المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أقوال الجمهور فى تعريف البيت المعمور: - موسوعة مرآة الحرمين الشريفين وجزيرة العرب - جـ ١

[أيوب صبري باشا]

فهرس الكتاب

- ‌قصة هذا العمل

- ‌هل كانت كلمة المرآة مقصودة من المؤلف؟وماذا أراد المؤلف باستخدام كلمة المرآة ودلالتها

- ‌أسباب تصنيف الموسوعة:

- ‌أولا:

- ‌ثانيا:

- ‌الكتاب المصنّف:

- ‌سبب إطلاق هذه الأسماء على مكة:

- ‌فالأبواب الشرقية:

- ‌أما الأبواب الجنوبية فهى:

- ‌والأبواب الغربية:

- ‌والأبواب الشمالية:

- ‌وللمسجد الشريف خمسة أبواب هى:

- ‌ أثرب:

- ‌ أرض الله، أرض الهجرة:

- ‌ أكالة البلدان، أكالة القرى:

- ‌ البارة:

- ‌ الجليلة:

- ‌ ذات الحجر:

- ‌ سيدة البلاد:

- ‌ شافية:

- ‌ طيبة وطيّبة:

- ‌ عذراء:

- ‌ فاضحة:

- ‌ مؤمنة:

- ‌1 - أهل المدر:

- ‌2 - أهل الوبر:

- ‌تربية الأطفال

- ‌الزواج وعاداته

- ‌وليمة العرس:

- ‌حفل الختان

- ‌الخيل:

- ‌عناصر مجلد «مرآة جزيرة العرب»:

- ‌مرآة مكة

- ‌الوجهة الأولى

- ‌إفادة مخصوصة:

- ‌الخلاصة:

- ‌بيت الله (الكعبة):

- ‌ الملتزم

- ‌ المستجار

- ‌ الحجر الأسود

- ‌داخل الكعبة:

- ‌حجر إسماعيل:

- ‌ميزاب الكعبة:

- ‌حفرة المعجن:

- ‌الشادروان:

- ‌الستارة الشريفة:

- ‌المطاف الشريف:

- ‌المقام الشريف:

- ‌المنبر اللطيف:

- ‌المقامات الأربعة:

- ‌المقام الحنفى:

- ‌المقام الشافعى:

- ‌المقام الحنبلى:

- ‌المقام المالكى:

- ‌قبة الفراشيين:

- ‌قبة السقاية:

- ‌مسألة:

- ‌البلدة المعظمة مكة المكرمة

- ‌أديان العرب فى الجاهلية

- ‌أسماء مكة الله السامية

- ‌منظومة

- ‌سبب إطلاق هذه الأسماء على الكعبة

- ‌رواية:

- ‌نظم:

- ‌بكة:

- ‌بلد:

- ‌قرية:

- ‌أم القرى:

- ‌البلد:

- ‌أم رحم:

- ‌باسة:

- ‌صلاح:

- ‌ناسة:

- ‌حاطمة:

- ‌رأس:

- ‌كوثى:

- ‌عرش وعريش وعرش:

- ‌قادس، قادسية:

- ‌سبوحة:

- ‌حر‌‌ام:

- ‌ام:

- ‌معطشة:

- ‌برة:

- ‌رتاج:

- ‌رحم وأم الرحمة:

- ‌أم كوثى:

- ‌أمينة:

- ‌أم الصفا:

- ‌مروية:

- ‌متحفة:

- ‌أم المشاعر:

- ‌البلدة المرزوقة:

- ‌رواية:

- ‌حكمة:

- ‌حكاية مليئة بالعبر:

- ‌تهامة:

- ‌الحجاز:

- ‌البلدة الطيبة:

- ‌مدينة الرب:

- ‌عاقر:

- ‌فاران:

- ‌عتيق:

- ‌أسباب تلقيب بيت الله بالألقاب الجميلة

- ‌المشرفة:

- ‌مكرمة:

- ‌مهابة:

- ‌والدة:

- ‌نادرة:

- ‌جامعة:

- ‌المباركة:

- ‌المفخمة:

- ‌ المشرفة

- ‌أعلام قلاع الحرمين الشريفين

- ‌استيلاء طائفة القرامطة المفسدين على مكة المعظمة

- ‌استطراد

- ‌إخطار:

- ‌ الحسينية

- ‌وادى فاطمة

- ‌تنبيه:

- ‌العلاج:

- ‌درجات الحرارة

- ‌إفادة خاصة:

- ‌تنبيه:

- ‌الخوخ:

- ‌المشمش:

- ‌التين:

- ‌السفرجل:

- ‌الكمثرى:

- ‌التفاح:

- ‌البرقوق:

- ‌التمرهندى:

- ‌العنب:

- ‌التمر:

- ‌اللوز:

- ‌الجوز:

- ‌التوت:

- ‌العناب:

- ‌البطيخ والشمام:

- ‌البرتقال:

- ‌‌‌الليمون:

- ‌الليم

- ‌الرمان:

- ‌الموز:

- ‌ الخيار

- ‌العجور:

- ‌الهندباء:

- ‌الخرشوف:

- ‌البامية:

- ‌الكرفس:

- ‌الفاصوليا الخضراء:

- ‌السلق:

- ‌الجزر اليمانى:

- ‌الباذنجان:

- ‌الفاصوليا الجافة والفول الجاف:

- ‌الفجل:

- ‌شبت:

- ‌الثوم:

- ‌الكمون:

- ‌أسباب ظهور الأمراض فى مكة المفخمة

- ‌نصائح لمن يذهبون إلى الحجاز:

- ‌حكاية:

- ‌طواف طائر بالبيت المعظم:

- ‌طواف الجن:

- ‌الصورة الرابعةالتعريف بحدود كعبة الله بالفضائل الجليلة لمكة المكرمة

- ‌نظم

- ‌هناك ثلاث روايات عن مقام إبراهيم

- ‌الرواية الأولى:

- ‌الرواية الثانية:

- ‌الرواية الثالثة:

- ‌النتيجة:

- ‌الحكمة الأولى:

- ‌الحكمة الثانية:

- ‌الحكمة الثالثة:

- ‌الحكمة الرابعة:

- ‌الحكمة الخامسة:

- ‌استطراد

- ‌شعر

- ‌حدود حرم الله ومواقيت كعبة الله المكانية:

- ‌‌‌شعر

- ‌شعر

- ‌أسماء الذين جددوا أميال المواقيت:

- ‌الصورة الخامسةفى توضيح المسائل الهامة الخاصة بإيجار واستئجار بيوت هذه المدينة المفخمةللإقامة فى مدينة مكة المعظمة

- ‌حكاية:

- ‌حكاية أخرى:

- ‌قصة غريبة:

- ‌نظم

- ‌خلاصة مسألة إيجار البيوت:

- ‌الوجهة الثانيةتحتوى على ثلاث عشرة صورة مرتبة تضم أقوال المؤرخين التى ذكرت حولتفاصيل بناء مكة المعظمة وعمارتها، وعن الذين قاموا ببناء هذه البقعة المقدسةالمباركة، وأسباب تجديدها وتعميرها وإنقاص مساحتها وتوسيعها

- ‌الصورة الأولىتعرض الأقوال التى ذكرت فى أوليات بناء الكعبة

- ‌شعر

- ‌الصورة الثانيةفى تفصيل وبيان كيفية بناء الكعبة المعظمة للمرة الأولى

- ‌الصورة الثالثةتوضح صورة بناء الكعبة المعظمة فى المرة الثانية

- ‌أقوال الجمهور فى تعريف البيت المعمور:

- ‌إخطار:

- ‌الصورة الرابعة توضح كيفية تجديد الكعبة المحرمة فى المرة الثالثة

- ‌حكمة:

- ‌ترجمة حال سيدنا الخليل عليه سلام الله الجليل:

- ‌رباعية:

- ‌تفصيل

- ‌قطعة

- ‌استطراد

- ‌بيت

- ‌أبيات

- ‌حكمة

- ‌إخطار:

- ‌صورة هجرة سيدنا إبراهيم إلى مصر:

- ‌إضافة:

- ‌إخطار:

- ‌إخطار:

- ‌أبيات

- ‌سبب سفر خليل الرب الجليل إلى واد غير ذى زرعومكة وطريقة سفره

- ‌استطراد

- ‌إخطار:

- ‌نظم

- ‌تنبيه:

- ‌كيف ظهر بئر زمزم الشريف:

- ‌الغراب الأعصم:

- ‌أسماء زمزم الشريف

- ‌1 - زمزم:

- ‌2 - همزة:

- ‌3 - هزمة جبريل:

- ‌4 - ظبية:

- ‌5 - طيبة:

- ‌6 - برة:

- ‌7 - عصمة:

- ‌8 - مضنونة:

- ‌9 - شباعة العيال:

- ‌10 - عونة:

- ‌11 - سقيا الله إسماعيل:

- ‌12 - بركة:

- ‌13 - سيدة:

- ‌14 - نافعة:

- ‌15 - بشرى:

- ‌16 - صافية:

- ‌17 - معذبة:

- ‌18 - طاهرة:

- ‌1).19 -حرمية:

- ‌20 - مروية:

- ‌21 - سالمة:

- ‌22 - ميمونة:

- ‌23 - مباركة:

- ‌24 - كافية:

- ‌25 - عافية:

- ‌26 - طعام طعم:

- ‌27 - شفاء سقم:

- ‌28 - مؤنسة:

- ‌29 - شراب الأبرار:

- ‌30 - تكتم:

- ‌نظم

- ‌هجرة قبائل الجراهمة وقطورا إلى مكة المكرمة

- ‌زواج سيدنا إسماعيل وذهاب سيدنا إبراهيم إلى مكة لمقابلة ابنه

- ‌نظم

- ‌مسألة:

- ‌كيفية حدوث قصة الذبح الجليلة

- ‌نظم

- ‌نظم

- ‌نظم

- ‌نظم

- ‌قطعة

- ‌حكمة:

- ‌استطراد

- ‌لاحقة:

- ‌تكليف حضرة الخليل ببناء الكعبة المعظمة:

- ‌إخطار:

- ‌قطعة:

- ‌نظم

- ‌نظم

- ‌قطعة

- ‌لائحة فى ذكر كيف قدمت وتشكلت حكومة العمالقة والجراهمة فى مكةالمكرمة

- ‌نظم

- ‌انتقال حكومة مكة إلى يد بنى خزاعة

- ‌القصيدة:

- ‌إخطار:

- ‌الصورة السادسةتوضح كيف تم تجديد البيت العتيق فى المرة الخامسة وكيف نجح العمالقة فىتجديده

- ‌الصورة السابعةتبين طريقة تجديد البيت الأكرم فى المرة السادسة

- ‌الصورة الثامنةفى ذكر طريقة تجديد وبناء كعبة الله فى المرة السابعة

- ‌إخطار:

- ‌انتقال حكومة مكة المكرمة إلى قصى بن كلاب بن مرة:

- ‌استطراد:

- ‌نشأة الإجازة:

- ‌جاهلية العرب:

- ‌الذيل:

- ‌تأسيس مدينة مكة المعظمة المشهورة

- ‌استطراد:

- ‌الحجابة:

- ‌السقاية:

- ‌الآبار الموجودة فى مكة المعظمةقبل ظهور بئر زمزم الشريف

- ‌ طوى

- ‌ بذر

- ‌ سجله

- ‌حفر، سقية، أم أحراد، سنبلة، غمر:

- ‌مسألة:

- ‌لاحقة:

- ‌اللواء:

- ‌الندوة-معناها الاجتماع:

- ‌السفارة:

- ‌النظارة:

- ‌صاحب القبة ومعناه ناصب الخيمة:

- ‌الأزلام:

- ‌طريقة التفاؤل وإجراء القرعة بالأزلام:

- ‌قرعة العرب فى الجاهلية

- ‌لعب القمار فى الجاهلية

- ‌خازن الآلات والأموال:

- ‌رفادة:

- ‌شكل السماط

- ‌القيادة:

- ‌اختلاف قريش:

- ‌مطالعة:

- ‌تعريف الكهانة

- ‌ العرافة

- ‌الزجر والطيرة:

- ‌حكاية:

- ‌الصورة التاسعةفى تفصيل كيفية بناء الكعبة المعظمة للمرة الثامنة

- ‌ فتوى:

- ‌ صورة الفتوى الشريفة:

- ‌إخطار:

- ‌ ظهور حية كبيرة فوق الكعبة:

- ‌صور الأنبياء وقصص مثيرة للعجب والحيرة

- ‌ حكاية:

- ‌‌‌ حكاية:

- ‌ حكاية:

- ‌صورة دخول عبادة الأصنام إلى أرض الحجاز:

- ‌بدء ظهور عبادة الأصنام على وجه الأرض

- ‌الكلمات المسموعة من أصنام أهل مكة

- ‌شعر

- ‌شعر

- ‌ حكمة:

- ‌ الأبيات

- ‌الأبيات التى سمعها وائل من داخل الصنم

- ‌شعر

- ‌ادعاء جمشيد الألوهية

- ‌ظهور طقوس الوثنية بين أحفاد إسماعيل

- ‌أول من اعتنق عبادة الأصنام من بنى إسماعيل:

- ‌إخطار:

- ‌معلومات خاصة بالجن والشياطين

- ‌لننتقل للبحث عن إبليس:

- ‌ حكاية:

- ‌ حكاية:

- ‌ الأبيات

- ‌قصة الفيل العجيبة:

- ‌بلاد الحبشة:

- ‌استطراد:

- ‌معلومات خاصة فى صورة خلقة الفيل وكيفية العناية به:

- ‌فى تعريف رصانة أبنية القليس:

- ‌قصة بيت أصنام بنى بغيض:

- ‌هجوم ملك الروم .. بقصد تخريب كعبة الله القيوم:

- ‌الصورة العاشرةفى تجديد مبانى الكعبة المقدسة للمرة التاسعة

- ‌خطبة ابن الزبير:

- ‌الصورة الحادية عشرةفى تجديد مبانى الكعبة المقدسة للمرة العاشرة

- ‌حادثة غريبة:

- ‌ترجمة حال ابن الزبير:

- ‌مطالعة:

- ‌تعريف مراتب وألقاب الخلافة والسلطنة والمملكة بالإجمال

- ‌حكام أوربا:

- ‌الصورة الثانية عشرةفى ذكر كيفية تعمير أركان بيت الله وتشييده

- ‌حكاية غريبة:

- ‌الصورة الثالثة عشرةتجديد بيت الله للمرة الحادية عشرة

- ‌عين زبيدة:

- ‌إحدى كرامات بيت الله الحرام:

- ‌ الأسباب القهرية التى بينها المهندسون فى تقارير المعاينة

- ‌ردود المعترضين:

- ‌رغبتهم فى عدم تنظيف الحرم الشريف:

- ‌تكليف رضوان باشا بإعادة بناء بيت الله:

- ‌رؤيا غريبة

- ‌حكاية أخرى

- ‌مكافاة رضوان أغا على جهده وإخلاصه

الفصل: ‌أقوال الجمهور فى تعريف البيت المعمور:

وكبيرة. والأماكن التى صلى بها أقيمت فيها الجوامع والمدارس والمساجد وكان فى كل خطوة يقطع فرسخا، إذ كانت الأرض تطوى تحت قدميه طيا، والأراضى التى لم يطأها بقدميه تحولت إلى الصحارى.

قال كعب الأحبار عن البيت المعمور الذى أرسل من الجنة وهو يخبر سيدنا عمر بن الخطاب-رضى الله عنه-بهذا الأمر:

وعند ما هبط آدم-عليه السلام-إلى وجه الأرض، أنزل الحق-سبحانه وتعالى-قطعة ياقوت حمراء، ذات بابين من الزمرد الأخضر، تفتح إلى الشرق والغرب وكانت الياقوتة على شكل خيمة. وبعث معها رسالة تقول:«يا آدم هذه الياقوتة هى بيتى، وكلما طيف بالعرش الأعلى وصلى حوله فليطاف ويصلى كذلك حول بيتى» .

وبعد إكمال آدم-عليه السلام-قواعد بيت الله بمعاونة الملائكة وضع عليها الياقوتة المجوفة الحمراء المذكورة وأخذ يعبد الله حولها فى ذلّة وخضوع. وكان فى أركان الياقوتة الحمراء، أربعة أعمدة مستوية موزونة وكان داخلها مجوفا كقبة جامع. وقد استخدم فى إنزال هذه الياقوتة المجوفة على وجه الأرض سبعين ألفا من الملائكة العظام.

