المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أول من اعتنق عبادة الأصنام من بنى إسماعيل: - موسوعة مرآة الحرمين الشريفين وجزيرة العرب - جـ ١

[أيوب صبري باشا]

فهرس الكتاب

- ‌قصة هذا العمل

- ‌هل كانت كلمة المرآة مقصودة من المؤلف؟وماذا أراد المؤلف باستخدام كلمة المرآة ودلالتها

- ‌أسباب تصنيف الموسوعة:

- ‌أولا:

- ‌ثانيا:

- ‌الكتاب المصنّف:

- ‌سبب إطلاق هذه الأسماء على مكة:

- ‌فالأبواب الشرقية:

- ‌أما الأبواب الجنوبية فهى:

- ‌والأبواب الغربية:

- ‌والأبواب الشمالية:

- ‌وللمسجد الشريف خمسة أبواب هى:

- ‌ أثرب:

- ‌ أرض الله، أرض الهجرة:

- ‌ أكالة البلدان، أكالة القرى:

- ‌ البارة:

- ‌ الجليلة:

- ‌ ذات الحجر:

- ‌ سيدة البلاد:

- ‌ شافية:

- ‌ طيبة وطيّبة:

- ‌ عذراء:

- ‌ فاضحة:

- ‌ مؤمنة:

- ‌1 - أهل المدر:

- ‌2 - أهل الوبر:

- ‌تربية الأطفال

- ‌الزواج وعاداته

- ‌وليمة العرس:

- ‌حفل الختان

- ‌الخيل:

- ‌عناصر مجلد «مرآة جزيرة العرب»:

- ‌مرآة مكة

- ‌الوجهة الأولى

- ‌إفادة مخصوصة:

- ‌الخلاصة:

- ‌بيت الله (الكعبة):

- ‌ الملتزم

- ‌ المستجار

- ‌ الحجر الأسود

- ‌داخل الكعبة:

- ‌حجر إسماعيل:

- ‌ميزاب الكعبة:

- ‌حفرة المعجن:

- ‌الشادروان:

- ‌الستارة الشريفة:

- ‌المطاف الشريف:

- ‌المقام الشريف:

- ‌المنبر اللطيف:

- ‌المقامات الأربعة:

- ‌المقام الحنفى:

- ‌المقام الشافعى:

- ‌المقام الحنبلى:

- ‌المقام المالكى:

- ‌قبة الفراشيين:

- ‌قبة السقاية:

- ‌مسألة:

- ‌البلدة المعظمة مكة المكرمة

- ‌أديان العرب فى الجاهلية

- ‌أسماء مكة الله السامية

- ‌منظومة

- ‌سبب إطلاق هذه الأسماء على الكعبة

- ‌رواية:

- ‌نظم:

- ‌بكة:

- ‌بلد:

- ‌قرية:

- ‌أم القرى:

- ‌البلد:

- ‌أم رحم:

- ‌باسة:

- ‌صلاح:

- ‌ناسة:

- ‌حاطمة:

- ‌رأس:

- ‌كوثى:

- ‌عرش وعريش وعرش:

- ‌قادس، قادسية:

- ‌سبوحة:

- ‌حر‌‌ام:

- ‌ام:

- ‌معطشة:

- ‌برة:

- ‌رتاج:

- ‌رحم وأم الرحمة:

- ‌أم كوثى:

- ‌أمينة:

- ‌أم الصفا:

- ‌مروية:

- ‌متحفة:

- ‌أم المشاعر:

- ‌البلدة المرزوقة:

- ‌رواية:

- ‌حكمة:

- ‌حكاية مليئة بالعبر:

- ‌تهامة:

- ‌الحجاز:

- ‌البلدة الطيبة:

- ‌مدينة الرب:

- ‌عاقر:

- ‌فاران:

- ‌عتيق:

- ‌أسباب تلقيب بيت الله بالألقاب الجميلة

- ‌المشرفة:

- ‌مكرمة:

- ‌مهابة:

- ‌والدة:

- ‌نادرة:

- ‌جامعة:

- ‌المباركة:

- ‌المفخمة:

- ‌ المشرفة

- ‌أعلام قلاع الحرمين الشريفين

- ‌استيلاء طائفة القرامطة المفسدين على مكة المعظمة

- ‌استطراد

- ‌إخطار:

- ‌ الحسينية

- ‌وادى فاطمة

- ‌تنبيه:

- ‌العلاج:

- ‌درجات الحرارة

- ‌إفادة خاصة:

- ‌تنبيه:

- ‌الخوخ:

- ‌المشمش:

- ‌التين:

- ‌السفرجل:

- ‌الكمثرى:

- ‌التفاح:

- ‌البرقوق:

- ‌التمرهندى:

- ‌العنب:

- ‌التمر:

- ‌اللوز:

- ‌الجوز:

- ‌التوت:

- ‌العناب:

- ‌البطيخ والشمام:

- ‌البرتقال:

- ‌‌‌الليمون:

- ‌الليم

- ‌الرمان:

- ‌الموز:

- ‌ الخيار

- ‌العجور:

- ‌الهندباء:

- ‌الخرشوف:

- ‌البامية:

- ‌الكرفس:

- ‌الفاصوليا الخضراء:

- ‌السلق:

- ‌الجزر اليمانى:

- ‌الباذنجان:

- ‌الفاصوليا الجافة والفول الجاف:

- ‌الفجل:

- ‌شبت:

- ‌الثوم:

- ‌الكمون:

- ‌أسباب ظهور الأمراض فى مكة المفخمة

- ‌نصائح لمن يذهبون إلى الحجاز:

- ‌حكاية:

- ‌طواف طائر بالبيت المعظم:

- ‌طواف الجن:

- ‌الصورة الرابعةالتعريف بحدود كعبة الله بالفضائل الجليلة لمكة المكرمة

- ‌نظم

- ‌هناك ثلاث روايات عن مقام إبراهيم

- ‌الرواية الأولى:

- ‌الرواية الثانية:

- ‌الرواية الثالثة:

- ‌النتيجة:

- ‌الحكمة الأولى:

- ‌الحكمة الثانية:

- ‌الحكمة الثالثة:

- ‌الحكمة الرابعة:

- ‌الحكمة الخامسة:

- ‌استطراد

- ‌شعر

- ‌حدود حرم الله ومواقيت كعبة الله المكانية:

- ‌‌‌شعر

- ‌شعر

- ‌أسماء الذين جددوا أميال المواقيت:

- ‌الصورة الخامسةفى توضيح المسائل الهامة الخاصة بإيجار واستئجار بيوت هذه المدينة المفخمةللإقامة فى مدينة مكة المعظمة

- ‌حكاية:

- ‌حكاية أخرى:

- ‌قصة غريبة:

- ‌نظم

- ‌خلاصة مسألة إيجار البيوت:

- ‌الوجهة الثانيةتحتوى على ثلاث عشرة صورة مرتبة تضم أقوال المؤرخين التى ذكرت حولتفاصيل بناء مكة المعظمة وعمارتها، وعن الذين قاموا ببناء هذه البقعة المقدسةالمباركة، وأسباب تجديدها وتعميرها وإنقاص مساحتها وتوسيعها

- ‌الصورة الأولىتعرض الأقوال التى ذكرت فى أوليات بناء الكعبة

- ‌شعر

- ‌الصورة الثانيةفى تفصيل وبيان كيفية بناء الكعبة المعظمة للمرة الأولى

- ‌الصورة الثالثةتوضح صورة بناء الكعبة المعظمة فى المرة الثانية

- ‌أقوال الجمهور فى تعريف البيت المعمور:

- ‌إخطار:

- ‌الصورة الرابعة توضح كيفية تجديد الكعبة المحرمة فى المرة الثالثة

- ‌حكمة:

- ‌ترجمة حال سيدنا الخليل عليه سلام الله الجليل:

- ‌رباعية:

- ‌تفصيل

- ‌قطعة

- ‌استطراد

- ‌بيت

- ‌أبيات

- ‌حكمة

- ‌إخطار:

- ‌صورة هجرة سيدنا إبراهيم إلى مصر:

- ‌إضافة:

- ‌إخطار:

- ‌إخطار:

- ‌أبيات

- ‌سبب سفر خليل الرب الجليل إلى واد غير ذى زرعومكة وطريقة سفره

- ‌استطراد

- ‌إخطار:

- ‌نظم

- ‌تنبيه:

- ‌كيف ظهر بئر زمزم الشريف:

- ‌الغراب الأعصم:

- ‌أسماء زمزم الشريف

- ‌1 - زمزم:

- ‌2 - همزة:

- ‌3 - هزمة جبريل:

- ‌4 - ظبية:

- ‌5 - طيبة:

- ‌6 - برة:

- ‌7 - عصمة:

- ‌8 - مضنونة:

- ‌9 - شباعة العيال:

- ‌10 - عونة:

- ‌11 - سقيا الله إسماعيل:

- ‌12 - بركة:

- ‌13 - سيدة:

- ‌14 - نافعة:

- ‌15 - بشرى:

- ‌16 - صافية:

- ‌17 - معذبة:

- ‌18 - طاهرة:

- ‌1).19 -حرمية:

- ‌20 - مروية:

- ‌21 - سالمة:

- ‌22 - ميمونة:

- ‌23 - مباركة:

- ‌24 - كافية:

- ‌25 - عافية:

- ‌26 - طعام طعم:

- ‌27 - شفاء سقم:

- ‌28 - مؤنسة:

- ‌29 - شراب الأبرار:

- ‌30 - تكتم:

- ‌نظم

- ‌هجرة قبائل الجراهمة وقطورا إلى مكة المكرمة

- ‌زواج سيدنا إسماعيل وذهاب سيدنا إبراهيم إلى مكة لمقابلة ابنه

- ‌نظم

- ‌مسألة:

- ‌كيفية حدوث قصة الذبح الجليلة

- ‌نظم

- ‌نظم

- ‌نظم

- ‌نظم

- ‌قطعة

- ‌حكمة:

- ‌استطراد

- ‌لاحقة:

- ‌تكليف حضرة الخليل ببناء الكعبة المعظمة:

- ‌إخطار:

- ‌قطعة:

- ‌نظم

- ‌نظم

- ‌قطعة

- ‌لائحة فى ذكر كيف قدمت وتشكلت حكومة العمالقة والجراهمة فى مكةالمكرمة

- ‌نظم

- ‌انتقال حكومة مكة إلى يد بنى خزاعة

- ‌القصيدة:

- ‌إخطار:

- ‌الصورة السادسةتوضح كيف تم تجديد البيت العتيق فى المرة الخامسة وكيف نجح العمالقة فىتجديده

- ‌الصورة السابعةتبين طريقة تجديد البيت الأكرم فى المرة السادسة

- ‌الصورة الثامنةفى ذكر طريقة تجديد وبناء كعبة الله فى المرة السابعة

- ‌إخطار:

- ‌انتقال حكومة مكة المكرمة إلى قصى بن كلاب بن مرة:

- ‌استطراد:

- ‌نشأة الإجازة:

- ‌جاهلية العرب:

- ‌الذيل:

- ‌تأسيس مدينة مكة المعظمة المشهورة

- ‌استطراد:

- ‌الحجابة:

- ‌السقاية:

- ‌الآبار الموجودة فى مكة المعظمةقبل ظهور بئر زمزم الشريف

- ‌ طوى

- ‌ بذر

- ‌ سجله

- ‌حفر، سقية، أم أحراد، سنبلة، غمر:

- ‌مسألة:

- ‌لاحقة:

- ‌اللواء:

- ‌الندوة-معناها الاجتماع:

- ‌السفارة:

- ‌النظارة:

- ‌صاحب القبة ومعناه ناصب الخيمة:

- ‌الأزلام:

- ‌طريقة التفاؤل وإجراء القرعة بالأزلام:

- ‌قرعة العرب فى الجاهلية

- ‌لعب القمار فى الجاهلية

- ‌خازن الآلات والأموال:

- ‌رفادة:

- ‌شكل السماط

- ‌القيادة:

- ‌اختلاف قريش:

- ‌مطالعة:

- ‌تعريف الكهانة

- ‌ العرافة

- ‌الزجر والطيرة:

- ‌حكاية:

- ‌الصورة التاسعةفى تفصيل كيفية بناء الكعبة المعظمة للمرة الثامنة

- ‌ فتوى:

- ‌ صورة الفتوى الشريفة:

- ‌إخطار:

- ‌ ظهور حية كبيرة فوق الكعبة:

- ‌صور الأنبياء وقصص مثيرة للعجب والحيرة

- ‌ حكاية:

- ‌‌‌ حكاية:

- ‌ حكاية:

- ‌صورة دخول عبادة الأصنام إلى أرض الحجاز:

- ‌بدء ظهور عبادة الأصنام على وجه الأرض

- ‌الكلمات المسموعة من أصنام أهل مكة

- ‌شعر

- ‌شعر

- ‌ حكمة:

- ‌ الأبيات

- ‌الأبيات التى سمعها وائل من داخل الصنم

- ‌شعر

- ‌ادعاء جمشيد الألوهية

- ‌ظهور طقوس الوثنية بين أحفاد إسماعيل

- ‌أول من اعتنق عبادة الأصنام من بنى إسماعيل:

- ‌إخطار:

- ‌معلومات خاصة بالجن والشياطين

- ‌لننتقل للبحث عن إبليس:

- ‌ حكاية:

- ‌ حكاية:

- ‌ الأبيات

- ‌قصة الفيل العجيبة:

- ‌بلاد الحبشة:

- ‌استطراد:

- ‌معلومات خاصة فى صورة خلقة الفيل وكيفية العناية به:

- ‌فى تعريف رصانة أبنية القليس:

- ‌قصة بيت أصنام بنى بغيض:

- ‌هجوم ملك الروم .. بقصد تخريب كعبة الله القيوم:

- ‌الصورة العاشرةفى تجديد مبانى الكعبة المقدسة للمرة التاسعة

- ‌خطبة ابن الزبير:

- ‌الصورة الحادية عشرةفى تجديد مبانى الكعبة المقدسة للمرة العاشرة

- ‌حادثة غريبة:

- ‌ترجمة حال ابن الزبير:

- ‌مطالعة:

- ‌تعريف مراتب وألقاب الخلافة والسلطنة والمملكة بالإجمال

- ‌حكام أوربا:

- ‌الصورة الثانية عشرةفى ذكر كيفية تعمير أركان بيت الله وتشييده

- ‌حكاية غريبة:

- ‌الصورة الثالثة عشرةتجديد بيت الله للمرة الحادية عشرة

- ‌عين زبيدة:

- ‌إحدى كرامات بيت الله الحرام:

- ‌ الأسباب القهرية التى بينها المهندسون فى تقارير المعاينة

- ‌ردود المعترضين:

- ‌رغبتهم فى عدم تنظيف الحرم الشريف:

- ‌تكليف رضوان باشا بإعادة بناء بيت الله:

- ‌رؤيا غريبة

- ‌حكاية أخرى

- ‌مكافاة رضوان أغا على جهده وإخلاصه

الفصل: ‌أول من اعتنق عبادة الأصنام من بنى إسماعيل:

‌ظهور طقوس الوثنية بين أحفاد إسماعيل

قد كثر أحفاد بنى إسماعيل المقيمين فى جوار الكعبة المعظمة. وأدى هذا التكاثر إلى تفرقهم فى أطراف البلاد فهاجر بعضهم إلى بلاد الشام، والبعض الآخر إلى بلاد اليمن، وعند هجرتهم حملت كل قبيلة قطعة من الحجر من الكعبة الشريفة تذكارا وتبركا منها، ووضعت الأحجار فى مكان مرتفع توقيرا لها.

وقد رأى الشيطان اللعين مدى استعدادهم لاعتناق الوثنية وعبادة الأصنام، فقال: الأولى أن نعبد الأصنام المصنوعة والمصورة بدلا من هذه الحجارة الغليظة الخالية من الذوق والجمال، وهكذا نحتت وصورت الأصنام الخمس السالفة الذكر، وحمل رؤساء القبائل على عبادة الأصنام بواسطة عمرو بن لحى، وقد ابتدر هؤلاء الزعماء فى عبادة الأصنام، وقد استحسنوا أقاويل الشيطان وانصرفوا إلى الوثنية وتقديس الأصنام بعد أن تركوا قراءة صحف إبراهيم جانبا.

‌أول من اعتنق عبادة الأصنام من بنى إسماعيل:

أول من اعتنق الوثنية من بنى إسماعيل هو هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر الأرذل. إن هذا المنحط قد اتخذ الصنم الذى يطلق عليه «سواع» إلها وحمل قومه الذين يسكنون على بعد ثلاثة أميال من مكة المعظمة على تقديسه وعبادته، واستمرت ضلالة هذه القبيلة التى تعبد سواع إلى بزوغ شمس الإسلام فى عصر السعادة. وقد كلف عمرو بن العاص فى العام الثامن من الهجرة النبوية بهدم وتحطيم معبد أصنام هذيل، وقد نال الأجر والثواب بأداء عمله على أحسن وجه.

كان فى عصر السعادة لبنى سليم صنما يسمى: سواع يقوم بسدانته (غاوى بن عبد العزى) بينما كان غاوى بن عبد العزى جالسا يوما بجانب ذلك الصنم المنحوس جاء ثعلبان قافزين متواثبين، وصعدا فوق الصنم الذى تتعبد له قبيلة بنى سليم ورفعا رجليهما وبالا فوق رأس الصنم، ووسخا الصنم العظيم (سواع) ولطخاه.

