الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصورة الثانية عشرة
فى ذكر كيفية تعمير أركان بيت الله وتشييده
بعد تجديد الحجّاج للكعبة المقدسة لم يسمح شرعا إلى سنة 1020 هـ بتجديد الكعبة حتى لا تكون ألعوبة فى يد الملوك، إلا أن سقف البيت الشريف العالى وأركانه مالت إلى السقوط بعد هذه الفترة الطويلة وظهر ما يدل على أنها قد أوشكت على الانهيار إذا لم تتخذ وسائل لمعالجتها.
وبناء على ذلك أخذ أهالى مكة يبحثون عن وسيلة لمعالجة الأمر فقرروا بالاتفاق مع أمير مكة الشريف إدريس والأعيان والوجهاء أن يعرضوا الموضوع على العتبة السلطانية راجين منه أن ينظر لهذا الموضوع سريعا.
وقد أهم وأقلق الطلب الذى أرسله أهل مكة أولياء الأمور إلا أن الحكم الشرعى بخصوص تجديد البيت المعظم بعد هدمه ونقضه كان مشترطا بأن يقع ركن من أركانه لذا شكلت لجنة من العلماء الأعلام والرجال الكرام ذوى الاحترام حتى يجدوا حلا شرعيا لهذا الموضوع.
واجتمعت تلك اللجنة تحت المجبورية الشرعية وبعد مشاورات كثيرة قررت أن يحزم البيت من مكانين بأحزمة حديدية كما رأى فريق ربط الأماكن المشققة بتلك الأحزمة وبهذا يهدم البيت الشريف ويعالج الموضوع كما ذكروا أن هذا سيوافق أحكام الشريعة وعرض الأمر على حامى الخلافة.
وحينئذ صدر الأمر السلطانى المطاع بإعداد الأحزمة المذكورة على أن تغطى بطبقة من فضة خام وطبقة أخرى من الذهب الخالص وفى نفس الوقت يتغير الميزاب الفضى الذى أرسل فى زمن السلطان (سليمان عليه الرحمة والغفران) بميزاب مذهب كما هيئوا الصناع من الصياغ والحدادين بمهامهم.
وأرسلوهم إلى حديقة استاوروز فى اسكدار وفى يوم الشروع فى العمل أقيم حفل كبير حضره السلطان وعظماء الدولة وأركانها، وقد هيئت المهمات اللازمة للترميم فى وقت قصير وأعلم بذلك سلطان الزمان أحمد خان بن السلطان محمد خان الثالث-عليهما رحمة الله-،وكان السلطان فى ذلك الوقت مقيما فى حديقة داود باشا وبما أنه يريد أن يرى بنفسه ما تم صنعه من المهمات الغالية وطريقة صنعها أصدر أمره بأن تنقل هذه الأشياء إلى مقر إقامته وبناء على ذلك أمر بصنع نموذج من الخشب لبيت الله يطابقه فى أبعاده ثم أمر بأن تنقل جميع المهمات إلى مكان فسيح فى حديقة داود باشا ثم وضعت الأشياء المعدة لترميم البيت فى أماكنها التى فى النموذج وهكذا عرض كيفية وضع هذه الأشياء وجمال صنعها ودقته على الحاضرين الكرام.
الشكل الثانى عشر وأخيرا بحث عن الحدادين المهرة والصياغ المتخصصين فى مهمتهم والمتدينين وأرسلوا مع المهمات إلى مكة المكرمة برفقة حسن باشا الذى عزل من وظيفة الدفتر دارية فى حلب وعهد إليه الحبشة، وفى سنة 1020 الهجرية وفى وسط شهر رجب الفرد، وصى والى مصر محمد على باشا بالعمل على توصيل هذه البعثة عن طريق السويس بأقصى سرعة ممكنة إلى الجانب الحجازى.
وقد قام المشار إليه بهذه الخدمة المباركة على أكمل وجه وأمن وصول البعثة السلطانية إلى مكة بعد أن أمدها بكل ما تحتاج إليه.
وكانت الأشياء الغالية المرسلة عبارة عن: ستة عشر عددا من أحزمة حديدية باعتبار أن كل جدار متكون من أربع مناطق وستة عشر عددا من أعمدة حديدية لتوضع على كل ركن أربعة منها لتثبيت الأحزمة وإمساكها وكمر مقوس فوق باب الكعبة المقدس حيث تلتقى الأحزمة الحديدية وثبتوا لوحة فوق العتبة العليا لباب الكعبة تجديدا للكتابة التى هناك كما أحضروا الأخشاب الجيدة الكافية لتعمير وإصلاح سطح الكعبة وكانت اللوحة التى كتبت عليها ألقاب الكعبة فى باب المعلا وكذلك الزاوية التى تلتقى فيها الأعمدة مع الأحزمة كانت مصنوعة من الذهب الخالص وكذلك الكمر المقوس الأحزمة قد غطيت بصفائح من الفضة الخالصة ونقشت عليها أحسن ما أبدعته أقلام الفنانين وزينت بنقوش بديعة.
وقد تحرك حسن باشا المشار إليه فى أواسط شهر رجب من دار السعادة إستانبول وبعد مدة وصل إلى مكة المكرمة وفى يوم الأحد فى غرة محرم الحرام من سنة (1021 هـ) أجمعت هيئة من أعاظم سكان مكة المكرمة فى داخل أرض المطاف والمهندسون وبعد الدعاء والتضرع إلى الله صعد المختصون فوق سطح البيت بواسطة إسقالة وضعت تحت ميزاب الرحمة وابتدروا بالكشف والمعاينة حيث اتضح لهم أن سبعا وعشرين من العروق الخشب فى حاجة إلى التغيير، وبعد ما أصلحوا ثلاث قطع منها وضعوها فى مكانها ورفعوا الرخام إلى