المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

هى إلى حافة الوادى حيث وضعت حملها-كما سبق الذكر-وكانت قد - موسوعة مرآة الحرمين الشريفين وجزيرة العرب - جـ ١

[أيوب صبري باشا]

فهرس الكتاب

- ‌قصة هذا العمل

- ‌هل كانت كلمة المرآة مقصودة من المؤلف؟وماذا أراد المؤلف باستخدام كلمة المرآة ودلالتها

- ‌أسباب تصنيف الموسوعة:

- ‌أولا:

- ‌ثانيا:

- ‌الكتاب المصنّف:

- ‌سبب إطلاق هذه الأسماء على مكة:

- ‌فالأبواب الشرقية:

- ‌أما الأبواب الجنوبية فهى:

- ‌والأبواب الغربية:

- ‌والأبواب الشمالية:

- ‌وللمسجد الشريف خمسة أبواب هى:

- ‌ أثرب:

- ‌ أرض الله، أرض الهجرة:

- ‌ أكالة البلدان، أكالة القرى:

- ‌ البارة:

- ‌ الجليلة:

- ‌ ذات الحجر:

- ‌ سيدة البلاد:

- ‌ شافية:

- ‌ طيبة وطيّبة:

- ‌ عذراء:

- ‌ فاضحة:

- ‌ مؤمنة:

- ‌1 - أهل المدر:

- ‌2 - أهل الوبر:

- ‌تربية الأطفال

- ‌الزواج وعاداته

- ‌وليمة العرس:

- ‌حفل الختان

- ‌الخيل:

- ‌عناصر مجلد «مرآة جزيرة العرب»:

- ‌مرآة مكة

- ‌الوجهة الأولى

- ‌إفادة مخصوصة:

- ‌الخلاصة:

- ‌بيت الله (الكعبة):

- ‌ الملتزم

- ‌ المستجار

- ‌ الحجر الأسود

- ‌داخل الكعبة:

- ‌حجر إسماعيل:

- ‌ميزاب الكعبة:

- ‌حفرة المعجن:

- ‌الشادروان:

- ‌الستارة الشريفة:

- ‌المطاف الشريف:

- ‌المقام الشريف:

- ‌المنبر اللطيف:

- ‌المقامات الأربعة:

- ‌المقام الحنفى:

- ‌المقام الشافعى:

- ‌المقام الحنبلى:

- ‌المقام المالكى:

- ‌قبة الفراشيين:

- ‌قبة السقاية:

- ‌مسألة:

- ‌البلدة المعظمة مكة المكرمة

- ‌أديان العرب فى الجاهلية

- ‌أسماء مكة الله السامية

- ‌منظومة

- ‌سبب إطلاق هذه الأسماء على الكعبة

- ‌رواية:

- ‌نظم:

- ‌بكة:

- ‌بلد:

- ‌قرية:

- ‌أم القرى:

- ‌البلد:

- ‌أم رحم:

- ‌باسة:

- ‌صلاح:

- ‌ناسة:

- ‌حاطمة:

- ‌رأس:

- ‌كوثى:

- ‌عرش وعريش وعرش:

- ‌قادس، قادسية:

- ‌سبوحة:

- ‌حر‌‌ام:

- ‌ام:

- ‌معطشة:

- ‌برة:

- ‌رتاج:

- ‌رحم وأم الرحمة:

- ‌أم كوثى:

- ‌أمينة:

- ‌أم الصفا:

- ‌مروية:

- ‌متحفة:

- ‌أم المشاعر:

- ‌البلدة المرزوقة:

- ‌رواية:

- ‌حكمة:

- ‌حكاية مليئة بالعبر:

- ‌تهامة:

- ‌الحجاز:

- ‌البلدة الطيبة:

- ‌مدينة الرب:

- ‌عاقر:

- ‌فاران:

- ‌عتيق:

- ‌أسباب تلقيب بيت الله بالألقاب الجميلة

- ‌المشرفة:

- ‌مكرمة:

- ‌مهابة:

- ‌والدة:

- ‌نادرة:

- ‌جامعة:

- ‌المباركة:

- ‌المفخمة:

- ‌ المشرفة

- ‌أعلام قلاع الحرمين الشريفين

- ‌استيلاء طائفة القرامطة المفسدين على مكة المعظمة

- ‌استطراد

- ‌إخطار:

- ‌ الحسينية

- ‌وادى فاطمة

- ‌تنبيه:

- ‌العلاج:

- ‌درجات الحرارة

- ‌إفادة خاصة:

- ‌تنبيه:

- ‌الخوخ:

- ‌المشمش:

- ‌التين:

- ‌السفرجل:

- ‌الكمثرى:

- ‌التفاح:

- ‌البرقوق:

- ‌التمرهندى:

- ‌العنب:

- ‌التمر:

- ‌اللوز:

- ‌الجوز:

- ‌التوت:

- ‌العناب:

- ‌البطيخ والشمام:

- ‌البرتقال:

- ‌‌‌الليمون:

- ‌الليم

- ‌الرمان:

- ‌الموز:

- ‌ الخيار

- ‌العجور:

- ‌الهندباء:

- ‌الخرشوف:

- ‌البامية:

- ‌الكرفس:

- ‌الفاصوليا الخضراء:

- ‌السلق:

- ‌الجزر اليمانى:

- ‌الباذنجان:

- ‌الفاصوليا الجافة والفول الجاف:

- ‌الفجل:

- ‌شبت:

- ‌الثوم:

- ‌الكمون:

- ‌أسباب ظهور الأمراض فى مكة المفخمة

- ‌نصائح لمن يذهبون إلى الحجاز:

- ‌حكاية:

- ‌طواف طائر بالبيت المعظم:

- ‌طواف الجن:

- ‌الصورة الرابعةالتعريف بحدود كعبة الله بالفضائل الجليلة لمكة المكرمة

- ‌نظم

- ‌هناك ثلاث روايات عن مقام إبراهيم

- ‌الرواية الأولى:

- ‌الرواية الثانية:

- ‌الرواية الثالثة:

- ‌النتيجة:

- ‌الحكمة الأولى:

- ‌الحكمة الثانية:

- ‌الحكمة الثالثة:

- ‌الحكمة الرابعة:

- ‌الحكمة الخامسة:

- ‌استطراد

- ‌شعر

- ‌حدود حرم الله ومواقيت كعبة الله المكانية:

- ‌‌‌شعر

- ‌شعر

- ‌أسماء الذين جددوا أميال المواقيت:

- ‌الصورة الخامسةفى توضيح المسائل الهامة الخاصة بإيجار واستئجار بيوت هذه المدينة المفخمةللإقامة فى مدينة مكة المعظمة

- ‌حكاية:

- ‌حكاية أخرى:

- ‌قصة غريبة:

- ‌نظم

- ‌خلاصة مسألة إيجار البيوت:

- ‌الوجهة الثانيةتحتوى على ثلاث عشرة صورة مرتبة تضم أقوال المؤرخين التى ذكرت حولتفاصيل بناء مكة المعظمة وعمارتها، وعن الذين قاموا ببناء هذه البقعة المقدسةالمباركة، وأسباب تجديدها وتعميرها وإنقاص مساحتها وتوسيعها

- ‌الصورة الأولىتعرض الأقوال التى ذكرت فى أوليات بناء الكعبة

- ‌شعر

- ‌الصورة الثانيةفى تفصيل وبيان كيفية بناء الكعبة المعظمة للمرة الأولى

- ‌الصورة الثالثةتوضح صورة بناء الكعبة المعظمة فى المرة الثانية

- ‌أقوال الجمهور فى تعريف البيت المعمور:

- ‌إخطار:

- ‌الصورة الرابعة توضح كيفية تجديد الكعبة المحرمة فى المرة الثالثة

- ‌حكمة:

- ‌ترجمة حال سيدنا الخليل عليه سلام الله الجليل:

- ‌رباعية:

- ‌تفصيل

- ‌قطعة

- ‌استطراد

- ‌بيت

- ‌أبيات

- ‌حكمة

- ‌إخطار:

- ‌صورة هجرة سيدنا إبراهيم إلى مصر:

- ‌إضافة:

- ‌إخطار:

- ‌إخطار:

- ‌أبيات

- ‌سبب سفر خليل الرب الجليل إلى واد غير ذى زرعومكة وطريقة سفره

- ‌استطراد

- ‌إخطار:

- ‌نظم

- ‌تنبيه:

- ‌كيف ظهر بئر زمزم الشريف:

- ‌الغراب الأعصم:

- ‌أسماء زمزم الشريف

- ‌1 - زمزم:

- ‌2 - همزة:

- ‌3 - هزمة جبريل:

- ‌4 - ظبية:

- ‌5 - طيبة:

