المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

أيضا قد تضرروا ضررا شديدا، وفهم جيدا أن عودة عبد - موسوعة مرآة الحرمين الشريفين وجزيرة العرب - جـ ١

[أيوب صبري باشا]

فهرس الكتاب

- ‌قصة هذا العمل

- ‌هل كانت كلمة المرآة مقصودة من المؤلف؟وماذا أراد المؤلف باستخدام كلمة المرآة ودلالتها

- ‌أسباب تصنيف الموسوعة:

- ‌أولا:

- ‌ثانيا:

- ‌الكتاب المصنّف:

- ‌سبب إطلاق هذه الأسماء على مكة:

- ‌فالأبواب الشرقية:

- ‌أما الأبواب الجنوبية فهى:

- ‌والأبواب الغربية:

- ‌والأبواب الشمالية:

- ‌وللمسجد الشريف خمسة أبواب هى:

- ‌ أثرب:

- ‌ أرض الله، أرض الهجرة:

- ‌ أكالة البلدان، أكالة القرى:

- ‌ البارة:

- ‌ الجليلة:

- ‌ ذات الحجر:

- ‌ سيدة البلاد:

- ‌ شافية:

- ‌ طيبة وطيّبة:

- ‌ عذراء:

- ‌ فاضحة:

- ‌ مؤمنة:

- ‌1 - أهل المدر:

- ‌2 - أهل الوبر:

- ‌تربية الأطفال

- ‌الزواج وعاداته

- ‌وليمة العرس:

- ‌حفل الختان

- ‌الخيل:

- ‌عناصر مجلد «مرآة جزيرة العرب»:

- ‌مرآة مكة

- ‌الوجهة الأولى

- ‌إفادة مخصوصة:

- ‌الخلاصة:

- ‌بيت الله (الكعبة):

- ‌ الملتزم

- ‌ المستجار

- ‌ الحجر الأسود

- ‌داخل الكعبة:

- ‌حجر إسماعيل:

- ‌ميزاب الكعبة:

- ‌حفرة المعجن:

- ‌الشادروان:

- ‌الستارة الشريفة:

- ‌المطاف الشريف:

- ‌المقام الشريف:

- ‌المنبر اللطيف:

- ‌المقامات الأربعة:

- ‌المقام الحنفى:

- ‌المقام الشافعى:

- ‌المقام الحنبلى:

- ‌المقام المالكى:

- ‌قبة الفراشيين:

- ‌قبة السقاية:

- ‌مسألة:

- ‌البلدة المعظمة مكة المكرمة

- ‌أديان العرب فى الجاهلية

- ‌أسماء مكة الله السامية

- ‌منظومة

- ‌سبب إطلاق هذه الأسماء على الكعبة

- ‌رواية:

- ‌نظم:

- ‌بكة:

- ‌بلد:

- ‌قرية:

- ‌أم القرى:

- ‌البلد:

- ‌أم رحم:

- ‌باسة:

- ‌صلاح:

- ‌ناسة:

- ‌حاطمة:

- ‌رأس:

- ‌كوثى:

- ‌عرش وعريش وعرش:

- ‌قادس، قادسية:

- ‌سبوحة:

- ‌حر‌‌ام:

- ‌ام:

- ‌معطشة:

- ‌برة:

- ‌رتاج:

- ‌رحم وأم الرحمة:

- ‌أم كوثى:

- ‌أمينة:

- ‌أم الصفا:

- ‌مروية:

- ‌متحفة:

- ‌أم المشاعر:

- ‌البلدة المرزوقة:

- ‌رواية:

- ‌حكمة:

- ‌حكاية مليئة بالعبر:

- ‌تهامة:

- ‌الحجاز:

- ‌البلدة الطيبة:

- ‌مدينة الرب:

- ‌عاقر:

- ‌فاران:

- ‌عتيق:

- ‌أسباب تلقيب بيت الله بالألقاب الجميلة

- ‌المشرفة:

- ‌مكرمة:

- ‌مهابة:

- ‌والدة:

- ‌نادرة:

- ‌جامعة:

- ‌المباركة:

- ‌المفخمة:

- ‌ المشرفة

- ‌أعلام قلاع الحرمين الشريفين

- ‌استيلاء طائفة القرامطة المفسدين على مكة المعظمة

- ‌استطراد

- ‌إخطار:

- ‌ الحسينية

- ‌وادى فاطمة

- ‌تنبيه:

- ‌العلاج:

- ‌درجات الحرارة

- ‌إفادة خاصة:

- ‌تنبيه:

- ‌الخوخ:

- ‌المشمش:

- ‌التين:

- ‌السفرجل:

- ‌الكمثرى:

- ‌التفاح:

- ‌البرقوق:

- ‌التمرهندى:

- ‌العنب:

- ‌التمر:

- ‌اللوز:

- ‌الجوز:

- ‌التوت:

- ‌العناب:

- ‌البطيخ والشمام:

- ‌البرتقال:

- ‌‌‌الليمون:

- ‌الليم

- ‌الرمان:

- ‌الموز:

- ‌ الخيار

- ‌العجور:

- ‌الهندباء:

- ‌الخرشوف:

- ‌البامية:

- ‌الكرفس:

- ‌الفاصوليا الخضراء:

- ‌السلق:

- ‌الجزر اليمانى:

- ‌الباذنجان:

- ‌الفاصوليا الجافة والفول الجاف:

- ‌الفجل:

- ‌شبت:

- ‌الثوم:

- ‌الكمون:

- ‌أسباب ظهور الأمراض فى مكة المفخمة

- ‌نصائح لمن يذهبون إلى الحجاز:

- ‌حكاية:

- ‌طواف طائر بالبيت المعظم:

- ‌طواف الجن:

- ‌الصورة الرابعةالتعريف بحدود كعبة الله بالفضائل الجليلة لمكة المكرمة

- ‌نظم

- ‌هناك ثلاث روايات عن مقام إبراهيم

- ‌الرواية الأولى:

- ‌الرواية الثانية:

- ‌الرواية الثالثة:

- ‌النتيجة:

- ‌الحكمة الأولى:

- ‌الحكمة الثانية:

- ‌الحكمة الثالثة:

- ‌الحكمة الرابعة:

- ‌الحكمة الخامسة:

- ‌استطراد

- ‌شعر

- ‌حدود حرم الله ومواقيت كعبة الله المكانية:

- ‌‌‌شعر

- ‌شعر

- ‌أسماء الذين جددوا أميال المواقيت:

- ‌الصورة الخامسةفى توضيح المسائل الهامة الخاصة بإيجار واستئجار بيوت هذه المدينة المفخمةللإقامة فى مدينة مكة المعظمة

- ‌حكاية:

- ‌حكاية أخرى:

- ‌قصة غريبة:

- ‌نظم

- ‌خلاصة مسألة إيجار البيوت:

- ‌الوجهة الثانيةتحتوى على ثلاث عشرة صورة مرتبة تضم أقوال المؤرخين التى ذكرت حولتفاصيل بناء مكة المعظمة وعمارتها، وعن الذين قاموا ببناء هذه البقعة المقدسةالمباركة، وأسباب تجديدها وتعميرها وإنقاص مساحتها وتوسيعها

- ‌الصورة الأولىتعرض الأقوال التى ذكرت فى أوليات بناء الكعبة

- ‌شعر

- ‌الصورة الثانيةفى تفصيل وبيان كيفية بناء الكعبة المعظمة للمرة الأولى

- ‌الصورة الثالثةتوضح صورة بناء الكعبة المعظمة فى المرة الثانية

- ‌أقوال الجمهور فى تعريف البيت المعمور:

- ‌إخطار:

- ‌الصورة الرابعة توضح كيفية تجديد الكعبة المحرمة فى المرة الثالثة

- ‌حكمة:

- ‌ترجمة حال سيدنا الخليل عليه سلام الله الجليل:

- ‌رباعية:

- ‌تفصيل

- ‌قطعة

- ‌استطراد

- ‌بيت

- ‌أبيات

- ‌حكمة

- ‌إخطار:

- ‌صورة هجرة سيدنا إبراهيم إلى مصر:

- ‌إضافة:

- ‌إخطار:

- ‌إخطار:

- ‌أبيات

- ‌سبب سفر خليل الرب الجليل إلى واد غير ذى زرعومكة وطريقة سفره

- ‌استطراد

- ‌إخطار:

- ‌نظم

- ‌تنبيه:

- ‌كيف ظهر بئر زمزم الشريف:

- ‌الغراب الأعصم:

- ‌أسماء زمزم الشريف

- ‌1 - زمزم:

- ‌2 - همزة:

- ‌3 - هزمة جبريل:

- ‌4 - ظبية:

- ‌5 - طيبة:

- ‌6 - برة:

- ‌7 - عصمة:

- ‌8 - مضنونة:

- ‌9 - شباعة العيال:

- ‌10 - عونة:

- ‌11 - سقيا الله إسماعيل:

- ‌12 - بركة:

- ‌13 - سيدة:

- ‌14 - نافعة:

- ‌15 - بشرى:

- ‌16 - صافية:

- ‌17 - معذبة:

- ‌18 - طاهرة:

- ‌1).19 -حرمية:

- ‌20 - مروية:

- ‌21 - سالمة:

- ‌22 - ميمونة:

- ‌23 - مباركة:

- ‌24 - كافية:

- ‌25 - عافية:

- ‌26 - طعام طعم:

- ‌27 - شفاء سقم:

- ‌28 - مؤنسة:

- ‌29 - شراب الأبرار:

- ‌30 - تكتم:

- ‌نظم

- ‌هجرة قبائل الجراهمة وقطورا إلى مكة المكرمة

- ‌زواج سيدنا إسماعيل وذهاب سيدنا إبراهيم إلى مكة لمقابلة ابنه

- ‌نظم

- ‌مسألة:

- ‌كيفية حدوث قصة الذبح الجليلة

- ‌نظم

- ‌نظم

- ‌نظم

- ‌نظم

- ‌قطعة

- ‌حكمة:

- ‌استطراد

- ‌لاحقة:

- ‌تكليف حضرة الخليل ببناء الكعبة المعظمة:

- ‌إخطار:

- ‌قطعة:

- ‌نظم

- ‌نظم

- ‌قطعة

- ‌لائحة فى ذكر كيف قدمت وتشكلت حكومة العمالقة والجراهمة فى مكةالمكرمة

- ‌نظم

- ‌انتقال حكومة مكة إلى يد بنى خزاعة

- ‌القصيدة:

- ‌إخطار:

- ‌الصورة السادسةتوضح كيف تم تجديد البيت العتيق فى المرة الخامسة وكيف نجح العمالقة فىتجديده

- ‌الصورة السابعةتبين طريقة تجديد البيت الأكرم فى المرة السادسة

- ‌الصورة الثامنةفى ذكر طريقة تجديد وبناء كعبة الله فى المرة السابعة

- ‌إخطار:

- ‌انتقال حكومة مكة المكرمة إلى قصى بن كلاب بن مرة:

- ‌استطراد:

- ‌نشأة الإجازة:

- ‌جاهلية العرب:

- ‌الذيل:

- ‌تأسيس مدينة مكة المعظمة المشهورة

- ‌استطراد:

- ‌الحجابة:

- ‌السقاية:

- ‌الآبار الموجودة فى مكة المعظمةقبل ظهور بئر زمزم الشريف

- ‌ طوى

- ‌ بذر

- ‌ سجله

- ‌حفر، سقية، أم أحراد، سنبلة، غمر:

- ‌مسألة:

- ‌لاحقة:

- ‌اللواء:

- ‌الندوة-معناها الاجتماع:

- ‌السفارة:

- ‌النظارة:

- ‌صاحب القبة ومعناه ناصب الخيمة:

- ‌الأزلام:

- ‌طريقة التفاؤل وإجراء القرعة بالأزلام:

- ‌قرعة العرب فى الجاهلية

- ‌لعب القمار فى الجاهلية

- ‌خازن الآلات والأموال:

- ‌رفادة:

- ‌شكل السماط

- ‌القيادة:

- ‌اختلاف قريش:

- ‌مطالعة:

- ‌تعريف الكهانة

- ‌ العرافة

- ‌الزجر والطيرة:

- ‌حكاية:

- ‌الصورة التاسعةفى تفصيل كيفية بناء الكعبة المعظمة للمرة الثامنة

- ‌ فتوى:

- ‌ صورة الفتوى الشريفة:

- ‌إخطار:

- ‌ ظهور حية كبيرة فوق الكعبة:

- ‌صور الأنبياء وقصص مثيرة للعجب والحيرة

- ‌ حكاية:

- ‌‌‌ حكاية:

- ‌ حكاية:

- ‌صورة دخول عبادة الأصنام إلى أرض الحجاز:

- ‌بدء ظهور عبادة الأصنام على وجه الأرض

- ‌الكلمات المسموعة من أصنام أهل مكة

- ‌شعر

- ‌شعر

- ‌ حكمة:

- ‌ الأبيات

- ‌الأبيات التى سمعها وائل من داخل الصنم

- ‌شعر

- ‌ادعاء جمشيد الألوهية

- ‌ظهور طقوس الوثنية بين أحفاد إسماعيل

- ‌أول من اعتنق عبادة الأصنام من بنى إسماعيل:

- ‌إخطار:

- ‌معلومات خاصة بالجن والشياطين

- ‌لننتقل للبحث عن إبليس:

- ‌ حكاية:

- ‌ حكاية:

- ‌ الأبيات

- ‌قصة الفيل العجيبة:

- ‌بلاد الحبشة:

- ‌استطراد:

- ‌معلومات خاصة فى صورة خلقة الفيل وكيفية العناية به:

- ‌فى تعريف رصانة أبنية القليس:

- ‌قصة بيت أصنام بنى بغيض:

- ‌هجوم ملك الروم .. بقصد تخريب كعبة الله القيوم:

- ‌الصورة العاشرةفى تجديد مبانى الكعبة المقدسة للمرة التاسعة

- ‌خطبة ابن الزبير:

- ‌الصورة الحادية عشرةفى تجديد مبانى الكعبة المقدسة للمرة العاشرة

- ‌حادثة غريبة:

- ‌ترجمة حال ابن الزبير:

- ‌مطالعة:

- ‌تعريف مراتب وألقاب الخلافة والسلطنة والمملكة بالإجمال

- ‌حكام أوربا:

- ‌الصورة الثانية عشرةفى ذكر كيفية تعمير أركان بيت الله وتشييده

- ‌حكاية غريبة:

- ‌الصورة الثالثة عشرةتجديد بيت الله للمرة الحادية عشرة

- ‌عين زبيدة:

- ‌إحدى كرامات بيت الله الحرام:

- ‌ الأسباب القهرية التى بينها المهندسون فى تقارير المعاينة

- ‌ردود المعترضين:

- ‌رغبتهم فى عدم تنظيف الحرم الشريف:

- ‌تكليف رضوان باشا بإعادة بناء بيت الله:

- ‌رؤيا غريبة

- ‌حكاية أخرى

- ‌مكافاة رضوان أغا على جهده وإخلاصه

الفصل: أيضا قد تضرروا ضررا شديدا، وفهم جيدا أن عودة عبد

أيضا قد تضرروا ضررا شديدا، وفهم جيدا أن عودة عبد الله بن الزبير بمدد قليل من الجنود سيؤدي إلى انتصارهم لذا كتب الحجاج إلى عبد الملك ينبئه بأنه قد انتصر على عبد الله بن الزبير، إلا أن عساكره أيضا قد ضعفوا أشد الضعف وطلب منه أن يبعث له بمدد حتى ينتصر على عبد الله، فما كان من عبد الملك إلا ابتدأ بإرسال المدد.

واستصحب الحجاج القوة الاحتياطي التي أرسلت له من الشام، وعجل بحصار مكة المكرمة قبل أن يجمع ابن الزبير القوة اللازمة.

وانتوى ألا يقارب النساء وألا يتعطر وألا يترك السلاح قبل أن يقتل عبد الله ابن الزبير، وبناء على هذه النية نصب المنجنيق فوق قمم جبل أبى قبيس في السنة الثانية والسبعين من الهجرة، وضيق على أهل مكة الخناق حتى أصبح من المستحيل الدخول إلى أرض المطاف من جراء تساقط الأحجار.

وقد وجد في هذه الفترة عبد الله بن عمر-رضي الله عنه-في مكة المكرمة بنية الحج وقد تأثر من هذه الحرب أشد التأثر، وأرسل إلى الحجاج الظالم يقول له:«يا حجاج إذا كنت تخاف من الله، فلا تلق الحجارة على المسجد الحرام. إن موسم الحج من الشهور المحرمة، قد اندهش الصلحاء من الأمة الذين أتوا لأداء فريضة الحج من هذه الوقعة، وقد أصبح من المستحيل الدخول إلى ساحة المطاف من جراء الحجارة التي تلقيها، على الأقل اترك الحرب والقتال إلى ما بعد العيد حتى يسقط عن الناس فريضة الحج» ،وبناء على هذا الطلب كف الحجاج عن الحرب والقتال، وأرجأهما إلى ما بعد انتهاء الحجاج من أداء نسكهم، وطلب من الحجاج أن يعودوا إلى بلادهم في الوقت الذي حدده، ثم شرع في الحرب مرة أخرى. وأهان كعبة الله بما أمطر عليها من الحجارة.

