الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويظل يطعم أهلها
…
لحم المهارى والجزور
يسقيهم العسل المصفى
…
والرحيض من الشعير
والفيل أهلك جيشه
…
يرمون فيها بالصخور
والملك فى أقصى البلا
…
دوفى الأعاجم والجزور
فاسمع إذا حدثت واف
…
هم كيف عاقبة الأمور
(1)
إن شدة تقديس أهل مكة للبقعة المباركة لكعبة الله وعظيم تقديرهم لها وكذلك وفود الحجاج إليها من كل فج عميق من أنحاء الجزيرة العربية، ملأ قلوب بعض الملحدين حسدا وعيظا وحقدا، لذا حاولوا أن يهدموا بيت الله الحرام وأن يبنوا فى بلادهم كعبة أخرى. ومن هنا كانت قصة أصحاب الفيل المليئة بالعبر قبل ولادة النبى-صلى الله عليه وسلم-الباهر السعادة بأربعة وخمسين يوما.
قد أراد «أبرهة» الوثنى من حكام اليمن وقد جمع حوله بعض القبائل وأقدم.
على هدم وتخريب كعبة الله المعظمة-كما سيأتى تفصيله فيما بعد-ولكنه خر بجيشه وأضمحل.
قصة الفيل العجيبة:
بلاد الحبشة:
قد انقرض ملوك التبابعة فى عهد أصخمة النجاشى
(2)
وهكذا انتقل حكم اليمن إلى قبضة «أبرهة بن الصباح» الأشرم قائد جيش النجاشى أصخمة نيابة عن ملكه.
وقد انزعج «أبرهة» عند ما رأى أن عرب الجاهلية يزورون الكعبة المعظمة فى مواسم الحج متبعين فى ذلك ملة إبراهيم-عليه السلام-الحنيفية، ويفد إليها من الناس من أماكن بعيدة متكبدين فى ذلك مشقات عظيمة.
(1)
الأبيات فى سيرة ابن هشام 1/ 26.
(2)
النجاشى لقد أصخمة، إلا أنه علم على ملوك الحبشة مثل قيصر الروم وأكاسرة الفرس. ومعناه فى اللغة النبطية «العطية» ،كان النجاشى ملك عظيم القدر وقد آمن بسلطان الملوك نبينا صلى الله عليه وسلم وعرض عليه أشواقه فى مكاتباته.
قد تساءل هذا المغرور محدثا نفسه: يا ترى لماذا حاز هذا البناء المسمى بالكعبة كل هذا التوقير والتعظيم من قبل العرب؟! ما يا ترى مكانة هذا البناء وما مدى جماله وزينته حتى يجذب إليه كل هؤلاء الناس؟!.
ولما عرف أن الكعبة بيت من الحجارة المأخوذة من الجبال الكائنة حولها وأنها بناء حجرى عال عزم-بناء على رأيه الفاسد-أن يبنى معبدا أعظم وأضخم من الكعبة الشريفة وكتب إلى النجاشى طلبا يقول له فيه إننى أبنى بجانب قصر غمدان
(1)
فى صنعاء قصرا عظيما رصين البناء فخما يليق بعظمتكم وعلو شأنكم وسوف أجتهد على أن يكون هذا القصر مزينا لا مثيل له فى الفخامة فى العصور السابقة.
وبما أن النجاشى لم يلتق بالرسول-صلى الله عليه وسلم-فلا يعد-عند من يشترط اللقاء مع النبى صلى الله عليه وسلم-من الصحابة الكرام وإن كان بعض العلماء يعدونه من الذين يؤمنون بالمعاهدة من الأصحاب الكرام. قد مات النجاشى فى رجب من السنة التاسعة من الهجرة وصلى على جنازته فى المدينة المنورة وهذا يرجح كونه من الصحابة.
يروى أن هذا القصر قد هدم فى عهد عثمان بن عفان أو خلافة عمر وقصر غمدان أحد عجائب الدنيا وكان أحد جدرانه الأربعة أصفر اللون والثانى أبيض والثالث أخضر والرابع أحمر اللون داخل هذا القصر، وفوقه قصر آخر من سبعة طوابق وكان بين طوابقه فواصل قدرها أربعون ذراعا وكان ارتفاع جدرانه الخارجى 300 ذراع وكان فى كل ركن من أركانه الأربعة صورة أسد فاغر الفاه مكشوف من الأسفل فارغ البطن وعند ما كان يدخل الهواء فى أسفله يخرج من فيه محدثا صوتا غريبا شبيها بصوت القنفذ.
