المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌صورة دخول عبادة الأصنام إلى أرض الحجاز: - موسوعة مرآة الحرمين الشريفين وجزيرة العرب - جـ ١

[أيوب صبري باشا]

فهرس الكتاب

- ‌قصة هذا العمل

- ‌هل كانت كلمة المرآة مقصودة من المؤلف؟وماذا أراد المؤلف باستخدام كلمة المرآة ودلالتها

- ‌أسباب تصنيف الموسوعة:

- ‌أولا:

- ‌ثانيا:

- ‌الكتاب المصنّف:

- ‌سبب إطلاق هذه الأسماء على مكة:

- ‌فالأبواب الشرقية:

- ‌أما الأبواب الجنوبية فهى:

- ‌والأبواب الغربية:

- ‌والأبواب الشمالية:

- ‌وللمسجد الشريف خمسة أبواب هى:

- ‌ أثرب:

- ‌ أرض الله، أرض الهجرة:

- ‌ أكالة البلدان، أكالة القرى:

- ‌ البارة:

- ‌ الجليلة:

- ‌ ذات الحجر:

- ‌ سيدة البلاد:

- ‌ شافية:

- ‌ طيبة وطيّبة:

- ‌ عذراء:

- ‌ فاضحة:

- ‌ مؤمنة:

- ‌1 - أهل المدر:

- ‌2 - أهل الوبر:

- ‌تربية الأطفال

- ‌الزواج وعاداته

- ‌وليمة العرس:

- ‌حفل الختان

- ‌الخيل:

- ‌عناصر مجلد «مرآة جزيرة العرب»:

- ‌مرآة مكة

- ‌الوجهة الأولى

- ‌إفادة مخصوصة:

- ‌الخلاصة:

- ‌بيت الله (الكعبة):

- ‌ الملتزم

- ‌ المستجار

- ‌ الحجر الأسود

- ‌داخل الكعبة:

- ‌حجر إسماعيل:

- ‌ميزاب الكعبة:

- ‌حفرة المعجن:

- ‌الشادروان:

- ‌الستارة الشريفة:

- ‌المطاف الشريف:

- ‌المقام الشريف:

- ‌المنبر اللطيف:

- ‌المقامات الأربعة:

- ‌المقام الحنفى:

- ‌المقام الشافعى:

- ‌المقام الحنبلى:

- ‌المقام المالكى:

- ‌قبة الفراشيين:

- ‌قبة السقاية:

- ‌مسألة:

- ‌البلدة المعظمة مكة المكرمة

- ‌أديان العرب فى الجاهلية

- ‌أسماء مكة الله السامية

- ‌منظومة

- ‌سبب إطلاق هذه الأسماء على الكعبة

- ‌رواية:

- ‌نظم:

- ‌بكة:

- ‌بلد:

- ‌قرية:

- ‌أم القرى:

- ‌البلد:

- ‌أم رحم:

- ‌باسة:

- ‌صلاح:

- ‌ناسة:

- ‌حاطمة:

- ‌رأس:

- ‌كوثى:

- ‌عرش وعريش وعرش:

- ‌قادس، قادسية:

- ‌سبوحة:

- ‌حر‌‌ام:

- ‌ام:

- ‌معطشة:

- ‌برة:

- ‌رتاج:

- ‌رحم وأم الرحمة:

- ‌أم كوثى:

- ‌أمينة:

- ‌أم الصفا:

- ‌مروية:

- ‌متحفة:

- ‌أم المشاعر:

- ‌البلدة المرزوقة:

- ‌رواية:

- ‌حكمة:

- ‌حكاية مليئة بالعبر:

- ‌تهامة:

- ‌الحجاز:

- ‌البلدة الطيبة:

- ‌مدينة الرب:

- ‌عاقر:

- ‌فاران:

- ‌عتيق:

- ‌أسباب تلقيب بيت الله بالألقاب الجميلة

- ‌المشرفة:

- ‌مكرمة:

- ‌مهابة:

- ‌والدة:

- ‌نادرة:

- ‌جامعة:

- ‌المباركة:

- ‌المفخمة:

- ‌ المشرفة

- ‌أعلام قلاع الحرمين الشريفين

- ‌استيلاء طائفة القرامطة المفسدين على مكة المعظمة

- ‌استطراد

- ‌إخطار:

- ‌ الحسينية

- ‌وادى فاطمة

- ‌تنبيه:

- ‌العلاج:

- ‌درجات الحرارة

- ‌إفادة خاصة:

- ‌تنبيه:

- ‌الخوخ:

- ‌المشمش:

- ‌التين:

- ‌السفرجل:

- ‌الكمثرى:

- ‌التفاح:

- ‌البرقوق:

- ‌التمرهندى:

- ‌العنب:

- ‌التمر:

- ‌اللوز:

- ‌الجوز:

- ‌التوت:

- ‌العناب:

- ‌البطيخ والشمام:

- ‌البرتقال:

- ‌‌‌الليمون:

- ‌الليم

- ‌الرمان:

- ‌الموز:

- ‌ الخيار

- ‌العجور:

- ‌الهندباء:

- ‌الخرشوف:

- ‌البامية:

- ‌الكرفس:

- ‌الفاصوليا الخضراء:

- ‌السلق:

- ‌الجزر اليمانى:

- ‌الباذنجان:

- ‌الفاصوليا الجافة والفول الجاف:

- ‌الفجل:

- ‌شبت:

- ‌الثوم:

- ‌الكمون:

- ‌أسباب ظهور الأمراض فى مكة المفخمة

- ‌نصائح لمن يذهبون إلى الحجاز:

- ‌حكاية:

- ‌طواف طائر بالبيت المعظم:

- ‌طواف الجن:

- ‌الصورة الرابعةالتعريف بحدود كعبة الله بالفضائل الجليلة لمكة المكرمة

- ‌نظم

- ‌هناك ثلاث روايات عن مقام إبراهيم

- ‌الرواية الأولى:

- ‌الرواية الثانية:

- ‌الرواية الثالثة:

- ‌النتيجة:

- ‌الحكمة الأولى:

- ‌الحكمة الثانية:

- ‌الحكمة الثالثة:

- ‌الحكمة الرابعة:

- ‌الحكمة الخامسة:

- ‌استطراد

- ‌شعر

- ‌حدود حرم الله ومواقيت كعبة الله المكانية:

- ‌‌‌شعر

- ‌شعر

- ‌أسماء الذين جددوا أميال المواقيت:

- ‌الصورة الخامسةفى توضيح المسائل الهامة الخاصة بإيجار واستئجار بيوت هذه المدينة المفخمةللإقامة فى مدينة مكة المعظمة

- ‌حكاية:

- ‌حكاية أخرى:

- ‌قصة غريبة:

- ‌نظم

- ‌خلاصة مسألة إيجار البيوت:

- ‌الوجهة الثانيةتحتوى على ثلاث عشرة صورة مرتبة تضم أقوال المؤرخين التى ذكرت حولتفاصيل بناء مكة المعظمة وعمارتها، وعن الذين قاموا ببناء هذه البقعة المقدسةالمباركة، وأسباب تجديدها وتعميرها وإنقاص مساحتها وتوسيعها

- ‌الصورة الأولىتعرض الأقوال التى ذكرت فى أوليات بناء الكعبة

- ‌شعر

- ‌الصورة الثانيةفى تفصيل وبيان كيفية بناء الكعبة المعظمة للمرة الأولى

- ‌الصورة الثالثةتوضح صورة بناء الكعبة المعظمة فى المرة الثانية

- ‌أقوال الجمهور فى تعريف البيت المعمور:

- ‌إخطار:

- ‌الصورة الرابعة توضح كيفية تجديد الكعبة المحرمة فى المرة الثالثة

- ‌حكمة:

- ‌ترجمة حال سيدنا الخليل عليه سلام الله الجليل:

- ‌رباعية:

- ‌تفصيل

- ‌قطعة

- ‌استطراد

- ‌بيت

- ‌أبيات

- ‌حكمة

- ‌إخطار:

- ‌صورة هجرة سيدنا إبراهيم إلى مصر:

- ‌إضافة:

- ‌إخطار:

- ‌إخطار:

- ‌أبيات

- ‌سبب سفر خليل الرب الجليل إلى واد غير ذى زرعومكة وطريقة سفره

- ‌استطراد

- ‌إخطار:

- ‌نظم

- ‌تنبيه:

- ‌كيف ظهر بئر زمزم الشريف:

- ‌الغراب الأعصم:

- ‌أسماء زمزم الشريف

- ‌1 - زمزم:

- ‌2 - همزة:

- ‌3 - هزمة جبريل:

- ‌4 - ظبية:

- ‌5 - طيبة:

- ‌6 - برة:

- ‌7 - عصمة:

- ‌8 - مضنونة:

- ‌9 - شباعة العيال:

- ‌10 - عونة:

- ‌11 - سقيا الله إسماعيل:

- ‌12 - بركة:

- ‌13 - سيدة:

- ‌14 - نافعة:

- ‌15 - بشرى:

- ‌16 - صافية:

- ‌17 - معذبة:

- ‌18 - طاهرة:

- ‌1).19 -حرمية:

- ‌20 - مروية:

- ‌21 - سالمة:

- ‌22 - ميمونة:

- ‌23 - مباركة:

- ‌24 - كافية:

- ‌25 - عافية:

- ‌26 - طعام طعم:

- ‌27 - شفاء سقم:

- ‌28 - مؤنسة:

- ‌29 - شراب الأبرار:

- ‌30 - تكتم:

- ‌نظم

- ‌هجرة قبائل الجراهمة وقطورا إلى مكة المكرمة

- ‌زواج سيدنا إسماعيل وذهاب سيدنا إبراهيم إلى مكة لمقابلة ابنه

- ‌نظم

- ‌مسألة:

- ‌كيفية حدوث قصة الذبح الجليلة

- ‌نظم

- ‌نظم

- ‌نظم

- ‌نظم

- ‌قطعة

- ‌حكمة:

- ‌استطراد

- ‌لاحقة:

- ‌تكليف حضرة الخليل ببناء الكعبة المعظمة:

- ‌إخطار:

- ‌قطعة:

- ‌نظم

- ‌نظم

- ‌قطعة

- ‌لائحة فى ذكر كيف قدمت وتشكلت حكومة العمالقة والجراهمة فى مكةالمكرمة

- ‌نظم

- ‌انتقال حكومة مكة إلى يد بنى خزاعة

- ‌القصيدة:

- ‌إخطار:

- ‌الصورة السادسةتوضح كيف تم تجديد البيت العتيق فى المرة الخامسة وكيف نجح العمالقة فىتجديده

- ‌الصورة السابعةتبين طريقة تجديد البيت الأكرم فى المرة السادسة

- ‌الصورة الثامنةفى ذكر طريقة تجديد وبناء كعبة الله فى المرة السابعة

- ‌إخطار:

- ‌انتقال حكومة مكة المكرمة إلى قصى بن كلاب بن مرة:

- ‌استطراد:

- ‌نشأة الإجازة:

- ‌جاهلية العرب:

- ‌الذيل:

- ‌تأسيس مدينة مكة المعظمة المشهورة

- ‌استطراد:

- ‌الحجابة:

- ‌السقاية:

- ‌الآبار الموجودة فى مكة المعظمةقبل ظهور بئر زمزم الشريف

- ‌ طوى

- ‌ بذر

- ‌ سجله

- ‌حفر، سقية، أم أحراد، سنبلة، غمر:

- ‌مسألة:

- ‌لاحقة:

- ‌اللواء:

- ‌الندوة-معناها الاجتماع:

- ‌السفارة:

- ‌النظارة:

- ‌صاحب القبة ومعناه ناصب الخيمة:

- ‌الأزلام:

- ‌طريقة التفاؤل وإجراء القرعة بالأزلام:

- ‌قرعة العرب فى الجاهلية

- ‌لعب القمار فى الجاهلية

- ‌خازن الآلات والأموال:

- ‌رفادة:

- ‌شكل السماط

- ‌القيادة:

- ‌اختلاف قريش:

- ‌مطالعة:

- ‌تعريف الكهانة

- ‌ العرافة

- ‌الزجر والطيرة:

- ‌حكاية:

- ‌الصورة التاسعةفى تفصيل كيفية بناء الكعبة المعظمة للمرة الثامنة

- ‌ فتوى:

- ‌ صورة الفتوى الشريفة:

- ‌إخطار:

- ‌ ظهور حية كبيرة فوق الكعبة:

- ‌صور الأنبياء وقصص مثيرة للعجب والحيرة

- ‌ حكاية:

- ‌‌‌ حكاية:

- ‌ حكاية:

- ‌صورة دخول عبادة الأصنام إلى أرض الحجاز:

- ‌بدء ظهور عبادة الأصنام على وجه الأرض

- ‌الكلمات المسموعة من أصنام أهل مكة

- ‌شعر

- ‌شعر

- ‌ حكمة:

- ‌ الأبيات

- ‌الأبيات التى سمعها وائل من داخل الصنم

- ‌شعر

- ‌ادعاء جمشيد الألوهية

- ‌ظهور طقوس الوثنية بين أحفاد إسماعيل

- ‌أول من اعتنق عبادة الأصنام من بنى إسماعيل:

- ‌إخطار:

- ‌معلومات خاصة بالجن والشياطين

- ‌لننتقل للبحث عن إبليس:

- ‌ حكاية:

- ‌ حكاية:

- ‌ الأبيات

- ‌قصة الفيل العجيبة:

- ‌بلاد الحبشة:

- ‌استطراد:

- ‌معلومات خاصة فى صورة خلقة الفيل وكيفية العناية به:

- ‌فى تعريف رصانة أبنية القليس:

- ‌قصة بيت أصنام بنى بغيض:

- ‌هجوم ملك الروم .. بقصد تخريب كعبة الله القيوم:

- ‌الصورة العاشرةفى تجديد مبانى الكعبة المقدسة للمرة التاسعة

- ‌خطبة ابن الزبير:

- ‌الصورة الحادية عشرةفى تجديد مبانى الكعبة المقدسة للمرة العاشرة

- ‌حادثة غريبة:

- ‌ترجمة حال ابن الزبير:

- ‌مطالعة:

- ‌تعريف مراتب وألقاب الخلافة والسلطنة والمملكة بالإجمال

- ‌حكام أوربا:

- ‌الصورة الثانية عشرةفى ذكر كيفية تعمير أركان بيت الله وتشييده

- ‌حكاية غريبة:

- ‌الصورة الثالثة عشرةتجديد بيت الله للمرة الحادية عشرة

- ‌عين زبيدة:

- ‌إحدى كرامات بيت الله الحرام:

- ‌ الأسباب القهرية التى بينها المهندسون فى تقارير المعاينة

- ‌ردود المعترضين:

- ‌رغبتهم فى عدم تنظيف الحرم الشريف:

- ‌تكليف رضوان باشا بإعادة بناء بيت الله:

- ‌رؤيا غريبة

- ‌حكاية أخرى

- ‌مكافاة رضوان أغا على جهده وإخلاصه

الفصل: ‌صورة دخول عبادة الأصنام إلى أرض الحجاز:

إن خلاصة هذه الحكاية مكتوبة فى كتاب دلائل النبوة منقولا عن الإمام البيهقى الذى نقله عن أبى أمامة الباهلى وهو قد نقله عن هشام بن العاص الأموى

(1)

.

وقد نقل عن كعب الأحبار أن حضرة آدم-عليه السلام-حينما اقترب أجله، استدعى أبناءه الذين كانوا على قيد الحياة وأراهم تابوتا، ونظر أبناؤه إلى التابوت، فوجدوا به أدراجا كثيرة صغيرة بعدد الأنبياء الكرام-على نبينا وعليهم السلام-والدرج السعيد الذى فى نهاية الأدراج، كان خاصا بخاتم الأنبياء وكان تحفة لامعة الأنوار مصنوعا من الياقوت الأحمر.

