المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بناء على هذا وجه هرقل خطابه إلينا، وقال: (إن هذه التماثيل - موسوعة مرآة الحرمين الشريفين وجزيرة العرب - جـ ١

[أيوب صبري باشا]

فهرس الكتاب

- ‌قصة هذا العمل

- ‌هل كانت كلمة المرآة مقصودة من المؤلف؟وماذا أراد المؤلف باستخدام كلمة المرآة ودلالتها

- ‌أسباب تصنيف الموسوعة:

- ‌أولا:

- ‌ثانيا:

- ‌الكتاب المصنّف:

- ‌سبب إطلاق هذه الأسماء على مكة:

- ‌فالأبواب الشرقية:

- ‌أما الأبواب الجنوبية فهى:

- ‌والأبواب الغربية:

- ‌والأبواب الشمالية:

- ‌وللمسجد الشريف خمسة أبواب هى:

- ‌ أثرب:

- ‌ أرض الله، أرض الهجرة:

- ‌ أكالة البلدان، أكالة القرى:

- ‌ البارة:

- ‌ الجليلة:

- ‌ ذات الحجر:

- ‌ سيدة البلاد:

- ‌ شافية:

- ‌ طيبة وطيّبة:

- ‌ عذراء:

- ‌ فاضحة:

- ‌ مؤمنة:

- ‌1 - أهل المدر:

- ‌2 - أهل الوبر:

- ‌تربية الأطفال

- ‌الزواج وعاداته

- ‌وليمة العرس:

- ‌حفل الختان

- ‌الخيل:

- ‌عناصر مجلد «مرآة جزيرة العرب»:

- ‌مرآة مكة

- ‌الوجهة الأولى

- ‌إفادة مخصوصة:

- ‌الخلاصة:

- ‌بيت الله (الكعبة):

- ‌ الملتزم

- ‌ المستجار

- ‌ الحجر الأسود

- ‌داخل الكعبة:

- ‌حجر إسماعيل:

- ‌ميزاب الكعبة:

- ‌حفرة المعجن:

- ‌الشادروان:

- ‌الستارة الشريفة:

- ‌المطاف الشريف:

- ‌المقام الشريف:

- ‌المنبر اللطيف:

- ‌المقامات الأربعة:

- ‌المقام الحنفى:

- ‌المقام الشافعى:

- ‌المقام الحنبلى:

- ‌المقام المالكى:

- ‌قبة الفراشيين:

- ‌قبة السقاية:

- ‌مسألة:

- ‌البلدة المعظمة مكة المكرمة

- ‌أديان العرب فى الجاهلية

- ‌أسماء مكة الله السامية

- ‌منظومة

- ‌سبب إطلاق هذه الأسماء على الكعبة

- ‌رواية:

- ‌نظم:

- ‌بكة:

- ‌بلد:

- ‌قرية:

- ‌أم القرى:

- ‌البلد:

- ‌أم رحم:

- ‌باسة:

- ‌صلاح:

- ‌ناسة:

- ‌حاطمة:

- ‌رأس:

- ‌كوثى:

- ‌عرش وعريش وعرش:

- ‌قادس، قادسية:

- ‌سبوحة:

- ‌حر‌‌ام:

- ‌ام:

- ‌معطشة:

- ‌برة:

- ‌رتاج:

- ‌رحم وأم الرحمة:

- ‌أم كوثى:

- ‌أمينة:

- ‌أم الصفا:

- ‌مروية:

- ‌متحفة:

- ‌أم المشاعر:

- ‌البلدة المرزوقة:

- ‌رواية:

- ‌حكمة:

- ‌حكاية مليئة بالعبر:

- ‌تهامة:

- ‌الحجاز:

- ‌البلدة الطيبة:

- ‌مدينة الرب:

- ‌عاقر:

- ‌فاران:

- ‌عتيق:

- ‌أسباب تلقيب بيت الله بالألقاب الجميلة

- ‌المشرفة:

- ‌مكرمة:

- ‌مهابة:

- ‌والدة:

- ‌نادرة:

- ‌جامعة:

- ‌المباركة:

- ‌المفخمة:

- ‌ المشرفة

- ‌أعلام قلاع الحرمين الشريفين

- ‌استيلاء طائفة القرامطة المفسدين على مكة المعظمة

- ‌استطراد

- ‌إخطار:

- ‌ الحسينية

- ‌وادى فاطمة

- ‌تنبيه:

- ‌العلاج:

- ‌درجات الحرارة

- ‌إفادة خاصة:

- ‌تنبيه:

- ‌الخوخ:

- ‌المشمش:

- ‌التين:

- ‌السفرجل:

- ‌الكمثرى:

- ‌التفاح:

- ‌البرقوق:

- ‌التمرهندى:

- ‌العنب:

- ‌التمر:

- ‌اللوز:

- ‌الجوز:

- ‌التوت:

- ‌العناب:

- ‌البطيخ والشمام:

- ‌البرتقال:

- ‌‌‌الليمون:

- ‌الليم

- ‌الرمان:

- ‌الموز:

- ‌ الخيار

- ‌العجور:

- ‌الهندباء:

- ‌الخرشوف:

- ‌البامية:

- ‌الكرفس:

- ‌الفاصوليا الخضراء:

- ‌السلق:

- ‌الجزر اليمانى:

- ‌الباذنجان:

- ‌الفاصوليا الجافة والفول الجاف:

- ‌الفجل:

- ‌شبت:

- ‌الثوم:

- ‌الكمون:

- ‌أسباب ظهور الأمراض فى مكة المفخمة

- ‌نصائح لمن يذهبون إلى الحجاز:

- ‌حكاية:

- ‌طواف طائر بالبيت المعظم:

- ‌طواف الجن:

- ‌الصورة الرابعةالتعريف بحدود كعبة الله بالفضائل الجليلة لمكة المكرمة

- ‌نظم

- ‌هناك ثلاث روايات عن مقام إبراهيم

- ‌الرواية الأولى:

- ‌الرواية الثانية:

- ‌الرواية الثالثة:

- ‌النتيجة:

- ‌الحكمة الأولى:

- ‌الحكمة الثانية:

- ‌الحكمة الثالثة:

- ‌الحكمة الرابعة:

- ‌الحكمة الخامسة:

- ‌استطراد

- ‌شعر

- ‌حدود حرم الله ومواقيت كعبة الله المكانية:

- ‌‌‌شعر

- ‌شعر

- ‌أسماء الذين جددوا أميال المواقيت:

- ‌الصورة الخامسةفى توضيح المسائل الهامة الخاصة بإيجار واستئجار بيوت هذه المدينة المفخمةللإقامة فى مدينة مكة المعظمة

- ‌حكاية:

- ‌حكاية أخرى:

- ‌قصة غريبة:

- ‌نظم

- ‌خلاصة مسألة إيجار البيوت:

- ‌الوجهة الثانيةتحتوى على ثلاث عشرة صورة مرتبة تضم أقوال المؤرخين التى ذكرت حولتفاصيل بناء مكة المعظمة وعمارتها، وعن الذين قاموا ببناء هذه البقعة المقدسةالمباركة، وأسباب تجديدها وتعميرها وإنقاص مساحتها وتوسيعها

- ‌الصورة الأولىتعرض الأقوال التى ذكرت فى أوليات بناء الكعبة

- ‌شعر

- ‌الصورة الثانيةفى تفصيل وبيان كيفية بناء الكعبة المعظمة للمرة الأولى

- ‌الصورة الثالثةتوضح صورة بناء الكعبة المعظمة فى المرة الثانية

- ‌أقوال الجمهور فى تعريف البيت المعمور:

- ‌إخطار:

- ‌الصورة الرابعة توضح كيفية تجديد الكعبة المحرمة فى المرة الثالثة

- ‌حكمة:

- ‌ترجمة حال سيدنا الخليل عليه سلام الله الجليل:

- ‌رباعية:

- ‌تفصيل

- ‌قطعة

- ‌استطراد

- ‌بيت

- ‌أبيات

- ‌حكمة

- ‌إخطار:

- ‌صورة هجرة سيدنا إبراهيم إلى مصر:

- ‌إضافة:

- ‌إخطار:

- ‌إخطار:

- ‌أبيات

- ‌سبب سفر خليل الرب الجليل إلى واد غير ذى زرعومكة وطريقة سفره

- ‌استطراد

- ‌إخطار:

- ‌نظم

- ‌تنبيه:

- ‌كيف ظهر بئر زمزم الشريف:

- ‌الغراب الأعصم:

- ‌أسماء زمزم الشريف

- ‌1 - زمزم:

- ‌2 - همزة:

- ‌3 - هزمة جبريل:

- ‌4 - ظبية:

- ‌5 - طيبة:

- ‌6 - برة:

- ‌7 - عصمة:

- ‌8 - مضنونة:

- ‌9 - شباعة العيال:

- ‌10 - عونة:

- ‌11 - سقيا الله إسماعيل:

- ‌12 - بركة:

- ‌13 - سيدة:

- ‌14 - نافعة:

- ‌15 - بشرى:

- ‌16 - صافية:

- ‌17 - معذبة:

- ‌18 - طاهرة:

- ‌1).19 -حرمية:

- ‌20 - مروية:

- ‌21 - سالمة:

- ‌22 - ميمونة:

- ‌23 - مباركة:

- ‌24 - كافية:

- ‌25 - عافية:

- ‌26 - طعام طعم:

- ‌27 - شفاء سقم:

- ‌28 - مؤنسة:

- ‌29 - شراب الأبرار:

- ‌30 - تكتم:

- ‌نظم

- ‌هجرة قبائل الجراهمة وقطورا إلى مكة المكرمة

- ‌زواج سيدنا إسماعيل وذهاب سيدنا إبراهيم إلى مكة لمقابلة ابنه

- ‌نظم

- ‌مسألة:

- ‌كيفية حدوث قصة الذبح الجليلة

- ‌نظم

- ‌نظم

- ‌نظم

- ‌نظم

- ‌قطعة

- ‌حكمة:

- ‌استطراد

- ‌لاحقة:

- ‌تكليف حضرة الخليل ببناء الكعبة المعظمة:

- ‌إخطار:

- ‌قطعة:

- ‌نظم

- ‌نظم

- ‌قطعة

- ‌لائحة فى ذكر كيف قدمت وتشكلت حكومة العمالقة والجراهمة فى مكةالمكرمة

- ‌نظم

- ‌انتقال حكومة مكة إلى يد بنى خزاعة

- ‌القصيدة:

- ‌إخطار:

- ‌الصورة السادسةتوضح كيف تم تجديد البيت العتيق فى المرة الخامسة وكيف نجح العمالقة فىتجديده

- ‌الصورة السابعةتبين طريقة تجديد البيت الأكرم فى المرة السادسة

- ‌الصورة الثامنةفى ذكر طريقة تجديد وبناء كعبة الله فى المرة السابعة

- ‌إخطار:

- ‌انتقال حكومة مكة المكرمة إلى قصى بن كلاب بن مرة:

- ‌استطراد:

- ‌نشأة الإجازة:

- ‌جاهلية العرب:

- ‌الذيل:

- ‌تأسيس مدينة مكة المعظمة المشهورة

- ‌استطراد:

- ‌الحجابة:

- ‌السقاية:

- ‌الآبار الموجودة فى مكة المعظمةقبل ظهور بئر زمزم الشريف

- ‌ طوى

- ‌ بذر

- ‌ سجله

- ‌حفر، سقية، أم أحراد، سنبلة، غمر:

- ‌مسألة:

- ‌لاحقة:

- ‌اللواء:

- ‌الندوة-معناها الاجتماع:

- ‌السفارة:

- ‌النظارة:

- ‌صاحب القبة ومعناه ناصب الخيمة:

- ‌الأزلام:

- ‌طريقة التفاؤل وإجراء القرعة بالأزلام:

- ‌قرعة العرب فى الجاهلية

- ‌لعب القمار فى الجاهلية

- ‌خازن الآلات والأموال:

- ‌رفادة:

- ‌شكل السماط

- ‌القيادة:

- ‌اختلاف قريش:

- ‌مطالعة:

- ‌تعريف الكهانة

- ‌ العرافة

- ‌الزجر والطيرة:

- ‌حكاية:

- ‌الصورة التاسعةفى تفصيل كيفية بناء الكعبة المعظمة للمرة الثامنة

- ‌ فتوى:

- ‌ صورة الفتوى الشريفة:

- ‌إخطار:

- ‌ ظهور حية كبيرة فوق الكعبة:

- ‌صور الأنبياء وقصص مثيرة للعجب والحيرة

- ‌ حكاية:

- ‌‌‌ حكاية:

- ‌ حكاية:

- ‌صورة دخول عبادة الأصنام إلى أرض الحجاز:

- ‌بدء ظهور عبادة الأصنام على وجه الأرض

- ‌الكلمات المسموعة من أصنام أهل مكة

- ‌شعر

- ‌شعر

- ‌ حكمة:

- ‌ الأبيات

- ‌الأبيات التى سمعها وائل من داخل الصنم

- ‌شعر

- ‌ادعاء جمشيد الألوهية

- ‌ظهور طقوس الوثنية بين أحفاد إسماعيل

- ‌أول من اعتنق عبادة الأصنام من بنى إسماعيل:

- ‌إخطار:

- ‌معلومات خاصة بالجن والشياطين

- ‌لننتقل للبحث عن إبليس:

- ‌ حكاية:

- ‌ حكاية:

- ‌ الأبيات

- ‌قصة الفيل العجيبة:

- ‌بلاد الحبشة:

- ‌استطراد:

- ‌معلومات خاصة فى صورة خلقة الفيل وكيفية العناية به:

- ‌فى تعريف رصانة أبنية القليس:

- ‌قصة بيت أصنام بنى بغيض:

- ‌هجوم ملك الروم .. بقصد تخريب كعبة الله القيوم:

- ‌الصورة العاشرةفى تجديد مبانى الكعبة المقدسة للمرة التاسعة

- ‌خطبة ابن الزبير:

- ‌الصورة الحادية عشرةفى تجديد مبانى الكعبة المقدسة للمرة العاشرة

- ‌حادثة غريبة:

- ‌ترجمة حال ابن الزبير:

- ‌مطالعة:

- ‌تعريف مراتب وألقاب الخلافة والسلطنة والمملكة بالإجمال

- ‌حكام أوربا:

- ‌الصورة الثانية عشرةفى ذكر كيفية تعمير أركان بيت الله وتشييده

- ‌حكاية غريبة:

- ‌الصورة الثالثة عشرةتجديد بيت الله للمرة الحادية عشرة

- ‌عين زبيدة:

- ‌إحدى كرامات بيت الله الحرام:

- ‌ الأسباب القهرية التى بينها المهندسون فى تقارير المعاينة

- ‌ردود المعترضين:

- ‌رغبتهم فى عدم تنظيف الحرم الشريف:

- ‌تكليف رضوان باشا بإعادة بناء بيت الله:

- ‌رؤيا غريبة

- ‌حكاية أخرى

- ‌مكافاة رضوان أغا على جهده وإخلاصه

الفصل: بناء على هذا وجه هرقل خطابه إلينا، وقال: (إن هذه التماثيل

بناء على هذا وجه هرقل خطابه إلينا، وقال:

(إن هذه التماثيل التى شاهدتموها قد نحتت قبل ألف سنة، لو كان هذا التمثال هو تمثال محمد الأمين الذى ذكر تماما فمما لا شك فيه أن الرجل نبى مرسل.

فعند وصولكما إلى مكة فعليكما بتصديق نبوته بلا تردد. وإذا قدر لى لقاءه فسوف أغسل رجليه المباركتين وأشرب ماء غسيلهما).

