وعلى خمسة لا أكثر من ذلك.
وقال أيضًا: ولهذا كل سورة افتتحت بالحروف فلا بد أن يذكر فيها الانتصار للقرآن، وبيان إعجازه وعظمته، وهذا معلوم بالاستقراء وهو الواقع في تسع وعشرين سورة، ولهذا يقول تعالى:{الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 1، 2]، {الم (1) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ} [آل عمران: 1 - 3] وغير ذلك من الآيات الدالة على صحة هذا الوجه لمن أمعن النظر. (5)
الوجه الرابع: هذه الأحرف دالة على صدق النبوة
.
قال الزرقاني: إن هذه الحروف من أعجب المعجزات، والدلالات على صدق
(1) مفاتيح الغيب (2/ 6).
(2)
الجامع لأحكام القرآن (1/ 176).
(3)
الكشاف للزمخشري (1/ 28).
(4)
تفسير ابن كثير (1/ 256).
(5)
تفسير ابن كثير (1/ 256: 257)، الكشاف (1/ 30)، أضواء البيان (3/ 5).
النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا مما ترضاه النفوس. ألا ترى أن حروف الهجاء لا ينطق بها إلا من تعلم القراءة. وهذا النبي الأمي صلى الله عليه وسلم قد نطق بها. والذي في أول السور أربعة عشر حرفًا منها، وهي كلها ثمانية وعشرون حرفًا إن لم تعد الألف حرفًا برأسه، فالأربعة عشر نصفها، وقد جاءت في تسع وعشرين سورة، وهي عدد الحروف الهجائية إذا عدت فيها الألف. وقد جاءت من الحروف المهموسة العشرة وهي:(فحثه شخص سكت) بنصفها، هي الحاء، والهاء، والصاد، والسين، والكاف.
ومعلوم أن الحروف إما مهموسة - أي يضعف الاعتماد عليها - وهي ما تقدم، وإما مجهورة، وهي ثمانية عشر، نصفها - وهو تسعة - ذكرت في فواتح السور، ويجمعها (لن يقطع أمر).
والحروف الشديدة ثمانية، وهي (أجدت طبقك) أربعة منها في الفواتح، وهي (أقطك) إلى أخر الحروف بأصنافها.
ثم قال: فانظر كيف أتى في هذه الفواتح بنصف الحروف الهجائية، إن لم تعدّ الألف، وجعلها في تسع وعشرين سورة عدد الحروف، وفيها الألف؟ وكَيف أتى بنصف المهموسة، ونصف المهجورة. ونصف الشديدة، ونصف الرخوة، ونصف المطبقة، ونصف المنفتحة.
ثم قال: وإني موقن أن المتعلم لو طُلِبَ منه أن يأتي بهذه الحروف منصفة على هذا الوجه ما استطاع إلى ذلك سبيلًا، فإنه إن راعى نصف الحروف المطبقة، فكيف يراعي الحروف الشديدة؟ وكيف يراعي نصف المجهورة في نفس العدد؟
إن ذلك دلائل على صدق صاحب الدعوة صلى الله عليه وسلم، وهذا الوجه فيه إعجاز للعقول، وحيرة.
فيقال: كيف تنصف الحروف الهجائية، وتنصف أنواعها من مهموسة، وشديدة. . إلخ وهذه الأنواع لم يدرسها أحدٌ في العالم أيام النبوة! ثم لما ظهرت تلك الدراسات، وافقت تلك الحروف بأنصافها!
إن ذلك ليعطي العقول مثلًا من الغرابة الدالة على أن هذا لا يقدر عليه المتعلمون؛