الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصحابة الكرام قد كبروا عند ولادة عبد الله، وفي يوم وفاته أظهر أعداؤه ذوي الخاتمة السوداء فرحهم وسرورهم مكبرين.
وقد أظهر عبد الله بن عمر عجبه وقال مشيرا إلى جند الشام: إنني أتعجب من هؤلاء الناس. إذ يكبرون فرحين مسرورين من فم واحد بمقتل عبد الله بن الزبير، بينما كان الصحابة الكرام قد كبروا وهللوا فرحين بولادته.
إن تعجب عبد الله بن عمر في مكانه، لأن عبد الله بن الزبير كان قد ولد بعد الهجرة النبوية بعشرين شهرا، وكان اليهود يقولون: إننا قد سحرنا المسلمين فإنهم لن ينجبوا ذكورا بعد الآن، وكان هدفهم من هذا تصديع صف المسلمين وإيذاءهم، فلما ولد عبد الله بن الزبير فرح المهاجرون والأنصار-رضي الله عنهم -واحتفلوا بولادته أيما احتفال وهكذا خاب اليهود وانزعجوا.
استدعى الحجاج عقب استشهاد عبد الله بن الزبير أمه ذات النطاقين، ولما لم تذهب إليه زارها في بيتها وقال لها: كيف وجدتني وقد قتلت ابنك عبد الله؟! قالت له: «إنك قد أفسدت لابني دنياه وأفسدت لنفسك آخرتك. وكان الرسول الأكرم-صلى الله عليه وسلم-قد أخبرنا بظهور كذاب ومهلك في بني ثقيف، وقد عرفنا الكذاب وهو المختار الثقفي أما المهلك فهو أنت» .
ترجمة حال ابن الزبير:
عبد الله بن الزبير
(1)
هو حفيد العوام أخو السيدة «خديجة بنت خويلد» رضي الله عنها-زوج النبى-صلى الله عليه وسلم-أم المسلمين، وابن «أسماء بنت أبي بكر» الصديق-رضي الله عنه-هو وأبوه من زمرة صحابة الرسول-صلى الله عليه وسلم-السعداء وعند ما ولد افتتح حياته بريق النبي-صلى الله عليه وسلم-الذي يبعث الحياة وسمي باسم عبد الله المبارك الذي يشرف الناس.
وكان طيلة عمره حريصا على إحياء لياليه بالعبادة، وكان متصفا بالزهد والتقوى والعفة والشجاعة وعزة النفس والشهامة، وكان قد قسم ليالي عمره إلى ثلاثة أقسام: إذ حصر ليلة من لياليه للقيام والأخرى للركوع والثالثة للسجود.
(1)
انظر ترجمته في الإصابة 69/ 4 - 71، المعارف (224 - 226)، تاريخ الطبرى 174/ 6،622/ 5 - 187،175 - 193،وغيرها ..
وقال ابن أبي مليكة يصف صلابة عبد الله بن الزبير في دينه:-بينما كان عبد الله بن الزبير يؤدي الصلاة-في يوم من أيام المحاصرة إذ مر حجر من بين لحيته المباركة وصدره إلا أنه لم يستمر فقط في صلاته ولكنه لم يتأثر أدنى تأثر في مراعاة التعديل في ركوعه وسجوده في خشوع وخضوع، وأدى صلاته دون أن يستعجل كما كان يؤديها في الأوقات العادية. ثم استمر في قوله قائلا: إنني أقسم بما أن جلد ابن الزبير اختلط بلحمه، كما أن لحمه امتزج بأعصابه، وأن أعصابه قد تألفت بعظامه كان قوي البنية، كما أن نفسه وروحه بين جنبيه اختلطتا بأعضاء جسمه فكان قوي القلب، وخلاصة القول إنه كان شخصا نادر المثال في الشجاعة وقد روى عن النبي-صلى الله عليه وسلم-اثنين وثلاثين حديثا ونال شرف أن يكون رديف النبي-صلى الله عليه وسلم-في مطيته.
قد طهر الحجاج القذر ساحة المسجد الحرام ذات الفيوضات الإلهية-بعد ما قتل عبد الله بن الزبير-من الحجارة التي ألقاها ومن الدماء التى أسالها، وكتب إلى عبد الملك يخبره أن عبد الله بن الزبير قد بنى الكعبة مغايرا لبناء قريش، وفضلا عن ذلك فتح بابا زائدا في الجهة الغربية من الكعبة.
ومن هنا وجب علينا أن نغير أساس البقعة المقدسة. وقد تلقى ردا من عبد الملك
(1)
وبناء على تعليماته قد هدم الجدار الموجود في الناحية الشامية، وترك في ناحية حجر إسماعيل ما مقداره ستة أذرع إلى تسعة أقدام وإحدي عشرة بوصة خارج البيت، وسد الباب الموجود في الجهة الغربية وجدد الجدار الذي هدمه في الجهة الشامية وفق ما بنته قريش. إن المكان الذي تركه الحجاج خارج البيت هو ما يطلق عليه اليوم حجر إسماعيل، وكانت قريش تترك حجر إسماعيل خارج البيت لأنهم كانوا يعانون من أزمة مالية في ذلك الوقت إلا أنهم كانوا قد بنوا حوله جدارا مستديرا
(2)
في ارتفاع ذراعين أي قدمان وعشر بوصات.
وقد أراد عبد الله بن الزبير أن يبني الكعبة عند تجديدها وفق الحديث الذي
(1)
الطبرى 195/ 6
(2)
يطلق على هذا الحائط الآن الحطيم.