وأنشد غاوى إذ رأى هذه الحالة:

ص: 373

أرب يبول الثعلبان برأسه

لقد ذل من بالت عليه الثعالب

وخاطب بنى سليم قائلا أقسم بالله أن هذا الصنم لا ينفع ولا يضر. ثم كسر سواع وجعله ألف قطعة، ثم توجه إلى المدينة المنورة حيث أسلم أمام النبى- صلى الله عليه وسلم-وحينما مثل غاوى أمام النبى-صلى الله عليه وسلم-استهجن اسمه، وسماه «أرشد بن عبد ربه» وظل اسمه أرشد بعد ذلك.

من المخذولين الذين تركوا دينهم عظيم من عظماء قبيلة قضاعة وهو «كلب بن وبره بن تغلب بن حلوان بن عمران ابن الحاف بن قضاعة» ،وكان رجال القبيلة المذكورة يسكنون فى بلدة «دومة

(1)

الجندل» حتى حلول السنة المذكورة ويمضون أوقاتهم فى عبادة «ود» الذى اختاره لهم كلب بن وبره إلها لهم.

إن «ود» الذى اختاره بنو قضاعة إلها لهم-كما سبق ذكره-نحت على شكل رجل ضخم الجسم، بقدر لا يتصوره الإنسان، وقد ألبس طبقتين من الثياب وعلق على عنقه سيفا وقوسا.

إن قضاعة كان أبا لقبيلة كبيرة وإليه نسبت جماعات قبائل قضاعة، ويتصل نسبه ب «حمير» بن سبأ فى الدرجة السادسة.

وكان لأبى وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن إلحاف بن قضاعة تسعة أبناءهم: «خافى، عمرو، سليم، وبره، جرم، ملوان، أشجع، سعد، قدامة» وأحفاد هؤلاء أصبحوا فيما بعد ملوكا آباء قبائل. وقد نصب ابنه الرابع «وبره» خيامه فى «دومة الجندل» حيث استقر، وبعد موته خلفه ابنه-سالف الذكر- كلب والذى اعترف بألوهية «ود» وعاش حياته متعبدا له مع أتباعه البؤساء البلهاء.

ومن الأراذل الذين تركوا دينهم الشقى الذى اشتهر باسم «أنعم» من قبيلة طئ، وقد اتخذ هذا البائس صنما يطلق عليه «يغوث» إلها له وكان هذا سببا فى اتخاذ الناس هذا الصنم إلها لهم إلى سنة فتح كعبة الله.

(1)

إن هذا المكان وقطورا طبقا لما بينه سيد جلبى على بعد 5 مراحل من الشام و (15) مرحلة من المدينة المنورة، وهو حصن منيع ومدينة بحرية مشهورة».

ص: 374

وقد اتخذ هذا الصنم أهالى جرش من قبائل طئ ابن آدد بن مزحج بن آد إلها لهم وعبدوه.

والجرش اسم مقاطعة فى اليمن كان يسكنها بنو مزحج الذين اتخذوا الصنم المنحوس «يغوث» إلها لهم وعبدوه.

وقد اتخذ سكان حولان صنما يسمى «غم أنس» إلها لهم وحولان بن عمرو بن الحاف بن قضاعة، وفى رواية حولان بن عمرو بن برة بن آدد بن زيد بن مهسع بن عمرو بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبائك وعلى قول آخر حولان بن عمرو بن سعد العشيرة بن مزحج بن آد، كانوا يسكنون فى البلاد التى أطلقب عليها حولان.

أن سكان هذه البلاد قد أخلصوا فى العبادة ل «غم آنس» ،حتى إنهم كانوا يعتقدون أن البركة والنماء سينقطع عنهم إذا لم يخرجوا سهما من حيواناتهم ومحاصيلهم ويقدموه إلى هذا الصنم.

من الذين يعبدون الجمادات هم قبائل همدان التى تسكن أرض (همدان)

(1)

.

همدان: على وزن سكبان، اسم قبيلة يسكن أفرادها فى صحراء «همدان» فى الخيام، وكانوا يعبدون صنما كبيرا نصبوه فى قرية على شكل «حيوان» يقال له «يعوق» واستمروا فى التعبد له إلى قرب ظهور نور النبوة.

وكانت قبيلة ذو الكلاع فى مكان يطلق عليه حمير من أرض اليمن وتتعبد لصنم يطلق عليه «نسر» .

حمير على وزن درهم اسم موقع على الجانب الغربى من صنعاء اليمن.

