المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ظهور حية كبيرة فوق الكعبة: - موسوعة مرآة الحرمين الشريفين وجزيرة العرب - جـ ١

[أيوب صبري باشا]

فهرس الكتاب

- ‌قصة هذا العمل

- ‌هل كانت كلمة المرآة مقصودة من المؤلف؟وماذا أراد المؤلف باستخدام كلمة المرآة ودلالتها

- ‌أسباب تصنيف الموسوعة:

- ‌أولا:

- ‌ثانيا:

- ‌الكتاب المصنّف:

- ‌سبب إطلاق هذه الأسماء على مكة:

- ‌فالأبواب الشرقية:

- ‌أما الأبواب الجنوبية فهى:

- ‌والأبواب الغربية:

- ‌والأبواب الشمالية:

- ‌وللمسجد الشريف خمسة أبواب هى:

- ‌ أثرب:

- ‌ أرض الله، أرض الهجرة:

- ‌ أكالة البلدان، أكالة القرى:

- ‌ البارة:

- ‌ الجليلة:

- ‌ ذات الحجر:

- ‌ سيدة البلاد:

- ‌ شافية:

- ‌ طيبة وطيّبة:

- ‌ عذراء:

- ‌ فاضحة:

- ‌ مؤمنة:

- ‌1 - أهل المدر:

- ‌2 - أهل الوبر:

- ‌تربية الأطفال

- ‌الزواج وعاداته

- ‌وليمة العرس:

- ‌حفل الختان

- ‌الخيل:

- ‌عناصر مجلد «مرآة جزيرة العرب»:

- ‌مرآة مكة

- ‌الوجهة الأولى

- ‌إفادة مخصوصة:

- ‌الخلاصة:

- ‌بيت الله (الكعبة):

- ‌ الملتزم

- ‌ المستجار

- ‌ الحجر الأسود

- ‌داخل الكعبة:

- ‌حجر إسماعيل:

- ‌ميزاب الكعبة:

- ‌حفرة المعجن:

- ‌الشادروان:

- ‌الستارة الشريفة:

- ‌المطاف الشريف:

- ‌المقام الشريف:

- ‌المنبر اللطيف:

- ‌المقامات الأربعة:

- ‌المقام الحنفى:

- ‌المقام الشافعى:

- ‌المقام الحنبلى:

- ‌المقام المالكى:

- ‌قبة الفراشيين:

- ‌قبة السقاية:

- ‌مسألة:

- ‌البلدة المعظمة مكة المكرمة

- ‌أديان العرب فى الجاهلية

- ‌أسماء مكة الله السامية

- ‌منظومة

- ‌سبب إطلاق هذه الأسماء على الكعبة

- ‌رواية:

- ‌نظم:

- ‌بكة:

- ‌بلد:

- ‌قرية:

- ‌أم القرى:

- ‌البلد:

- ‌أم رحم:

- ‌باسة:

- ‌صلاح:

- ‌ناسة:

- ‌حاطمة:

- ‌رأس:

- ‌كوثى:

- ‌عرش وعريش وعرش:

- ‌قادس، قادسية:

- ‌سبوحة:

- ‌حر‌‌ام:

- ‌ام:

- ‌معطشة:

- ‌برة:

- ‌رتاج:

- ‌رحم وأم الرحمة:

- ‌أم كوثى:

- ‌أمينة:

- ‌أم الصفا:

- ‌مروية:

- ‌متحفة:

- ‌أم المشاعر:

- ‌البلدة المرزوقة:

- ‌رواية:

- ‌حكمة:

- ‌حكاية مليئة بالعبر:

- ‌تهامة:

- ‌الحجاز:

- ‌البلدة الطيبة:

- ‌مدينة الرب:

- ‌عاقر:

- ‌فاران:

- ‌عتيق:

- ‌أسباب تلقيب بيت الله بالألقاب الجميلة

- ‌المشرفة:

- ‌مكرمة:

- ‌مهابة:

- ‌والدة:

- ‌نادرة:

- ‌جامعة:

- ‌المباركة:

- ‌المفخمة:

- ‌ المشرفة

- ‌أعلام قلاع الحرمين الشريفين

- ‌استيلاء طائفة القرامطة المفسدين على مكة المعظمة

- ‌استطراد

- ‌إخطار:

- ‌ الحسينية

- ‌وادى فاطمة

- ‌تنبيه:

- ‌العلاج:

- ‌درجات الحرارة

- ‌إفادة خاصة:

- ‌تنبيه:

- ‌الخوخ:

- ‌المشمش:

- ‌التين:

- ‌السفرجل:

- ‌الكمثرى:

- ‌التفاح:

- ‌البرقوق:

- ‌التمرهندى:

- ‌العنب:

- ‌التمر:

- ‌اللوز:

- ‌الجوز:

- ‌التوت:

- ‌العناب:

- ‌البطيخ والشمام:

- ‌البرتقال:

- ‌‌‌الليمون:

- ‌الليم

- ‌الرمان:

- ‌الموز:

- ‌ الخيار

- ‌العجور:

- ‌الهندباء:

- ‌الخرشوف:

- ‌البامية:

- ‌الكرفس:

- ‌الفاصوليا الخضراء:

- ‌السلق:

- ‌الجزر اليمانى:

- ‌الباذنجان:

- ‌الفاصوليا الجافة والفول الجاف:

- ‌الفجل:

- ‌شبت:

- ‌الثوم:

- ‌الكمون:

- ‌أسباب ظهور الأمراض فى مكة المفخمة

- ‌نصائح لمن يذهبون إلى الحجاز:

- ‌حكاية:

- ‌طواف طائر بالبيت المعظم:

- ‌طواف الجن:

- ‌الصورة الرابعةالتعريف بحدود كعبة الله بالفضائل الجليلة لمكة المكرمة

- ‌نظم

- ‌هناك ثلاث روايات عن مقام إبراهيم

- ‌الرواية الأولى:

- ‌الرواية الثانية:

- ‌الرواية الثالثة:

- ‌النتيجة:

- ‌الحكمة الأولى:

- ‌الحكمة الثانية:

- ‌الحكمة الثالثة:

- ‌الحكمة الرابعة:

- ‌الحكمة الخامسة:

- ‌استطراد

- ‌شعر

- ‌حدود حرم الله ومواقيت كعبة الله المكانية:

- ‌‌‌شعر

- ‌شعر

- ‌أسماء الذين جددوا أميال المواقيت:

- ‌الصورة الخامسةفى توضيح المسائل الهامة الخاصة بإيجار واستئجار بيوت هذه المدينة المفخمةللإقامة فى مدينة مكة المعظمة

- ‌حكاية:

- ‌حكاية أخرى:

- ‌قصة غريبة:

- ‌نظم

- ‌خلاصة مسألة إيجار البيوت:

- ‌الوجهة الثانيةتحتوى على ثلاث عشرة صورة مرتبة تضم أقوال المؤرخين التى ذكرت حولتفاصيل بناء مكة المعظمة وعمارتها، وعن الذين قاموا ببناء هذه البقعة المقدسةالمباركة، وأسباب تجديدها وتعميرها وإنقاص مساحتها وتوسيعها

- ‌الصورة الأولىتعرض الأقوال التى ذكرت فى أوليات بناء الكعبة

- ‌شعر

- ‌الصورة الثانيةفى تفصيل وبيان كيفية بناء الكعبة المعظمة للمرة الأولى

- ‌الصورة الثالثةتوضح صورة بناء الكعبة المعظمة فى المرة الثانية

- ‌أقوال الجمهور فى تعريف البيت المعمور:

- ‌إخطار:

- ‌الصورة الرابعة توضح كيفية تجديد الكعبة المحرمة فى المرة الثالثة

- ‌حكمة:

- ‌ترجمة حال سيدنا الخليل عليه سلام الله الجليل:

- ‌رباعية:

- ‌تفصيل

- ‌قطعة

- ‌استطراد

- ‌بيت

- ‌أبيات

- ‌حكمة

- ‌إخطار:

- ‌صورة هجرة سيدنا إبراهيم إلى مصر:

- ‌إضافة:

- ‌إخطار:

- ‌إخطار:

- ‌أبيات

- ‌سبب سفر خليل الرب الجليل إلى واد غير ذى زرعومكة وطريقة سفره

- ‌استطراد

- ‌إخطار:

- ‌نظم

- ‌تنبيه:

- ‌كيف ظهر بئر زمزم الشريف:

- ‌الغراب الأعصم:

- ‌أسماء زمزم الشريف

- ‌1 - زمزم:

- ‌2 - همزة:

- ‌3 - هزمة جبريل:

- ‌4 - ظبية:

- ‌5 - طيبة:

- ‌6 - برة:

- ‌7 - عصمة:

- ‌8 - مضنونة:

- ‌9 - شباعة العيال:

- ‌10 - عونة:

- ‌11 - سقيا الله إسماعيل:

- ‌12 - بركة:

- ‌13 - سيدة:

- ‌14 - نافعة:

- ‌15 - بشرى:

- ‌16 - صافية:

- ‌17 - معذبة:

- ‌18 - طاهرة:

- ‌1).19 -حرمية:

- ‌20 - مروية:

- ‌21 - سالمة:

- ‌22 - ميمونة:

- ‌23 - مباركة:

- ‌24 - كافية:

- ‌25 - عافية:

- ‌26 - طعام طعم:

- ‌27 - شفاء سقم:

- ‌28 - مؤنسة:

- ‌29 - شراب الأبرار:

- ‌30 - تكتم:

- ‌نظم

- ‌هجرة قبائل الجراهمة وقطورا إلى مكة المكرمة

- ‌زواج سيدنا إسماعيل وذهاب سيدنا إبراهيم إلى مكة لمقابلة ابنه

- ‌نظم

- ‌مسألة:

- ‌كيفية حدوث قصة الذبح الجليلة

- ‌نظم

- ‌نظم

- ‌نظم

- ‌نظم

- ‌قطعة

- ‌حكمة:

- ‌استطراد

- ‌لاحقة:

- ‌تكليف حضرة الخليل ببناء الكعبة المعظمة:

- ‌إخطار:

- ‌قطعة:

- ‌نظم

- ‌نظم

- ‌قطعة

- ‌لائحة فى ذكر كيف قدمت وتشكلت حكومة العمالقة والجراهمة فى مكةالمكرمة

- ‌نظم

- ‌انتقال حكومة مكة إلى يد بنى خزاعة

- ‌القصيدة:

- ‌إخطار:

- ‌الصورة السادسةتوضح كيف تم تجديد البيت العتيق فى المرة الخامسة وكيف نجح العمالقة فىتجديده

- ‌الصورة السابعةتبين طريقة تجديد البيت الأكرم فى المرة السادسة

- ‌الصورة الثامنةفى ذكر طريقة تجديد وبناء كعبة الله فى المرة السابعة

- ‌إخطار:

- ‌انتقال حكومة مكة المكرمة إلى قصى بن كلاب بن مرة:

- ‌استطراد:

- ‌نشأة الإجازة:

- ‌جاهلية العرب:

- ‌الذيل:

- ‌تأسيس مدينة مكة المعظمة المشهورة

- ‌استطراد:

- ‌الحجابة:

- ‌السقاية:

- ‌الآبار الموجودة فى مكة المعظمةقبل ظهور بئر زمزم الشريف

- ‌ طوى

- ‌ بذر

- ‌ سجله

- ‌حفر، سقية، أم أحراد، سنبلة، غمر:

- ‌مسألة:

- ‌لاحقة:

- ‌اللواء:

- ‌الندوة-معناها الاجتماع:

- ‌السفارة:

- ‌النظارة:

- ‌صاحب القبة ومعناه ناصب الخيمة:

- ‌الأزلام:

- ‌طريقة التفاؤل وإجراء القرعة بالأزلام:

- ‌قرعة العرب فى الجاهلية

- ‌لعب القمار فى الجاهلية

- ‌خازن الآلات والأموال:

- ‌رفادة:

- ‌شكل السماط

- ‌القيادة:

- ‌اختلاف قريش:

- ‌مطالعة:

- ‌تعريف الكهانة

- ‌ العرافة

- ‌الزجر والطيرة:

- ‌حكاية:

- ‌الصورة التاسعةفى تفصيل كيفية بناء الكعبة المعظمة للمرة الثامنة

- ‌ فتوى:

- ‌ صورة الفتوى الشريفة:

- ‌إخطار:

- ‌ ظهور حية كبيرة فوق الكعبة:

- ‌صور الأنبياء وقصص مثيرة للعجب والحيرة

- ‌ حكاية:

- ‌‌‌ حكاية:

- ‌ حكاية:

- ‌صورة دخول عبادة الأصنام إلى أرض الحجاز:

- ‌بدء ظهور عبادة الأصنام على وجه الأرض

- ‌الكلمات المسموعة من أصنام أهل مكة

- ‌شعر

- ‌شعر

- ‌ حكمة:

- ‌ الأبيات

- ‌الأبيات التى سمعها وائل من داخل الصنم

- ‌شعر

- ‌ادعاء جمشيد الألوهية

- ‌ظهور طقوس الوثنية بين أحفاد إسماعيل

- ‌أول من اعتنق عبادة الأصنام من بنى إسماعيل:

- ‌إخطار:

- ‌معلومات خاصة بالجن والشياطين

- ‌لننتقل للبحث عن إبليس:

- ‌ حكاية:

- ‌ حكاية:

- ‌ الأبيات

- ‌قصة الفيل العجيبة:

- ‌بلاد الحبشة:

- ‌استطراد:

- ‌معلومات خاصة فى صورة خلقة الفيل وكيفية العناية به:

- ‌فى تعريف رصانة أبنية القليس:

- ‌قصة بيت أصنام بنى بغيض:

- ‌هجوم ملك الروم .. بقصد تخريب كعبة الله القيوم:

- ‌الصورة العاشرةفى تجديد مبانى الكعبة المقدسة للمرة التاسعة

- ‌خطبة ابن الزبير:

- ‌الصورة الحادية عشرةفى تجديد مبانى الكعبة المقدسة للمرة العاشرة

- ‌حادثة غريبة:

- ‌ترجمة حال ابن الزبير:

- ‌مطالعة:

- ‌تعريف مراتب وألقاب الخلافة والسلطنة والمملكة بالإجمال

- ‌حكام أوربا:

- ‌الصورة الثانية عشرةفى ذكر كيفية تعمير أركان بيت الله وتشييده

- ‌حكاية غريبة:

- ‌الصورة الثالثة عشرةتجديد بيت الله للمرة الحادية عشرة

- ‌عين زبيدة:

- ‌إحدى كرامات بيت الله الحرام:

- ‌ الأسباب القهرية التى بينها المهندسون فى تقارير المعاينة

- ‌ردود المعترضين:

- ‌رغبتهم فى عدم تنظيف الحرم الشريف:

- ‌تكليف رضوان باشا بإعادة بناء بيت الله:

- ‌رؤيا غريبة

- ‌حكاية أخرى

- ‌مكافاة رضوان أغا على جهده وإخلاصه

الفصل: ‌ ظهور حية كبيرة فوق الكعبة:

وبناء على الحكمة القائلة «إذا أراد الله شيئا هيأ أسبابه» فالسفينة قد تعرضت لعاصفة شديدة وجنحت على اليابسة فى مياه جدة وهكذا وقعت فى يد العربان لتكون سببا فى عمارة كعبة الله.

ولما وصل الربان المذكور إلى مكة المكرمة تفقد مع نجار من أصل قبطى كلفته قريش بمصاحبته فى بناء الكعبة المعظمة، وابتدئ فى هدم بناء البيت الشريف حتى يستطيع أن يسقفه وتخلى الأهالى عن فكرتهم فى عدم السماح بهدم البيت.

