الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إن الأسوار التى قال الإمام الفاكهى إنه رأى أطلالها بنى أحدها المرحوم أبو عزيز قتادة بن إدريس الحسينى وهو من الأجداد العظام لأشراف مكة. وظلت آثار هذا السور مرئية حتى انتهت الخلافة العباسية فى مصر القاهرة.
إن أبا عزيز قتادة قد عزز وأكثر من قوته فى عهد الأمير مكثر من بنى فليتة التى كانت تحكم ينبع البحر لمدة، وفى خلال عام 597 انتزعوا الإدارة من بنى هاشم عنوة. إن الجد الخامس لأبى عزيز المشار إليه هو الإمام الحسن بن على بن أبى طالب-رضى الله عنه-الغالب.
فى زماننا هذا من الصعب حتى توضيح علامة يمكن القول إنها من بقايا الأسوار التى عرفها المؤرخون، وتوجد ثلاثة قلاع صغيرة بأسماء قلعة الجياد، قلعة الفلفل، قلعة الهندى فى الوادى الكائن بين جبل جياد وجبل عمر، حيث يوجد مقر المدفعية والمعسكر الهمايونى وهذه الأشياء جديدة جدا. إن قلعة جياد تقع على جبل جياد وقلعة فلفل تقع على طريق قرارة، وقلعة هندى أسست على قمة جبل هندى الواقع ناحية حمام العمرة، بعد واقعة دلخراشنى الوهابية لحماية مكة المعظمة المفخمة من هجمات العربان.
لا سيما فى الفترة التى كان فيها المرحوم حالت باشا والى الحجاز والمرحوم حسين باشا أمراء لمكة، إذ أحسوا بالحاجة إلى توسيع قلعة فلفل، وجعلوا بها مستشفى عسكرى، فهدم عثمان باشا والى الحجاز قلعة هندى وأسس هذا المعسكر على أصول جديدة ولأن هذا المكان دفعت نفقات إنشائه من قبل أهل كريت أطلق عليه اسم غريتية عام 1397.كما هدم قلعة جياد وأنشأ مكانها قلعة متينة على الطراز الحديث عام 1301.
أعلام قلاع الحرمين الشريفين
إن السلاطين العظام يطلق عليهم اللقب المستلزم للفخر وهو لقب خادم الحرمين المحترمين، وتشكل الحكومة فيهما باسم السلطنة العلية، ومع هذا لم
ترفع الرايات-رمز سطوة الدولة العثمانية فوق المبانى العسكرية والقلاع ولم ترفرف عليها فى الحرمين الشريفين.
وإذا كانت تقاليد الاحترام تقتضى عدم رفع الألوية السلطانية فوق قلاع الحرمين الشريفين، إلا أنه من غير المناسب حسب مقتضيات العصر ضياع العلاقة التى تدل على التبعية المشروعة للحرمين الشريفين التى هى قبلة الموحدين، إلى دولة الخلافة، وبناء على هذا الرأى الصائب قد قرر السلطان عبد العزيز فى أواسط حكمه رفع الراية العثمانية فوق معسكرات مكة المكرمة، والمدينة المنورة وفوق قلاعهما مثل سائر البلاد التابعة للدولة العثمانية.
وجهزت الأدوات اللازمة والبيارق، وأرسلت إلى ذلك المكان السامى جالب الفيض الإلهى وبذلك أصبح المعتاد رفع الأعلام فى المدينة المنورة، لكن تأخر هذا التقليد بالنسبة لمكة المكرمة وتأجل آنذاك لبعض الأسباب.
وكان سكان البلاد الإسلامية الواقعة تحت سيادة دول غير مسلمة يترددون على الحرمين الشريفين وكان بعض هؤلاء يفضلون الإقامة فى أحد الحرمين الشريفين ومجاورتهما بعد أداء الحج لذا اتخذ الإنجليز والفرنسيون والروس والبرتغاليون والهولنديون الذين يستعمرون الهند وآسيا الوسطى والجزائر وجاوه وغيرها قنصليات فى جدة لخدمة رعاياهم فى ظاهر الأمر وقضاء مصالحهم ولكنها فى الحقيقة للتجسس.
وكان لتدخل المسلمين من رعايا الدول الأجنبية فى شئون أهالى الحرمين عواقب وخيمة حاليا، ولا سيما أن أفرادا كثيرين من جماعات القبائل البدوية والعشائر المجاورة وأهالى الحرمين أنفسهم يدعون أنهم لا يعرفون لهم مرجعا سوى الإمارة الجليلة للحرمين؛ لذا رئى أنه من الحكمة رفع الراية العثمانية على قلاع مكة المكرمة ليعرف الحاقدون والأعداء أن مكة المكرمة من الأجزاء المقدسة المتممة لأراضى الممالك السلطانية.
وقد روعى اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة ما قد يعكر الصفو.
أولا: قد استدعى لذلك سرا محمد جاويد أغا من قدماء ضباط القلاع وأمر بأن تجلب الأعلام وأن تتخذ التدابير العسكرية لمواجهة ما يحدث من مشاغبات.
ثانيا: صدر الأمر بسرعة اتخاذ التدابير والتحفظات وتوفير الأعلام اللازمة وصواريها وأوصالها السميكة والحبال الرفيعة التى تسحب بها الأعلام، وتم إعداد كل شئ وتجهيزه وتهيئة الجند اللازم للمحافظة على الأمن، وأن يذهب إلى دائرة الإدارة الجليلة لمقابلة الأمير السابق الشريف عبد المطلب والقيام بالخدمات اللازمة لإقناع الأمير بأن رفع العلم لن يسبب أى إزعاج. وأن تعد الأدلة المقنعة على أن رفع العلم لن يؤدى إلى اضطرابات ومشاغبات فى الإمارة فى ظل الاستعدادات العسكرية التى تم اتخاذها للحفاظ على الإمارة ويؤخذ موافقته على ذلك.
كما يؤخذ منه الإذن بارتداء الملابس الرسمية فى أثناء إطلاق المدافع بعد رفع الأعلام والتوجه إلى المسجد الحرام.
لترديد الأدعية بطول العمر لجلالة السلطان، بعد ذلك يعود إلى المواقع العسكرية وفى الصباح الباكر ترفع الرايات العثمانية على القلاع كلها فى لحظة، واحدة وتطلق المدافع إحدى وعشرين طلقة، بينما تعزف الموسيقى فى أثناء ذلك، ويصطف عدد من الجنود السلطانية على هيئة طابور ويتحركون مع قواتهم من معسكر المدفعية العثمانى متوجهين إلى الحرم الشريف للمسجد الحرام وفق الأوامر الصادرة.
وفى اليوم التالى عند ما رفعت الأعلام على القلاع فى وقت السحر، وأخذت المدافع فى إطلاق طلقاتها، ارتدى الباشا المشار إليه ملابسه الرسمية على الفور وتوجه ومعه العدد اللازم من الجنود السلطانية، قاصدا قصر الشريف عبد المطلب أفندى واصطحبه معه وكان متهيئا للتحرك وقفل راجعا مع الموكب العظيم إلى الحرم الشريف للمسجد الحرام. وكان فى معية الشريف المذكور أشراف مكة وساداتها الممثلون للإمارة وتفضل الباشا بإلقاء خطبة بليغة أمام الجمع الغفير من السادة وأهالى مكة الكرام وبعد ذلك أم القضاة الأربعة الكرام وكل العلماء