- ‌6 - برة:

- ‌7 - عصمة:

- ‌8 - مضنونة:

- ‌9 - شباعة العيال:

- ‌10 - عونة:

- ‌11 - سقيا الله إسماعيل:

- ‌12 - بركة:

- ‌13 - سيدة:

- ‌14 - نافعة:

- ‌15 - بشرى:

- ‌16 - صافية:

- ‌17 - معذبة:

- ‌18 - طاهرة:

- ‌1).19 -حرمية:

- ‌20 - مروية:

- ‌21 - سالمة:

- ‌22 - ميمونة:

- ‌23 - مباركة:

- ‌24 - كافية:

- ‌25 - عافية:

- ‌26 - طعام طعم:

- ‌27 - شفاء سقم:

- ‌28 - مؤنسة:

- ‌29 - شراب الأبرار:

- ‌30 - تكتم:

- ‌نظم

- ‌هجرة قبائل الجراهمة وقطورا إلى مكة المكرمة

- ‌زواج سيدنا إسماعيل وذهاب سيدنا إبراهيم إلى مكة لمقابلة ابنه

- ‌نظم

- ‌مسألة:

- ‌كيفية حدوث قصة الذبح الجليلة

- ‌نظم

- ‌نظم

- ‌نظم

- ‌نظم

- ‌قطعة

- ‌حكمة:

- ‌استطراد

- ‌لاحقة:

- ‌تكليف حضرة الخليل ببناء الكعبة المعظمة:

- ‌إخطار:

- ‌قطعة:

- ‌نظم

- ‌نظم

- ‌قطعة

- ‌لائحة فى ذكر كيف قدمت وتشكلت حكومة العمالقة والجراهمة فى مكةالمكرمة

- ‌نظم

- ‌انتقال حكومة مكة إلى يد بنى خزاعة

- ‌القصيدة:

- ‌إخطار:

- ‌الصورة السادسةتوضح كيف تم تجديد البيت العتيق فى المرة الخامسة وكيف نجح العمالقة فىتجديده

- ‌الصورة السابعةتبين طريقة تجديد البيت الأكرم فى المرة السادسة

- ‌الصورة الثامنةفى ذكر طريقة تجديد وبناء كعبة الله فى المرة السابعة

- ‌إخطار:

- ‌انتقال حكومة مكة المكرمة إلى قصى بن كلاب بن مرة:

- ‌استطراد:

- ‌نشأة الإجازة:

- ‌جاهلية العرب:

- ‌الذيل:

- ‌تأسيس مدينة مكة المعظمة المشهورة

- ‌استطراد:

- ‌الحجابة:

- ‌السقاية:

- ‌الآبار الموجودة فى مكة المعظمةقبل ظهور بئر زمزم الشريف

- ‌ طوى

- ‌ بذر

- ‌ سجله

- ‌حفر، سقية، أم أحراد، سنبلة، غمر:

- ‌مسألة:

- ‌لاحقة:

- ‌اللواء:

- ‌الندوة-معناها الاجتماع:

- ‌السفارة:

- ‌النظارة:

- ‌صاحب القبة ومعناه ناصب الخيمة:

- ‌الأزلام:

- ‌طريقة التفاؤل وإجراء القرعة بالأزلام:

- ‌قرعة العرب فى الجاهلية

- ‌لعب القمار فى الجاهلية

- ‌خازن الآلات والأموال:

- ‌رفادة:

- ‌شكل السماط

- ‌القيادة:

- ‌اختلاف قريش:

- ‌مطالعة:

- ‌تعريف الكهانة

- ‌ العرافة

- ‌الزجر والطيرة:

- ‌حكاية:

- ‌الصورة التاسعةفى تفصيل كيفية بناء الكعبة المعظمة للمرة الثامنة

- ‌ فتوى:

- ‌ صورة الفتوى الشريفة:

- ‌إخطار:

- ‌ ظهور حية كبيرة فوق الكعبة:

- ‌صور الأنبياء وقصص مثيرة للعجب والحيرة

- ‌ حكاية:

- ‌‌‌ حكاية:

- ‌ حكاية:

- ‌صورة دخول عبادة الأصنام إلى أرض الحجاز:

- ‌بدء ظهور عبادة الأصنام على وجه الأرض

- ‌الكلمات المسموعة من أصنام أهل مكة

- ‌شعر

- ‌شعر

- ‌ حكمة:

- ‌ الأبيات

- ‌الأبيات التى سمعها وائل من داخل الصنم

- ‌شعر

- ‌ادعاء جمشيد الألوهية

- ‌ظهور طقوس الوثنية بين أحفاد إسماعيل

- ‌أول من اعتنق عبادة الأصنام من بنى إسماعيل:

- ‌إخطار:

- ‌معلومات خاصة بالجن والشياطين

- ‌لننتقل للبحث عن إبليس:

- ‌ حكاية:

- ‌ حكاية:

- ‌ الأبيات

- ‌قصة الفيل العجيبة:

- ‌بلاد الحبشة:

- ‌استطراد:

- ‌معلومات خاصة فى صورة خلقة الفيل وكيفية العناية به:

- ‌فى تعريف رصانة أبنية القليس:

- ‌قصة بيت أصنام بنى بغيض:

- ‌هجوم ملك الروم .. بقصد تخريب كعبة الله القيوم:

- ‌الصورة العاشرةفى تجديد مبانى الكعبة المقدسة للمرة التاسعة

- ‌خطبة ابن الزبير:

- ‌الصورة الحادية عشرةفى تجديد مبانى الكعبة المقدسة للمرة العاشرة

- ‌حادثة غريبة:

- ‌ترجمة حال ابن الزبير:

- ‌مطالعة:

- ‌تعريف مراتب وألقاب الخلافة والسلطنة والمملكة بالإجمال

- ‌حكام أوربا:

- ‌الصورة الثانية عشرةفى ذكر كيفية تعمير أركان بيت الله وتشييده

- ‌حكاية غريبة:

- ‌الصورة الثالثة عشرةتجديد بيت الله للمرة الحادية عشرة

- ‌عين زبيدة:

- ‌إحدى كرامات بيت الله الحرام:

- ‌ الأسباب القهرية التى بينها المهندسون فى تقارير المعاينة

- ‌ردود المعترضين:

- ‌رغبتهم فى عدم تنظيف الحرم الشريف:

- ‌تكليف رضوان باشا بإعادة بناء بيت الله:

- ‌رؤيا غريبة

- ‌حكاية أخرى

- ‌مكافاة رضوان أغا على جهده وإخلاصه

الفصل: هى إلى حافة الوادى حيث وضعت حملها-كما سبق الذكر-وكانت قد

هى إلى حافة الوادى حيث وضعت حملها-كما سبق الذكر-وكانت قد أقنعت زوجها بما حدثت به نفسها.

وبناء على ذلك كلما ذهب آزر إلى ديوان النمرود كانت (أدنى)،تذهب إلى الغار الذى به فلذة كبدها وترضعه لفترة ثم تعود. وقد امتد هذا الحال لمدة سنتين وحسب قول مؤلف «بدايع الزهور» استمر سنة واحدة.

‌تفصيل

فى هذا الموجز الذى كتبناه إلى هنا فإن أكثر الرواة يتفقون عليه فى لسان واحد، لكن صاحب الكتاب القيم المسمى «الأنس الجليل» الذى قام بالبحث والتدقيق أضاف إلى الموضوع رواية موثوقة إذ يقول: إن رئيس كهنة الشقى (حليد بن عاص) ذهب من رفقائه الضالين إلي ديوان النمرود فى تلك الليلة العجيبة التى انتقل فيها سيدنا إبراهيم إلى رحم أمه وقالوا له: «إن كل جهودنا إلى الآن لم تثمر، حيث إن ذلك الكيان الذى يجب أن نتخلص منه سينتقل هذه الليلة إلى رحم أمه، فإذا اتخذت جميع الاحتياطات الشديدة هذه الليلة وبذلنا كل جهدنا محاولين تغيير خط سير القدر ربما حققنا آمالنا» .

بناء على تحريض «حليد بن العاص» وأتباعه من الكهنة الضالين وحثهم المستمر للنمرود» أمرا قاطعا بأن يخرج من عاصمة ملكه كل الذكور ويبعدوا عنها، وأن يعين على كل بوابة من مداخل المدينة مراقبون من أهل الثقة، وأمرهم بألا يسمحوا بدخول أى رجل إلى داخل المدينة فى ذلك اليوم ليلا ونهارا، حتى لا يجتمع زوج بزوجته. وفى أثناء تلك الفترة المذكورة أبعد كل الذكور عن مساكنهم وبيوتهم، وكلف المنجمون بتحرى دقائق أحكام النجوم. واختبأت (أدنى بنت نمرة) لفترة بجوار باب المدينة الواقع بمحاذاة البيت الذى تسكن فيه وركزت تفكيرها لفهم نتائج ما يجرى ورآها زوجها آزر بطريقة ما وضاجعها فانتقل سيدنا إبراهيم إلى رحم أمه.

