المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كيف ظهر بئر زمزم الشريف: - موسوعة مرآة الحرمين الشريفين وجزيرة العرب - جـ ١

[أيوب صبري باشا]

فهرس الكتاب

- ‌قصة هذا العمل

- ‌هل كانت كلمة المرآة مقصودة من المؤلف؟وماذا أراد المؤلف باستخدام كلمة المرآة ودلالتها

- ‌أسباب تصنيف الموسوعة:

- ‌أولا:

- ‌ثانيا:

- ‌الكتاب المصنّف:

- ‌سبب إطلاق هذه الأسماء على مكة:

- ‌فالأبواب الشرقية:

- ‌أما الأبواب الجنوبية فهى:

- ‌والأبواب الغربية:

- ‌والأبواب الشمالية:

- ‌وللمسجد الشريف خمسة أبواب هى:

- ‌ أثرب:

- ‌ أرض الله، أرض الهجرة:

- ‌ أكالة البلدان، أكالة القرى:

- ‌ البارة:

- ‌ الجليلة:

- ‌ ذات الحجر:

- ‌ سيدة البلاد:

- ‌ شافية:

- ‌ طيبة وطيّبة:

- ‌ عذراء:

- ‌ فاضحة:

- ‌ مؤمنة:

- ‌1 - أهل المدر:

- ‌2 - أهل الوبر:

- ‌تربية الأطفال

- ‌الزواج وعاداته

- ‌وليمة العرس:

- ‌حفل الختان

- ‌الخيل:

- ‌عناصر مجلد «مرآة جزيرة العرب»:

- ‌مرآة مكة

- ‌الوجهة الأولى

- ‌إفادة مخصوصة:

- ‌الخلاصة:

- ‌بيت الله (الكعبة):

- ‌ الملتزم

- ‌ المستجار

- ‌ الحجر الأسود

- ‌داخل الكعبة:

- ‌حجر إسماعيل:

- ‌ميزاب الكعبة:

- ‌حفرة المعجن:

- ‌الشادروان:

- ‌الستارة الشريفة:

- ‌المطاف الشريف:

- ‌المقام الشريف:

- ‌المنبر اللطيف:

- ‌المقامات الأربعة:

- ‌المقام الحنفى:

- ‌المقام الشافعى:

- ‌المقام الحنبلى:

- ‌المقام المالكى:

- ‌قبة الفراشيين:

- ‌قبة السقاية:

- ‌مسألة:

- ‌البلدة المعظمة مكة المكرمة

- ‌أديان العرب فى الجاهلية

- ‌أسماء مكة الله السامية

- ‌منظومة

- ‌سبب إطلاق هذه الأسماء على الكعبة

- ‌رواية:

- ‌نظم:

- ‌بكة:

- ‌بلد:

- ‌قرية:

- ‌أم القرى:

- ‌البلد:

- ‌أم رحم:

- ‌باسة:

- ‌صلاح:

- ‌ناسة:

- ‌حاطمة:

- ‌رأس:

- ‌كوثى:

- ‌عرش وعريش وعرش:

- ‌قادس، قادسية:

- ‌سبوحة:

- ‌حر‌‌ام:

- ‌ام:

- ‌معطشة:

- ‌برة:

- ‌رتاج:

- ‌رحم وأم الرحمة:

- ‌أم كوثى:

- ‌أمينة:

- ‌أم الصفا:

- ‌مروية:

- ‌متحفة:

- ‌أم المشاعر:

- ‌البلدة المرزوقة:

- ‌رواية:

- ‌حكمة:

- ‌حكاية مليئة بالعبر:

- ‌تهامة:

- ‌الحجاز:

- ‌البلدة الطيبة:

- ‌مدينة الرب:

- ‌عاقر:

- ‌فاران:

- ‌عتيق:

- ‌أسباب تلقيب بيت الله بالألقاب الجميلة

- ‌المشرفة:

- ‌مكرمة:

- ‌مهابة:

- ‌والدة:

- ‌نادرة:

- ‌جامعة:

- ‌المباركة:

- ‌المفخمة:

- ‌ المشرفة

- ‌أعلام قلاع الحرمين الشريفين

- ‌استيلاء طائفة القرامطة المفسدين على مكة المعظمة

- ‌استطراد

- ‌إخطار:

- ‌ الحسينية

- ‌وادى فاطمة

- ‌تنبيه:

- ‌العلاج:

- ‌درجات الحرارة

- ‌إفادة خاصة:

- ‌تنبيه:

- ‌الخوخ:

- ‌المشمش:

- ‌التين:

- ‌السفرجل:

- ‌الكمثرى:

- ‌التفاح:

- ‌البرقوق:

- ‌التمرهندى:

- ‌العنب:

- ‌التمر:

- ‌اللوز:

- ‌الجوز:

- ‌التوت:

- ‌العناب:

- ‌البطيخ والشمام:

- ‌البرتقال:

- ‌‌‌الليمون:

- ‌الليم

- ‌الرمان:

- ‌الموز:

- ‌ الخيار

- ‌العجور:

- ‌الهندباء:

- ‌الخرشوف:

- ‌البامية:

- ‌الكرفس:

- ‌الفاصوليا الخضراء:

- ‌السلق:

- ‌الجزر اليمانى:

- ‌الباذنجان:

- ‌الفاصوليا الجافة والفول الجاف:

- ‌الفجل:

- ‌شبت:

- ‌الثوم:

- ‌الكمون:

- ‌أسباب ظهور الأمراض فى مكة المفخمة

- ‌نصائح لمن يذهبون إلى الحجاز:

- ‌حكاية:

- ‌طواف طائر بالبيت المعظم:

- ‌طواف الجن:

- ‌الصورة الرابعةالتعريف بحدود كعبة الله بالفضائل الجليلة لمكة المكرمة

- ‌نظم

- ‌هناك ثلاث روايات عن مقام إبراهيم

- ‌الرواية الأولى:

- ‌الرواية الثانية:

- ‌الرواية الثالثة:

- ‌النتيجة:

- ‌الحكمة الأولى:

- ‌الحكمة الثانية:

- ‌الحكمة الثالثة:

- ‌الحكمة الرابعة:

- ‌الحكمة الخامسة:

- ‌استطراد

- ‌شعر

- ‌حدود حرم الله ومواقيت كعبة الله المكانية:

- ‌‌‌شعر

- ‌شعر

- ‌أسماء الذين جددوا أميال المواقيت:

- ‌الصورة الخامسةفى توضيح المسائل الهامة الخاصة بإيجار واستئجار بيوت هذه المدينة المفخمةللإقامة فى مدينة مكة المعظمة

- ‌حكاية:

- ‌حكاية أخرى:

- ‌قصة غريبة:

- ‌نظم

- ‌خلاصة مسألة إيجار البيوت:

- ‌الوجهة الثانيةتحتوى على ثلاث عشرة صورة مرتبة تضم أقوال المؤرخين التى ذكرت حولتفاصيل بناء مكة المعظمة وعمارتها، وعن الذين قاموا ببناء هذه البقعة المقدسةالمباركة، وأسباب تجديدها وتعميرها وإنقاص مساحتها وتوسيعها

- ‌الصورة الأولىتعرض الأقوال التى ذكرت فى أوليات بناء الكعبة

- ‌شعر

- ‌الصورة الثانيةفى تفصيل وبيان كيفية بناء الكعبة المعظمة للمرة الأولى

- ‌الصورة الثالثةتوضح صورة بناء الكعبة المعظمة فى المرة الثانية

- ‌أقوال الجمهور فى تعريف البيت المعمور:

- ‌إخطار:

- ‌الصورة الرابعة توضح كيفية تجديد الكعبة المحرمة فى المرة الثالثة

- ‌حكمة:

- ‌ترجمة حال سيدنا الخليل عليه سلام الله الجليل:

- ‌رباعية:

- ‌تفصيل

- ‌قطعة

- ‌استطراد

- ‌بيت

- ‌أبيات

- ‌حكمة

- ‌إخطار:

- ‌صورة هجرة سيدنا إبراهيم إلى مصر:

- ‌إضافة:

- ‌إخطار:

- ‌إخطار:

- ‌أبيات

- ‌سبب سفر خليل الرب الجليل إلى واد غير ذى زرعومكة وطريقة سفره

- ‌استطراد

- ‌إخطار:

- ‌نظم

- ‌تنبيه:

- ‌كيف ظهر بئر زمزم الشريف:

- ‌الغراب الأعصم:

- ‌أسماء زمزم الشريف

- ‌1 - زمزم:

- ‌2 - همزة:

- ‌3 - هزمة جبريل:

- ‌4 - ظبية:

- ‌5 - طيبة:

- ‌6 - برة:

- ‌7 - عصمة:

- ‌8 - مضنونة:

- ‌9 - شباعة العيال:

- ‌10 - عونة:

- ‌11 - سقيا الله إسماعيل:

- ‌12 - بركة:

- ‌13 - سيدة:

- ‌14 - نافعة:

- ‌15 - بشرى:

- ‌16 - صافية:

- ‌17 - معذبة:

- ‌18 - طاهرة:

- ‌1).19 -حرمية:

- ‌20 - مروية:

- ‌21 - سالمة:

- ‌22 - ميمونة:

- ‌23 - مباركة:

- ‌24 - كافية:

- ‌25 - عافية:

- ‌26 - طعام طعم:

- ‌27 - شفاء سقم:

- ‌28 - مؤنسة:

- ‌29 - شراب الأبرار:

- ‌30 - تكتم:

- ‌نظم

- ‌هجرة قبائل الجراهمة وقطورا إلى مكة المكرمة

- ‌زواج سيدنا إسماعيل وذهاب سيدنا إبراهيم إلى مكة لمقابلة ابنه

- ‌نظم

- ‌مسألة:

- ‌كيفية حدوث قصة الذبح الجليلة

- ‌نظم

- ‌نظم

- ‌نظم

- ‌نظم

- ‌قطعة

- ‌حكمة:

- ‌استطراد

- ‌لاحقة:

- ‌تكليف حضرة الخليل ببناء الكعبة المعظمة:

- ‌إخطار:

- ‌قطعة:

- ‌نظم

- ‌نظم

- ‌قطعة

- ‌لائحة فى ذكر كيف قدمت وتشكلت حكومة العمالقة والجراهمة فى مكةالمكرمة

- ‌نظم

- ‌انتقال حكومة مكة إلى يد بنى خزاعة

- ‌القصيدة:

- ‌إخطار:

- ‌الصورة السادسةتوضح كيف تم تجديد البيت العتيق فى المرة الخامسة وكيف نجح العمالقة فىتجديده

- ‌الصورة السابعةتبين طريقة تجديد البيت الأكرم فى المرة السادسة

- ‌الصورة الثامنةفى ذكر طريقة تجديد وبناء كعبة الله فى المرة السابعة

- ‌إخطار:

- ‌انتقال حكومة مكة المكرمة إلى قصى بن كلاب بن مرة:

- ‌استطراد:

- ‌نشأة الإجازة:

- ‌جاهلية العرب:

- ‌الذيل:

- ‌تأسيس مدينة مكة المعظمة المشهورة

- ‌استطراد:

- ‌الحجابة:

- ‌السقاية:

- ‌الآبار الموجودة فى مكة المعظمةقبل ظهور بئر زمزم الشريف

- ‌ طوى

- ‌ بذر

- ‌ سجله

- ‌حفر، سقية، أم أحراد، سنبلة، غمر:

- ‌مسألة:

- ‌لاحقة:

- ‌اللواء:

- ‌الندوة-معناها الاجتماع:

- ‌السفارة:

- ‌النظارة:

- ‌صاحب القبة ومعناه ناصب الخيمة:

- ‌الأزلام:

- ‌طريقة التفاؤل وإجراء القرعة بالأزلام:

- ‌قرعة العرب فى الجاهلية

- ‌لعب القمار فى الجاهلية

- ‌خازن الآلات والأموال:

- ‌رفادة:

- ‌شكل السماط

- ‌القيادة:

- ‌اختلاف قريش:

- ‌مطالعة:

- ‌تعريف الكهانة

- ‌ العرافة

- ‌الزجر والطيرة:

- ‌حكاية:

- ‌الصورة التاسعةفى تفصيل كيفية بناء الكعبة المعظمة للمرة الثامنة

- ‌ فتوى:

- ‌ صورة الفتوى الشريفة:

- ‌إخطار:

- ‌ ظهور حية كبيرة فوق الكعبة:

- ‌صور الأنبياء وقصص مثيرة للعجب والحيرة

- ‌ حكاية:

- ‌‌‌ حكاية:

- ‌ حكاية:

- ‌صورة دخول عبادة الأصنام إلى أرض الحجاز:

- ‌بدء ظهور عبادة الأصنام على وجه الأرض

- ‌الكلمات المسموعة من أصنام أهل مكة

- ‌شعر

- ‌شعر

- ‌ حكمة:

- ‌ الأبيات

- ‌الأبيات التى سمعها وائل من داخل الصنم

- ‌شعر

- ‌ادعاء جمشيد الألوهية

- ‌ظهور طقوس الوثنية بين أحفاد إسماعيل

- ‌أول من اعتنق عبادة الأصنام من بنى إسماعيل:

- ‌إخطار:

- ‌معلومات خاصة بالجن والشياطين

- ‌لننتقل للبحث عن إبليس:

- ‌ حكاية:

- ‌ حكاية:

- ‌ الأبيات

- ‌قصة الفيل العجيبة:

- ‌بلاد الحبشة:

- ‌استطراد:

- ‌معلومات خاصة فى صورة خلقة الفيل وكيفية العناية به:

- ‌فى تعريف رصانة أبنية القليس:

- ‌قصة بيت أصنام بنى بغيض:

- ‌هجوم ملك الروم .. بقصد تخريب كعبة الله القيوم:

- ‌الصورة العاشرةفى تجديد مبانى الكعبة المقدسة للمرة التاسعة

- ‌خطبة ابن الزبير:

- ‌الصورة الحادية عشرةفى تجديد مبانى الكعبة المقدسة للمرة العاشرة

- ‌حادثة غريبة:

- ‌ترجمة حال ابن الزبير:

- ‌مطالعة:

- ‌تعريف مراتب وألقاب الخلافة والسلطنة والمملكة بالإجمال

- ‌حكام أوربا:

- ‌الصورة الثانية عشرةفى ذكر كيفية تعمير أركان بيت الله وتشييده

- ‌حكاية غريبة:

- ‌الصورة الثالثة عشرةتجديد بيت الله للمرة الحادية عشرة

- ‌عين زبيدة:

- ‌إحدى كرامات بيت الله الحرام:

- ‌ الأسباب القهرية التى بينها المهندسون فى تقارير المعاينة

- ‌ردود المعترضين:

- ‌رغبتهم فى عدم تنظيف الحرم الشريف:

- ‌تكليف رضوان باشا بإعادة بناء بيت الله:

- ‌رؤيا غريبة

- ‌حكاية أخرى

- ‌مكافاة رضوان أغا على جهده وإخلاصه

الفصل: ‌كيف ظهر بئر زمزم الشريف:

وفى قول آخر، إن السيدة «سارة» أصابتها الغيرة من إسماعيل-عليه السلام وقالت: يا إبراهيم، إذا كنت تريد لى راحة البال وهدوء الحال فاحمل هاجر وابنها إلى مكان قفر بلا ماء واتركهما هناك. ولما كان الوحى الجليل قد نزل آنذاك بأن يعمل تبعا لرأى سارة فإن، حضرة الخليل ترك المشار إليهما مع جرة ماء فى واد غير ذى زرع بمكة، ودعا على النحو السابق.

ولما كان دعاؤه مقبولا مجابا؟ فقد ظهرت قبائل «جرهم» و «قطورا» وعمرت مكة المكرمة، وأصبحت آهلة.

‌كيف ظهر بئر زمزم الشريف:

عند ما نفذ الماء من الجرة التى تركها الزوج المكرم-عليه السلام-فى ثلاثة أيام، ورأت السيدة هاجر أن ابنها إسماعيل أصبح على وشك الموت من العطش ولا حيلة له، وهى أيضا لا حيلة لها ولا قوة، فلبن ثدييها قد انقطع

(1)

.

