الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهكذا طهر الله-سبحانه وتعالى-الكعبة الشريفة، ونزهها من لوث بنى البشر الذين يعبدون الدنيا.
الحكمة الثالثة:
حتى لا تتحول الكعبة إلى متجر لأنها خلقت للحج والزيارة فقط.
الحكمة الرابعة:
لتقديس مكانة الفقر وشرفه.
الحكمة الخامسة:
من أجل إبراز أن كعبة المعرفة لا تحل إلا فى قلب خال من حب الدنيا وزخرفها، وهذا يدل على علو فضل الكعبة المباركة علوا فوق العادة انتهى.
وإذا وضع مفتاح باب المعلا مفتاح مصباح السعادة فى فم طفل ألثغ
(1)
فبقدرة الله تحل عقدة لسان هذا الطفل.
ولا تحلق طيور السماء فوق الكعبة، والحمام المريض يرقد فوق الكعبة فيشفى. تظل ساكنة بلا حركة فوق الكعبة المعظمة إلى أن تشفى. وبعضها يرقد فوق ميزاب الرحمة ليشفى، وإذا هبطت الأمطار من أى جهة من أركان الكعبة المعظمة تعم البركة، وتفيض بالخير والنماء البلاد التى فى تلك الجهة.
وأقصى ما يستوعبه بيت الله-المملوء بالفيض-خمسمائة شخص كما ذكرنا فى الصورة السادسة من الوجهة السادسة لأن مساحته 656 قدم مربع، ومع هذا إذا دخله بضعة آلاف من البشر دفعة واحدة، فإنه يستوعبهم ويمكنهم أن يؤدوا عبادتهم فرحين فخورين.
وفى موسم الحج تدخله أعداد غفيرة من البشر، ولو دخلت هذه الأعداد الكبيرة إلى أن مكان آخر لا بد أن يموت عدد منهم بأى حال من الأحوال. أما
(1)
اللّثغ: فعله لثغ فلان لثغا: تحّول لسانه من حرف إلى حرف غيره، كأن يجعل السين ثاء أو الراء غينا.
فى البيت الحرام، فلم يحدث هذا إلا فى عام 581 هـ فقط،ولأسباب قهرية توفى فيه أربعة وثلاثون شخصا.
ويقول «نورشتى» رحمه الله من شراح «المصابيح» فى إطار حديثه عن فضائل بيت العزة: «لقد رأيت الكثير من كرامات البيت الكريم فى فترة وجيزة منها: أن حمام الحرم الشريف لا يحلق فوق كعبة الله في أثناء طيره لا يعلو أكثر من ارتفاع تلك البقعة المباركة وبعد التقاط الحبوب التى تلقى له فى كل وقت يحلق فى الهواء، ويطوف بالكعبة الشريفة ولا يرتفع بأى حال من الأحوال أعلى من بيت الله، ومع هذا فإنه يقف فوق الشرفات والقباب التى بداخل الحرم الشريف. ولا يحط فوق سطح الكعبة الشريفة.
وقد رأيت عدة مرات أن المريض من هذا الحمام يرتفع فوق الأرض ارتفاعا مساويا لسطح بيت الله ويحلق بجناحيه. ويقف فوق الميزاب الذهبى أو فوق أحد أركان الكعبة، ويظل واقفا هناك لفترة فى خشوع تام وخضوع.
وهو يرتعد. وبعد ذلك يتحرك معافى فيسلم تماما لكنه لا يطير أعلى من مستوى السقف الشريف» انتهى.
وفى أثناء الطوفان كان السمك الكائن في داخل حدود الله كان الكبير منه لا يأكل الصغير.
وعند حلول أوقات الصلاة، وفى النصف الأخير من ليالى الأعياد وفى المناسبات التى يكثر فيها الناس فإن الحرم الشريف للمسجد الحرام يستوعب طولا وعرضا أية جماعة من الناس مهما زاد عددهم. كما لا ينبعث دخان من النيران التى توقد فى الشوارع وخاصة في البيوت والمساكن.
ومبانى بيت العزة ما زالت قائمة إلى الآن على صورتها وهيئتها التى أسسها عليها سيدنا إبراهيم-عليه وعلى نبينا التكريم-وهذا فى نظر أهل الاستدلال علامة وإشارة وضاءة تسترعى الانتباه يرتجف معها الوجدان، لأن المبانى التى لم توضع تحت غطاء لا يمكن أن تحتمل تأثير الرياح والأمطار بضع مئات من السنين،
مهما كانت درجة متانتها وقوتها. وإذا تم تجديدها مرة فإنها لا تبنى على نفس الشكل السابق لها.
