الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المعروفين وخاصة عمر شيبى أفندى حاجب بيت رب الأرباب وكل الحضور فى داخل بيت الله قاموا كلهم بترديد الأدعية المناسبة لحضرة الخليفة ثم انصرف الجميع شاكرين فرحين وذلك فى عام 1296 هـ.
وهذا الخوف الذى شغل بال الجميع لسنوات طويلة من سوء عاقبة رفع العلم لم يظهر له أثر، بل إن الأهالى الكرام والمجاورين ذوى الاحترام شعروا بالسعادة والافتخار، وإن رفع العلم فى الواقع كان عملا موفقا وينتظر منه فوائد جمة فى المستقبل. ونحن بالنيابة عن الأمة الإسلامية العظيمة نقدم شكرنا للباشا المشار إليه على هذه الخدمة الجليلة.
إن مكة المفخمة بلدة مباركة ومقدمة سعيدة تفوق كل بلاد الدنيا عظمة ويمنا، ولحكمة ما كانت ممرا لكثير من الأحداث المفزعة المؤلمة والانقلابات الدامية والمصادمات التى عانتها تفوق كل وصف وحصر؛ لذا رأينا أن نذكر بعضها للتدليل على صحة ادعائنا.
استيلاء طائفة القرامطة المفسدين على مكة المعظمة
ظهرت بوادر طائفة القرامطة الباغية المفسدة ولم تنج هذه البلدة المباركة من فسادهم وشرهم وفوضاهم، بل إن فرقة «ابن زكرويه» التى استولت على منطقة الشام هاجمت إحدى قوافل الحجاج المتجهة إلى المدينة المنورة وأعملوا فيهم سيوفهم حتى لم يبق واحد منهم على قيد الحياة، وذلك فى عام 289 هـ.
يروى أن عدد الحجاج والمسلمين الذين قتلتهم سيوف أجداد القرامطة من هذه القافلة تجاوز عشرين ألف حاج، أما الفرقة الملعونة التى تسلطت على الأراضى الحجازية المباركة والتى تنتسب إلى أبى طاهر القرمطى فقد هجموا على مكة المعظمة بغتة وعاثت أقدامها فسادا وشؤما فى الحرم المطهر للمسجد الحرام.
عند ما هجم أبو طاهر على مكة المعظمة كان بداخل المسجد الحرام ثلاثون ألفا من الأبرياء وكان أكثرهم فى ملابس الإحرام وكان القليل منهم داخل كعبة الله فلم ينج أحد منهم من سطوة سيف الغدر والعذاب، وهدموا كثيرا من المبانى
العالية فى هذه المدينة المشهورة وخربوها واقتلعوا الحجر الأسود لينقلوه إلى ناحية هجر التى هى مسقط رأس أبى طاهر الملعون ثم انزاحوا إلى بلادهم مدحورين سنة 317 هـ.
وكان هدف أبى طاهر من اقتلاع الحجر الأسود من الركن الجليل لكعبة الله وأخذه إلى ديار هجر هو أن يصرف الناس من التوجه إلى الكعبة وأن يحرمهم من الفيض الإلهى. وأن يوجه طريق الحج المفروش بالفيض الإلهى إلى ناحية هجر بل إنه أنشأ فى هجر دار شقوة أسماها دار الهجرة وحجز الحجر الأسود فى دار الهجرة عشرين سنة.
وفى اليوم الذى أجرى فيه أبو طاهر المذبحة فى ساحة المسجد الحرام اقتلع بيده-شلت يده-اللوحات المزينة التى على باب الكعبة مستقر الرحمة، وانتزع أيضا الستارة الشريفة والهدايا القيمة الموجودة فى خزانة البيت انتزاع الطيف وقام بتوزيعها على جنده. وعند ما أراد خلع الميزاب الذهبى أمر بعض أتباعه بذلك، ولكن القرامطة الملحدين الذين تسلقوا السقف وقعوا على الأرض وماتوا وهكذا لم ينجح فى سعيه.
وأخذ ذلك الخائن الكافر الحجر الأسود ووصل ناحية هجر، وقضى أربه ثم أبلغ عبد الله المهتدى جد ملوك الفاطميين بالطريقة التى وصل بها إلى تحقيق ما يصبو إليه. وعرض عليه تبعيته وأنه سيقرأ اسمه فى خطبة الجمعة ولكنه تلقى منه جوابا مفاده لقد وجدت فى نفسك الجرأة على نقل الحجر الأسود إلى هجر بعد هتكك ستار وحرمة بيت الله الذى ظل موضع الإعزاز والتكريم دائما فى الجاهلية والإسلام وبعد ذلك تريد أن تقرأ الخطبة باسمى! فأعلن القرمطى عصيانه عليه أيضا.
***