الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للحرمين الشريفين إلى سلاطين آل عثمان، بدأ الأهالى المجاورون فى التقاطر عليها يوما بعد يوم فتوفرت الأطعمة والبضائع بالتدبير وأصبحت هذه البلدة المشرفة فى موسم الحج تستوعب كل قوافل الحجاج التى ترد إليها واتسعت أرجاؤها وأصبحت قادرة على إيواء وإسكان كل الحجاج الذين يفدون إليها.
الشكل الثانى:
ما يقصده القطب المكى من قوله «إننى كنت أطوف بمفردى» هو إيضاح أن أجره وثوابه يكون أكبر لكونه يطوف منفردا، والواقع أن الطواف عبادة خاصة فإذا استطاع إنسان أن يوفق فى طواف البيت الأكرم منفردا فلا شك أنه لن يحرم من ثواب كبير يكفى لطواف كل المؤمنين، وخلو الحرم الشريف يكون قاصرا على بنى البشر فقط إنما لا يمكن أن تمر دقيقة واحدة عليه يكون خاليا من تدفق الملائكة الكرام وأصحاب الأجسام الشفافة اللطيفة، ومن الأولياء ذوى الاحترام الذين تخطوا مراتب الزمان والمكان العالية.
ولأن هذه الحال فى الظاهر مخالفة لعادات واعتقاد أهل الاستدلال، فإن كثيرا من الأشخاص قضوا أعمارهم كلها للحصول على لحظة واحدة للطواف بمفردهم حول الكعبة الشريفة.
لما كانت جميع العبادات وأقسام الطاعة الإلهية يشترك فيها الناس، فطواف الكعبة منفردا يعتبر عبادة لله بدون شريك وإذا استطاع إنسان ما أن يطوف الكعبة بمفرده يكون قد عبد الله تعالى بدون أن يشاركه فيها أحد حسب ظاهر الأمر.
حكاية:
يروى أن واحدا من الأولياء كانت لديه رغبة حقيقية فى أن يطوف بالكعبة المعظمة بمفرده، وظل يتحين الفرصة لمدة أربعين سنة وفى النهاية وجد المطاف خاليا ذات ليلة فأخذ يطوف بمفرده. وفجأة رأى حية ضخمة تطوف معه فسألها قائلا «من أنت» ؟ فأجابته الحية «إننى أتحين الفرصة التى تنتظرها من أربعين عاما بمائة عام من قبلك.
فأجابها الرجل الصالح: «أنت لست من بنى البشر لذا أعتبر من المحظوظين بنيل هذه الأمنية، ثم أكمل طوافه.
ينقل أهل مكة هذه الحكاية ويروونها بشكل آخر فيقولون إن عبد القادر الجيلانى-قدس الله روحه-ظل يقيم بجوار العمود الأحمر الواقع أمام باب الزيارة لمدة سبع سنوات، حتى يتمكن من الطواف بمفرده ولم يستطع أن يبلغ مراده طول هذه المدة وفى النهاية حدث سيل عظيم وبلغ ارتفاع الماء داخل المطاف السعيد حوالى ثلاثة أذرع، ووجدها القطب الجيلانى الوقت المناسب لتحقيق أمنيته وبدأ الطواف سابحا لكنه رأى ثعبانا كبيرا يطوف معه سابحا فتأسف قائلا» وأسفاه لم أتمكن من تحقيق أملى».
ويروى محيى الدين بن عربى فى المسامرات نقلا عن طلق بن حبيب رواية قريبة من هذه الرواية، يقول ابن حبيب بينما كان يجلس معه عبد الله بن عمرو بن العاص فى الحجر العظيم بدأ فجأة ظلام شبح داخل الحرم الشريف وأثار الموجودين فيه، وإذا بثعبان عظيم دخل من باب شيبة، واتجه نحو البيت الأكرم، وخاف الذين شاهدوه وأفسحوا الطريق أمامه، فطاف الثعبان سبع مرات ثم وقف خلف مقام إبراهيم مدة أداء ركعتين ثم بعد ذلك انصرف إلى جهة، واقترب ابن حبيب وعبد الله بن عمرو بن العاص من الثعبان وقالا: أيها المعتمر تقبل الله نسكك وعبادتك، فى بلدتنا بعض السفهاء ونحن ننذرك من عدم حذرك شرهم.
ما إن قلت هذا حتى راح واختفى فى طرفة عين ولم يعد له أى أثر وما كان الطواف حول الكعبة المشرفة للبشر وحدهم بل للحيوان كذلك، كان يطوف طبق أصول مرعية.
(الإمام الأزرقى).
ولكى يثبت هذا الأمر فى تاريخه المسلسل الذى كتبه عن أحوال مكة، يذكر صورة غريبة نقلها عمن رأوه يطوف بالبيت المحترم كما يطوف الناس.