وما زالت الأبنية المفخمة الشريفة حتى هذه اللحظة عرضة للرياح العاصفة والأمطار الغزيرة المستمرة، وقد تم تجديدها لمسوغ شرعى إحدى عشرة مرة، فلم يحدث أى خلل فى جدرانها كما لم يتغير شكل أصغر حجر وضعه عند التجديد فالركن اليمانى قد ارتج فى سنوات 592،515،433،ورغم أنه فى المرة الأولى سنة 433،سقط منه قدر أصبع بعد أن تشقق؛ إلا أنه لم يتغير أى طرف منه اكتفى فقط بإصلاح الموضع الذى سقط منه الحجر.
ومن خواص الكعبة المقدسة أن من يراها أول مرة إما يضحك أو يبكى.
وقد انتابنى البكاء-أنا الفقير كاتب هذه الحروف-عند رؤيتى الكعبة وظللت أبكى فترة. وكل من يتواجد حدود حرم الله، سواء كان إنسانا أو شجرا، أو حيوانا ينعم بالأمن التام بفضل الله تعالى.
وقال المفسر «النقاش» عليه رحمة القادر: «يا إلهى إنك تفضلت قائلا إن الداخل فى حرم المسجد الحرام يكون آمنا، ولقد تحيرت فى فهم هذا الأمر!! فمم أكون آمنا؟! ودار هذا الخاطر فى وجدانى ذات ليلة؟ وعقب ذلك سمعت من ورائى من يقول «آمنا من النار» وعند ما لم أجد خلفى أو حولى أحدا أدركت أنه جواب من عند الله».
هذه الرواية تشير إلى المعنى الحقيقى للآية الكريمة: {مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً} (آل عمران:97) ويرى فحول العلماء فى هذه الآية معان كثيرة مثل: من اعتمر بنية التقرب إلى الله فهو يأمن نار جهنم يوم القيامة وقال خاتم الأنبياء-عليه أفضل السلام: «كل من يموت فى أحد الحرمين يحشر يوم القيامة فى زمرة الآمنين» . (حديث شريف).
«وكل من يصبر على حر مكة المكرمة ساعة واحدة فى اليوم يباعد بينه وبين نار جهنم مسافة مائتى سنة» .
«من حج فلم يرفث، ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه» (حديث شريف).وأن الله تعالى يلقى الرحمة والشفقة بقلوب الناس تجاه من يلجئون إلى كعبة الله.
ومن هذا القبيل: أن صحابة الرسول الكرام الذين كانوا فى معيته المباركة السعيدة-صلى الله عليه وسلم-عند أداء العمرة، أمنوا عند دخولهم الكعبة من أذى المشركين والذين يحجون مرة واحدة فى العمر لا يعاقبون على ذنوبهم التى ارتكبوها قبل الحج. أما من أمن الحيوانات والأشجار، فإن قطع النباتات والأشجار وصيد الحيوانات حرام تماما فى أرض حرم الله السعيدة.
وعلى هذا فالحيوانات الموجودة داخل الحرم الشريف. لا تخاف ولا تنفر من بعضها البعض، فعلى الحيوانات أيضا أن تراعى الحكم الإلهى، ولو أن كلبا تعقب غزالا وطارده، واستطاع الغزال أن يلوذ بحدود الحرم، فإن الكلب ينصرف عن مطاردة الغزال وينتظر إلى أن يخرج بعيدا عن الحرم. وإذا دخل الكلب أيضا أرض الحرم، فإنه يمشى بجانب الغزال، يتحاشى أن يصيبه بأذى.
ومن يدخل فى حدود الحرم من بنى البشر لا يحاسب على ذنبه وهو داخل الحرم.
وبما أن هذا الأمر كان مرعيا فى صدر الإسلام وكذلك فى الجاهلية، فلو ارتكب شخص إثما أو قتل إنسانا ثم دخل المسجد الحرام لائذا به فيكون فى أمن من سلطة الدولة، أو من ورثة القتيل وهكذا ينجو من المطاردة والفزع، وتقى الحيوانات إضرار بعضها بعض فما بالك بإضرار بنى البشر، وفى أيام «منى» التى هى أيام رمى الجمرات لا يهاجم النمل. والحشرات الطعام الملقى هنا وهناك ولا يلوثه، رغم وجود كل أنواع الطعام مثل: العسل، والمربى، فإنها تلف حوله ولكنها لا تدخل فيه.
ومهما زاد عدد الحجاج، فإن الأحجار التى يلقونها والجمرات، لا تزيد، ومعروف أن هذه الجمرات ترمى منذ آلاف السنين. ففى كل سنة، يلقى حوالى