وبعد أن تأملت وبكت لفترة، وهى فزعة جزعة من وحدتها فى ذلك الوادى الموحش، تركت ابنها إسماعيل أسفل الخيمة التى أقامتها من قبل وصعدت فوق قمة جبل الصفا للبحث عن الماء. ومن فوق هذا الجبل نظرت تجاه ابنها، حيث لا أثر لماء، أو لإنسان يروح أو يغدو، ونزلت إلى بطن الوادى، وكان المكان المنخفض الذى تركت فيه ابنها يوارى ويحول دون رؤيته فألقت فوق كتفيها بالزائد من الملابس الموجودة وراء ظهرها، وصعدت بسرعة فوق ربوة جبل المروة، فرأت ابنها من هناك ثم نزلت إلى الوادى ومع ذلك لم تستطع أن ترى ابنها، فأسرعت بالصعود إلى أعلى قمة جبل الصفا وابتهجت عيناها برؤية ابنها الذى يبعث السعادة فى النفوس. استمرت على هذا المنوال سبع مرات

(2)

تذهب وتغدو من الصفا إلى المروة، ومن المروة إلى الصفا، بنحو لم يفعله مخلوق من بنى البشر وهى تقول «ليس من الممكن أن يوجد هنا ماء أو أن أقابل بشرا

(1)

هذه الرواية تختلف عما يدعيه المؤرخون بأن سيدنا إسماعيل أثناء الهجرة، كان فى الثانية عشرة من عمره.

(2)

لم يكن هناك من سعى بين الصفا والمروة قبل السيدة هاجر. لذا فإنها أول الساعين.

ص: 213

ورجعت إلى إسماعيل وقد امتلأت يأسا وخيبة أمل. وهناك سمعت صوتا يشبه صدى صوت إنسان فأحست بالفرح، لكنها لم تستطع أن تحدد ناحية مصدر الصوت وتحيرت، فماذا تفعل؟! وقد كف الصوت المذكور وبدأت تتلفت حولها وهى حزينة.

بعد ما أفاقت بفترة قالت: «يا صاحب الصوت الندى الذى شغف سمعى.

عند ما سمعت صوتك الملائكى غرقت فى بحر الأمل، إذا كنت نصيرا إلى فعجل، لأننى وابنى قد استولى علينا الألم واليأس. فقد بلغنا درجة الموت عندئذ اضطر صاحب الصوت أن يظهر، وكان جبريل الأمين وأن يظهر ماء زمزم بضربة من جناحه.

وسرت السيدة هاجر بظهور الماء سرورا عظيما وبعد أن شربت

(1)

وارتوت أخذ ضرعاها اللذان جف لبنهما فى الإدرار، وأحاطت الماء بالرمال حتى لا يسيل الماء فى الوادى، وفى قول آخر إنها عند ما حفظت بعض الماء للإدخار أظهرت نوعا من عدم التوكل، لذلك غاض الماء فى الحال فى باطن الأرض وكان هذا سببا فى توارى

(2)

الماء عن وجه الأرض بعد ما كان الماء جاريا.

لو لم تحاول هاجر-رضى الله عنها-أن تمنع الماء من الجريان بإحاطته بالرمال، لظل جاريا إلى يوم القيامة كما جاء فى الحديث الشريف. ظهر ماء زمزم على النحو المذكور وكانت السيدة هاجر فى أمان وسعادة ولما رأى ذلك جبريل الأمين خاطب هاجر قائلا: «يا هاجر لا يحزن قلبك من هذا المكان الساكن هما وغما ولا يجول بخاطرك أن هذا الماء ينضب، فقد انفجر هذا الماء الذى يهب الحياة لحرمة ماء وجه إسماعيل الذى يزين حضنك، وإن ابنك هذا سيتشرف بشرف النبوة وسوف يبنى مع زوجك إبراهيم هذه الساحة المباركة التى تزيل الهم

(1)

يروى أن السيدة هاجر سقت ابنها قبل أن تشرب.

(2)

لم يكن حول بئر زمزم حتى زمن أبى جعفر المنصور خرزة من الحجارة والرخام ولم يوجد حول فوهته خرزة يحيط بها وفى زمن خلافة المشار إليه أقاموا خرزة كما غطى ما حولها بالرخام.

ص: 214

والغم وهى بقعة مفخمة مشرفة، وبناء على هذا سيزيد عمران هذا الوادى من سنة إلى أخرى.

سيق أفراد من الأقوام والقبائل ليزوروا هذا المكان المقدس الذي سيعمره المشار إليهما.

وبما أن هذا المقال قد أزال الحزن من نفس هاجر وبشرها بأن هذا المكان سيكون فى دائرة المسجد الحرام الذى سيسبب الفرح والإبتهاج فى النفوس. فما كان منها إلا أن قامت وأدت فرائض العبودية والشكر لله-تعالى-وقررت أن تمضى حياتها فى هذا المكان المبارك المقدس.

