الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصورة الثالثة
توضح صورة بناء الكعبة المعظمة فى المرة الثانية
قام أبو البشر سيدنا آدم-على نبينا وعليه الصلاة والسلام-بتجديد البيت المعظم فى المرة الثانية.
إجمال- بناء على رواية الإمام أبو الوليد أحمد الأزرقى عن المرحوم ابن عباس، أن سيدنا آدم-عليه السلام-أنزل به على وجه الأرض قبل الهجرة النبوية ب 6216 عام.
ولأنه لم يستطع سماع صوت تسبيح وتهليل ملائكة السماء بعد هبوطه بمدة اغتم لذلك فعرض ما فى ضميره على حضرة عالم السر والخفايا، وجأر بالشكوى قائلا:«يا إلهى، فضلا عن بقائى وحيدا فريدا على وجه الأرض، أصبحت لا أسمع صوت تسبيح وتهليل الملائكة الكرام» .
وبناء على هذه الشكوى، صدر الخطاب الشريف من الله عز وجل «يا آدم إن الزلة الصادرة منك هى المانع من سماع صوت الملائكة المسبحين» .
لكن لى بيت على وجه الأرض، عليك أن تجد أساسه وتقيم عليه بيتا مباركا وبعد ذلك قدّسنى وطف حوله دائما فقام سيدنا آدم على الفور سائحا على وجه الأرض باحثا عن البيت إلى أن وصل إلى مكة المكرمة وعثر على أساس البيت الحرام فابتدر مع جبريل الأمين الذى نزل إلى الأرض لمعاونته-بتجهيز أساس كعبة الله وتعميقه.
وفى قول آخر، إن جبريل-عليه السلام-حفر حفرة بضربة من جناحه فشوهدت أحجار الأساس التى وضعها الملائكة الكرام فى الحفرة.
وقام سيدنا آدم بتعلية الأساس للبيت الشريف إلى أن ظهر فوق وجه الأرض. واستخدم فى هذا الأحجار التى جلبتها الملائكة الكرام من جبال» لبنان
وطور سيناء وطور زيتا وجودى، وحراء» ثم وضع فوقه البيت المعمور الذى جئ به من الجنة. وقد ضبط» وهب بن منبه
(1)
«الجبال الخمسة المذكورة بحيث تكون جبال: لبنان، وطور سيناء، طور زيتا، أحد، وثبير» ووضع بعض الرواة فيما نقلوا جبل جودى مكان جبل «أحد» وجبل حراء مكان جبل ثبير.
ويروى المؤرخون أن الحجر الأسود نزل أيضا مع البيت المعمور ليكون كرسى أبى البشر عليه السلام.
تفصيل: كتب المؤرخون كلمات كثيرة فى كيفية تكليف سيدنا آدم ببناء البيت وتحديد الصورة التى سيكون عليها بناء بيت العزة وبمعاونة من سيكون تأسيس تلك البقعة السعيدة؟ وكيف حج سيدنا آدم عليه السلام؟
ولما كان هذا الموجز لا يكفى لاستيعاب كل الروايات المنقولة فقد رئى أنه من الصواب نقل وبيان الروايات باختصار، مازجا بين مختلف الروايات.
عندما أمر موجد الكائنات-تنزهت ذاته عن الإدراك والإثبات-ببناء الكعبة المكرمة بواسطة أبى البشر-عليه السلام-خاطبه قائلا: يا آدم ابن لى بيتا تحت العرش، وعليك بالطواف حول البيت الذى أمرتك ببنائه، مثل طواف ملائكة السماء بالعرش الأعظم، وإننى أستجيب لدعاء أولادك وأحفادك المطيعين والمنقادين الذين يتوجهون بالدعاء إلى بجوار هذا البيت الذى لا مثيل له».
وعند ما تأوه سيدنا آدم مظهرا عجزه قائلا: «يا إلهى كيف يمكننى-بمفردى أن أبنى وأؤسس البيت الشريف الذى أمرت ببنائه وأنى لى أن أجد محاذاة العرش الأعلى؟! إن عجزى وعدم قدرتى واضح فى تنفيذ هذا الأمر» .
فأوحى الله-سبحانه وتعالى-له وأمره بالنهوض فورا والذهاب إلى وادى غير ذى زرع. فى مكة المكرمة برفقة ملاك وألهمه بالشكل الذى سيبنى عليه البيت الحرام.
وبناء على ذلك تحرك آدم-عليه السلام-من المكان الذى كان به، وكلما مر بمكان يرى فيه بدائع خلق الله وحسن تنسيقه والأشكال العجيبة كان يبدى رغبته
(1)
كنى وهب بأبى عبد الله الزمارى وتوفى سنة 114 هـ أو 116 منها.
للملك الذى يصاحبه بالبقاء فى هذا المكان ويفصح عما فى نفسه قائلا: «أيها الملك اتركنى هنا» فيتلقى الجواب منه: «المكان الذى أمرنا بالنزول فيه ما زال بعيدا أمامنا» .وفى النهاية، وصلا إلى مكة المكرمة وسارعا بنقل الأحجار من الجبال الخمسة على الوجه المذكور آنفا وقاما ببناء وتأسيس بيت الله قوى الأركان.
وبعد الانتهاء ذهبا إلى عرفات، وأديا مناسك الحج وفقا لشروطه ورجعا.
وفى أثناء عودة آدم-عليه السلام-من عدفات. خرج الملائكة الأرض لاستقباله فى وادى «أبطح»
(1)
وقالوا: «يا آدم: كنا فى انتظار قدومك الموسوم باليمن.
وقد كان لنا فخر الزيارة والحج والطواف بالبيت الشريف قبلك بألقى سنة.
وبعد أن التقى حضرة أبو البشر بالملائكة الذين استقبلوه فى وادى أبطح، ذهب إلى مكة المكرمة، وأدى طواف الوداع بصحبة الملك الذى رافقه، ثم ذهب إلى بلاد الهند، وبعد ذلك اعتاد أن يأتى كل سنة للحج وزيارة كعبة الله.
وقد كتب فى ترجمة الشفاء الشريف أن آدم-عليه السلام-قد حج أربعين مرة سيرا على الأقدام، وكان طول قامته ستين شبرا، وعرض جسمه ستة أذرع أى تسعة أقدام وإحدى عشرة بوصة. ومع ذلك قال مؤلف «زين المجالس» لقد حج سيدنا آدم ثلاثمائة مرة واعتمر ألفى مرة إلى أن قبلت توبته.
هل كان يحج سيدنا آدم راكبا أم ماشيا؟ وجه هذا السؤال إلى ابن عباس رضى الله عنهما فأجاب بقوله «كيف يمكن لحيوان أن يتحمل حضرة أبى البشر عند ركوبه؟! فقد كان يحج ماشيا وكان يقطع فى كل خطوة مسافة مسيرة ثلاثة أيام.
وعند ما صدر الأمر إلى آدم-عليه السلام-بتأسيس بناء الكعبة كان فى بلاد الهند التى تشرفت بموطئ قدميه مناطق عامرة والمكان الذى كان يطأه بقدميه أصبح بعد ذلك قرية، والأماكن التى أقام بها قليلا أقيمت بها مدن صغيرة
(1)
وادى أبطح: اسم مجرى عظيم من مجارى سيول مكة المكرمة، وهذا المجرى واسع جدا، ويقع بين منى. ومكة المكرمة ويتصل بجبل حجون، وحبات رماله كبيرة بعض الشئ ومثل الحصى.