-‌

‌‌

‌ حكاية:

كان «جبير بن مطعم» من الصحابة

(1)

الكرام، ومن أولاد نوفل القرشى، ويتصل نسبه بعبد مناف الجد الثالث للنبى صلى الله عليه وسلم، وقد قال: كنت قد ذهبت إلى الشام فى بدء البعثة النبوية، فاستدعانى رئيس أساقفة نصارى الشام وسألنى:

أتعرف الرجل الأمى الذى يدعى النبوة فى بلدتكم؟ فلما أجبته: نعم! إنه ابن عمى! أمسكنى من يدى وأدخلنى غرفة مليئة بصور الأنبياء المزينة، وأشار إلى الصور واحدة تلو أخرى وسألنى: أيمكن أن ترى بينها صورته؟ فلما أجبته:

بالنفى أخذنى إلى حجرة أخرى، وكانت بيت التماثيل وكان فى داخلها تماثيل مزينة ومجسمة، وسألنى رئيس الأساقفة: يا ترى هل يوجد تمثال مشابه لصورة ابن عمك؟! فلما تأملنا رأيت تمثالا نورانيا على شكل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبجانبه صورة تشبه الصديق وصورة أخرى بجانب صورة الصديق تشبه عمر بن الخطاب فأشرت إلى الصورة، وقلت هذه الصورة تشبه صورة حضرة محمد صلى الله عليه وسلم.

ولما استفسر عن الصورتين الأخريين؛ أجبته قائلا: هذا ابن عمى ابن أبى قحافة وذلك ابن عمى عمر بن الخطاب. بناء على ذلك أنهى كلامه قائلا: إن هذا الرجل الذى ظهر فى بلدتكم مدعيا النبوة، أشهد أنه المبعوث الحق والرسول المطلق وهذان خليفتيه.

- حكاية:

تروى حكاية ذات عبر حدثت فى عهد أبى بكر الصديق؛ إذ بعث فى أثناء خلافته-رضى الله عنه-هشام بن العاص سفيرا إلى إمبراطور الشرق هرقل، وقد تحدث هشام عن ماهية هذه السفارة وحقيقتها.

(1)

انظر: الإصابة 235/ 1،والخبر فى دلائل النبوة للبيهقى 384/ 1 - 385.

ص: 343

قال هشام بن العاص

(1)

:كنت أرسلت أنا وصديق لى من قبل أبى بكر الصديق-رضى الله عنه-لدعوة هرقل إلى الإسلام، وعند ما وصلنا إلى المدينة عاصمة إمبراطورية هرقل أنزلونا فى قصر غاية فى الفخامة، وبعد ثلاثة أيام استدعانا هرقل، وأجرى لنا مراسم الاستقبال، وفى أثناء الحديث أمر بإحضار صندوق كبير جدا ومزين بالذهب ذى أدراج كثيرة، ففتح أحد هذه الأدراج وأخرج منه لوحة حمراء اللون ملفوفة بقطعة قماش سوداء. وقد رسم عليها صورة شخص حسن الطلعة طويل القامة، فأشار هرقل إلى اللوحة المذكورة، وسألنا هل تعرفون هذا الرجل؟

أجبناه بالنفى. فقال: إنها صورة سيدنا آدم عليه صلوات الله الأعظم. وكانت هذه الصورة لرجل أحمر الوجه واسع العينين، ذو قامة طويلة شعره مفرق إلى جانبين وقد جدل بصورة منسقة، وبعد أن وضع هرقل صورة سيدنا آدم فى مكانها فتح درجا آخر من أدراج الصندوق، وأخرج لوحة أخرى ناصعة البياض لامعة وملفوفة داخل قطعة قماش سوداء. وكانت الصورة المرسومة فى هذه اللوحة، صورة لرجل أحمر العينين فسأل هرقل: صورة من هذه؟

وكانت الإجابة بالنص: لا نعرف!!

فقال: إنها صورة سيدنا نوح-عليه السلام-وقد رسمت هذه الصورة لرجل أبيض اللون، عيناه تميلان إلى اللون الأحمر كبير الرأس، كثيف اللحية. وفى النهاية فتح هرقل درجا ثالثا، وأخرج لفافة قماش سوداء، بداخلها لوحة بيضاء.

وكانت اللوحة تحوى صورة رجل أبيض البشرة، وضاء الوجه وكأنه يبتسم وهو فى أبهى صورة.