وعرف (حليد) الشقى من رؤية إشارات النجوم وعلامات الكواكب أن سيدنا

ص: 181

إبراهيم قد انتقل إلى رحم أمه فذهب إلى قصر «النمرود» عقب افتراق (أدنى) عن آزر صائحا صارخا يخبر جماعة النماردة الضالين وقال: «مولانا يائسا» لقد قضى الأمر-الآن وذهبت جميع الجهود والمساعى هباء، فذلك الكيان محمود العاقبة قد انتقل فى هذه الساعة-إلى رحم أمه، وأشار إلى نجم لامع ليريه للنمرود

(1)

.وكانت أضواء شعاع هذا النجم قد غطت الشرق والغرب ما بين السماء والأرض، ولم يكن قد رأى أو سمع-حتى ذلك اليوم المنير-عن بزوغ كوكب سعيد كهذا.

وأفاق نمرود بعد فترة من دهشته وسارع بإجراء التحقيقات والبحث اللازم وسعى للقبض على الرجل الذى ضاجع امرأته فى اللحظة التى أنبأ عنها حليد بن عاص الشقى.

ولما لم يستطع أن يتبين ما جرى رأى أن يترك هذا الأمر لحين ولادة الغلام، مع اتخاذ جميع الاحتياطات. وقال:«إذا كنا لم ننجح فى منع انتقال هذا الكيان السعيد إلى رحم أمه فعلى الأقل علينا أن نبذل كل الجهود لنهتدى إليه فى وقت ولادته» .

وعند ما آن أوان ولادة سيدنا إبراهيم-عليه السلام-علم المنجمون الأمر، وأبلغو النمرود اللعين قائلين:«سيولد ذلك الكيان السليم الجسم فى أسبوع كذا وفى يوم كذا وساعة كذا» .

ورغم الاستمرار فى اتخاذ لوازم الحيطة؛ إلا أن أدنى عند ما أحست بآلام الوضع وأوجاعه ومقدمات الولادة أرسلت زوجها آزر إلى بيت الأصنام لكى

(1)

وقد ظهر نجم يشبه لهذا النجم عند ما ألقى إبراهيم عليه السلام فى النار إلا أنه لم يكن مثل الكوكب الذى طلع عند ما استقر إبراهيم فى رحم أمه؛ ولكنه كان مثل الكوكب الذى ظهر فى زمن نوح عليه السلام.

يقول الإمام ربانى فى رسالته الثامنة والستين من رسائله «هناك مذنب سيره نحو الشرق وظهره نحو الغرب لامع، ويشرق عموديا ثم يميل إن هذا المذنب قد ظهر عند ما هلك قوم نوح وألقى إبراهيم إلى النار، وعند ما قوم فرعون وعند ما استشهد سيدنا يحيى، ويحتمل أن يطلع عند ما يظهر الإمام المهدى.

ص: 182

يتضرع للآلهة على الوجه الذى أوضحناه آنفا، وخرجت من بيتها عازمة على وضع حملها فى حافة واد جاف يقع خارج المدينة.

وفى طريقها قابلت ملكا منير الوجه، جميل المنظر، قادها إلى الغار وقال لها:

«كونى يقظة ولا تقلقى من أن ينال الطفل الذى ستضعينه أى أذى أو ضرر، فهذا الطفل خليل صاحب الكبرياء، والجد الجليل لخير الأنبياء، لذا فهو مصون فى كل الأحوال من ضرر ومن كيد الأعداء، ثم انسحب من الغار بعد أن أعد لها كل لوازم الوضع» .

واستقر حضرة خليل الله على مهده المزين الذى نزل به جبريل-عليه السلام -وقرأ الأذان فى أذنه بعد أن قطع حبل سرته وألبسه الحلة. وبعد أن ألبسه الرداء الذى أتى به من الجنة، دخل الملك سالف الذكر إلى الغار وظل لفترة بجوار (أدنى ابنة نمرة).وفى الساعة التى ولد فيها إبراهيم-عليه السلام-تزلزل القصر الذى أقامه النمرود العنيد، وسمع هاتف بصورة تثير الفزع والدهشة قال:«لقد اقترب أوان هلاك ذلك الخبيث الذى أنكر إبراهيم» وجن جنون جماعة الشرك النماردة.

