الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فهذه الأحاديث تبين أن سبب شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم لعمه أبي طالب في تخفيف العذاب عنه هو دفاعه عن الرسول صلى الله عليه وسلم ونصرته له، وهو مات كافرًا، والله سبحانه وتعالى أخبر أن الكافرين لا تنفعهم شفاعة الشافعين ولكن شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم لعمه شفاعة خاصة، حتى ورد أنه أهون أهل النار عذابًا يوم القيامة.
وهذه الأنواع الثلاثة من الشفاعة خاصة بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
وهناك شفاعات أخرى منها:
1 -
الشفاعة في رفع درجات بعض أهل الجنة، الشفاعة في دخول بعض المؤمنين الجنة بغير حساب ولا عذاب.
2 -
الشفاعة في أهل الكبائر من أمته ممن دخلوا النار بذنوبهم أن يخرجوا منها.
3 -
شفاعته صلى الله عليه وسلم في أقوام قد أمر بهم إلى النار أن لا يدخلوها.
4 -
الشفاعة في قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم بأن يدخلوا الجنة.
يقول ابن تيمية: أجمع المسلمون على أن النبي صلى الله عليه وسلم يشفع للخلق يوم القيامة بعد أن يسأله الناس ذلك، وبعد أن يأذن الله له في الشفاعة، ثم إن أهل السنة والجماعة متفقون على ما اتفق عليه الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين واستفاضت به السنن من أنه صلى الله عليه وسلم يشفع لأهل الكبائر من أمته، ويشفع أيضًا لعموم الخلق (1).
الوجه السادس: عيسى عليه السلام ليس وحده الموصوق بهذا الوصف
.
قلت: هذا لأن الله وصف موسى عليه السلام بهذا الوصف كما قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا (69)} [الأحزاب: 69]
فلماذا خصصوا هذا الوصف لعيسى عليه السلام دون سائر الأنبياء عليهم السلام؟ .
الوجه السابع: عيسى عليه السلام يبرأ من الشفاعة يوم القيامة لهول ذلك اليوم
.
(1) مجموع الفتاوى (1/ 313)، شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للإمام اللالكائي (6/ 1160) فما بعدها.
ومن الأدلة:
1 -
حديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يجمع الله الناس يوم القيامة فيهتمون لذلك. فيقولون: لو استشفعنا على ربنا حتى يريحنا من مكاننا هذا. قال: فيأتون آدم صلى الله عليه وسلم فيقولون: أنت آدم أبو الخلق. . . . . ولكن ائتوا عيسى روح الله وكلمته، فيأتون عيسى روح الله وكلمته، فيقول: لست هناكم. ولكن ائتوا محمدًا صلى الله عليه وسلم، عبدًا قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فيأتوني فأستأذن على ربي فيؤذن لي. . .". (1)
2 -
حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا بلحم، فرفع إليه الذراع، وكانت تعجبه، فنهس منها نهسة، فقال:"أنا سيد الناس يوم القيامة، وهل تدرون بم ذاك؟ يجمع الله يوم القيامة الأولين والآخرين في صعيد واحد، فيسمعهم الداعي وينفذهم البصر، وتدنو الشمس، فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون وما لا يحتملون، فيقول بعض الناس لبعض: ألا ترون ما أنتم فيه؟ ألا ترون ما قد بلغكم؟ ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم؟ فيقول بعض الناس لبعض: ائتوا آدم، فيأتون آدم فيقولون: يا آدم أنت أبو البشر، . . . فيأتون عيسى فيقولون: يا عيسى أنت رسول الله، وكلمته ألقاها إلى مريم، وروح منه، وكلمت الناس في المهد صبيا، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول عيسى عليه السلام: إن ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله - لم يذكر ذنبا - نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم. . ."(2).
3 -
حديث أَبِى هُرَيْرَةَ وحُذَيْفَةَ رضي الله عنهم قَالَا: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يَجْمَعُ الله تبارك وتعالى النَّاسَ فَيَقُومُ المُؤْمِنُونَ حَتَّى تُزْلَفَ لَهُمُ الجَنَّةُ فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ: يَا أَبَانَا اسْتَفْتِحْ لَنَا الْجَنَّةَ. فَيَقُولُ: وَهَلْ أَخْرَجَكُمْ مِنَ الجنَّةِ إِلَّا خَطِيئَةُ أَبِيكُمْ آدَمَ لَسْتُ بِصَاحِبِ ذَلِكَ. اذْهَبُوا إِلَى ابْنِى إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الله. قَالَ: فَيَقُولُ إِبْرَاهِيمُ: لَسْتُ بِصَاحِبِ ذَلِكَ إِنَّمَا كُنْتُ خَلِيلًا مِنْ وَرَاءَ وَرَاءَ اعْمِدُوا إِلَى مُوسَى صلى الله عليه وسلم الَّذِى كَلَّمَهُ الله تَكْلِيمًا. فَيَأْتُونَ مُوسَى صلى الله عليه وسلم، فَيَقُولُ: لَسْتُ
(1) رواه البخاري (6565) ومسلم (193).
(2)
رواه البخاري (4712)، ومسلم (194).