(1)
قصر غمدان من القصور التى بناها يشرح من ملوك اليمن. وقال بعض الرواة: إن يعرب بن قحطان هو الذى وضع أسسه وأكمله وائل ابن حمير بن سبأ. وقال بعضهم (أن بانيه ضحاك ومع مرور الزمان انتقل أسسه إلى سيف بن ذى يزن)،والرواية الأخيرة أقرب إلى الصحة وقال المؤرخون (أن ضحاكا قد بناه ونسبه إلى «نجم الزهرة» وبناء على هذا فإن قصر غمدان أحد البيوت السبعة التى نسبت إلى الروحانية وسميت بأسماء الكواكب السبع السيارة).
وعند ما أرسل أبرهة
(1)
الطلب إلى النجاشى أخذ يحفر أسس المعبد وفى ظل نفوذه وقوة دولته أخذ يستدعى من البلاد البعيدة الأساتذة من المهندسين والمتخصصين فى فن العمارة وجلب أنواع الرخام الصافية اللامعة كالفضة وأعمدة متنوعة وملونة ومتينة وحجارة قيمة ملونة ذات أشكال مختلفة والحجارة المنتزعة من قصر بلقيس ذات نقوش ومرصعة بالذهب والفضة وبنى فى صنعاء
(2)
اليمن عاصمة ملكه، كنيسة تثير الحيرة والدهشة بما تحتوى فى خارجها وداخلها من اليواقيت والمجوهرات التى رصعت بها الجدران كما صنع فيها منابر مصنوعة من الأبنوس والعاج ووضع فى أرجاء الكنيسة المذكورة أصناما مصنوعة من الذهب والفضة، وعلق فى أبراجها نواقيس ضخمة ثم أعلن وأشاع
(3)
فى أطراف الجزيرة أنه سيمنع الناس من زيارة الكعبة والطواف حولها وسيجبرهم على زيارة كنيسته هذه.
وبما أن الكنيسة قد بنيت فى مكان عال كما كان مبناها شاهق العلو فأطلق عليها بيت (القليس) إيماء إلى علوها. ثم بعث الرسل يدعون الناس لزيارة الكنيسة والحج إليها.
وكان غرض أبرهة من هذا صرف أبناء العرب عن زيارة الكعبة والحج إليها مرة فى السنة ويحملهم على التوجه إلى كنيسة صنعاء باليمن.
وعلى هذا أكره العرب على زيارة بيت الأصنام الذى فى صنعاء وتوجهوا إليه وأصبحوا لا يريدون أن يروا وجوه الذين يتحدثون عن هذا المعبد المنحوس، وبناء على كراهيتهم الشديدة لهذه الكنيسة قتل أفراد قبيلة كنانة، الرسول الذى بعثه «أبرهة بن صباح الأشرم» ليدعوهم، فقتلوه رميا بالسهم.
(1)
لم يشر أبرهة فى طلبه الذى كتبه للنجاشى إلى عزمه على هدم الكعبة حتى لا يغضبه.
(2)
إن مدينة صنعاء الشهيرة فى القسم الخامس من أقسام البلاد اليمنية وعاصمة البلاد الكائنة فى هذا القسم وتقع بين درجة (5)(22) دقيقة فى العرض الشمالى وبين (32) درجة و 44 دقيقة فى الطول الشرقى وفوق صحراء واسعة.
(3)
وقد روى هذه الواقعة أبو الوليد وابن هشام وابن إسحاق وإن كان فى أقوال كلهم زيادة أو نقصان إلا أن كلها مؤيدة لرواية ابن إسحاق.
وعند ما شاع بين سكان اليمن متانة بيت القليس ورصانته أخذ أبرهة يبعث الرسائل والرسل إلى سكان اليمن ومن حولها، ويقول مفتخرا مباهيا إننى قد وفقت فى بناء معبد فخم وضخم لن ينس العرب معه اسم الكعبة فقط ولكنهم سيأنفون من ذكر اسمها.
وأخذت مثل هذه الأخبار تنتشر تدريجيا فى بلاد الحجاز حتى ذكرت فى خيم البدو واستثقلها القرشيون؛ لذلك اختاروا شابا بطلا من سادات العرب يتصل بنسب بنى فقيم بن مالك ومن قبيلة كنانة وهو «نفيل بن حبيب الخثعمى» ،وبناء على القول المختار «قلمس
(1)
بن عبد الله بن فقيم بن عدى بن عامر بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر» من أهل نسئة، ومعه رفيق شجاع وذهبا إلى صنعاء ودخلا فى بيت القليس حيث قضيا حاجتهما ثم لطخا جدرانه بالقاذورات لينفرا أهل اليمن من زيارة الكنيسة، وأرادا بهذا أن يلمحا أن الدار القذرة التى يلجون فيها صبح مساء لا تصلح إلا أن تكون بيت خلاء.