وتبعا للبحوث التى قام بها مؤلف «بدايع الزهور» فقد نتج عن اهتزاز قصر «النمرود» سقوط بعض شرفاته فجأة كما انقلبت الأصنام الموجودة به رأسا على عقب. وقد سمع صوت ذلك الهاتف عدة مرات فى ذلك اليوم المذكور وبعد هذا اليوم كان نمرود يسمع مقولة الهاتف فى كل مكان يذهب إليه.

وذات ليلة رأى فى رؤياه أن ضوء قمر يسطع من ضلع «آزر» ويغمر الأرض والسماء، نور بهى وأقلق سكان الأرض، وترددت فى أنحاء العالم وسمعت (جاء الحق وزهق الباطل) فأسقطت معابد الأصنام على الأرض.

وأوقعت النماردة-ذوى العاقبة السيئة-فى يأس وحرمان، وطاش صواب النمرود من هذه الرؤيا المخيفة وعند ما أفاق واسترد وعيه استدعى «آزر» وبادره بقص تفاصيل حلمه المخيف الذى رآه. إلا أن «آزر» دفع الهواجس عنه إذ قال:

إن رؤياك تشير وتلمح إلى شدة عبوديتى لكوكب القمر.

ص: 183

بقى إبراهيم-عليه السلام-فى المغارة المذكورة مدة خمسة عشر شهرا-على اختلاف الروايات. وعند ما بلغ سن التمييز وجال بخاطره فكرة الخروج من المغارة قال لوالدته جاء الأوان للخروج من هذه المغارة.

يقول مؤلف «بدايع الزهور» بقى سيدنا إبراهيم فى الغار اثنى عشر شهرا، ولما كان يكبر فى كل شهر مقدار سنة، كان مظهره فى مظهر الأطفال البالغين عشرة أعوام من عمرهم عند ما أراد الخروج من الغار. وبهذا أيد الرواية السابقة.

ولما رجا إبراهيم-عليه السلام-من أمه أن تخرجه من الغار، رجعت (أدنى) إلى بيتها وبعد تأمل عميق قالت لزوجها: قد ذكرت لك فيما مضى أن ابنك مات، ولم أكن صادقة فابنك لم يمت، وقد أصبح الآن شابا ملائكيا جميل الطلعة وهو الآن فى الغار وشرحت له الأمر كله.

وذهب آزر إلى الغار المذكور ولما رأى إبراهيم أعجب به وأحبه لجماله وكماله وقال لأمه: أخرجي الآن هذا الطفل لنقدمه للنمرود. وأخرجت الأم ذلك الغلام الموسوم بهداية البشر إلى خارج الغار. ولما خرج إبراهيم من الغار تأمل فى الكون، ورأى عجايب الأرض والسموات وأدرك بعلم اليقين وأذعن أن هناك مبدع وموجد حقيقى للأجرام العلوية والسفلية، فسارع بالاعتراف والإقرار بوجود الحق الذى ليس له مثيل من خلال هذا القول:«إن الذى خلقنى ورزقنى وأطعمنى وسقانى لربى الذى ليس لى إله غيره. ولم يكن فى ذلك الوقت فرد واحد على وجه الأرض يعترف بوجود إله واحد قهار» .

وكان آزر كغيره من بنى البشر فى تلك الأوقات يعبدون النمرود ويشربون من كأس الندامة المتصف بالكفر. وكانوا يعبدون الشمس والقمر والكواكب والأصنام المنحوتة ويقدمون نجوم السماء ويهتمون بعبادة الكواكب لتوهمهم أن لها تأثيرا فى سير الكون وإحداث الأشياء.

وكان أهل بابل-آنذاك على دين الصابئة يعبدون الشمس وضوء النجوم ويسجدون لنهرى دجلة والفرات.

ص: 184

كما أنهم عبدوا حكامهم وأقاموا لهم التماثيل، واتخذوا هذه التماثيل آلهة وشغلوا بعبادتهم كانوا يعتقدون أن الروح شمعة فريدة منبثقة من النور الأصلى.

والطائفة الخبيثة التى كانت تعيش في بابل فى زمن النمرود هم جماعة معلومة متفرعة من أولاد سام وكانت لغتهم السريانية ودينهم الصابئة.