وفى داخل البيت كان إمام الأنبياء-عليه وعليهم السلام-قائما يصلى وعن يمينه الصديق وعن يساره الفاروق ومن خلفهم ابن عفان وأمامهم صاحب القرآن على بن أبى طالب-رحمهم الله، ورضى عنهم أجمعين.

وكان مسطورا على جبهة الصديق الكريم عبارة: «هذا أول من تبعه من أمته» وعلى الجبين المبارك للفاروق عبارة «قرن من حديد، أمين شديد لا تأخذه فى الله لومة لائم» وعلى جبهة ابن عفان «ثالث الخلفاء» وعلى جبهة على بن أبى طالب «هذا أخوه وابن عمه المؤيد بنصر الله» وعلى قول «ليث كرار غير فرار يحب الله ورسوله» وكان يرى فى جوانب هؤلاء المهاجرون والأنصار النقباء والخلفاء الآخرون.

‌صورة دخول عبادة الأصنام إلى أرض الحجاز:

إن القبائل التى تقطن الخيم حول كعبة الله عبدة أصنام مصنوعة من الأحجار والأشجار، والزمن الذى مالوا فيه إلى الضلالة كان فى عهد (أردشير بن شابور) من ملوك الفرس وكان «عمرو بن لحى بن قمعة بن خندف» الذى لا دين له حاكما لأرض الحجاز المقدسة.

وقد نقل الإمام «الراشطى» أن عمرو بن لحى بن قمعة هو الحارث بن عمرو بن مزيقيا بن عامر ماء السماء بن الغطريف بن امرئ القيس بن ثعلبة مازن بن أزد

(1)

دلائل النبوة للبيهقى 386/ 1 - 390.

ص: 348

من نسل زيد بن كهلان بن سبأ، وأن نسبه هو نهاية نسب أفراد قبائل بنى خزاعة. ورغم هذا فإن بعض علماء النسب انتقدوا هذه الرواية المنقولة عن الراشطى وخرجوها قائلين: إن هذه الرواية رأى من يدعون أن خزاعة من أهل اليمن. ورفعوا سلسلة نسب عمرو إلى إلياس بن مضر.

والواقع أنه عند ما توفى قمعة بن خندف كانت زوجته حاملا وتزوجت من الحارث بن عمرو مزيقيا وبعد فترة ولدت لحى وتربى لحى فى كنف الحارث ونسب إليه.

وعلى هذا يكون لحى ربيب الحارث بن عمرو مزيقيا وابن قمعة بن إلياس بن مضر. وهذا القول هو المرجح وأكثر صحة من القول الآخر.

واسم لحى بن قمعة ربيعة وجدته لأبيه: خندف المسماة بليلى بنت حلوان بن عمران بن الحان بن قضاعة وزوجها هو إلياس بن مضر.

أما سبب إطلاق اسم خندف على ليلى فقد ذكر فى البحث الخاص بانتقال حكومة مكة إلى قصى بن كلاب. وقد انفصلت قبيلة خزاعة من عمرو بن لحى وبما أن ليلى «خندف» وكانت والدة قمعة أطلقت أفراد قبيلة خزاعة على ليلى اسم الأم.

قال المؤرخون الذين ذكروا سبب إطلاق اسم خزاعة لبنى عمرو قد هاجر أهل سبأ عقب وقعة سيل العرم من بلادهم، وهاجر كل جماعة إلى مكان ما واشتهروا باسم ذلك المكان.

وفى ذلك الوقت استقر أولاد وأحفاد مازن الأزد بن الغوث بن ليث بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب ابن يعرب بن قحطان فى جانب ماء اسمه غسان

(1)

القريب من المكان المسمى «مشلل» واختاروا الإقامة فيه قبل بنى مازن، ولما انقطع وانجزعت جماعة عمرو بن لحى عن القبائل الأخرى، وسكنوا بأطراف مكة المكرمة قيل لبنى عمرو بن لحى بنو خزاعة.