لما عرف أبرهة ما جرى زاد غضبه وحزنه وتألم جدا، ولما عرف أن الذين تجرأوا على فعل ما حدث هم من سكان مكة المكرمة أقسم على هدم وتخريب الكعبة المعظمة وقال:«إننى أستطيع أن أثأر من العرب بهدم البيت المعظم بالفيلة» وأعد جنده وجمع-بناء على قول-فيلين مشهورين، وعلى قول ثمانية أفيال، وفى رواية أخرى عشرة وعلى قول اثنا عشر أو ثلاثة عشر وبناء على روايات أخرى ألف فيل أو أربعة آلاف
(2)
فيل شجاع كما أخذ معه فيل النجاشى المسمى محمود
(3)
وساق كتائبه وجيشه نحو مكة سنة «570 م» .
اقتنع أبرهة الذى أعد كل هذه الفيلة وكل هذه الحشرات الحبشية لإدارة الأفيال عندما رأى كل هذه القوة بأنه لن يتعب فى هدم الكعبة المعظمة.
(1)
قلمس بن عبد الله بن فقيم فهو من أفراد أهل نسأة، اسمه الحقيقى «حذيفة» والزمن الذى ينتسب له يقال له «دور نسأة» أيضا. قيل ذلك لبنى فقيم لأنهم كانوا ينسأون الشهور. انظر المعارف لابن قتيبه ص 60، ولسان العرب مادة نسأ
(2)
كان ثلاثة عشر فيلا من هذه الفيلة مدربين أحسن تدريب بينما كان الباقى من الفيلة العادية.
(3)
كان هذا الفيل أبيض اللون ويسمى محمودا وكنيته أبو العباس.
وكان يسوق أمام جنده أربعة صفوف من الفيلة وكان يظن أنه سينتصر حيثما يتجه بهذه الفيلة ويعتقد أنه لن يجد صعوبة فى هدم البيت المعظم وتخريبه.
قد زحف أبرهة نحو مكة الله ومعه 60000
(1)
ألف أو ثلاثمائة ألف
(2)
من الحشرات الحبشية لإدارة وسوق الفيلة وفى رأسه فكرة هدم البيت وتخريبه المستحيلة.
وقابل فى طريقه العرب الذين خرجوا للدفاع عن بيت الله، وحاربهم وداسهم بسنابك خيوله وانتصر عليهم وأسر قوادهم وقيدهم بسلاسل الأسر، وضرب خيامه فى مكان بين الطائف ومكة المكرمة المسمى «بمغمس» وأغار على حيوانات أهل مكة واستولى عليها ونهبها.
من الذين رفعوا السلاح فى وجه جيش أبرهة أولهم «ذو نفر» من أشراف اليمن، والثانى الذى واجهه فى أرض خثعم «نفيل
(3)
بن حبيب الخثعمى» أو «باعس» وأخوه «غفرس بن أقبل
(4)
ونهران وناهس» تحت قيادة نفيل وبعض أفراد القبائل العربية.
وقد وقع «ذو نفر» ونفيل بن حبيب وهما من قواد الجيش وملوك اليمن أسيرين، وتفرق العرب الذين كانوا تحت قيادتهما وقيدا بالسلاسل بأمر أبرهة. ثم فك أسر نفيل بشرط أن يكون دليلا لهم فى أثناء سيرهم فى أرض العرب.
عند ما وصل أبرهة إلى الطائف بدلالة «نفيل بن حبيب ضم مسعود بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف» من بنى ثقيف أحد أتباعه الضالين إلى جيش أبرهة ليكون دليلا لهم وهو «أبو رغال» .
وقد سار «أبو رغال» مع جيش أبرهة إلى أن وصلوا إلى مكان يسمى
(1)
صاحب هذه الرواية كان يحب أن يبالغ فى كلامه لأن ابن إسحاق لم يذكر عدد الفيلة ولا عدد الجنود.
(2)
هذا القول أقرب إلى الصحة، لأنه لم يقصد عدد الجنود بل أراد أن يكنى عن كثرتهم كما تشير إلى ذلك الأبيات التى ستقيدها فيما بعد والتى نظمها عبد الله الزبعرى.
(3)
نفيل-هو أكمل بن ربيعة بن غفرس وكان من رؤساء قبائل شهران وباعس.
(4)
خثعم لقب أقبل.
«مغمس» حيث تشقق ومات لحكمة ما، والبدو سكان البادية يرجمون حتى الآن قبر «أبو رغال» ويستحقرونه.
(1)
اسم ثقيف أبو عوف-قسى بن النبيت بن منبه بن منصور بن يقدم بن أقصى بن دعمى بن إياد بن نزار بن معد بن عدنان، لما قابل مسعود بن معتب الثقفى أبرهة عظمه وحدثه بفرح وسرور وقال له:«يأيها الملك إننا سندلك على الطريق، إن عامة أبناء قبيلتنا عبيدك وكل ما تأمر به مجاب .. الكعبة التى تريد أن تهدمها وتخربها لا قيمة لها عندنا، إن بيتنا بيت اللات وهو فى الطائف وكل أهل الطائف يعظمون هذا البيت كما تعظم الكعبة ثم قدم لهم «أبو رغال» السالف الذكر ليدلهم على طريق مكة.
