المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الشكل الثامن   ولما لم يكن فى أولاد كعب بن لؤى حتى - موسوعة مرآة الحرمين الشريفين وجزيرة العرب - جـ ١

[أيوب صبري باشا]

فهرس الكتاب

- ‌قصة هذا العمل

- ‌هل كانت كلمة المرآة مقصودة من المؤلف؟وماذا أراد المؤلف باستخدام كلمة المرآة ودلالتها

- ‌أسباب تصنيف الموسوعة:

- ‌أولا:

- ‌ثانيا:

- ‌الكتاب المصنّف:

- ‌سبب إطلاق هذه الأسماء على مكة:

- ‌فالأبواب الشرقية:

- ‌أما الأبواب الجنوبية فهى:

- ‌والأبواب الغربية:

- ‌والأبواب الشمالية:

- ‌وللمسجد الشريف خمسة أبواب هى:

- ‌ أثرب:

- ‌ أرض الله، أرض الهجرة:

- ‌ أكالة البلدان، أكالة القرى:

- ‌ البارة:

- ‌ الجليلة:

- ‌ ذات الحجر:

- ‌ سيدة البلاد:

- ‌ شافية:

- ‌ طيبة وطيّبة:

- ‌ عذراء:

- ‌ فاضحة:

- ‌ مؤمنة:

- ‌1 - أهل المدر:

- ‌2 - أهل الوبر:

- ‌تربية الأطفال

- ‌الزواج وعاداته

- ‌وليمة العرس:

- ‌حفل الختان

- ‌الخيل:

- ‌عناصر مجلد «مرآة جزيرة العرب»:

- ‌مرآة مكة

- ‌الوجهة الأولى

- ‌إفادة مخصوصة:

- ‌الخلاصة:

- ‌بيت الله (الكعبة):

- ‌ الملتزم

- ‌ المستجار

- ‌ الحجر الأسود

- ‌داخل الكعبة:

- ‌حجر إسماعيل:

- ‌ميزاب الكعبة:

- ‌حفرة المعجن:

- ‌الشادروان:

- ‌الستارة الشريفة:

- ‌المطاف الشريف:

- ‌المقام الشريف:

- ‌المنبر اللطيف:

- ‌المقامات الأربعة:

- ‌المقام الحنفى:

- ‌المقام الشافعى:

- ‌المقام الحنبلى:

- ‌المقام المالكى:

- ‌قبة الفراشيين:

- ‌قبة السقاية:

- ‌مسألة:

- ‌البلدة المعظمة مكة المكرمة

- ‌أديان العرب فى الجاهلية

- ‌أسماء مكة الله السامية

- ‌منظومة

- ‌سبب إطلاق هذه الأسماء على الكعبة

- ‌رواية:

- ‌نظم:

- ‌بكة:

- ‌بلد:

- ‌قرية:

- ‌أم القرى:

- ‌البلد:

- ‌أم رحم:

- ‌باسة:

- ‌صلاح:

- ‌ناسة:

- ‌حاطمة:

- ‌رأس:

- ‌كوثى:

- ‌عرش وعريش وعرش:

- ‌قادس، قادسية:

- ‌سبوحة:

- ‌حر‌‌ام:

- ‌ام:

- ‌معطشة:

- ‌برة:

- ‌رتاج:

- ‌رحم وأم الرحمة:

- ‌أم كوثى:

- ‌أمينة:

- ‌أم الصفا:

- ‌مروية:

- ‌متحفة:

- ‌أم المشاعر:

- ‌البلدة المرزوقة:

- ‌رواية:

- ‌حكمة:

- ‌حكاية مليئة بالعبر:

- ‌تهامة:

- ‌الحجاز:

- ‌البلدة الطيبة:

- ‌مدينة الرب:

- ‌عاقر:

- ‌فاران:

- ‌عتيق:

- ‌أسباب تلقيب بيت الله بالألقاب الجميلة

- ‌المشرفة:

- ‌مكرمة:

- ‌مهابة:

- ‌والدة:

- ‌نادرة:

- ‌جامعة:

- ‌المباركة:

- ‌المفخمة:

- ‌ المشرفة

- ‌أعلام قلاع الحرمين الشريفين

- ‌استيلاء طائفة القرامطة المفسدين على مكة المعظمة

- ‌استطراد

- ‌إخطار:

- ‌ الحسينية

- ‌وادى فاطمة

- ‌تنبيه:

- ‌العلاج:

- ‌درجات الحرارة

- ‌إفادة خاصة:

- ‌تنبيه:

- ‌الخوخ:

- ‌المشمش:

- ‌التين:

- ‌السفرجل:

- ‌الكمثرى:

- ‌التفاح:

- ‌البرقوق:

- ‌التمرهندى:

- ‌العنب:

- ‌التمر:

- ‌اللوز:

- ‌الجوز:

- ‌التوت:

- ‌العناب:

- ‌البطيخ والشمام:

- ‌البرتقال:

- ‌‌‌الليمون:

- ‌الليم

- ‌الرمان:

- ‌الموز:

- ‌ الخيار

- ‌العجور:

- ‌الهندباء:

- ‌الخرشوف:

- ‌البامية:

- ‌الكرفس:

- ‌الفاصوليا الخضراء:

- ‌السلق:

- ‌الجزر اليمانى:

- ‌الباذنجان:

- ‌الفاصوليا الجافة والفول الجاف:

- ‌الفجل:

- ‌شبت:

- ‌الثوم:

- ‌الكمون:

- ‌أسباب ظهور الأمراض فى مكة المفخمة

- ‌نصائح لمن يذهبون إلى الحجاز:

- ‌حكاية:

- ‌طواف طائر بالبيت المعظم:

- ‌طواف الجن:

- ‌الصورة الرابعةالتعريف بحدود كعبة الله بالفضائل الجليلة لمكة المكرمة

- ‌نظم

- ‌هناك ثلاث روايات عن مقام إبراهيم

- ‌الرواية الأولى:

- ‌الرواية الثانية:

- ‌الرواية الثالثة:

- ‌النتيجة:

- ‌الحكمة الأولى:

- ‌الحكمة الثانية:

- ‌الحكمة الثالثة:

- ‌الحكمة الرابعة:

- ‌الحكمة الخامسة:

- ‌استطراد

- ‌شعر

- ‌حدود حرم الله ومواقيت كعبة الله المكانية:

- ‌‌‌شعر

- ‌شعر

- ‌أسماء الذين جددوا أميال المواقيت:

- ‌الصورة الخامسةفى توضيح المسائل الهامة الخاصة بإيجار واستئجار بيوت هذه المدينة المفخمةللإقامة فى مدينة مكة المعظمة

- ‌حكاية:

- ‌حكاية أخرى:

- ‌قصة غريبة:

- ‌نظم

- ‌خلاصة مسألة إيجار البيوت:

- ‌الوجهة الثانيةتحتوى على ثلاث عشرة صورة مرتبة تضم أقوال المؤرخين التى ذكرت حولتفاصيل بناء مكة المعظمة وعمارتها، وعن الذين قاموا ببناء هذه البقعة المقدسةالمباركة، وأسباب تجديدها وتعميرها وإنقاص مساحتها وتوسيعها

- ‌الصورة الأولىتعرض الأقوال التى ذكرت فى أوليات بناء الكعبة

- ‌شعر

- ‌الصورة الثانيةفى تفصيل وبيان كيفية بناء الكعبة المعظمة للمرة الأولى

- ‌الصورة الثالثةتوضح صورة بناء الكعبة المعظمة فى المرة الثانية

- ‌أقوال الجمهور فى تعريف البيت المعمور:

- ‌إخطار:

- ‌الصورة الرابعة توضح كيفية تجديد الكعبة المحرمة فى المرة الثالثة

- ‌حكمة:

- ‌ترجمة حال سيدنا الخليل عليه سلام الله الجليل:

- ‌رباعية:

- ‌تفصيل

- ‌قطعة

- ‌استطراد

- ‌بيت

- ‌أبيات

- ‌حكمة

- ‌إخطار:

- ‌صورة هجرة سيدنا إبراهيم إلى مصر:

- ‌إضافة:

- ‌إخطار:

- ‌إخطار:

- ‌أبيات

- ‌سبب سفر خليل الرب الجليل إلى واد غير ذى زرعومكة وطريقة سفره

- ‌استطراد

- ‌إخطار:

- ‌نظم

- ‌تنبيه:

- ‌كيف ظهر بئر زمزم الشريف:

- ‌الغراب الأعصم:

- ‌أسماء زمزم الشريف

- ‌1 - زمزم:

- ‌2 - همزة:

- ‌3 - هزمة جبريل:

- ‌4 - ظبية:

- ‌5 - طيبة:

- ‌6 - برة:

- ‌7 - عصمة:

- ‌8 - مضنونة:

- ‌9 - شباعة العيال:

- ‌10 - عونة:

- ‌11 - سقيا الله إسماعيل:

- ‌12 - بركة:

- ‌13 - سيدة:

- ‌14 - نافعة:

- ‌15 - بشرى:

- ‌16 - صافية:

- ‌17 - معذبة:

- ‌18 - طاهرة:

- ‌1).19 -حرمية:

- ‌20 - مروية:

- ‌21 - سالمة:

- ‌22 - ميمونة:

- ‌23 - مباركة:

- ‌24 - كافية:

- ‌25 - عافية:

- ‌26 - طعام طعم:

- ‌27 - شفاء سقم:

- ‌28 - مؤنسة:

- ‌29 - شراب الأبرار:

- ‌30 - تكتم:

- ‌نظم

- ‌هجرة قبائل الجراهمة وقطورا إلى مكة المكرمة

- ‌زواج سيدنا إسماعيل وذهاب سيدنا إبراهيم إلى مكة لمقابلة ابنه

- ‌نظم

- ‌مسألة:

- ‌كيفية حدوث قصة الذبح الجليلة

- ‌نظم

- ‌نظم

- ‌نظم

- ‌نظم

- ‌قطعة

- ‌حكمة:

- ‌استطراد

- ‌لاحقة:

- ‌تكليف حضرة الخليل ببناء الكعبة المعظمة:

- ‌إخطار:

- ‌قطعة:

- ‌نظم

- ‌نظم

- ‌قطعة

- ‌لائحة فى ذكر كيف قدمت وتشكلت حكومة العمالقة والجراهمة فى مكةالمكرمة

- ‌نظم

- ‌انتقال حكومة مكة إلى يد بنى خزاعة

- ‌القصيدة:

- ‌إخطار:

- ‌الصورة السادسةتوضح كيف تم تجديد البيت العتيق فى المرة الخامسة وكيف نجح العمالقة فىتجديده

- ‌الصورة السابعةتبين طريقة تجديد البيت الأكرم فى المرة السادسة

- ‌الصورة الثامنةفى ذكر طريقة تجديد وبناء كعبة الله فى المرة السابعة

- ‌إخطار:

- ‌انتقال حكومة مكة المكرمة إلى قصى بن كلاب بن مرة:

- ‌استطراد:

- ‌نشأة الإجازة:

- ‌جاهلية العرب:

- ‌الذيل:

- ‌تأسيس مدينة مكة المعظمة المشهورة

- ‌استطراد:

- ‌الحجابة:

- ‌السقاية:

- ‌الآبار الموجودة فى مكة المعظمةقبل ظهور بئر زمزم الشريف

- ‌ طوى

- ‌ بذر

- ‌ سجله

- ‌حفر، سقية، أم أحراد، سنبلة، غمر:

- ‌مسألة:

- ‌لاحقة:

- ‌اللواء:

- ‌الندوة-معناها الاجتماع:

- ‌السفارة:

- ‌النظارة:

- ‌صاحب القبة ومعناه ناصب الخيمة:

- ‌الأزلام:

- ‌طريقة التفاؤل وإجراء القرعة بالأزلام:

- ‌قرعة العرب فى الجاهلية

- ‌لعب القمار فى الجاهلية

- ‌خازن الآلات والأموال:

- ‌رفادة:

- ‌شكل السماط

- ‌القيادة:

- ‌اختلاف قريش:

- ‌مطالعة:

- ‌تعريف الكهانة

- ‌ العرافة

- ‌الزجر والطيرة:

- ‌حكاية:

- ‌الصورة التاسعةفى تفصيل كيفية بناء الكعبة المعظمة للمرة الثامنة

- ‌ فتوى:

- ‌ صورة الفتوى الشريفة:

- ‌إخطار:

- ‌ ظهور حية كبيرة فوق الكعبة:

- ‌صور الأنبياء وقصص مثيرة للعجب والحيرة

- ‌ حكاية:

- ‌‌‌ حكاية:

- ‌ حكاية:

- ‌صورة دخول عبادة الأصنام إلى أرض الحجاز:

- ‌بدء ظهور عبادة الأصنام على وجه الأرض

- ‌الكلمات المسموعة من أصنام أهل مكة

- ‌شعر

- ‌شعر

- ‌ حكمة:

- ‌ الأبيات

- ‌الأبيات التى سمعها وائل من داخل الصنم

- ‌شعر

- ‌ادعاء جمشيد الألوهية

- ‌ظهور طقوس الوثنية بين أحفاد إسماعيل

- ‌أول من اعتنق عبادة الأصنام من بنى إسماعيل:

- ‌إخطار:

- ‌معلومات خاصة بالجن والشياطين

- ‌لننتقل للبحث عن إبليس:

- ‌ حكاية:

- ‌ حكاية:

- ‌ الأبيات

- ‌قصة الفيل العجيبة:

- ‌بلاد الحبشة:

- ‌استطراد:

- ‌معلومات خاصة فى صورة خلقة الفيل وكيفية العناية به:

- ‌فى تعريف رصانة أبنية القليس:

- ‌قصة بيت أصنام بنى بغيض:

- ‌هجوم ملك الروم .. بقصد تخريب كعبة الله القيوم:

- ‌الصورة العاشرةفى تجديد مبانى الكعبة المقدسة للمرة التاسعة

- ‌خطبة ابن الزبير:

- ‌الصورة الحادية عشرةفى تجديد مبانى الكعبة المقدسة للمرة العاشرة

- ‌حادثة غريبة:

- ‌ترجمة حال ابن الزبير:

- ‌مطالعة:

- ‌تعريف مراتب وألقاب الخلافة والسلطنة والمملكة بالإجمال

- ‌حكام أوربا:

- ‌الصورة الثانية عشرةفى ذكر كيفية تعمير أركان بيت الله وتشييده

- ‌حكاية غريبة:

- ‌الصورة الثالثة عشرةتجديد بيت الله للمرة الحادية عشرة

- ‌عين زبيدة:

- ‌إحدى كرامات بيت الله الحرام:

- ‌ الأسباب القهرية التى بينها المهندسون فى تقارير المعاينة

- ‌ردود المعترضين:

- ‌رغبتهم فى عدم تنظيف الحرم الشريف:

- ‌تكليف رضوان باشا بإعادة بناء بيت الله:

- ‌رؤيا غريبة

- ‌حكاية أخرى

- ‌مكافاة رضوان أغا على جهده وإخلاصه

الفصل: الشكل الثامن   ولما لم يكن فى أولاد كعب بن لؤى حتى

الشكل الثامن

ولما لم يكن فى أولاد كعب بن لؤى حتى مجئ ابن كلاب رجلا متبوئا مقعد السلطة لذا جمع قصى بن كلاب كل مناصب الجاهلية: الحجابة-السقاية-اللواء -الندوة-النظارة

(1)

-صاحب القبة-الأزلام-خازن الأموال-الرفادة-القيادة.

وأصبح صاحب المقعد والرياسة والحكم. ولكنه لم يستطع أن ينجح فى تغيير عادات الجاهلية التى تعد بين العرب من الأحكام الدينية، لذا ظلت العادات المذكورة حتى بعثة نور الهدى فى يد آل صفوان وآل عدوان وآل نسئة وآل مرة بن عوف.

‌استطراد:

أهل «نسئة» ،كما ذكر المفسرون العظام بالبحث والتعريف، هم طائفة من عرب الجاهلية احترفوا القتل والسطو واعتادوا الصيد والقنص وحياة القلق.

وحسبما تقضى شرائع إبراهيم وإسماعيل-عليهما السلام-بمنع الحرب والجدال فى شهور رجب وذى القعدة وذى الحجة ومحرم، وكان ترك العادات المألوفة لمدة ثلاثة شهور متصلة أمرا ثقيلا على هذه الطائفة المذكورة فإنهم قالوا: لا طاقة لنا ولا نستطيع الصبر على ترك الحرب والقتال من ذى القعدة إلى صفر بشكل متصل.

