الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد استمر إطعام الضيوف إلى المساء إلا أن حضرة الشريف لم يمكث إلى نهاية الطعام بجانب المائدة.
وقد تم إطعام الضيوف جماعة بعد جماعة ثم أكرم الضيوف بحضور الأمير بتقديم فنجان قهوة لهم.
وفى هذا اليوم الذى بسط فيه السماط لم يبق إنسان فى مكة إلا وأكل وشبع من هذه النعم، وبما أن هذه الضيافة تقام كل سنة من قبل شريف مكة فإن ما يصرف فيها يساوى ما كان ينفق من أجل الرفادة.
إن كل لقمة مما أعد لإطعام الناس تفوق من حيث الفخامة ما كان يقدم فى العصور السابقة عدة مرات ومع هذا فإن ما يقدم من طعام فى سماط مكة وما يقدم لجنود السلطنة والفقراء من اللحوم والأغذية فى منى لا يوافق أصول الرفادة لأن الأصول المرعية فى الرفادة إطعام الحجاج وبدون استثناء. ويجب ألا تقتصر هذه الضيافة على إطعام الفرقة العسكرية وبعض الفقراء.
ولكننا لو تذكرنا أن عدد الحجاج الواقفين على جبل الرحمة كانوا قلة قليلة فى العصر الجاهلى وكان ما يقدم لهم فى أثناء ضيافتهم التمر والزبيب فإن القيام بمثل هذا العمل غير ممكن فى عصرنا هذا.
فعدد الحجاج فى عصرنا الراهن تجاوز ثلاثمائة أو أربعمائة ألف، ومأدبة الرفادة من تمر وزبيب قد تحولت إلى أطعمة متنوعة ولحوم مطبوخة لذا فإن القيام بهذا العمل حسب أصول الرفادة فى العصر الجاهلى يكاد يكون مستحيلا وغير قابل للتنفيذ.
وبما أن مأدبة الضيافة التى أقيمت من جانب الإمارة السنية قد عمت المعايدة الرسمية وكانت سببا فى اختلاط الفقراء مع الأغنياء والوجهاء والأشراف فحسناتها زادت مرات ومرات على أصول الرفادة ونظامها.
شكل السماط
أصول المعايدة: يبدأ أهالى مكة المكرمة مع حلول مواسم الأعياد فى تحسين صلتهم بعضهم مع البعض، وبهذا يجددون علاقات المودة والإخاء فيما بينهم.
ومن العادات القديمة المرعية أن أهل مكة المكرمة يقسمون أيام عيد الفطر، بحيث يكون الاحتفال به فى أحد الأحياء إذ يعلن أصحاب الشأن أن العيد اليوم فى حى فلان ويستقبل أعيان وعظماء هذا الحى فلان وفلان وفلان زوارهم فى منازلهم. وفى هذا اليوم يتفق الأعيان والعظماء والأغنياء فيما بينهم ويحددون الشخص الذى سيستقبل الزوار للمعايدة. لذا يسرع سكان الأحياء الأخرى إلى الحى الذى سيحتفل فيه بالعيد.
كما أن سكان هذا الحى يذهبون فى اليوم التالى إلى بيوت أعيان الحى وأثريائهم وهكذا يسرعون فى أداء مراسم المعايدة المتبعة. إن سكان مكة المكرمة يهتمون بهذه العادة ويرعونها أعظم الرعاية حتى إنه لا يبقى فى مكة أفراد صغارا كانوا أو كبارا إلا لقى بعضهم بعضا ويدعون لهم بالخير.
وتشمل هذه المعايدة، أصحاب القبور من الموتى، لذا يذهب الرجال ثم النساء فى اليوم الأول من عيد الفطر الشريف للمعايدة ويظلون هناك إلى وقت الزوال فى مقبرة المعلى وسائر المقابر حيث يزورون أقاربهم ويتلون بعض السور القرآنية ثم يعودون إلى منازلهم.
ومما لا شك فيه أن هذا الأمر من السنن السنية الحسنة إلا أنه قد أسئ استغلال هذه العادة إذ أصبح اختلاط الرجال بالنساء فى المقابر حكم عادة وبما أن هذه العادة ستؤدى إلى الاختلاط والفساد فمن الواجب منع اختلاط الرجال بالنساء هناك. انتهى.
إن طريقة المعايدة الحسنة التى ذكرناها من العادات المتبعة فى بعض بلاد الأناضول والرومللى.
إننى قد حضرت العيد فى بعض ولايات الأناضول وكذلك فى ولايات الرومللى كما حضرت مراسم العيد فى مكة المعظمة، إذ إن المعايدة فى تلك الولايات لا تطابق تماما المعايدة فى مكة المكرمة
(1)
.
(1)
لا يحتفل بعيد الأضحى بهذه الصورة لأن الأهالى فى أيام عيد الأضحى يتواجدون فى عرفات ومنى يؤدون الشعائر.