عند ما انفلق أبو رغال وهلك كان أبرهة قد بعث بكتيبة من الجنود فى رفقة أسود بن مقصود الحبشى الذى كان فى مغمس للتعرف على أحوال مكة المكرمة، عند ما وصل هؤلاء الجنود إلى أطراف مكة نهبوا وسلبوا الحيوانات التى كانت ترعى هناك.
بناء على هذه الوقعة ركب «عبد المطلب بن هاشم» سيد قريش وخادم الكعبة المعظمة ذو الرأى السديد بغله واتجه نحو معسكر الحبشة، وقد استقبله أبرهة استقبالا عظيما ورحب به أيما ترحيب-إذ بلغه علو شأنه بين قومه وأشار له أن يجلس فوق كرسى فخم مزين.
وفى قول آخر إن أبرهة لم يستطع أن يقاوم ما كان عليه «عبد المطلب» من الوجاهة والمهابة فنزل من كرسيه وجلس فوق البساط وأجلس المشار إليه بجانبه وقاله له: «اطلب منى ما تشاء» فأجابه قائلا: «لا أريد منك شيئا غير أن ترد لى أربعمائة جمل نهبتها جنودك. والصحيح مائتان» .
قد تحير أبرهة من هذه الإجابة الساذجة واندهش وقال له: ظننتك قد جئت ترجونى ألا أهدم الكعبة إنك تعرف جيدا أننى جئت لأهدم الكعبة التى تشكل ركنا من دينكم وأخربها.
(1)
السيرة النبوية 49/ 1.والعرب تستحقره لأنه كان دليلا لصاحب الفيل. وفى جامع معمر بن راشد أن أبارغال من ثمود وأنه كان بالحرم حين أصاب قومه الصيحة، فلما خرج من الحرم أصابه الهلاك كما أصاب قومه فدفن هناك.
ثم أراك لا تطلب منى أن أنصرف عن هذا العمل بل تريد أن تسترجع ما نهبه جنودى من إبلك وهذا أمر لا يمكن أن يثير إلا عجبى ودهشتى.
فتلقى من عبد المطلب هذه الإجابة الحكيمة:
«لما كنت صاحب الإبل فإننى أريد أن أستردها. وللكعبة صاحب أيضا فإذا أراد سيمنعك من التسلط عليها» .
واستغرق أبرهة فى تفكير عميق إذ تلقى هذا الرد ثم قال مستهزئا: «أذهب وانظر كيف سيحافظ ربك على الكعبة ضد قوتى القاهرة وسطوتى الجبارة» ثم أعاد لعبد المطلب جماله ورده معززا مكرما وبين له أنه لم يأت ليحارب أهل مكة إنما جاء لهدم الكعبة المعظمة، وتخريبها، ومن هنا ليس لأهل مكة ما يثير قلقهم أو يخوفهم.
قد رأى سكان مكة-بناء على رأى عبد المطلب-أن يخلو مكة وينسحبوا إلى الجبال وألا يحاولوا الدفاع عن مكة ولكنهم فى نفس الوقت كانوا يتمنون أن يروا المصيبة التى سوف يتعرض لها أبرهة.
قال بعض المؤرخين: «قد أخبر الجنود المكلفون بالذهاب إلى مكة أبرهة أنهم لم يوفقوا في قتل عبد المطلب بعد ما نهبوا جماله» .
وقد أرسل أبرهة إلى عبد المطلب حميريا يقال له «حناطة» ليخبره بأن هدفه من المجئ إلى مكة هو هدم الكعبة وإذا كان بين الأهالى من يريد أن يدافع عن الكعبة يجب عليهم أن يستعدوا للحرب والقتال.
وكان رد عبد المطلب إننا لا نحارب إن البيت بيت الله إذا ما صانه وحفظه فهو بيته. أما إذا لم يحفظه، فليس لنا قبل للدفاع عن البيت. ثم ذهب مع «حناطة» إلى أبرهة وعند ما مثل أمامه قد نزل من سريره وأجلسه بجانبه ورحب به أعظم ترحيب وكرمه تكريما.
لو كان أبرهة رأى من عبد المطلب أدنى علامة تدل على رغبته فى عدم هدم
البيت لتنازل عن فكرته ورجع إلى بلده لأن هيئة البيت المحتشمة وما فيه من روحانية فى طريقة وضعه وما فيه من عظمة ومهابة قد ألقى فى قلبه خوفا وخشية فوق العادة-فالأمين إبراهيم-عليه السلام-قد بناه تنفيذا لإرادة الله- سبحانه وتعالى-إلا أن عدم صدور أدنى التماس أو رجاء بخصوص عدم هدم البيت من عبد المطلب حمل أبرهة على المضى فى عزمه لأنه لم يجد سببا يثنيه عما أقدم عليه.