وكان سكان هذه المنطقة وما حولها يعبدون صنما منصوبا فى مكان يسمى «بلخ» من أرض سبأ ويطلق عليه «نسر» .

وكان أهل اليمن وحمير يعبدون «نسر» ويترددون كذلك على معبد الأصنام الذى يطلق عليه «رثام» فى صنعاء اليمن. وخلاصة القول أن العرب فى الجزيرة

(1)

همدان اسم قبيلة كبيرة من سكان اليمن وإذا ما كتب همه دان فهو اسم لبلد فى عراق العجم الذى بناه هم دان ابن الفلوج بن شام.

ص: 375

كانوا يتخذون فى أسفارهم صنما كإله لهم، كما كانوا يوجدون فى بيوتهم أصناما وكانوا يزورونها ويتذللون لها حين خروجهم للسفر أو عودتهم منه وإنهم كانوا لا يعودون إلى بيوتهم قبل زيارة بيت الأصنام، ويتذللون لها ويظهرون خضوعهم لها بعد رجوعهم من السفر.

فى تلك الفترة التى خلت من الرسل كان بعض أفراد قريش يتعبدون لهبل الذى جلبه «عمرو بن لحى» من أرض البلقاء ونصبه فى داخل الكعبة، والآخرون يتعبدون لإساف ونائلة المنصوبين بالقرب من الكعبة المعظمة وبئر زمزم، وكانوا يطوفون حولهما ويذبحون لهما القرابين.

ويقال إن «إساف» المنصوب بالقرب من بئر زمزم بن بقى أو يعلى أو بغا أو عمرو من طائفة الجراهمة و «نائلة» هذه بنت ديك أو زيد بن جرهم أو سهيل أو ذئب أو عمرو بن ذئب من أقوام قطورا.

وبناء على قول منقول عن عبد الله بن عباس-رضى الله عنهما-أن إساف ونائلة أحبا بعضهما فى أرض اليمن، وحينما كان الجراهمة على ضلال خرج العاشقان إلى طريق مكة المكرمة بغية الحج، وحينما وصلا إلى مكة وجدا الكعبة الشريفة خالية من الناس وارتكبا جريمة الزنا فى داخلها، وكان جزاؤهما لحكمة ما أن تحجرا. وأخرج أهل مكة هذين المتحجرين خارج الكعبة، وركزوا إساف على جبل الصفا، ونائلة على جبل المروة، ترهيبا للذين يفكرون فى ارتكاب مثل هذه الجريمة وتشهيرا لهما، وبعد فترة نسى سبب تحجرهما، وفى نفس الوقت تولى رئاسة حكومة الحجاز عمرو بن لحى، وصدق بين العرب ألوهية هبل، فما كان من عمرو إلا أن وضع واحدا من الصنمين بجانب الكعبة الشريفة، والآخر بالقرب من بئر زمزم، أى وضعهما بين الكعبة الشريفة وبئر زمزم اللطيفة، وأمر الناس بعبادتهما وتقديسهما.

وأخذ عرب الجاهلية منذ تلك الأوقات يتعبدون لهما، ويضعون الهدايا الواردة من الأطراف والأكناف بين إساف ونائلة متبركين بهما، وكانوا يبدءون بالطواف من إساف وينتهون عند نائلة، وكان من عاداتهم أن يقبلوا الصنمين عند بدء الطواف والانتهاء منه.

ص: 376

وقد نزلت الآية الكريمة: {إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ} (البقرة:158).

عند ما كره أهل الإيمان الطواف بينهما، نزلت للتبيان أنه لا حرج من السعى بين الصفا والمروة، وفى يوم الفتح كسر هذين الصنمين، وجعلا جزازا مثل سائر الأصنام التى كانت موجودة فى أطراف الكعبة المعظمة.

إن بعض قريش من أحفاد وأبناء ملكان بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر كانوا يتعبدون لصنم كان يقال له: «سعد الصخر» وعمرو بن حمة من أولاد أوس بن عدنان بن عبد الله بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نضر بن الأسد بن الغوث وقبيلته كانوا يتعبدون مع قبائل خثعم وبجيلة لصنم كائن فى أرض دوس ويسمى «ذو الخلصة»

(1)

كما كان يتعبد بعض الجماعات من قبيلة بنى كنانة وطائفة من قريش لصنم كائن خارج مكة المعظمة فى بطن نخلة يطلق عليه «عزى» الذى هيأه للعبادة سعد بن ظالم، وقد أسند سدانة البيت الذى توجد فيه عزى إلى بنى شيبان الذين ينتهى نسبهم إلى سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان.