وسأل هرقل: أتعرفون هذا الرجل؟ ولما أخذ الرد بالنفى، قال: هذه صورة إبراهيم عليه التحية والتعظيم، ثم فتح درجا آخر، وأخرج صورة صاحبها فائق الجمال وساطع الأنوار، وتذكرنا بمحمد صلى الله عليه وسلم.

وقد بكينا فى أول مشاهدتنا للصورة كأننا رأينا حضرة صاحب الرسالة القدسية. وقد أظهر هرقل لهذه الصورة توقيرا وتعظيما أكثر من الصور الأخرى.

(1)

الخبر فى دلائل النبوة 386/ 1 - 390 بطوله، ونظر أيضا تفسير ابن كثير 564/ 3 - 567.

ص: 344

وعند ما سأل هل تعرفون صاحب هذه الصورة؟ وقد تلقى الجواب منا إذ قلنا:

إن هذا التمثال اللطيف يشبه صورة محمد عليه السلام، قال: الله يعلم أنه هو ونهض من مكانه وجلس عدة مرات. ثم قال: إذا كانت هذه الصورة هى الشكل المبارك لمحمد-عليه السلام-فاعلموا أن دينكم هو الدين الحق.

وأراد أن يبين شك فى كون هذه الصورة لمحمد-صلى الله عليه وسلم-إذ نطق بهذه الجملة.

ولكننا قلنا له: يا ملك بلاد الروم إن هذه الصورة صورة الحبيب ذى الكبرياء عليه أفضل التحيات ولا شك فى ذلك، وبها الكثير من شمائله الشريفة، حتى إننا ظننا أنفسنا فى حضرته السعيدة فائضة النور. وبهذه الإجابة زال شك هرقل إلى درجة ما، ولكنه لم يجرؤ على تصديق أن هذا التمثال صورة مشابهة لرسول الله العالى المقام، وظل يوجه إلى وجهنا نظرات بلهاء لمدة ساعة ثم أفاق، واستجمع عقله وسألنا وقد ظهرت عليه الحيرة:

احذرا أن تكونا قد أخطأتما فى تمييز صاحب الصورة إذ قد تكون لشخص آخر. ثم فتح درجا آخر وأخرج منه تمثال رجل غائر العينين متراكب الأسنان مقلص الشفتين. وكانت هذه الصورة تبدى علامات الغضب والحدة وتبعث الخوف فى مشاهديها. وإذا بها صورة سيدنا موسى بن عمران عليه صلوات الرحمن. وبجانب صورة موسى-عليه السلام-صورة أخرى تشبه صورة موسى الذات العالى إلى حد ما. أخبرنا هرقل أنها صورة هارون بن عمران- عليه سلام المنان-ثم فتح ثمانية أدراج درجا بعد درج، وأخرج من كل واحد منها صورة ملفوفة فى قطعة حرير سوداء، وقال إنها الأشكال المنيرة لحضرات سادتنا: لوط -إسحاق-يعقوب-إسماعيل-يوسف-داود-سليمان-عيسى عليهم السلام.

وكانت صورة سيدنا لوط داخل صرة من الحرير الأبيض، وتبدو صورته جميل الوجه عليها علامات الغضب. كما كانت صورة إسحاق داخل صرة بيضاء وقد رسمت بلون مائل للحمرة، وكانت صورة يعقوب-عليه السلام-داخل صرة بيضاء وكانت تشبه شكل إسحاق المبارك إلا أنها كانت تتميز بوجود خال

ص: 345

أسود اللون فى الشفة السفلى. أما صورة إسماعيل-عليه السلام-فقد كان أبيض اللون، حسن الوجه، أقنى الأنف، متناسق القوام، وكان يلمح فى وجهه السعيد نور محمد ساطع اللمعان.

وقد وصف هرقل هذه الصورة الجميلة أن صاحبها إسماعيل-عليه السلام جد نبيكم-عليه أفضل الصلاة والسلام.

وكانت صورة يوسف-عليه السلام-ساحر زليخا فى صرة بيضاء، وكان فى الخلقة يشبه آدم-عليه السلام-تماما لكنه فى صورة أجمل، متناسق الأعضاء حتى إن من يرونه يقولون: لا بد أن تكون شمس الملاحة هذا النور.