وبلهجة كلها ثقة رد عبد المطلب على أبرهة ردا قاطعا مما أيأسه وآنس أهل مكة ببشارة خفية، لأنه كان واثقا أن أى فرد مهما كانت قوته لن يستطيع إلحاق الخسارة ببيت الله المعظم وذلك تكريما وحرمة لخاتم الأنبياء-صلى الله عليه وسلم.
لأن النبى-صلى الله عليه وسلم-انتقل إلى رحم أمه فى الفترة التى غزا فيها أبرهة الحجاز ووصل بالقرب من مكة وبدأت تظهر علامات خارقة للعادة، كما سعد عبد المطلب بالرؤى الجميلة فى منامه، وكل هذه القرائن كانت تنم عن قرب تشريف النبى-صلى الله عليه وسلم-إلى الدنيا، ولكل هذا كان عبد المطلب يأمل ألا يستطيع أبرهة هدم كعبة الله بتخريبها، أخذ حناطة الحميرى عبد المطلب مع بعض أولاده وأتى بهم إلى خيمة أبرهة.
وعلم عبد المطلب بأن سيف ذى نفر فى السجن فالتقى معه واستمع إليه إذ يقول: يا عبد المطلب ماذا تنتظر من أسير يترقب قتله اليوم أو غدا وماذا تأمل منه، ومع هذا سايس الفيل «محمود» من أحبائه وهو شخص يسمى «أنيس» وهو من الذين يثق فيهم أبرهة ويعتمد عليهم وقد أرسلت له بأنباء. فاذهب إليه وفعلا ذهب إليه عبد المطلب وتلاقى معه.
كان النبأ الذى أرسله ذو نفر إلى أنيس
(1)
يشمل المعانى الآتية:
(1)
قد رأت السيدة عائشة-رضى الله عنها-أنيس وسائق الفيل محمود، فى مكة يتسولان. وكما تقول المشار إليها إن كليهما كان أعمى وبما أنهما قد نبهوا أبرهة بحسن قبول عبد المطلب أنجاهما الله بما حل بجيش أبرهة وأصيبا بالعمى.
إن المطلوب منكم هو إبلاغ أبرهة بأن جنوده قد استولت على مائتين من إبل عبد المطلب سيد قريش، فإذا استطعت فاشرح الموضوع لأبرهة واحمله على تكريمه ورد إبله له، وقد نقل أنيس هذه الأقوال إلى أبرهة لذا أكرمه أعظم إكرام وأعاد له جماله.
إن «يعمر بن نفاثة بن عدى بن الدئل بن بكر بن عبد مناة بن كنانة» رئيس قبيلة بنى بكر وخويلد بن وائلة الهذلى رئيس قبيلة «بنى هذيل» أرادا أن يصرفا أبرهة عن هدم الكعبة وذلك بعرض ثلث واردات تهامة
(1)
الحجاز السنوية، ولما رفض طلبهما استعدا للحرب بالاتفاق مع قبائل (قريش وكنانة وخزاعة وهذيل والقبائل الأخرى)،ولكنهم غيروا رأيهم واتبعوا فكرة عبد المطلب إذ أحسوا أنهم سيتعرضون للهزيمة.
وعند ما رأى أبرهة أن أهل مكة لا يدافعون عن بلادهم، ساق حشراته إلى «وادى المحسر»
(2)
الواقع بين المزدلفة ومكة المعظمة واستعجل فى تنظيم صفوف جيشه وطلب من ساسة الفيلة أن يهيئوا أفيالهم للهجوم على مكة ودفعوا الفيل «محمود» نحو الكعبة، ورغم جهود السايس المضنية لسوق الفيل محمود ناحية الكعبة المعظمة لم يتحرك الفيل خطوة واحدة نحو الهدف، ولم تفد جميع محاولاتهم وما بذلوه من سعى لدفع الفيل نحو الكعبة كلما كانوا يسوقونه إلى الأمام يقع ولا يتحرك.
ولما رأوا أن المحاولات المضنية لدفعه إلى الأمام لم تأت بنتيجة، لذا سقوه
(1)
إنها مدينة زبيد المشهورة فى الناحية الجنوبية من قطعة الحجاز.
(2)
إن سبب إطلاق محسر على هذا المكان لأن أصحاب الفيل قد تعرضوا هناك لعذاب الله وعقابه. لأن الفيل محمود لم يتقدم إلى الأمام بعد هذا المكان وتبعته الأفيال الأخرى ولم تتحرك خطوة إلى الأمام.