أى الجلوس فى الخيام والاستراحة لمدة ثلاثة أشهر متصلة. وأعلنوا وأشاعوا بغير تردد عن ضيقهم من حكم هذه الشريعة الإبراهيمية (على رسولنا وعليه التحيات).

(قلمس بن عبد بن فقيم) الذى ينتسب إلى جماعة قبيلة ينتهى نسبها إلى كنانة، لجأ هذا الرجل إلى طريقة غريبة لكى يبطل ويفسد حكم عدم القتال فى

(1)

وتسمى أيضا ركز القبة.

ص: 295

الشهور المذكورة، إذ ركب ناقة فى موسم الحج السنوى الذى يعلن فيه البدو عن أفكارهم وخاطب أفراد القبائل الموجودة بالقرب منه وهو يريد أن يختبر درجة قوة عقيدة الذين هم على دين إبراهيم وإخلاصهم لها، فقال ما معناه: يا معشر العرب إن إلهكم قد أحل لكم هذه السنة شهر محرم ونقل حرمته إلى شهر صفر، وعلى الفور قامت مجموعة ممن أخذوا برأى قلمس وقوله بالإغارة وقتل قبائل البدو اعتبارا من تلك اللحظة، وعند ما رأى قلمس أن حكمه فى هذا الأمر قد استقبل باستحسان وعرف أن فكره سيروج وقف فى موسم الحج فى السنة التالية خطيبا بينهم وأعلن أن حرمة شهر محرم قد تأجلت بأمر الله إلى شهر صفر، أى أن شهر محرم حلال وأن شهر صفر سيكون حراما بدلا منه واستقبل هذا الأمر عند أفراد جميع القبائل بسرور زائد.

وتصديقا لهذا اعتاد أن يخطب فى كل موسم حج ويؤجل حرمة الشهر الذى يريده إلى شهر آخر.

وبعد قلمس انتقلت هذه العادة السيئة إلى ابنه عبادة وبعد وفاته إلى «قلع بن عبادة» ،ومن بعد أيضا إلى «أمية بن قلع» ومن بعده إلى «عوف بن أميه» وعند ما توفى عوف انتقلت إلى ابنه «أبى ثمامة جنادة بن عوف» وعند ما أشرقت شمس الإسلام وظهرت أشعتها فى الأفق فى زمان أبى ثمامة جاءت الآية الجليلة لتبطل العادة المذكورة وتلغيها.

{إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عاماً لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللهُ فَيُحِلُّوا ما حَرَّمَ اللهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ} (التوبة:37).

واختلف المفسرون فى تحديد اسم الشخص الذى تجرأ وابتدع هذه العادة القبيحة فادعى بعضهم أنه نعيم بن ثعلبة من بنى كنانة، وادعى البعض الآخر أنه جنادة بن عوف وبعضهم ادعى أنه قلمس بن عبد بن فقيم، والذين قالوا إنه قلمس بن عبد بن فقيم يؤيدون ادعاءهم بذكر قول الشاعر:

ص: 296

وفينا ناسئ الشهر قلمس

والقول الأخير مصدق عند الجمهور وجدير بالقبول والشخص المدعو قلمس

(1)

هو الجد الخامس لجنادة بن عوف الذى أدرك عصر النبوة.

ورغم أنه يوجد من يقولون بما ذهب إليه عبد الله بن عباس وأبو هريرة رضى الله عنهما، أن من وضع العادة السيئة بتأخير حرمة شهر إلى شهر آخر، هو عمرو بن لحى بن قمعة بن خندف إلا أن المفسرين اتفقوا على صحة القول الأول ورواة القول الثانى لم يستطيعوا أن يرتقوا بقولهم إلى مرتبة الصحة والتواتر.

