الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5 - شبهة: حول قول يوسف عليه السلام: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ}
.
نص الشبهة:
هل هناك رب غير الله مع أن الرب واحد.
والرد على ذلك من وجوه:
الوجه الأول: الرب في اللغة يطلق على غير الله إذا كان مضافًا
.
الوجه الثاني: خاطَبَهم على المُتَعارَفِ عندهم، وهذا من عرفهم.
الوجه الثالث: الجمع بين قوله تعالى: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "وَلَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ رَبِّى وَلْيَقُلْ سَيِّدِى مَوْلَاى"(1).
وإليك التفصيل
الوجه الأول: الرب في اللغة يطلق على غير الله إذا كان مضافًا.
الرَّبُّ هو الله عز وجل، هو رَبُّ كلِّ شيءٍ؛ أَي: مالكُه، وله الرُّبوبيَّة على جميع الخَلْق لا شريك له، وهو رَبُّ الأَرْبابِ ومالِكُ المُلوكِ والأَمْلاكِ، ولا يقال: الربُّ في غَير الله إِلّا بالإِضافةِ.
قال: ويقال الرَّبُّ بالأَلِف واللام لغيرِ الله، وقد قالوه في الجاهلية للمَلِكِ، قال الحارث بن حِلِّزة:
وهو الرَّبُّ والشَّهِيدُ عَلى يَوْمِ
…
الحِيارَيْنِ والبَلاءُ بَلاءُ
والاسْم الرِّبابةُ قال:
يا هِنْدُ أَسْقاكِ بلا حِسابَهْ
…
سُقْيَا مَلِيكٍ حَسَنِ الرِّبابهْ
وربُّ كلِّ شيءٍ: مالِكُه ومُسْتَحِقُّه، وقيل: صاحبُه، ويقال: فلانٌ رَبُّ هذا الشيءِ، أَي: مِلْكُه له، وكُلُّ مَنْ مَلَك شيئًا فهو رَبُّه، يقال: هو رَبُّ الدابةِ، ورَبُّ الدارِ، وفلانٌ رَبُّ البيتِ، وهُنَّ رَبَّاتُ الحِجالِ.
والرَّبُّ يُطْلَق في اللغة على المالكِ، والسَّيِّدِ، والمُدَبِّر، والمُرَبِّي، والقَيِّمِ، والمُنْعِمِ، ولا يُطلَق غيرَ مُضافٍ إِلّا على الله تعالى، وإِذا أُطْلِق على غيرِه أُضِيفَ؛ فيقالَ: ربُّ كذا، وقد
(1) أخرجه البخاري (2552)، مسلم (2249).
جاءَ في الشِّعْر مُطْلَقًا على غيرِ الله تعالى وليس بالكثيرِ، ولم يُذْكَر في غير الشِّعْر.
والعرب تقول: لأَنْ يَرُبَّنِي فلان أَحَبُّ إِليَّ من أَنْ يَرُبَّنِي فلان؛ يعني: أَن يكونَ رَبًّا فَوْقِي وسَيِّدًا يَمْلِكُنِي.
قال ابن الأنباري: الرَّبُّ يَنْقَسِم على ثلاثة أَقسام: يكون الرَّبُّ المالِكَ؛ ويكون الرَّبُّ السّيدَ المطاع؛ قال الله تعالى: {فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا} أَي: سَيِّدَه؛ ويكون الرَّبُّ المُصْلِحَ، رَبَّ الشيءَ أي: أَصْلَحَه، وأَنشد:
يَرُبُّ الذي يأْتِي منَ العُرْفِ إنه
…
إِذا سُئِلَ المَعْرُوفَ زادَ وتَمَّما (1)
الرب في الأصل: التربية، وهو إنشاء الشيء حالًا فحالًا إلى حد التمام، ويقال: ربه ورباه ورببه، فالرب مصدر مستعار للفاعل، ولا يقال الرب مطلقًا إلا لله تعالى المتكفل بمصلحة الموجودات نحو قوله:{بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ} [سبأ: 15]، وعلى هذا قوله تعالى:{وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا} [آل عمران: 80] أي: آلهة، وتزعمون أنهم الباري مسبب الأسباب، والمتولي لمصالح العباد، وبالإضافة يقال له ولغيره نحو قوله:{رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 1]، و {رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ} [الصافات: 126].
ويقال: رب الدار، ورب الفرس لصاحبهما، وعلى ذلك قول الله تعالى:{اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ} [يوسف: 42]، وقوله تعالى:{ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ} [يوسف: 50]، وقوله:{قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ} [يوسف: 23]. قيل: عنى به الله تعالى، وقيل: عنى به الملك الذي رباه. وهو قول أكثر المفسرين، ويرجحه قوله:{أَكْرِمِي مَثْوَاهُ} والأول أليق بقوله (2).
(1) تهذيب اللغة 15/ 177: 176، تاج العروس 1/ 504، النهاية في غريب الحديث 2/ 179، لسان العرب 3/ 1547:1546.
(2)
مفردات ألفاظ القرآن (1/ 375) بتصرف.