خمرا-بأمر أبرهة-حتى يفقد عقله وتمييزه ثم وجهوه إلى جهة أخرى.
وأسرع محمود السير لتلك الجهة وتبعته الأفيال الأخرى وأخذت تجرى بسرعة خلف محمود وعند ما أرادوا أن يوجهوها إلى الكعبة كانت تبرك ولا تتحرك وكأنها لا تريد أن تهاجم الكعبة المعظمة.
عند ما رأى «نفيل بن حبيب الخثعمى» الأسير المصفد، بالأغلال لدى أبرهة هذه الحالة المليئة بالحكم للفيل «محمود» -إذ كان يمتنع من السير نحو الكعبة وعند ما يوجهونه ناحية الشام أو اليمن كان يسرع-أمسك نفيل بن حبيب أذن الفيل وقال له:«يا محمود احذر من التقدم لأنهم يريدون أن يستغلوك في تخريب بيت الله مع أنك في بلدة الله، فابرك محمود أوعد راشدا من حيث جئت» .
أراد نفيل بن حبيب بفعله هذا أن ينبه الجيش الحبشى أن ما يريده أبرهة يشبه خيالا مستحيلا وأن محمودا والفيلة الأخرى لن تهاجم كعبة الله المعظمة. إلا أن أبرهة لم يتنبه لما يريده ابن حبيب الخثعمى كما لم يستطع أن يدرك شيئا من حركات الأفيال الحكيمة بل أصر على تنفيذ ما في ضميره وأخذ يضرب الفيلة ويشتمها حتى كاد يهلكها.
وفى تلك الأثناء أخذ عبد المطلب «عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصى وبضعة من رجال قريش المخلصين معه ومضى إلى باب المعلى من الكعبة المعظمة واحتضن حلقاته وأخذ يتضرع ويناجى قاضى الحاجات وهو ينشد الأبيات الآتية:
يا رب إن المرء يم
…
نع رحله فامنع رحالك
وانصر على آل الصلي
…
ب وعابديه اليوم آلك
إن كنت تاركهم وقب
…
لتنا فأمر ما بدا لك
لا يغلبن صليبهم
…
ومحالهم أبدا محالك
فلئن فعلت فإنه
…
أمر يتم به فعالك
بينما كان أبرهة مشغولا بسوق الفيلة نحو كعبة الله التصق عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن قصى بن عبد الدار بباب الكعبة العظيمة أيضا وأخذ يناجى ربه وينشد بعض الأبيات التى تبين نهب أسود بن مقصود الحميرى
(1)
حيوانات أهل مكة واستيلائه عليها.
وبينما كان عبد المطلب ورفاقه منهمكين عند كعبة الله بالتضرع والابتهال وكان أبرهة يبذل جهده لحمل الفيلة للسير نحو الكعبة إذ ظهر فجأة فى السماء مجموعة من الطيور الصغيرة تشبه طائر «السنونو» من ناحية البحر يحمل كل واحد منها فى منقاره حجرا واثنين بين مخالبه وكان أكبرها فى حجم حبة الحمص وأصغرها فى حجم حبة العدس أى ثلاثة أحجار من سجيل
(2)
واتجهت أسراب الطيور نحو مكة المكرمة.
جاء في رواية أن هذه الطيور الصغيرة أقبلت من ناحية البلاد الهندية، وكانت مناقيرها حمراء ورءوسها سوداء، رقابها طويلة أجسامها شبيهة بأجسام الخفافيش وبناء على قول آخر أن مناقيرها كانت صفراء رقابها خضراء وأجسامها شبيهة بأجسام العصافير وقد سطر على كل حجر تحمله اسم الشخص الموكول بهلاكه.
قد فسر عكرمة {طَيْراً أَبابِيلَ} (الفيل:3) كلمة أبابيل عنقاء المغرب.
يقول صاحب القاموس إن (عنقاء المغرب) ظهرت فى عصر موسى-عليه السلام-قد خلق أولا أنثاها ثم خلق ذكرها وهكذا تناسلا وتكاثر نسلهما وبعد وفاة النبى المشار إليه انتقلت هذه الطيور إلى حجاز نجد حيث أخذت تؤذى
(1)
أسود بن مقصود هو من رؤساء الحشرات الحبشية التى أرسلها أبرهة من مغمس للاستيلاء على حيوانات أهل مكة. والأبيات التى كان يرددها عكرمة يدعو بها على أسود بن مقصود أوردها ابن هشام فى السيرة 53/ 1.
(2)
إن هذه الحجارة خليط من التراب والحجر والذى أطلق عليه فى القرآن الكريم اسم «السجيل» وكان أصغره فى حجم حبة العدس وأكبره فى حجم حبة الحمص.