-‌

‌ ظهور حية كبيرة فوق الكعبة:

من الأحداث الغريبة أن حية عظيمة الجثة صعدت فوق مخزن الهدايا الذى حفره سيدنا إبراهيم، وكانت الحية تصعد فوق جدران كعبة الله وتظل هناك منحنية الرأس للشمس، والذين يرون هذه الحية يخافون من شكلها المرعب ويعتقدون أنها من حراس البيت.

وكان جسم الحية لامعا متلألأ ترسل أشعة إلى الأطراف كألسنة النار، وكانت تخيف من يحاول الاقتراب منها بفتح فمها المخيف وإخراج أصوات مفزعة.

وكانت الحية بيضاء الجسم وكان رأسها فى حجم جدى وزيلها أسود كسواد الغراب وكانت كبيرة الحجم مهيبة المنظر، وكانت تمنع الخونة والمتسلطين عند الاقتراب من الكعبة المعظمة.

وفى يوم من الأيام حينما كانت الحية فوق جدران الكعبة كعادتها ظهر طائر جسمه أكبر من العقاب، وانقض على هذه الحية الضخمة وأخذها بين براثنه وطار بها إلى ناحية الشرق وتركها فوق جبل «حجون» .

والمؤرخون الذين قصوا سبب ظهور هذه الحية قالوا: إن المخزن الذى حفره إبراهيم-عليه السلام-وسماه (أخسف) ليحفظ فيها الهدايا التى قد ترد من أنحاء مختلفة لبيت الله الأعظم لم يكن للكعبة فى ذلك الوقت سقف وكانوا يقدمون الهدايا إلى كعبة الله من الذهب والمجوهرات المرصعة وأشياء قيمة وكانت هذه طريقتهم فى التقرب من الله وإظهار الود لإبراهيم عليه السلام.

ص: 333

وبعد مضى الوقت امتلأ المخزن وجوف الكعبة المنير بالهدايا مما دفع بعض السفلة من الناس إلى مد يدهم لسرقة أشياء من هدايا الكعبة عند ما كانت تسنح لهم الفرصة وعند ما ضبط بعضهم متلبسين بالسرقة قطعت أيديهم ليكونوا عبرة للآخرين. وسقط بعضهم وهلكوا وهم يمدون أيديهم ليسرقوا الأشياء المحفوظة.

بينما ضل أقوام الجراهمة فى مكة المعظمة ورفضوا الاستماع إلى نصائح «مضاض بن عمرو بن الحارث بن مضاض» مقتدين بشقى يسمى «مجدع» اتبع أحد التعساء إغواء نفسه ونزل فى داخل الخزانة المذكورة ليسرق الأشياء المحفوظة فيها ولحكمة ما انهارت جهات الخزينة الأربعة فجأة وهلك الشقى تحت الأنقاض.

وفى رواية أخرى أن الشخص الذى دخل كعبة الله كان معه أربعة من رفقائه وأن كل واحد منهم وقف فى ركن من أركان البيت المحترم وحملوه على أكتافهم وأنزلوه فى داخل كعبة الله وكان غرضهم أن يسرقوا الأشياء الثمينة التى فى داخل الكعبة، بأن يناول كل واحد منهم الآخر الأشياء المسروقة إلا أن الشخص الذى رفع إلى أعلى جدران الكعبة زلقت رجله ووقع على أرض المطاف ومات، أما رفقاؤه فهربوا حتى لا يقعوا فى أيدى السلطة.

وبناء على ذلك خلقت تلك الحية التى سبق ذكرها وظلت تحرس وتحفظ خزينة كعبة الله ما يقرب من خمسمائة سنة وكانت تتراءى فوق جدران الكعبة كما سبق توضيحه وتثير الخوف والدهشة فى الأطراف.

وحينما رأى أهل مكة هلاك الحية بهذه الصورة اعتبروا هذا إيذانا من قبل الله بعمارة الكعبة وسروا بذلك وابتدروا فى هدم بنائها.