وقد اختلف العلماء فى بيان كيفية تفجر ماء زمزم الشريف، فقال فريق إنها ظهرت من أثر ضربة جناح جبريل-عليه السلام-وذهبت جماعة إلى أنها ظهرت من أثر ضربة كعب سيدنا إسماعيل، ولكن القول الأرجح حسبما ذكرنا أن جبريل ضرب الأرض بجناحه فتفجرت المياه وأحاطتها هاجر-رضى الله عنها-بما حولها من رمال، ثم قام إبراهيم بعد ذلك بحفرها وتعميقها حتى أصبحت على شكل بئر وهذا ما قرره الجمهور.

كما اختلف المؤرخون فى تعريف سبب تسمية زمزم الشريف أيضا، ففى بعض الأقوال إنها سميت زمزم لكثرة تدفقها، وعند البعض أن تسميتها تعود إلى معنى «اجر بطيئا بطيئا» أى زم زم

(1)

وثبت هذا الاسم على البئر وعرف به.

وإننا سنبين فى موضوع كيفية انتقال الحكم من يد حكومة مكة إلى أيادى بنى خزاعة، أن هذا الماء ضاع وغاب فى زمن الجراهمة الذين كانوا عنوانا للضلال والطغيان، وبمرور الأيام نسى اسمه وجسمه ومكان وجوده.

وبالصدفة أقام أهل مكة صنمين لهما عند طرفى بئر زمزم الشريف الذي كان مجهول المكان.

(1)

إذا عرفنا أن معنى زمزم باللغة اليونانية «قف» يجب علينا أن نحمل التسمية لهذا السبب.

ص: 215

فأقاموا نائلة فى طرف وإساف فى الجانب الآخر. وكانوا يذبحون القرابين بين هذين الصنمين فوق فوهة بئر زمزم الشريف وعند ما آل حكم مكة ورئاسة قريش إلى عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف وكان قد اقترب الزمن الذى ستجد فيه قلوب عطاش الجاهلية ماء حياة الهداية وستتحول أرض يثرب البطحاء القاحلة إلى جنات مأوى بفضل الماء الزلال الذى يفيض من نور النبوة.

وفى زمن عمرو بن حارث الجرهمى، كان زمزم قد اختفى عن العيون وظل خفيا مدة خمسمائة عام بعيدا عن العيون. وصدرت الإرادة الإلهية لحكمة ما بظهور زمزم الشريف، وكلف عبد المطلب ذات ليلة من الليالى فى رؤياه بأن يقوم بحفر زمزم مفتخرا.

ورغم أن عبد المطلب قد أمر بهذه المهمة، إلا أن مكان البئر المذكور كان غير معروف فى ذلك الوقت، لذا رأى أنه لن يستطيع بمفرده القيام بهذا العمل واضطر للاستعانة بقريش قديما ورؤساء قبائل قريش ووجه إليهم هذا السؤال «قد كلفت بحفر بئر زمزم وإظهارها فهل تعينونى فى هذا العمل؟» .

فسألوه هل تعرف مكان بئر زمزم؟ فقال: لم ألهم بذلك أيضا يعنى لم أعرفه فقال الرؤساء: «يا عبد المطلب يجب أن تستخير هذه الليلة إذا كنت مأمورا بهذا العمل من قبل الرحمن فإنه سيخبرك بمكانه، وإذا كانت الرؤيا شيطانية فلن ترى مثل هذه الرؤيا مرة أخرى.

وقد أعجب عبد المطلب برأى الرؤساء وأسرع بكل إخلاص وتوكل يستخير فى تلك الليلة.

وبناء على هذه الاستخارة ظهر لعبد المطلب فى رؤياه فى تلك الليلة شخص تحدث بهذه العبارات المسجوعة: «احفر زمزم إن حفرتها لن تندم وهو تراث من أبيك الأعظم، لا تنزف أبدا ولا تندم فسقى الحجيج الأعظم ليس كبعض ما تقدم وهى بين الفرث والدم» ولما رجا عبد المطلب من الهاتف أن يبين له المكان القديم للبئر المذكورة، فأشار له قائلا «عند قرية النمل حيث ينقر الغراب» وكأنه أراد من

ص: 216