‌أقوال الجمهور فى تعريف البيت المعمور:

أقدم المفسرون الكرام على وصف البيت المعمور بنقل روايات مختلفة متباينة.

وقد رئى أنه من المناسب تثبيت بعض هذه الروايات فى هذا الموضع على أمل نفع أهل الإطلاع.

وهكذا بنى حضرة خالق الكاف والنون-تعالى شأنه عما يقولون-مقاما عاليا فوق أربعة أعمدة مستوية موزونة تحت العرش من أجل الملائكة الذين يطوفون بالعرش الأعظم، أعمدته من الزبرجد وغطاؤه من الياقوت الأحمر وسماه باسم «البيت المعمور» وبعده-كما ذكر من قبل-أوجد بواسطة الملائكة الكرام على وجه الأرض، وبمحاذاة البيت المعمور بيتا مكرما، وأمر أهل الأرض وسكانها

ص: 166

بزيارته والطواف حوله. وأصل اسم البيت المعمور «صراح» واسم خادمه الخاص «رزين» وأطلق عليه البيت المعمور لكونه مقر الملائكة، وبناء على ما كتب فى تفسير «السمرقندى» أن الملائكة الكرام بنوا البيت المعمور على وجه الأرض قبل خلق آدم عليه السلام، أو أن سيدنا آدم قد بناه بنفسه. وفى قول آخر أن البيت المعمور أرسل من الجنة لرفع وحشة فراق سيدنا آدم ليأتنس به وكان قطعة واحدة من الياقوت الأحمر، وقد أنزل فوق ساحة الكعبة المشرفة، ورفع إلى السماء فى طوفان نوح وكان ارتفاعه مثل ما بين الأرض والسماء

(1)

.

وحسب ما يفيده حديث المعراج الذى ورد فى صحيحى مسلم والبخارى، أنه الآن فى السماء السابعة، وتبعا لتفسير البيضاوى والكشاف، فى السماء الرابعة.

وبالنظر إلى تحقيق تفسير «الكواشى» أنه فى السماء الثالثة أو فى السماء السادسة أو فى السماء السابعة.

ويقول مؤلف تفسير (الواحدى) مؤيدا قوله بحديث خاص:- «إن البيت المعمور فى السماء الدنيا، وأن سيدنا جبريل يغوص كل يوم فى نهر الحياة الكائن فى السماء الرابعة ثم يخرج وينتفض فتنقطر من أجنحته حين يهزها سبعون ألف قطرة ماء، ويخلق من كل قطرة منها ملك ويقوم هؤلاء الملائكة المأمورين بزيارة البيت المعمور وأداء الصلاة ثم يعودون.

والملائكة المشار إليهم لا يعدون ولا يحصون لدرجة أن من أدى الصلاة مرة واحدة هناك لا يأتى عليه الدور مرة أخرى إلى الأبد.

وبناء على قول آخر أن اسم البيت الذى كان فى السماء الدنيا هو «صراح» وهو فوق الكعبة المشرفة وبمحاذاتها بحيث لو فرض سقوطه يسقط فوق السطح الشريف لبيت الله.

وقد سطر فى تفسير «اللباب» :كان البيت المعمور بقعة مثيرة لامعة مصنوعة

(1)

هو القول المرجح على الأقوال الأخرى.

ص: 167

من الياقوت الأحمر، ولها بابان من الزمرد يفتحان: أحدهما إلى الشرق والآخر إلى الغرب.

وكان الحجر الأسود-أيضا-من ياقوتة بيضاء، وسبب تحوله إلى السواد هو لمس النساء الحائضات فأطلق عليه الحجر الأسود. وقد أنزل حضرة الحق البيت المعمور والحجر الأسود إلى وجه الأرض قبل هبوط أبى البشر بألفى سنة، وبعد هبوطه كان آدم يجئ من الهند ويحج ويطوف بالبيت المعمور ثم يعود، وقد تكرر منه ذلك أربعين مرة.

وعند البعض أن البيت المعمور بنى فى السماء، وفى النهاية صدر الأمر ببناء البيت الحرام على سطح الأرض بمحاذاة موضعه فى السماء وبنفس الحجم.

وحسب قول صاحب «المواهب» إن الملائكة المسبحين بجوار البيت المعمور لا يحصى عددهم وبعدد تسبيحات كل واحد منهم يخلق ملك.