وبينما كان القرشيون مشغولين بهدم الجدران ضرب أبو وهب عمرو بن عائذ بن مخزوم-خال والد مجدد بنيان الشريعة رصينة الأركان عليه أقوى التحية- على حجارة بفأسه وأخذ قطعة منها.

إلا أن تلك القطعة طارت من يد عائذ وعادت إلى مكانها القديم، وقال عائذ لعظماء قبيلته وقد اهتز وخاف من وثوب قطعة الحجر طائرة من يده إلى مكانها

ص: 334

القديم قائلا: يا معشر قريش يجب أن نتجنب إعمار البيت من مال الربا والفواحش والأموال المشكوك فيها والتى جمعت بالظلم ويجب أن نحرص فى بناء بيت الله على إنفاق المال الحلال.

وأراد بهذا أن يبين لأهل مكة أن إعمار بيت الله يجب أن يتم بالمال الحلال، وبناء على هذا جمع أهل مكة للمرة الثانية ما استطاعوا جمعه من المال الحلال، وسلموه إلى اللجنة التى تشكلت للاهتمام ببناء وتجديد بيت الله.

ولكن مع هذا لم يكونوا واثقين من مدى حلّيّة النقود التى جمعوها أول مرة والتى أنفقت فى سبيل تجديد بيت الله، لذا خافوا من نزول المصيبة بهم إذا شرعوا فى هدم بيت الله وترددوا كثيرا، وفى النهاية خاطبهم وليد بن المغيرة قائلا: يا قبائل قريش إذا كنتم فعلا تنوون إصلاح كعبة الله فالله لا يهلك المصلحين. ثم أخذ فأسا وأخذ يهدم بمفرده جدران بيت الله. ومع ذلك لم يتجرأ أحد من قريش على المشاركة فى هدم البيت وظلوا ينتظرون ما سوف يحل وليد، ولما رأوا أن وليد قد نجا من أى ضرر اتفقوا جميعا على هدم البناء وفى ختام الهدم اقتسموا بناء البيت، بناء على رأى عائذ وتعهد بنو عبد مناف مع بنى زهرة ببناء الجهة التى يوجد فيها باب الكعبة العالى كما تعهد بنو مخزوم وبنو تميم وبعض القرشيين ببناء ما بين الركنين الشرقى واليمانى

(1)

وبنو عبد الدار بن قصى وبنو أسد ابن عبد العزى بن قصى وبنو عدى بن كعب بن لؤى الجهة التى فيها الميزاب الذهبى، وبنو جمح مع بني سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤى جهة ظهر الكعبة، وشغل بعضهم بنقل الحجارة من جبل الكعبة

(2)

وحرص الآخرون على هدم البناء.

ولما هدموا جدران البناء المقدس بحثا عن الأساس الإبراهيمى ظهر حجر

(1)

قد بنى هذا الركن غلام سعيد بن العاص الذى يسمى باقوم، ولما كان المذكور من أقباط اليمن المهرة فى فن العمارة لذا أطلق على هذا الركن الركن اليمانى.

(2)

جبل الكعبة فى حي الشبيكة بقرب مدفن الشيخ محمود بن إبراهيم بن أدهم، وفى مكان مقابل لجبل أجياد. وكلما يقتضى الأمر تعمير كعبة الله وترميمها تؤخذ الحجارة اللازمة لها من هذا الجبل.

ص: 335

أخضر كعلامة

(1)

للأساس القديم، ولما أرادوا أن ينتزعوا ذلك الحجر الأخضر برقت نار عظيمة

(2)

هزت أرض مكة، فخافوا من تعميق الأساس أكثر من ذلك، وبنوا أسس الجدران فوق ذلك الحجر الأخضر، ووجدوا تحت الحجر الأسود الكائن فى الركن الشرقى ورقة كتب عليها باللغة السريانية، وبحثوا عن واحد من طائفة اليهود ليقرأها.

وكان مفاد تلك الورقة الآتى:

أنا الله ذو بكة خلقتها يوم خلقت السموات والأرض، وصورت الشمس والقمر وحفظتها

(3)

بسبعة أفلاك

(4)

حنفاء لا تزول حتى يزول أخشباها مبارك لأهلها فى الماء واللبن.

