الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشريف ووضعه فوق الثوب فرفعوه جميعا حتى إذا بلغ موضعه وضعه بيده الشريفة، وهكذا أرضى صناديد القبائل وأسكنهم.
وكانت قريش عند ما شرعت فى هدم كعبة الله أخرجت الصنم الكبير هبل من خزانة بيت الله حيث كان ركزه عمرو بن لحى ابن قمعة، ونقله إلى مكان قريب من مقام إبراهيم ونصبته هناك وفى أثناء إتمام عمليات البناء نقلوا هبل من حيث كان منصوبا إلى مكانه القديم فى الخزانة التى فى داخل بيت الله، ونصبوه هناك ثم أخذوا يرسمون فوق جدران الكعبة المعظمة فى الداخل والخارج صورا كبيرة، وكان بينها صور الأنبياء العظام والملائكة الكرام.
إن فاتح أقاليم الرسالة عليه أقوى التحية قد محا وأزال ما كان منصوبا فى داخل الكعبة أو خارجها من الأصنام والأوثان، وما كان على جدرانها من الصور كلها يوم الفتح الميمون، وأمر بإزالة صورتى إسماعيل وإبراهيم-عليهما الصلاة والسلام-اللتين كانتا مرسومتين فوق طلاء الكعبة فى الداخل.
وكان المشار إليهما مصورين وهما يمسكان فى أيديهما أزلام الميسر. ولما كان النبى-صلى الله عليه وسلم-يعرف أن إبراهيم وابنه إسماعيل لا يمارسان الميسر، دعا على قريش التى صورتهما بهذا الشكل إذ قال «قاتلهم الله» .ثم أمر بأن يوضع هبل وهو عبارة عن حجر كبير-خارج باب السلام.
ويروى أن أجزاءه المنكسرة أصبحت موطأ القدم فى عتبة باب السلام.
إننى قد رأيت هذه العتبة ودست عليها. ولم يبق له ما يشبه الصورة أو الوجه لذا أتردد فى قبول هذه الرواية؛ لأن الصنم المسمى ب «هبل» كان منحوتا من العقيق الأحمر كما سبق ذكره فى بحث كيفية دخول الأصنام فى أرض الحجاز، وكانت يده اليمنى مقطوعة عند ما أحضره عمرو بن لحى من أرض الشام لذا ركب له أهل مكة يدا من ذهب خالص.
صور الأنبياء وقصص مثيرة للعجب والحيرة
كان علماء عبدة الأصنام يهتمون بصنع تماثيل الأنبياء على أكمل وجه
ويحفظونها ويتوارثونها جيلا بعد جيل. ويعتقدون أن هذه الصور تطابق أشكال وشمائل الأنبياء تمام المطابقة.
وبناء على زعم هؤلاء العلماء واعتقادهم أن الصور الموجودة فى خزائنهم قد حصل عليها النبى دانيال بواسطة ذى القرنين ورسم وصور كل واحدة منها على حدة.
قد وجد ذو القرنين هذه الصور فى مغارة من أرض المغرب، ثم صرها بخرقة
(1)
حريرية ثم حفظها، وانتقلت تلك الصرة إلى يد النبى دانيال-عليه سلام الله المتعال-فنقل صور الأنبياء إلى ألواح متعددة فتكاثر عددها.
وقد يصدق-إلى درجة ما-تطابق الصور القديمة التى توارثها الملوك، صور الأنبياء وشمائلهم، إلا أن الصور التى رسمها القرشيون على طلاء داخل بيت الله لا يمكن أن تطابق شمائل الأنبياء والملائكة.
قد انتقلت عادة توارث صور الأنبياء فيما بعد إلى سلوك عبدة الأوثان، وتعود كل واحد منهم أن يحفظ هذه التصاوير فى خزانة ولا يريها لأحد.
تأمل الحكاية الآتى ذكرها عن الصور التى توارثها قياصرة
(2)
الروم وكانت لصورة الهيكل النورانى المحمدى وصورتى الشيخين المكرمين.
قال دحية بن خليفة الكلبى حامل الرسالة النبوية السابقة إلى هرقل
(3)
الرومى، كما هو مسطور فى السيرة النبوية ذات الرائحة البنفسجية: عند ما حملت الرسالة النبوية الداعية للهداية وجدت قيصر الروم فى دمشق، وانتهزت وقت خلوه من المشاغل واعتدال مزاجه وأتيت برسالتى.
وتلقى هرقل الرسالة النبوية السعيدة بتعظيم فوق العادة وتوقير شديد، وقبل
(1)
تطلق خرقة على قطعة قماش.
(2)
يطلق لقب القياصرة على ملوك الروم وهى جمع كلمة قيصر. ومعنى القيصر مشقوق، قد ماتت أم القيصر الأول وهى حامل وأخذ الطفل بعد شق بطنها، وبعد جلوسه على العرش أطلق على ملوك الروم لقب قيصر.
(3)
اسم ملك الروم المعاصر للنبى صلى الله عليه وسلم.
الخاتم الذى فوقها. ثم فتحها وقرأها ووضعها فوق كرسى بجانبه، وكان هذا الكرسى خاصا لوضع الكتب المقدسة.
ثم استدعى البطارقة وعلماء النصارى وجمعهم، ثم صعد فوق كرسى لإلقاء خطبة-وفق آداب تلك العصور-وألقى مقدمة مثيرة مشوقة أجبرت الحاضرين للاستماع ثم قال: يا بطارقة النصارى إن هذه الرسالة الشريفة التى زينت يدى ونالت احترامى رسالة من قبل نبى آخر الزمان ومن أحفاد إسماعيل الذى بشرنا بظهوره المسيح-عليه السلام-وأتى فى كلامه بكثير من الأقوال التى تصف ما يتحلى به نبينا من المكارم الأخلاقية.
إن أقوال هرقل كانت ذات تأثير سيئ على الحاضرين، إذ قام البطارقة من أماكنهم معترضين بتهور، وتجرءوا على السير نحو ملكهم هاجمين، فلما رأى هرقل أن البطارقة غير مستعدين للاعتراف بنبوة محمد والتصديق بها، أراد أن يسكن غضبهم وتخلى عن الحمد والثناء وقال: لا، لا إنما أردت بهذا الكلام التأكد من مدى تمسككم بدين عيسى ومدى ثبات عقيدتكم فيه.
إننى لا أريد أن أصدق بمحمد، كما أننى لا أحثكم على قبول الإسلام دينا، وإننى قد سررت إذ رأيت مدى صلابة عقيدتكم. الرجل الحق يجب أن يثبت فى دينه مثلكم .. إننى أحبكم.
وهكذا أسكن غضهم وفى اليوم الثانى أدخلنى فى حجرة خالية ووجه إلى أسئلة وتلقى إجابة، ثم أدخلنى فى حجرة واسعة مزينة.
وكانت هذه الحجرة بيت الأصنام، وتحتوى على 31 قطعة من التصاوير وأشار هرقل لهذه الصور وقال: لأى صورة من هذه الصور يشبه نبيكم؟
وبينما أجيل النظر فى الصورة جذبت نظرى صورة تشبه أجمل الأنبياء فقلت إن هذه الصورة تشبه نبى الإنس والجن، وكانت هذه الصورة قد رسمت بشكل كأنها توجه خطابا لشخص ما فازددت عجبا لذلك. ثم أشار هرقل إلى صورة منصوبة على يمين الصورة السابقة، وسألنى: هيكل من هذا؟ فقلت إنه رجل من