(1)

هناك رواية تقول إن الماء المسمى «بغسان» من مياه سد مأرب وإنه اسم ماء منسوب لأبناء مازن بن الأزد بن الغوث ولذلك يطلق على بنى مازن الغسانى إلا أن الرواية الأولى أصح.

ص: 349

الأوس والخزرج أجداد الأنصار الكرام هم أبناء حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة مازن بن عبد الله بن الأزد بن الغوث.

وعند ما أخرج بنو خزاعة قبائل الجراهمة من مكة المعظمة بالقوة وأبعدوهم إلى بلاد اليمن اتخذوا عمرو-مستحق الجمر-رئيسا لقبيلتهم واجتهدوا على أن ينفذوا كل ما جاء به من البدع والخزعبلات عن طيب خاطر

(1)

.

إن الأسباب الرئيسية لرضا بنى خزاعة العمل بما كلفهم به عمرو دون تفكر ترجع إلى تكريمه للقبائل البدوية وجوده معهم وإلباسه الخلع للعظماء والوجهاء فى مراسم الحج.

وكان عمرو بن لحى، الذى نال رئاسة بنى خزاعة يسافر إلى بلاد الشام فى أثناء حكومته. وقد رأى أحفاد العمالقة يعبدون الأصنام فى مدينة مأرب من أرض البلقاء التى استوطنوا بها فسألهم: ما أسباب عبادتكم لهذه الجمادات؟ فأجابه عبدة تلك الأصنام بقولهم: إنها مجموعة من الآلهة صنعت على غرار الهياكل العلوية والصور البشرية وإننا نستمر فى عبادتها واحترامها وتوقيرها وقد اتخذناها آلهة لنا وعلى هذا فهى تستجيب لتضرعاتنا، فإذا ما طلبنا منها مطرا فى أى وقت تنزل مطرا وإذا استعنا بها فى حاجة من حوائج الدنيا فتحقق مطالبنا؛ فصدق قولهم وطلب منهم أن يعطوه واحدا منها قائلا: إذا أعطيتمونى واحدا منها أحمله إلى أرض الحجاز وأدعو بنى إسماعيل لعبادته وأرغبهم فيه، فقاموا على الفور بإهدائه صنما ثقيلا يسمى هبل.

وفى رواية أخرى أن إساف ونائلة من الأصنام التى أهديت إلى عمرو بن لحى من قبل العمالقة.

وقد سر عمرو بن لحى إذ أهدى له إله وأخذ هبل المذكور ووضعه فى المخزن الذى صنعه إبراهيم لحفظ الهدايا المقدسة لعتبة الكعبة الشريفة، وعلى قول آخر ركزه فوق جبل الأخشب

(2)

وطلب من الأهالى أن يظهروا له الاحترام اللازم ويتعبدوا له ليلا ونهارا.

(1)

إن هذه الكيفية قد حررت بالتفصيل فى المكان الخاص به من كتاب مرآة المدينة.

(2)

هذا القول ضعيف.

ص: 350

وقد عرف فاضل أبو الفوز البغدادى فى كتابه القيم المسمى «سبائك الذهب فى معرفة قبائل العرب» أصل هبل الذى اعتقد عمرو فى ألوهيته. وقال: إن هبل الذى حمله عمرو بن لحى من الشام إلى مكة كان تمثالا لإنسان عجيب الشكل.

وكان مصنوعا من العقيق إلا أن يده اليمنى كانت مكسورة.

وقال إن قريشا الذين صدقوا ألوهيته قاموا بتركيب يد من الذهب له وأخذوا يعبدونه مظهرين له الاحترام والتوقير والإخلاص.

قال ابن إسحاق فى تعريف هبل: هبل صنم كبير مصنوع من العقيق على شكل إنسان لكن يده اليمنى كانت مكسورة ومفقودة، ولما رأى آل قريش أنه بلا يد صنعوا له يدا من ذهب وركبوها فيه.

