الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تزول بسرعة. كما يحظر أكله فى المناطق الحارة وذلك لأنه يكسب الجسم حرارة عند تناوله.
الكمون:
عند ما يضاف إلى الأطعمة فإنه يقوى المعدة ويفتح الشهية.
أسباب ظهور الأمراض فى مكة المفخمة
فيما مضى كان الحجاج الذين يأتون مع المحمل الشامى ينصبون خيامهم بجانب الآبار التى فى طريق العمرة، كما كان حجاج المحمل المصرى ينصبون الخيام فى السطح أى المسطح الذى أمام الموقع المسمى «الشيخ محمود» ،وكانوا يتركون فى الميدان مخلفات الأغنام التى يذبحونها مكشوفة، كما كانوا يتركون بين الخيام جيف الإبل والخيول التى تنفق من المرض والتعب فى أثناء الطريق.
وكان الحجاج الذين يهبطون إلى منى لرمى الجمرات فى أثناء عودتهم من عرفات يتركون مخلفات الأضحيات فى المكان المخصص للذبح أمام الخيام، وأما من يذبحون الماعز فكانوا يتركون أجساد الماعز كاملة فى المكان الذى كانوا يذبحونها فيه وكانوا يتركون جيف الإبل التى تنحر خلف الجمرة الكبرى فى مكان نحرها وعند ما يتفق وجود الفضلات المتراكمة والقمامات من جيف الحيوانات وسط الخيام المنصوبة بين طريق العمرة وساحة «الشيخ محمود» كان المارة يعجزون عن المرور يسبب الرائحة الكريهة المنبعثة منها، ويصاب أغلب سكان الخيام بالأمراض مثل الصداع والغثيان. ولهذا كان الحجاج المساكين يعانون بجانب شدة الحرارة من تعفن جثث الأضحيات الملقاة هنا وهناك بين الخيام، وهذه الحالة الكئيبة يعجز القلم عن وصفها.
وهكذا كان الحجاج يتعذبون ثلاثة أيام مدة مكثهم فى منى. ولا يخلون من الشعور بالغثيان ويظلهم الخوف والتفكير فى الموت.
ولما كان المراد أن يقضى الحجاج الكرام فى هذا المكان الكئيب الموبوء الأيام الثلاثة فى صفاء الخاطر وطمأنينة، وأن يؤدوا مناسكهم فى هدوء بال وراحة وأن يصانوا من المخاطر القاتلة، اقترحت بعض الجهات المهتمة بالأمور-نتيجة
للتصور الحكيم السابق أن يحفر بجانب كل خيمة بئر يلقى فيها مخلفات الأضحيات ثم تغطى بعد ذلك؛ ولكن هذا الاقتراح لم يحظ بالقبول بين جماعات الحجاج-لأنه من قبيل-التكليف بما لا يطاق-ورفضوه قائلين إننا لن نظل هنا بصفة دائمة.
وقد فطن فى النهاية إلى أن الإصابة بالعلل الضارة مثل: الحمى والغثيان والصداع كان نتيجة لعدم الاهتمام بالأمور الصحية وعدم المبالاة بالنظافة والطهارة.
لذا كان من الإرادة السنية العادلة الكثيرة المحامد أمر السلطان «عبد المجيد» - جعل الله مثواه الجنة-أن تحل جميع المشكلات التى يشاع وقوعها فى أثناء موسم الحج، وأن يبحث عن حلول مناسبة للقضاء على جميع متاعب الحجاج الكرام الطالبى المغفرة.
وبما أن أغلب الحجاج-فى زماننا-يذهبون لأداء فريضة الحج عن طريق البحر فقد قل عدد الحجاج المشتركين فى قوافل المحامل، كما أنه قد تم حفر كثير من الحفر فى أماكن الحجاج بين طريق العمرة وميدان «الشيخ محمود» ،ودفن فيها مخلفات الأضاحى المذبوحة فى «منى» عند العودة من «عرفات» ابتداء من سنة 1267 هـ،وهكذا خلت أماكن تجمع الحجاج من المخلفات التى كانت تفسد الهواء فى الماضى.
والآن قد اختفت تماما آثار التعفن ولم يعد لها أدنى أثر فى أماكن تجمع الناس فى مدينة مكة المعظمة، فى عهد السلطان-ظل الله على أرضه-واستراح الحجاج المسلمون وسكان البلد الأمين من المنغصات، وأصبحوا فى مأمن من كل الأمراض.
ومع هذا فإن أغلب الحجاج الذين يتوجهون لأداء فريضة الحج جهلة لا يعرفون أن كل ما ينفق فى سبيل زيارة أراضى الحجاز المقدسة تعد بمثابة صدفة.
كما لا يعرفون أن الإقامة فى الأماكن المكشوفة الجيدة التهوية للمحافظة على
صحة الأبدان، قدر المستطاع والاهتمام بنظافة أماكن إقامتهم وتطهيرها من القاذورات من الأمور التى أوجبها دينهم.
ونتيجة لهذا الجهل وطمعا فى تقليل النفقات يستأجرون غرفا صغيرة ضيقة، ويسكن سبعة وثمانية منهم فى هذه الغرف السيئة التهوية، حيث لا يستطيعون أن يتنفسوا إلا بصعوبة، ويأخذون فى طهى طعامهم فوق «الكانون» وهم أحرص الناس على شراء العطور والهدايا التى سيحملونها إلى بلادهم.
نعم يطبخون ويرمون فضلات أطعمتهم أمام الباب لكنهم يغفلون عن أن هذه الفضلات ستفسد بفعل الرطوبة وتصيبهم بالعلل والأمراض فيمرض الواحد منهم تلو الآخر. وهكذا يحرمون من زيارة أكثر الأماكن المقدسة.
إن ارتفاع درجة الحرارة في فصل الصيف من لحظة لأخرى ورائحة الطعام المطبوخ فوق «الكانون» فضلا عن حرارة الموقد كل هذا يجعل الغرف تلتهب مثل الآسن المسلوق، ومع زيادة آثار الروائح العطرية والماء القذر الذى يسكب أمام الأبواب، مع القاذورات التى تتراكم بعضها فوق بعض تفسد وتتحلل بتأثير الرطوبة فتزيد عفونة المكان، فتنتشر جميع أنواع الحمى وكل الأمراض الضارة وسرعان ما تنتقل العدوى من أحد المقيمين فى هذه الحجرات إلى زملائه فيمرضوا كلهم دفعة واحدة ويعانون من قسوة المرض.
وبناء على هذا الوصف فإن مكة المعظمة لا تخلو فى أى وقت من الأوقات من الحمى، ويلزم أن يتعرض أكثر الحجاج لهذا المرض ويصبحون على مشارف الموت. إلا أن هواء هذه البقعة المقدسة جاف ونقى وصحى لذا، فمن النادر أن يتطور المرض تطورا شديدا فيتحول إلى الحمى المهلكة كما يحدث فى الأماكن الرطبة، وذلك بلطف الله وفضله.
وبالرغم من أن أمراض الرقعة الحجازية السعيدة كلها من أنواع الحمى؛ فإن هذه الأمراض تنتشر فى أوقات الجفاف عند ما يقل معدل هبوط الأمطار. وعلى العكس من هذا إذا انهمر المطر بغزارة وتصادف معه ظهور الأمراض فإن المطر