‌حادثة غريبة:

بينما ابتدر الحجاج الغادر في إلقاء الحجارة على الساحة السعيدة الحرام ظهرت على وجه السماء سحابة سوداء مظلمة، وقد غطى الأقطار الحجازية ظلام دامس

ص: 434

وسمعت أصوات الرعد والبرق، واستولى على قلوب المخالفين الخوف والخشية.

وحينما رأى حشرات الأعداء هذه العلامات المخيفة تركوا ميدان القتال وأخذوا يبحثون عن مكان يختبئون فيه. ولكن الحجاج المهين للدين خاطب جنوده قائلا: ما الدافع لخوفكم وقلقكم؟ حتى هرب كل واحد منكم إلى جهة إذا كنتم خفتم من أصوات الرعد والبرق فإن هذه ليست أشياء تدعو للقلق والخوف، إنني نموت في هذه البلاد ولا تنقطع الصواعق والبرق منها، قال هذا ثم ذهب بنفسه إلى المنجنيق وتجرأ على أن يلقي الحجارة صوب كعبة الله من البقعة المقدسة.

وينقل من المصادر الموثوقة أنه حينما أخذت أستار كعبة الله تحترق متوهجة من جراء الأحجار المحترقة التي أمر الحجاج بإلقائها على الكعبة الشريفة، ظهرت سحابة من ناحية جدة ذات صواعق، وبروق أخافت جند الشام، وتقدمت هذه السحابة حتى وقفت فوق سقف بيت الله وأخذت تمطر بشدة حتى أطفأت أماكن كعبة الله المحترقة. إن السحابة المذكورة كانت فوق سقف بيت الله فقط،ولم تقع قطرة من المطر خارج المسجد الحرام وخارج المطاف، ومع هذا سالت سيول شديدة من الميزاب الذهبي ساعات وساعات، سيول قد تجرف الإنسان.

وفي أثناء ذلك أصابت الصاعقة المنجنيق الذي نصبه الحجاج الظالم فوق جبل أبى قبيس وأحرقته مع أربعة من جنود الشام، فأعد الحجاج منجنيقا آخر وكلف أربعين نفرا من الجنود بإلقاء الحجر وكان جزاؤهم أن أحرقتهم الصاعقة الثانية فهبطت أرواحهم إلى جهنم وبئس القرار.

وهذا الحال لم يجعل الحجاج ينتبه ويندم على كل ما حدث بل ثار وغضب وهدد جنوده وبهذا اشتد القتال ونسى جنود الشام ما حدث.

وبعد هذه الحادثة الغريبة أصيب اثنا عشر نفرا من جنود الشام وهلكوا.

وسفاكو الدماء الذين رأوا هذا انزعجوا بشدة، وأخذ جنود الشام يهربون من

ص: 435

جانب المنجنيق وقد أصابهم الفزع، إلا أن موت بعض أهل مكة بالصواعق أيضا أعطى فرصة للحجاج الظالم أن يخاطب جنوده. قائلا: الحق معكم وليس مع أهل مكة إن العلامات المهيبة الخاصة بأراضي الحجاز زالت فاصبروا قليلا.

وقد أدى خطاب الحجاج هذا إلى اشتداد القتال، ومد الصراع وزاد القحط والغلاء في مكة مما جعل المكيين يسأمون من أرواحهم، فالتجأ أغلبهم إلى الحجاج طالبين الأمان وترك بعضهم عبد الله بن الزبير متجهين إلى المدينة المنورة.

ولم يكن أهل مكة فقط ممن تخلوا عن عبد الله بن الزبير في محنته، ولكن ابنيه حمزة وحبيب وهما من صلبه تخليا عنه، ولجأ كلاهما إلى السفاح الحجاج مبايعين وتركا والدهما بمفرده؛ ولكن ابنه المسمى بالزبير ظل في عون أبيه ولم يفترق عنه.