وكانت صورة داود-عليه السلام-داخل صرة بيضاء، وقد بدا فيها أحمر اللون ضخم البطن متقلدا السيف.

وإذا جئنا إلى صورة سليمان بن داود فنجده ممتطيا جوادا ضخم الأليتين، طويل الرجلين، وكانت هذه اللوحة ملفوفة بقطعة حريرية بيضاء.

أما هيكل عيسى-عليه السلام-فكان ملفوفا فى داخل صرة بيضاء، وكانت صورة ذاته الشريفة تبديه فتيا صلبا أسود اللحية، كثيف الشعر حسن الوجه.

وكنا نشاهد الصور المذكورة واحدة تلو الأخرى، وننظر فى كل واحدة منها بكل رقة بالبصر والبصيرة. وغرقنا فى بحر الحيرة من شدة التعجب والاستغراب. ولم نجرؤ على القول بأن هذه هى صورة الأنبياء المشار إليهم، قلنا للملك: أيها الملك، كيف حصلتم على صور الأنبياء هذه؟!

فإذا ما نظرنا إلى الرسم اللطيف لسيدنا محمد-صلوات الله وسلامه عليه- نبينا رأينا أنها تحمل نفس شمائله الشريفة؛ فلا بد أن تكون كل هذه الصور مطابقة لصور الأنبياء مع العلم أنه من الصعب إيجاد دليل قوى وسند يعتمد عليه الحكم على هذا الأمر، وبهذه العبارة لم نصدق ولم نكذب صحة تلك الصور المشروحة.

ص: 346

وعند ما رأى هرقل ترددنا الواضح فى تصديق حكاية الصور قال: إن هذه الصور بقيت من الأزمنة الغابرة، وإن كان من الصعب إثبات مدى مطابقة الصور لشكل أصحابها ما لم نرهم، إلا إننى عندى البينة الكافية لتأكيد صحة هذا الأمر.

يجب ألا ترتابوا فى أن الصور الشريفة للأنبياء ذوى الشأن الذين ذكرت أسماؤهم هى لهم. فإن سيدنا أبا البشر-عليه سلام الله الأكبر-أراد رؤية من اتصفوا بخير الصفات والذين سيتبوأون مقام النبوة من أولاده وأحفاده. ولما عرض أبو البشر ما فى ضميره على عالم السر والخفايا، أنزل الرحمن من عنده الصور المذكورة مرسومة على لوح مزين لحكمة لا يعرفها سواه.

وقد وضع سيدنا آدم اللوح المذكور فى مغارة فى بلاد المغرب بعد رؤيتها وهال عليها التراب والحجارة إلى أن وجدها ذو القرنين. ولفها فى قطعة من الحرير وحفظها، ولهذا انتقل اللوح المذكور مع قطعة الحرير هذه إلى يد النبى دانيال- عليه السلام-وقام المشار إليه برسم كل واحدة منها فى لوحة مستقلة، وبذلك نجح فى عمل صور كثيرة للأنبياء.

إن الذى ابتهجتم برؤيته وقررتم عينا بمشاهدته من الصور فجميعها من جملة الصور التى رسمها النبى دانيال، وقد ورثها الناس كابرا عن كابر إلى أن وصلت إلينا فى نهاية الأمر. وهكذا طيب خاطرنا وأعادنا إلى وطننا.

ورغم أننا لم نصدق أن الصور التى رأيناها عند هرقل تشبه شمائل الأنبياء الكرام، إلا أن الأمر ظل يتفاقم فى ذهننا وقد اضطررنا أن نعرض الأمر على الخليفة حتى نستوضح حقيقة الأمر منه.

وحينما وصلنا إلى المدينة المنورة توجهنا للقاء حضرة الخليفة الصديق وقبل أن نتحدث بما حدث أخبرنا بكل ما حدث أمام هرقل من مشاهدة الصور وما تحدث به بلا زيادة ولا نقصان وبعد ما بكى قليلا قال: إن طوائف اليهود وطوائف النصارى قد قرءوا فى كتبهم صفات النبى-صلى الله عليه وسلم-ونعوته ولكنهم تمردوا وعاندوا ولم يؤمنوا به.

ص: 347