الأطفال الصغار ولكنها طارت إلى أعشاش الهلاك والعدم بفضل استجابة دعاء «خالد بن سنان العبسى
(1)
» الذى عاش فى عهد النبى-صلى الله عليه وسلم.
يروى أن أجناسا من طيور الأبابيل تعيش فى زماننا فى نواحى الهند الصينية وأنها تبعت إلى دار السعادة استانبول كهدايا.
إن هذه الطيور لا تشبه طيور الأبابيل تمام الشبه إلا أن الذين ينظرون إليها بعين الإمعان يجدون فيها علامات تحمل الناس على تشبيهها بتلك الطيور، ويعتقد أنها تعرضت لتغير شكلها بمرور الزمان وقد نقلت روايات كثيرة عن شكل ولون وصورة هذه الطيور، حتى أن «عبد الله بن عباس» يروى أن لها مناقير كخراطيم الفيل وأسنانا شبيهة بأنياب الكلاب. ويدعى بعض الرواة أن الطيور الموجودة الآن فوق باب إبراهيم ووالزرازير من بقايا طيور الأبابيل والله أعلم بالصواب.
لم يكن يعرف شيئا عن ظهور هذه الطيور لا أبرهة ولا عبد المطلب ورفقاؤه الذين كانوا يتضرعون إلى الله ممسكين حلقات كعبة الله. وفى فترة نظر عبد المطلب إلى السماء ورأى كثيرا من الطيور الأبابيل تقبل نحو مكة المفخمة وتعجب من أشكالها وقال لرفقائه: «أيها الأصدقاء إن هذه الطيور لا تشبه طيور نجد وتهامة ولا بد أن يكون فى هذا حكم ما» ثم اتفقوا على أن يصعدوا فوق قمة جبل أبى قبيس ليروا الطيور جنود الله المجندة-التى ظهرت من ناحية البحر وبعد فترة وقفت حذاء جنود أبرهة الذين أزعجوا العالم. ثم تركت الحجارة التى كانت ذات آثار نارية الواحد تلو الآخر وكان كل حجر يدخل من فوق رءوس الأعداء الحشرية وينفذ فى أجسامهم ويخرج من أدبارهم ويقضى عليهم بالهلاك في التو واللحظة.
لم يبق بين جنود الأعداء فرد متنفسا لم يهرب إلا أبرهة والفيل محمود والأفيال التابعة له.
وكل من يمسك بجثة أحد هالك كان يستطيع أن يحملها كما يحمل البيضة لأن الحجارة كانت قد أحرقت أجسامهم كما تحرق النار الفتيل. ثم ظهر سيل عظيم
(1)
انظر خبره فى: المعارف لابن قتيبة ص 62.
بالبحر مثير للدهشة وحمل جثث الأعداء المنتنة وكنسها إلى البحر وهكذا طهرت ساحة مكة الله.
وهناك قول يدعى أن الحجارة التى ألقيت من قبل طيور الأبابيل إذا ما أصابت شخصا تظهر فى جسمه بثور مثل البثور التى تظهر فى الشخص المصاب بالحصبة والجدرى، والذين أصيبوا بها ماتوا وهلكوا من شدة أوجاعها والبقية الباقية وصلوا إلى الحدود اليمنية بكل صعوبة ونجوا بجلدهم فارين.
حينما تشتت جيش أبرهة واضمحل كما سبق تعريفه، هجم أهالى مكة على معسكره وأخذوا ما وجدوه من أموال وأسلحة وأشياء ونالوا ثروة وأصبحوا من أهل اليسر والغنى ونالوا غنائم بدون أن يتعبوا ودون أن يتعرضوا للمحاق والمشاق وذلك لحرمة حبيب الحق رسول رب الفلق وتضاعفت شهرتهم عن ذى قبل ونجوا من شر العدو القوى الشرس الذى أخاف عربان جزيرة العرب، كما أن القبائل المعارضة لهم انصرفت عن حربهم وقتالهم لأنهم اعتقدوا أن أهل مكة مؤيدون من قبل الله.
وقد ولد خاتم الأنبياء سيدنا محمد بعد واقعة الفيل بأربعة وخمسين يوما وبناء على هذا التقدير قد حدث قدوم أبرهة إلى مكة ومغادرته لها فى أواسط شهر المحرم ويوافق ولادة النبى-صلى الله عليه وسلم-في شهر ربيع الأول الموافق لشهر أبريل من الشهور الرومية.
قد أطلق العرب على السنة الميلادية التى توافق خمسمائة وتسع وستين «عام الفيل» وقد اتخذوا هذه الواقعة مبدأ تاريخ لهم وتفاخروا بها وأنشدوا فى حقها أناشيد وألقوا القصائد وأخذوا يعظمون أهل قريش ويوقرونهم قائلين «هؤلاء أهل الله، لذلك أهلك الله أعداءهم» ،لا يستطيع إنسان أن يحصى الأشعار والقصائد التى ألقيت بخصوص هذه الواقعة وإننا قد أدرجنا بعض هذه القصائد المختارة من قبل المؤرخين.