وكان الصابئة قديما تابعين لشريعة شيث وإدريس-عليهما السلام-وكانت كتبهم فى الصحف الشريفة التى نزلت على سيدنا شيث، وكان كتاب شيث- عليه السلام-يتضمن محاسن الأخلاق، ويدعو إلى الصدق والشجاعة ونجدة الغريب، وينهى أهل الإيمان عن الميل إلى الباطل والانغماس فى الرذائل.

ويصلى الصابئة علاوة على الأوقات الخمسة فى وقت الضحى الأولى، وفى الساعة السادسة من الليل ويصلون على الجنازة بدون ركوع أو سجود ويصومون فى السنة ثلاثين يوما وأحيانا تسعة وعشرين يوما. وبالنسبة لوقت الصوم يحرصون على أن يبدأ من الثلث الأخير من الليل حتى غروب الشمس.

والعيد عندهم فى ختام الصوم، ويهتمون بمكة المعظمة وتفخيمها. ويحرصون على أداء الحج، بزيارة مكان فى مدينة حران ويقدرون قبرين فى مصر، إذ يظنون أن أحد هذين القبرين لسيدنا «شيث» والآخر قبل الصابئى «ابن شيث» .

ولما كان الدين الذى ينتسبون إليه غاية في القدم وكان دينا حقا لم يستطيعوا أن يستمروا على مبادئه، بل ضلوا فى النهاية وأخذوا يعبدون الأصنام والشمس والنجوم وتماثيل الحكام. ولما لم يستطع إبراهيم-عليه السلام-أن يجد بين الصابئة مرشدا يدله على الطريق المستقيم راح يبحث بنفسه عن حقيقة وحدانية الله.

وقد رأى أولا «الزهرة» أو الكوكب المضئ و «المشترى» ومن بعده «القمر» ثم رأى بعد ذلك «الشمس المشرقة» ،وقال بأسلوب الاستفهام الإنكارى: هذا ربى؟!

وعند ما رأى أن هذه الكواكب قد توارت خلف حجاب الأفول وغابت، اتجه

ص: 185

إلى حضرة الواحد واجب الوجود-تعالى شأنه عن الولد والمولود-وهو حزين على الذى صدر منه بغير اعتقاد، وهو لا معنى له، وعبر بقول جليل وجميل المبنى:«لا أحب الآفلين» .

وتبعا لبعض الروايات، أن سيدنا الخليل بعد بقائه فى الغار مدة اثنتى عشرة سنة، قال لأمه-ذات يوم من يكون ربى؟! وعند ما أجابته أمه: ربك ربى ..

بادرها بالسؤال التالى، ومن يكون ربك.

قالت (أدنى) ربى هو أبوك «آزر» فلما سألها ومن يكون ربه؟ قالت: رب «آزر» هو «النمرود» وبالتالى سألها: ومن يكون رب النمرود؟!

وهنا نهرته بقوله: «يا ولدى هذه الأسئلة لا ضرورة لها، واحذر أن تقول كلمة واحدة أخرى حول هذا الأمر ورغم أنها بهذا أرادت تهديد سيدنا إبراهيم، إلا أنه قال: «يا أمى، هل وجهى أجمل أم وجهك؟ وهل وجهك أجمل أم وجه أبى «آزر» ؟.

وهل وجه والدى أجمل أم وجه النمرود؟

وعند ما أجابته بقولها: يابنى وجهك أجمل وأحسن من وجهى ووجهى أجمل وأحسن من وجه آزر ووجه آزر أجمل وأحسن من وجه النمرود.

وقال: «مادمت أنت خالقتى، وأبى خالقك والنمرود خالق أبى فلماذا لم تخلقى نفسك أجمل منى؟ ولم يخلق آزر نفسه أجمل منك؟ ولم يخلق النمرود نفسه أجمل من آزر؟

ورغم أنه قد وضح بيان بطلان اعتقاد أمه بهذه الملاحظة الدقيقة، فإن أمه كررت نفس الإجابة السابقة وصحبته إلى المدينة، نقلت الحادثة التى وقعت بالتفصيل إلى زوجها آزر، وقالت له: أظن أن ابنك هذا سيكون ذلك الكيان الهادى الذى أخبر عنه بأن ظهوره سيكون سببا فى خراب وانهيار بناء سلطنة النمرود من أساسه، وأنه سيقضى على أديان أهل الأرض الباطلة.

ص: 186