وكان لهبل خزينة خاصة لوضع الهدايا التى تقدم له وتحفظ فيها. وكذلك كان له سبعة أقداح لإجراء القرعة

(1)

ولا يمكن للذى يريد إجراء القرعة استخدام القداح ما لم ينذر بذبح مائة من الإبل. انتهى.

وبعد ذلك بمدة شاع خبر هبل الذى جلبه عمرو-متسحق الجمر-بين مشركى البدو، حيث أخذوا يوقرون ويعظمون ذلك الصنم بتحريض من عمرو وتشجيعه وأشركوا هبل المصنوع من الحجر بخالق الأفلاك-تنزهت ذاته عن الشرك- وهكذا كفروا.

ورغم أن مشركى العرب قد اعتنقوا الكفر فقد ظل بينهم بعض الأفراد محافظين على دين الخليل وتمسكوا به.

وكان هؤلاء يقومون بتعظيم بيت الله، والطواف حوله وأداء الحج ويخرجون لأداء العمرة ويصعدون عرفات والمزدلفة ويذبحون الأضاحى ويعتمرون اقتفاء لآثار سيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل-عليهما السلام.

وكانت دعوة عمرو بن لحى قبائل العرب البدو لعبادة الأصنام قبل البعثة

(1)

توجد معلومات وافية حول هذا الموضوع فى البحث الخاص بالقرعة عند العرب فى الجاهلية.

ص: 351

النبوية بألف عام وعلى قول بثلاثمائة وخمس وعشرين سنة، وبعد فترة قصيرة كان كل ساكنى منطقة الحجاز من أولاد إسماعيل-عليه السلام-قد اتجهوا إلى عبادة الأصنام المنحوتة من الأشجار والأحجار ولهذا فإذا خرج أى واحد منهم أو أى قبيلة خارج ميقات كعبة الله كان يأخذ معه-بهدف تعظيم بيت الله-حجرا من المسجد الحرام على النحو الذى سنذكره مفصلا فيما بعد-ويضعه فى الأماكن التى ينزل فيها ويأخذ فى الطواف حوله كما كان يطوف بالكعبة.

وبمضى الوقت غاب عن الذهن سبب تعظيم الأحجار واستبدل دين الخليل بعبادة الأصنام وتحول الناس عن عبادة خالق العباد إلى عبادة الأصنام.

وبعد ذلك اهتم الذين غيروا دينهم بتعظيم حجارة المسجد الحرام حتى إنهم فاقوا فى عبادة الأصنام الضالين من أفراد الأمم الأخرى الذين يعبدون الأصنام.

وبلغ الأمر حدّا حتى إن قبيلة قريش وطائفة بنى كنانة كانوا يلبون فى وقت الحج قائلين «لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك» ويدخلون داخل الكعبة ممسكين بأيديهم غير المباركة الأصنام التى صنعوها بأيديهم، واستمر هذا الحال المشؤوم حتى يوم إشراق نور النبوة.

وخلال تلك الفترة اهتم أهل الحجاز بعمل أصنام كثيرة مثل: اللات-العزى -مناة-ذو الخلصة-ذو الكفين-ذو الشرى-قلس-رضاء-ذو الكعبات وغيرها من الأصنام وقد سميت بعض هذه الأصنام بأصنام عبدة الأصنام فى عهد نوح-عليه السلام.

وقد ظهر فى الفترة التى بين آدم ونوح-عليهما السلام-خمسة أشخاص

(1)

وكانوا حريصين على طاعة الله وعبادته وبهذا نالوا حب الناس واحترامهم وعند ما أتم هؤلاء آجالهم وارتحلوا إلى عالم العقبى لم يستطع أولادهم وأتباعهم أن يتحملوا آلام فراقهم وتحسّروا عليهم، فصنعوا-بإيعاز من الشيطان-لكل واحد منهم صورة ليعلقوها فى مساجدهم. وفعلا قد وضعوا هذه الصور فى مساجدهم وظلوا يزورونها بكثرة ليخففوا شدة حزنهم وليزيلوا وطأة حسرتهم.

(1)

توجد تفاصيل وافية فى هذا الموضوع فى البحث الخاص ببدء ظهور الأصنام.

ص: 352