ويقول مؤلف «تفسير بحر العلوم» أنزل الحق-سبحانه وتعالى-على وجه الأرض، خيمة من خيام الجنة المتلألئة بالأشعة وأمر بوضعها فوق ساحة البيت المعظم فى مكة المكرمة، ولم يكن البيت الحرام قد بنى-بعد-آنذاك، وكانت الخيمة المذكورة قناديل واحدة حمراء مجوفة من يواقيت الجنان، وكان بالقرب منها ثلاثة قناديل من الذهب يعادل نورها مجموعة الثريا من النجوم، وبابا هذه الخيمة كانا مرصعين بلآلئ الجنة وكان أحدهما يفتح إلى الشرق والآخر إلى الغرب، وكان نور الجنان يلمع ويتلألأ فى داخلها. وقد أرسل مع الخيمة المذكورة الحجر الأسود لكى يكون كرسيا لسيدنا آدم يجلس عليه وهو من ياقوتة وضاءة ناصعة البياض شديدة اللمعان.

وجاء فى الحديث الصحيح «أن البيت المعمور ياقوتة حمراء من قطعة واحدة لها بابان فى الجهتين مصنوعان من الزمرد، وداخلها مزين بالياقوت والجواهر بما يعادل عشرة آلاف قنديل مثل الثريا. وأمام بابها منبر ومئذنة من الفضة الخام الخالصة، وفى كل يوم يغوص سبعون ألفا من الملائكة فى بحر النور ويرتدون

ص: 168

ملابس الإحرام المنسوجة من خيوط النور فيزورون البيت ويطوفون به. مرددين «لبيك، لبيك» ثم يذهبون والملك الذى يطوف مرة لا يرجع مرة أخرى.

ويحكى مؤلف «معارج النبوة» ،ناقلا من بعض الكتب المعتمدة فيقول: اعتاد الملائكة العظام على الاجتماع داخل البيت المعمور فى أيام الجمعة. وفى أيام الاجتماع يصعد سيدنا جبريل فوق المئذنة، ويؤذن، ويخطب سيدنا إسرافيل، ويؤمهم سيدنا ميكائيل-عليهم السلام.

ويتفاخر كل واحد منهم ملقيا خطبة مؤثرة تتضمن ما يهبونه إلى الأمة الإسلامية وبعد أداء الصلاة يقف جبريل الأمين ويهب ثواب آذانه إلى مؤذنى الأمة المحمدية، ويهب سيدنا إسرافيل ثواب خطبته إلى خطباء الأمة الإسلامية، ويقف سيدنا ميكائيل ويهب الأجر الجزيل الناتج عن إمامته إلى أئمة الأمة الإسلامية، يعلنون ذلك مفتخرين مباهين فى خطب بليغة مؤثرة، كما أن الملائكة الكرام يهبون ثواب صلواتهم التى أدوها إلى الأمة المحمدية ويشهدون على ذلك المقربين الكرام من الملائكة.

وعندئذ يصدر الخطاب الإلهى إلى الملائكة-يا أصناف الملائكة!! هل أنتم تنفقون جواهر السماء التى أنعمت بها عليكم بالمباهاة والفخر بكرمكم وجودكم؟ ألا فاشهدوا أننى حفظت الأمة المحمدية من عذاب الآخرة، وهذا مقرونا برحمتى وعفوى الإلهى.

وهكذا يعود الملائكة إلى أماكنهم محاطين بالألطاف الإلهية، وتنتهى إلى هنا أقوال المفسرين.

وعلى حد قول الإمام الأزرقى أنه عند ما وطأت قدم آدم سطح الأرض صدر إليه الأمر الجليل من رب العزة قائلا: يا آدم إن لى بيتا فى الأرض فى حذاء بيتى الذى فى السماء. وإذا كانت الملائكة الكرام يطوفون حول عرشى فطف أنت وأولادك وأحفادك كذلك حول بيتى فى الأرض، وصل وتعبد حوله.

يا آدم إنى أقمت أول بيت وضع للناس فى بطن مكة، يأتى الناس من كل فج

ص: 169

عميق لزيارته، وكل من جاءه معتمرا لا يبتغى إلا وجهى فقد زارنى وأكرمنى.

