الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ستمائة ألف إنسان بالجمار أى يلقون حوالى سبعين حجرا لكل منهم ومع هذا فإنه لا تتراكم هناك الجمرات.
وإذا افترضنا أن الأماكن التى تتجمع فيها الجمرات في مجرى السيل أو فى مهب الرياح الشديدة، لقلنا إن الماء الذى يسيل والرياح التى تهب تحمل الحجارة التى يلقيها الحجاج بعيدا إلا أن هذا المكان ممر ضيق بين سلسلة جبال ولا يتعرض للسيول ولا للرياح الشديدة العاصفة.
وهذه المميزات تدل على الأفضال المعنوية التامة لكعبة الله وهى مؤيدة بالخبر الصحيح الذى يقول: «كل من كان حجه مبرورا مقبولا فالجمرات التى يلقيها ترفع إلى السماء» (حديث شريف).بناء على بحث عبد الله المرجانى أنه لو نزف أنف إنسان وكتب على جبهته بدمه عبارة «مكة وسط الدنيا والله رؤف بالعباد» فإن النزيف ينقطع بإذن الله.
لو إن كان اليهود والنصارى يقدمون بيت المقدس على الكعبة فإن بانى بيت المقدس سليمان-عليه السلام-وبانى الكعبة خليل الرحمن الذى يفوق من حيث المناقب سيدنا سليمان، ويلزم أن تكون الكعبة أشرف وأفضل من بيت المقدس.
أليس من الخطأ المحض أن يتصور أن هناك بيت أشرف وأفضل من بيت مالكه هو صاحب الجلالة الرب الكريم، ومهندسه جبريل-عليه السلام-وبانى جدرانه خليل الرحمن، وجالب أحجاره ولوازم بنائه وخادمه. إسماعيل عليه السلام.
استطراد
الميزات الخاصة ببيت الله-الكعبة-لا تعد ولا تحصى. ومما يختص به هذا البلد الأمين أن أحدا من السياح الأجانب لا يجرؤ على اقتحام حدودها.
وفى الرسالة التى نشرها سائح أوربى اسمه «جبون» تحامل على الإسلام واستخدم لهجة شديدة إذ قال «بما أن أهل مكة لا يسمحون للسياح الأجانب بالدخول إليها فإنهم يضطرون فى الكتابة عن وقائع الحجاز أن يستمدوا أخبارهم
من التواريخ الإسلامية، أو من هؤلاء الذين يترددون على الحجاز «غير أن عددا من السياح المشهورين مثل: برق جارد من إيطاليا، لودو ويقو بارتاما من روما وجوزيف تبس من أهل اكستر
(1)
قد زاروا المناطق الحجازية، وسجلوا مشاهداتهم، ووصفوا مشاهداتهم وصفا كاملا. وهذا يبين كذب ادعاء المدعو «جبون» من أخطائه. وترهاته نجمت عن تعصبه الفطرى الشديد.
لودو ويقو بارتاما-قد طاف فى عام 920 هجرية بالأراضى الحجازية المباركة، وكذلك «جوزيف تبس» فى عام 1107 هجرية وتجولا فى كل أرجائها وبعد عودتهما، سجل كل منهما رسالة شاملة، مفصلة فى معلوماتها عن أحوال منطقة الحجاز.
وكانت رسالة لودو ويقو بارتاما» التى طبعها عام 928 هـ مكتوبة باللغة الإيطالية، وقد ترجمت إلى اللغة الإنجليزية، وطبعت ونشرت عام 972 هـ،كما طبعت رحلة «جوزيف تبس» باللغة الإنجليزية ونشرت فى إنجلترا عام 1117.
وقد جاء فى رسالة «لودو ويقو بارتاما» أنه تظاهر بالإسلام ودفع إلى أحد الجمالين أموالا كثيرة، ليرافق قافلة الشام إلى الحجاز حتى يستطيع أن يطلع بنفسه على أحوال الحجاز.
أما «جوزيف تبس» فقد ذكر فى رسالته أنه وقع أسيرا فى طفولته فى يد أحد الجزائريين، وظل لفترة طويلة فى خدمته، ثم رافق سيده فى رحلة الحج إلى الحجاز، وعند عودته سجل مشاهداته كلها.
وقال «برق جارد» فى كتابه الذى نشره: «فى أثناء عودتى من واد فاطمة، إلى مكة مررت بمكان يسمى وادى النعمان، وكان مزدحما أشد الازدحام بالمترددين هناك من الحجاج أو المعتمرين، رغم أنه مكان موحش مخيف وهبت عاصفة فاحتميت بسفح جبل لعدم استطاعتى الاستمرار فى السير، وبقيت محتميا بسفح الجبل إلى أن هدأت شدة السيل والعاصفة» .
(1)
اكتسر اسم مدينة مشهورة فى إنجلترا.
ويقول مؤرخ آخر هو (يوما): «لا يسمح لغير المسلمين بدخول مكة» ،ونحن شاكرون لهذا لأن برق جارد، ذهب إلى هناك، وجاء فى رسالته أن مكة المكرمة محاطة بمجموعة من الجبال السوداء والوديان خالية من الأشجار والأزهار.
والذى يرى منازل مكة وبيوتها-لأول وهلة-بعد الخروج من بين الجبال لا يستطيع إلا أن يشبه هذه المدينة بخزينة مجوهرات وضعت فى داخل محفظة خشنة غليظة سوداء، لا يستطيع أن يقدر قيمة هذه الخزينة إلا المسلمون.
فشوارعها متوسطة، ومبانيها منتظمة عالية والذى يرى مكة بعد رؤيته لبلاد أخرى لا يمكنه إلا أن يعجب ويتحير من انتظام مبانيها ودقة ترتبيها. وهذا القول منه يوضح خطأ ما ادعيناه فى هذا الأمر. وهذه العبارة المليئة بالثناء الجميل توضح كذب ادعاء الأوربيين.
وبناء على الفقرة الواضحة لبرق جارد والإفادة المفصلة ل «يوما» نستطيع أن نحكم أن الدخول فى مكة المعظمة ليس ممنوعا، سواء كان من قبل الحكومة أو من قبل الأهالى. فإذا كان بعض السياح الأجانب لم يجدوا فى أنفسهم الجرأة الكافية لدخول حدود مواقيت مكة المكرمة فإن ذلك يرجع إلى الرهبة الإلهية المعنوية للبيت المعظم.
نعم لم يمنع أحد من زيارة الحرمين المعظمين، حتى لو كان هدف الزائر هو الخيالة والسخرية والاستهزاء، لكن فى هذه الحالة تأديب ذلك الشخص ومنعه من الزيارة يكون أمرا واجبا.
نعم باب الزيارة مفتوح فى كل لحظة وساعة، إلا أن الزائر يجب أن يراعى لبس ملابس أرض الحجاز مثل الجبة والعباءة الطويلة والعمامة والكوفية حتى يحظى باحترام الناس، وأما الأجانب بملابسهم الغربية لا ينالون التوقير بل يتعرضون للسخرية والاستهانة بهم وهذا أمر طبيعى.
لذا فالأمر يتطلب ممن يذهبون إلى تلك البقعة المباركة أن يلبسوا ملابسهم وهذا الأمر لمن يجوبون الوديان والصحارى فى غير أوقات الحج، ولكن الذين