وذهب عبد الله بن الزبير إلى أمه إذ رأى أصحابه قد افترقوا من حوله كفرخ الحجل، وقابل والدته ذات النطاقين وقال لها: يا أماه إن أتباعي الذين كانونا معي خانوني كما خان أهالى الكوفة أتباع الحسين بن على-رضي الله عنه-سيدهم.

ومع هذا ظل أولاده بجانبه، ولكن أولادي قد خانوني إذ انضموا إلى الحجاج مبايعين وتركوني بمفردي، إن ذلك الظالم الذي لا يستحيي يبعث لي رسائل واحدة تلو أخرى قائلا: إذا تركت مخالفتي أقبل جميع مطالبك.

فما رأيك في هذا الخصوص فقالت له: يا بني لا يليق بك بعد كل هذه الحروب أن تسلم نفسك إلى يدي بني أمية. إنك رجل مسن، كم سيطول عمرك؟ وخير لك أن تستشهد ببطولة من أن تعيش في صحراء المذلة والاحتفار، فلما سمع منها هذا الرد ودعها، وقضى ليله حتى الصباح في داخل الكعبة متعبدا متضرعا وبعد ما أدى صلاة الفجر أخذ معه بعض الفتيان الذين قرب أجلهم، وأخذ يقاتل ويهلك في كل هجمة عدو الله وهكذا أخرج جند الشام الموجودين في داخل المسجد الحرام ثم خرج من باب الصفا واتجه صوب جبل أبي قبيس.

ص: 436

وبينما كان عبد الله متجها إلى جبل أبي قبيس تبعه أحد أنجاس الشام، ورماه بيده الحقيرة بحجارة وأوقع ذلك البطل أسد الوغى على الأرض، كما تقدم أحد الأنجاس المنكرين وقطع تاج الرءوس ومضى به إلى الحجاج الظالم.

قد سر الحجاج قليل الأدب أيما سرور وسجد شاكرا حامدا وكله فخر وسرور ثم أرسل رأسه الشريف مع رءوس الرؤساء الآخرين من أهل مكة، وصلب جثته الموعودة بالغفران، وأمر ألا تنزل حتى ترجو ذلك أمه أسماء ذات النطاقين.

حينما سمعت ذات النطاقين ذلك الأمر قررت ألا تذل نفسها برجاء الحجاج، ولكنها مرت بالصدفة من جانب المكان الذي كان مصلوبا فيه، وقالت أما آن لهذا الفارس أن يترجل!؟ وعند ما سمع الحجاج السفاح هذا القول أوله بالرجاء، وأمر أن تنزل جثة الشهيد المظلوم من مصلبها. ودفنت في مقبرة الحجون صنوان الجنة في جمال منظرها.

ويقول بعض المؤرخين إذ يروون هذا الخبر بشكل آخر. إن أم الزبير ذات النطاقين لم تتذلل إلى الحجاج طالبة منه إنزال ابنها من مصلبه، وكذلك لم تقل أما آن لهذا الفارس أن يترجل. وقد أنزلت جثة عبد الله من مصلبه بأمر وارد من عبد الملك. وكان عبد الملك يعرف مدى عداوة الحجاج لابن الزبير وقد بلغه أن الحجاج يصر على إبقاء جثة عبد الله على المصلب؛ لذا بعث برسول إلى الحجاج يأمره أمرا قاطعا بإنزال جثة الشهيد، وقد أنزلت جثته بعد أربعين يوما من تاريخ صلبها، وسلمت إلى أمه ذات النطاقين التي ابتدرت بتجهيزها وتكفينها ودفنت في مقبرة المعلا. وبناء على هذا قد مضي أربعون يوما بين استشهاد ابن الزبير ودفنه، وظلت جثته مصلوبة أربعين ويوما.

قد كبر جموع جند الشام حينما بلغهم استشهاد عبد الله بن الزبير من فم واحد، مظهرين فرحهم وسرورهم، وحينما بلغ الخبر إلى أسماء ذات النطاقين التي كانت قد تجاوزت الثمانين من عمرها، قالت بعد ما استرجعت الآية الجليلة:

{إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ} (البقرة:156) ما هذه الحال؟! وما أعجبه؟! إذا كان

ص: 437