يقول البعض أن ورقة أخرى وجدت فى مقام إبراهيم وقد كتبت عليها الآية الكريمة: {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ} (البقرة:197).

والعبارة البديعة الآتية: مكة بيت الله الحرام، يأتيها رزقها من ثلاثة سبل، لا يحل لها رجل من أهلها.

وأيد هذا المعنى الشامل ما قاله النبى-صلى الله عليه وسلم-فى يوم فتح مكة بما أن الله- سبحانه وتعالى-حرم مكة المكرمة فلا يجوز لأحد من قبلى ولا من بعدى أن يحلها إلا أنها قد أحلت لى ساعة من نهار.

ولما ارتفعت جدران كعبة الله من جوانبها الأربعة وحان وقت وضع الحجر الأسود فى مكانه ظهر نزاع شديد بين القبائل، وصاح أفراد كل قبيلة قائلين نحن سنضع الحجر الأسود فى مكانه، وأخذ النزاع صورا مختلفة من الحوار والمناقشة

(1)

أن الحجارة التى أسس بها إبراهيم-عليه السلام-الكعبة خضراء اللون مثل الزمرد ولمعته وفى شكل وحجم سنام الجمل.

(2)

إن هذه الشعلة قد برقت من تحت الحجر الأخضر المسمى حجر إسماعيل، وقد اهتزت من شدة اشتعالها جميع بيوت مكة المكرمة.

(3)

كتب فى نسخة أخرى «حففتها» .

(4)

سقطت كلمة أفلاك فى نسخة أخرى.

ص: 336

والمشاجرة حتى أطلق على قبائل (بنى عبد الدار، بنى عدى، بنى مخزوم، بنى سهم، بنى جمح) لقب لعقة الدم.

واستمر الخصام بين القبائل فى هذه المشكلة خمسة أيام، ولكن أبا أمية بن المغيرة

(1)

وكان أكبر المعمرين فى قريش كلها ومن حكماء قومه، جمع عقلاء القبائل واقترح عليهم بأن يحكموا فى هذا الموضوع أول الداخلين من باب الصفا وعلى قول من باب بنى شيبة، فى وقت محدد يعينونه ووافق على هذا الاقتراح عقلاء القبائل.

وقد حاز هذا الاقتراح حسن القبول لدى القبائل الأخرى أيضا، وحدد الميعاد وجلس القوم وعيونهم صوب الباب ينتظرون، وكان أول من دخل فخر العالم وسبب راحة الأمم صلى الله عليه وسلم.

وفرح المترصدون بقدوم سلطان الرسل الموسوم باليمن ورطبوا ألسنتهم بذكره إذ قالوا هذا محمد الأمين رضينا به ثم قالوا له: إننا أقسمنا على أن يكون أول الداخلين حكما لفض النزاع بين القبائل، وبما أنك كنت أول الداخلين سنقبل رأيك الخاص لحل هذا الخلاف. وبهذه الطريقة نقلوا للذات النبوية العالية خلاصة ما حدث بين القبائل.

وبما أن الرسول-صلى الله عليه وسلم-كان معروفا بين القبائل بالصدق والاستقامة كانت قريش تحيل إليه حل ما عجزوا عن حله من القضايا.

ولما استقر منشأ النزاع فى ضمير النبى-صلى الله عليه وسلم-وفهمه جيدا وضع الحجر الأسود فى داخل ثوب

(2)

وجعل رؤساء القبائل الأربع العظيمة يمسك كلا ركنا من أركانه وهم:

عتبة بن ربيعة، زمعة أبو حذيفة بن المغيرة، وقيس ابن عدى ثم حمل الحجر

(1)

وكان أبو أمية مشهورا بين قومه بفرط الكرم والجود حتى أنه كان يكفى زاد أصحابه فى الرحلات، لذا أطلق عليه لقب زاد الركب.

(2)

يروى عن ثقة أن هذا الثوب كان جبة الرسول صلى الله عليه وسلم.

ص: 337