وقد نقلنا هذه التفصيلات التاريخية عن أهل السنة من التفسير القيم للإمام فخر الدين الرازى-عليه رحمة الله الهادى-ويقول الإمام الرازى قبل أن ينقل ويروى الأخبار والدراسات المتواترة للمفسرين إن حسابات عرب الجاهلية كانت مرتبة حسب السنة القمرية، ولهذا فإن شهور العرب فى زمن الجاهلية، كانت تعد اعتبارا من رؤية الهلال وقد اعتادوا أداء فريضة الحج فى اليوم العاشر من شهر ذى الحجة اتباعا لسنة سيدنا الخليل. وبهذا الحساب كان موسم الحج لا يتفق مع فصل بعينه كل سنة فكان أيضا يصادف أبرد أيام الشتاء وأحيانا يصادف أكثر أوقات فصل الصيف حرارة ولهذا فإن بعض المتأخرين من زمن الجاهلية لم يكونوا يجرأون على الذهاب أو المجئ إلى مكة المكرمة فى أوقات اشتداد البرودة والحرارة، وكان من يترددون عليها بسبب التجارة لا يتمكنون من البيع والشراء فى هذه الأوقات التى توافق وقت التجارة بسبب قلة عدد الحجاج.

وفى النهاية أحيل الأمر إلى مجلس قومى

(2)

يتكون من ممثل لكل قبيلة لإيجاد حل مناسب لهذا الأمر. وذهبت الهيئة المذكورة إلى أن الشهور المرتبة للسنة القمرية دخل بالمصالح الدنيوية ورأوا حلول موسم الحج فى وقت معتدل ومثمر حيث تزدهر حركة البيع والشراء على الوجه المطلوب ويسهل التردد على الأسواق والملاهى التى تقام عند أطراف مكة وقالوا: فإن أضيف شهر إلى شهور

(1)

اسمه حذيفة وهو ممن اشتركوا فى واقعة أصحاب الفيل.

(2)

إن إمكان إحالة رياسة هذا المجلس إلى قلمس بن عبد بن فقيم بعيد الاحتمال لذا لا يوجد بين أقوال المفسرين وبين رواية الإمام الرازى.

ص: 297

هذه السنة نسأ أفراد القبائل شهرا. وأنه إذا روعيت هذه الأصول مرة كل ثلاث سنوات، فإن موسم الحج سيأتى فى كل سنة فى فصل ثم واحد من المحاصيل وبناء عليه يأتى الناس بمحاصيلهم فيكون حجا وزيارة وفى الوقت نفسه تجارة ورتبوا الشهور وفقا للسنة الشمسية ولأن السنة الشمسية تفترق قليلا عن السنة القمرية، احتاجوا إلى إضافة أيام فجمعوا الفروق التى تحدث بينهما وأضافوا شهرا إلى بعض السنوات واعتبروا أن شهور تلك السنوات ثلاثة عشر شهرا.

وبعد هذا الترتيب صادف الحج فى بعض السنوات بشهر ذى الحجة ونقل من شهر إلى آخر.

وظهر نتيجة هذا النقل أمران هما زيادة شهر على بعض السنوات من فائض الأيام التى تنتج عن تجميع أيام السنة الكبيسة وتأخير شهر حرام إلى شهر آخر ولأن العبادات المرتبطة بالسنة القمرية تخل بالمصالح الدنيوية على زعمهم، تركوا حساب السنة القمرية وربطوا عباداتهم بحساب السنة الشمسية وأخروا ونقلوا شهرا حراما إلى أشهر أخر.

والواقع رغم أنه قد تبدو فائدة دنيوية فى تركهم هذا إلا أن الله-تعالى-قد أمر باتباع حساب الشهور القمرية منذ عهد إبراهيم وإسماعيل-عليهما السلام عهد الهداية.

وبينما الحال يجرى على هذا الوضع ترك أهل الجاهلية الأمر الإلهى باتباع حساب السنة القمرية من أجل أن يحققوا حسن سير المصالح الدنيوية، وأخذوا بترتيب السنة الشمسية ونتيجة لحدوث هذا الترتيب بدئ فى تأدية الحج فى شهور غير الأشهر الحرم وكانت هذه الجرأة الجاهلية سببا فى إمعانهم فى الكفر، لأن الله-سبحانه وتعالى-كان قد حدد حجهم فى الأشهر الحرم وحدها وإنهم فضلوا مصالحهم الدنيوية على التعليمات الدينية، إذ اتبعوا العمل بالسنة الشمسية وحجوا فى غير شهور الحج بوجود أيام كبيسة فى السنة الشمسية وتجرّأوا على القول لحمل أتباعهم على قبول فكرتهم والعمل بحسابهم وليس باتباع حساب الشهور القمرية.

ص: 298