والقصيدة الآتية من جملة تلك القصائد وقد أنشدها عبد المطلب بن هاشم.
قلت والأشرم تردى خيله
…
إن ذى الأشرم غربا لحرم
كاده يتبع فيمن جندت
…
حمير والحى من آل قدم
فانثنى عنه وفى أوداجه
…
جارح أمسك فيه بالكظم
نحن أهل الله فى بلدته
…
لما يزل ذلك على عهد أتم
إن للبيت لربا مانعا
…
من يرده بآثام يصطلم
والأبيات التالية من قصيدة طويلة لعبد الله بن الزبعرى بن عدى بن قيس بن عدى بن سعيد
(1)
بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر، يقول عبد الله بن الزبعرى:
يتكلموا عن بطن مكة أنها
…
كانت قديما لا يرام حريمها
لم تخلق الشعرى ليالى حرّمت
…
إذ لا عزيز من الأنام يرومها
سائل أمير الجيش عنها ما رأى
…
ولسوف ينبى الجاهلين عليمها
ستون ألفا لم يؤوبوا أرضهم
…
بل لم يعش بعد الإياب سقيمها
كانت بها عاد وجرهم قبلهم
…
والله من فوق العباد يقيمها
وعرض ابن الزبعرى فى المصراع الذى قال فيه «بل لم يعش بعد الإياب سقيمها» بأن أبرهة هلك أيضا في صنعاء. كما أنشد هذه الأبيات أبو قيس صيفى بن الأسلت بن جشم بن وائل بن زيد بن قيس بن عامر بن مرة بن مالك الأوسى:
ومن صنعه يوم فيل الحبو
…
ش إذ كلما بعثوه رزم
محاجنهم تحت أقرابه
…
وقد شرموا أنفه فانخرم
وقد جعلوا سوطه
…
مغولا إذ يمموه قفاه كلم
فولى وأدبر أدراجه
…
وقد باء بالظلم من كان ثم
(1)
كذا نسبه ابن إسحاق، والصواب سعد بن سهم، وسعيد أخو سعد بن سهم انظر: السيرة النبوية 58/ 1.
وينسبون القطعة الآتية إلى أمية بن أبى الصلت-الأبيات:
فقوموا فصلوا لربكم وتمسحوا
…
بأركان هذا البيت بين الأخاشب
فعندكم منه بلاء مصدق
…
غداة أبى يكسوم
(1)
هادى الكتائب
فلما أتاكم نصر ذى العرش
…
ردهم جنود المليك بين ساف وحاصب
فولوا سراعا هاربين ولم يؤب
…
إلى أهله الأحباش غير عصائب
أراد أبرهة أن ينجو من هذه الكارثة المهولة وطلب من «نفيل المكى» الذى مازال فى أسره أن يدله على الطريق فأجابه قائلا:
«أين المفر والإله الطالب
…
والأشرم المغلوب ليس الغالب»
حينئذ اعتمد على نفسه في الفرار ووصل إلى بلاد الحبشة بصعوبة يقع تارة فى الطريق ويقوم أخرى، وقص كل ما حدث على النجاشى بالتفصيل، واصفا شكل الطيور وصورها فقال النجاشى: ما أعجبه من حادث أيا ترى ما نوع هذه الطيور؟! فأشار أبرهة إلى طائر قائلا: كانت تشبه لهذا الطائر الصغير وإذا بالطائر يرمى الحجارة التى يحتفظ بها على أبرهة ويقضى عليه بحيث قطع الحجر يديه من منكبيه، ورجليه من فخذيه بينما أصابه واحد من الحجارة فى رأسه وأهلكه.
وبناء على رواية أخرى أن أبرهة لم يهلك بحجارة طير الأبابيل بل مرض بمرض الجذام الخبيث وعاد إلى اليمن بعد ما ترك أبا يكسوم نائبا عنه حيث لقى حتفه
(2)
.
إن أبا يكسوم هذا أخذ يقص للنجاشى أحداث طيور الأبابيل، وإذا بأحد طيور الأبابيل الذى كلف بإهلاك أبى يكسوم هذا يلقى بحجر على أبى يكسوم بمجرد الانتهاء من كلامه وهكذا تأسف النجاشى إذ عرف كيف هلك جيشه فى أرض مكة.
قد حدثت وقعة الفيل الغريبة في اليوم السابع عشر من شهر المحرم فى وقت
(1)
أبو يكسوم اسم الشخص الذى تركه أبرهة فى المعسكر نائبا عنه.
(2)
انظر السيرة لابن هشام 55/ 1،المعارف لابن قيتبة ص 638.