قال بعض المؤرخين الذين عرفوا «عزى» إنها شجرة عظيمة

(2)

وقال الآخرون إنه بيت أصنام، وقال قسم منهم إنها صنم كبير

(3)

.

يقول الذين يدعون أن عزى «شجرة عظيمة» أن سعد

(4)

ابن ظالم رئيس قبيلة بنى غطفان ذهب يوما إلى مكة، وأخذ يطوف بالبيت المعظم وبعد الطواف رأى أهالى مكة يسعون بين الصفا والمروة، فحسدهم على ذلك فأخذ من ساحة المسجد الحرام ثلاث قطع من الحجارة، كما أخذ من جبلى الصفا والمروة من كل

(1)

ذو الخلصة اسم واحد من العرب. قد قتلوا أبا هذا الرجل، ولما أراد أن يثأر لأبيه ذهب ليسحب القرعة بالأزلام، وأمرته الأزلام بألا يطالب بثأر أبيه، واستجاب لأمر الأزلام وترك الثأر وقال هذه الأبيات:

لو كنت يا ذى الخلص الموتورا مثلى وكان شيخك المقبورا

لم تنه عن قتل العداة زورا

(2)

قد قبلت هذه الرواية من الجميع لصحتها.

(3)

فالذين يدعون أنها صنم يقولون إن أطلال وبقايا هذا الصنم ما زالت باقية خارج حصن الطائف مع بقايا الأصنام الأخرى.

(4)

اسم والد سعد فزارة ولكنه كنى بهذا الاسم لكون اسم أخيه ظالما.

ص: 377

واحد منهما حجرا، ورجع إلى موطن قومه بنى غطفان فى بطن نخلة وركز الحجر الذى أخذه من الصفا فى مكان، كما ركز الحجر الذى أخذه من المروة فى مكان آخر، وأسند الحجارة التى جمعها من ساحة البيت الحرام على شجرة بينهما، ثم جمع قومه وخاطبهم قائلا:«يا قومى! إن أهل مكة يطوفون حول الكعبة كما إنهم يسعون بين الصفا والمروة، وإنهم اعترفوا بألوهية الكعبة والصفا والمروة وأقروا بها، ثم أشار إلى الحجارة التى جلبها من مكة وقال فليكن لنا واحد من أحجار الصفا والأخرى من المروة، وهذه الشجرة كعبتنا فلنتخذ هذه آلهة لنا ونطيعها» .

وهكذا حمل أهل غطفان على عبادة هذه الحجارة، وقد استحسن أهل غطفان رأى سعد وأسندوا سدانتها إلى بنى شيبان من أولاد «سليم» بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان. وقد استمرت عبادتهم لها إلى عصر النبوة.

وقد أقاموا مبان حول هذه الشجرة وهكذا أصبحت الشجرة يظللها السقف وكانت هذه الشجرة من فصيلة نمرة وكان أهل غطفان يخلصون لها العبادة، إذ يستمعون إلى أقوال الجن الذى حل فى داخل الشجرة.

وبناء على هذا التعريف أن «عزى» بيت للصنم أقيم فوق شجرة من فصيلة «نمرة» وفى موطن قبيلة بنى غطفان، وعلى قول آخر إنها فى مكان آخر، وهى عبارة عن بناء أقيم فوق ثلاث أشجار كبيرة. وكان الذين يتعبدون لها يسمعون منها أصواتا مختلفة.

وقد كلف سيدنا خالد بن الوليد بقطع هذه الشجرة وقلعها، وفى أثناء قيام خالد بمهمته خرجت من داخل «عزى» عجوز شمطاء قبيحة المنظر، مبعثرة الشعر عارية، وأخذت تشد شعرها، بينما أخذ خادم البيت يصرخ ويولول إلا أن سيدنا خالد عجل بقتل العجوز، وقلع الشجرة من جذورها وهكذا محاها من الوجود.

وكان فى ذلك الوقت معبود بنى ثقيف الذين يقيمون فى الطائف صنما يقال له «مناة» وكانت قبيلة بنى ثقيف تقوم بخدمتها.

ص: 378

مناة- كانت مناة معبود الجماعات التى تقيم حول مكان يسمى قديد الذى يقع على الجانب البحرى من جبل «مشلل» ،كما كان يعبدها أهل يثرب وقبائل الأوس والخزرج الذين عرضوا تبعيتهم لسكان قديد.