يا آدم اعتمر ما دمت حيا، وسوف يعتمر أنبياء وأمم القرون القادمة من بعدك، وقد اخترت موضع ذلك البيت قبل خلق السموات والأرض، ونفخت فيه من جلالى وكرامتى.

ولأن الله أرسل طائفة من الملائكة لمعاونة أبى البشر فى بناء البيت الشريف، ملأ آدم حفرة الأساس التى ذكرناها آنفا، ثم أقام على هذا الأساس الياقوتى هذا الجدار المتين الذى ارتفع عن الأرض قليلا.

ويروى أئمة الحديث أن فى كل سماء بيتا يعلو البيت المعظم حتى السماء السابعة، وبيتا فى كل أرض تحته حتى الأرض السابعة.

طبق هذا الحساب فإن «كعبة الله العليا» هى دار العبادة الخامسة عشرة.

وإذا افترضنا أن سقط أحد هذه البيوت حل محله غيره على سطحها.

لكل كعبة منها مخلوقات تطوف حولها من أهل السماء والأرض، ولا يمكن أن تخلو ممن يطوفون حولها.

البيت المعمور الذى اشتهر ب «رضاض» أو «صراخ» حسب القول المشهور يعلو الكعبة المعظمة ويأتيه كل يوم سبعون ألف ملك لزيارته والطواف حوله بنية عدم العودة حتى تقوم الساعة، ثم يعودون بعد الطواف.

وعلى الرغم من أن الروايات التى جاءت بشأن تأسيس الكعبة المعظمة للمرة الثانية مخالفة الإفادة إلى الآن، فإنه سواء ما قاله الأزرقى أو كعب الأحبار صفوة الرواة فهم يؤيدون قول عبد الله بن عباس سالف الذكر.

وبعد أن أسس آدم-عليه السلام-البقعة المقدسة للكعبة الشريفة على نحو ما سلف ذكره، التمس رحمة الله داعيا: يا رب إن كل من حج بيتك المعظم الذى بنيته امتثالا لأمرك وطاف حوله هل هو مثاب مأجور؟

ص: 170

فقال الله تعالى:

يا آدم لقد تجاوزت عن ذنبك كما تجاوزت كذلك عن ذنوب أولادك الذين سوف يحجون بيتى.

عاد آدم إلى بلاد الهند بعد أن تلقى جواب الرحمة هذا من الله.

وجاء فى رواية أخرى أنه بعد أن أتم آدم-عليه السلام-بناء الكعبة طلب مثوبة معطى العطايا مانح النعم، ولما كان آدم قد تلقى من رب العزة قوله:«سل منى أجرك حتى أعطيك» .

فإذا بآدم-عليه السلام-يدعو الله أن يدخله الجنة ثانية فرد عليه الله قائلا:

«يا آدم سوف أدخلك الجنة وكل من زار الكعبة من ذريتك وسأدخل الجنة كل من يزورون بيتى هذا» فظهرت علامات السرور عليه.

فائدة: بعد الطواف صلى آدم-عليه السلام-ركعتى الطواف ثم دعا فى مواجهة الملتزم

(1)

الشريف وقال: اللهم إنك تعلم سرى وعلانيتى فاقبل معذرتى وتعلم ما فى نفسى، وما عندى، فاغفر لى ذنبى، وتعلم حاجتى فأعطنى سؤلى. اللهم إنى أسألك إيمانا يباشر قلبى ويقينا صادقا حتى أعلم أنه لن يصيبنى إلا ما كتبت لى والرضا بما قضيت على.

فتلقى خطاب ربه ذى العزة «يا آدم لقد قبلت دعاءك وكل من يعرض على من أولادك وأحفادك حاجة له، وهو يقرأ هذا الدعاء فإننى أستجيب لدعائه وأقضى حاجاته، كما أزيل همه وغمه وألبى له حاجات الدنيا والآخرة، وإذا لم يقبل هذا الدعاء فى الدنيا سيجده فى الدنيا والآخرة.

ولأن هذا الطواف هو أول طواف لجنس بنى البشر فقد اتخذ آدم-عليه السلام-الملائكة قدوة فى طواف بيت الله.

(1)

الملتزم: يطلق على ما بين باب بيت الله والحجر الأسود.

ص: 171