مشلل- على وزن معظم اسم جبل ويهبط إلى قديد المذكور من هذا الجبل. وبناء على قول آخر أن مشلل اسم مطلع مقابل قديد وإن الصنم المذكور كان منصوبا فوق المطلع

(1)

.

وعلى قول آخر أن مناة صخرة عظيمة كان يعبدها قبائل هذيل وقضاعة وأقوام من بنى ثقيف يزورونها ويطوفون حولها ويتقربون لها بالذبائح

(2)

.

قد حطم هذا الصنم سعد بن زيد الأشهلى فى سنة الفتح وخربه. وظهرت من بطن مناة عجوز شمطاء سوداء الوجه، عارية الجسد، وأخذت تقتلع شعرها تصرخ وتنوح وتدق صدرها، وقتل سعد هذه العجوز، وحطم الصنم ألف قطعة.

وعند البعض أن مناة واللات والعزى كانت فى داخل الكعبة المكرمة، كما أن هبل كان داخل مخزن الهدايا لبيت الله مثل ما سبق ذكره عدة مرات.

لات: اسم فاعل من لت السويق، كان من عادة العرب فى الجاهلية وفى مواسم الحج لتّ السويق بالماء والسمن، ويخلطونه وينضجونه ويقدمونه للحجاج وكان اللات صورة هذا الرجل الذى اعتاد أن يقدم السويق للحجاج.

وبما أن هذا الرجل قد اتخذ لنفسه صنع السويق مهنة له أطلق عليه اللات.

وفيما بعد صنع أحد رؤساء قبيلة بنى ثقيف صورة لهذا الرجل وأخذ يتعبد لها مع أفراد قبيلته.

إن الرواية التى تقول إن بنى ثقيف قد اتخذوا الصنم الذى أطلق عليه اللات إلها لهم هى أصح الأقوال.

(1)

أكد الإمام السمهودى هذه الرواية.

(2)

وهذه الرواية مقبولة مصدقة عن الأكثرين.

ص: 379

وهناك رواية أخرى تقول: إنه لم يكن صنما، إذ كان هناك حيث يسكن بنو ثقيف فى الطائف صخرة

(1)

وكان رجل غنى قد فتح محلا فوق هذه الصخرة، يبيع فيه سمنا، وفى مواسم الحج كان يصنع سويقا ويخلطه بالسمن الذى يبيعه، ويطعم به الحجاج. وبما أن هذا الرجل كان يلت السويق فوق هذه الصخرة أطلق عليها اللات.

وبعد فترة ترك الرجل تجارته، وهجر الصخرة إلا أن عمرو بن لحى الملحد صحب بنى ثقيف إلى الصخرة، وقال لهم: إن الشخص الذى كان يصنع السويق ويطعم به الحجاج قد دخل فى هذه الصخرة، ومن هنا يجب أن نتعبد لها، وتلقى بنو ثقيف قول عمرو باستحسان وأخذوا يتعبدون لها.

وكان عمرو بن لحى يخدع بنى ثقيف قائلا: يا بنى ثقيف إن ربكم يبعث البرودة إلى الطائف بواسطة اللات، كما يرسل الحرارة إلى تهامة بواسطة العزى.

وعند البعض أن لاة مخففة من إله، وفى زعم بنى ثقيف أن اللاة وسيلة للتقرب إلى الله. وكان مشركو العرب يطلقون «اللاة» بمعنى الاحتجاب أو الارتفاع على كل صنم، وعلى هذا الاعتبار يعنى به المعبود. سواء أكانت اللاة المناة أو العزى أو الأصنام التى كانت عند زمزم المكرم.

إساف ونائلة كلها كانت من معبودات العرب الباطلة فى الجاهلية، ومعبودات أهل مكة وقد حطمت بتمامها يوم فتح مكة، وعند توسيع الحرم الشريف ترك كبيرها خارج باب السلام تحت موطئ الأقدام

(2)

.

ومما يروى، أنه عند فتح مكة-اليوم المؤلم للمشركين-وجد خارج كعبة الله وداخلها ثلاثمائة وستون صنما، وكان كل صنم موضوعا فوق قاعدة مصنوعة من النحاس الأصفر.

(1)

إن هذه الصخرة ما زالت فى الجهة الغربية من مدينة الطائف إلى يومنا هذا.

(2)

كما ذكر آنفا أن الصنم الذى وطئته الأقدام هو هبل، وغالب الظن أن الصنم الذى ديس بالأقدام ليس هبل بل صنم آخر.

ص: 380