الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكانت وظيفة استخدام السهام وحفظها وظيفة مهمة إلى حد ما، لذا كانت لا تسند إلى أى شخص. وكل من يريد القيام بعمل ما كان يرجع إلى هذا الموظف ليعرف وجه الخير أو الشر. فى هذا الأمر وكانوا يعملون برأى هذا الموظف بعد إجراء القرعة.
طريقة التفاؤل وإجراء القرعة بالأزلام:
كان يؤتى بالسهمين ويوضعان فى جراب وقد كتب على واحد منهما كلمة «أمر» وعلى الآخر كلمة «نهى» ثم يكلف الشخص الذى يريد أن يتفاءل أن يخرج سهما من الجراب اعتباطا. وكان يلزم العمل بما كتب على السهم الذى أخرجه.
وكان يحتكر هذه الوظيفة بنو جمح بن عمرو بن كعب ويديرونها، وكان أفراد القبائل الأخرى يحبذون طريقتهم فى إجراء القرعة ويرضون بها.
وقد بعث خاتم الأنبياء-عليه صلوات الله الرحمن-وصفوان بن أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح يتولى هذه العملية.
قرعة العرب فى الجاهلية
إن وظيفة التفاؤل بالأزلام كانت وظيفة مهمة عند العرب وكانوا يتفاءلون بثلاثة سهام؛ إلا أن العرب فى الجاهلية كانوا يقومون بإجراء أنواع أخرى من القرعة، وإنهم كانوا يلعبون القمار بالسهام فى شكل غريب.
من أشهر أنواع القمار عندهم كانت القرعة التى تسحب بالأزلام الكائنة عند «هبل» وكان يجمع بين هذه السهام وسهام الطالع وهو الذى كان يطلق عليه الميسر.
لأن العرب فى الجاهلية كانوا يحتفظون بجانب «هبل» صنمهم الكبير بسبعة سهام، وعند اللزوم كانوا يقترعون بهذه السهام ويعملون بموجبها.
وكان مسطورا على كل سهم من السهام كلمات مختلفة مثل: «دية المقتول» أو
«نعم الأمر» أو «لا» أو «منكم» أو «من غيركم» أو «ملصق» فإذا ما اختلف فى دية المقتول كانت تجرى القرعة بين أسماء المظنونين وبين سهم «دية المقتول» وكان الشخص الذى تصيبه «دية المقتول» يضطر لدفع الدية.
وكان أهل الجاهلية يقترعون بسهام «نعم ولا» فإذا ظهر سهم «نعم» يحكمون أن هذا العمل خير وعند ظهور «لا» يحكمون بأنه شر، وفى الحالة الأولى يمضون رأسا فى عملهم، وفى الحالة الثانية يؤجلون العمل سنة أخرى، ويجددون القرعة لنفس العمل.
إذا ما شك فى نسب شخص ما كانوا يقترعون بسهام «منكم-من غيركم- ملصق» ،فإذا أصابت قرعة منكم، فيكرمون ذلك الشخص ويعزونه ويسعدونه، فإذا أصابت القرعة «من غيركم» يعتقدون أن القبيلة التى ينتمى إليها ذلك الشخص فى حلف معهم، أما إذا أصابت القرعة «ملصق» يحكمون بأن ذلك الشخص مجهول النسب، وإنهم يثقون ثقة تامة فى نتائج الاقتراع بتلك السهام.
وإذا أرادوا أن يحفروا بئرا أو أن يكشفوا عن منبع ماء كان يكتب على السهم كلمة «مياه» وكانوا يقترعون به لتعيين محل الحفر أو الكشف.
وإذا أرادوا أن يختنوا طفلا أو أن يزوجوا بنتا أو يدفنوا ميتا كانوا يقترعون كما ذكرناه من قبل، ويعملون بموجب تلك القرعة.
إن الاقتراع بتلك النيات لم يكن يجرى فى أى مكان بل كان يجرى أمام هبل المنصوب داخل الكعبة، ويقوم به خادم ذلك الصنم.
وكان على الشخص الذى يرغب فى إجراء القرعة إعطاء خادم هبل مائة درهم وعدة رءوس من الإبل أو الغنم أو حيوانات أخرى، لتذبح قربانا، ثم يتجه إلى هبل قائلا: إن فلان بن فلان قد اشتبه فى نسبه، أو نريد أن نختنه-أو نزوجها- فدلنا على الحقيقة ووجهنا إلى ما يجب عمله.
وبعد ما يلهج بمثل هذه الكلمات يذكر الأمر الذى من أجله يريد أن يجرى القرعة، ويتضرع لهبل طالبا منه أن يظهر الحق والصواب فيما هو مقدم عليه،
وبعد ما يذبح الحيوانات التى جلبها معه ويوزعها على الفقراء ثم يشير بإجراء القرعة، وهذه من جملة شروط القرعة ومن هنا كان على الذين يريدون إجراء القرعة أن يوفروا مقدارا من النقود، وأن يعدوا بعض الحيوانات ليقدموها لخادم هبل الذى يذبح الحيوانات ويوزع لحمها للفقراء، ثم يأمر بإجراء القرعة وكانوا يعملون بما جاء فى القرعة.
ولا يقتصر مكان إجراء القرعة على هبل بل يجوز لأى واحد من أهل الجاهلية إجراء القرعة فى أى مكان كان، وهذا نوع من أنواع قراءة الطالع، وكانت هذه القرعة تتم-أيضا-باستقسام الأزلام وقطع الخشب سالفة الذكر.
وكان يطلق سواء على قطع الخشب التى بجانب هبل أو قطع الخشب التى فى حوزة الناس أزلام-أقلام-أقداح. وإذا ما ترجمناها إلى اللغة التركية فمعناها سهام، إن الأخشاب التى يستعملها قارئ الطالع ثلاث قطع كتب على أحدها «أمرنى ربى» وعلى الثانية «نهانى ربى» وترك الثالث بدون كتابة أو إشارة. وكان قارئ الطالع فى الجاهلية يباشر عمله؛ ليبين للذين يلجأون إليه طالبين حكم الأزلام فيما يقدمون عليه من عمل، فيقوم بخلط الأسهم الثلاثة ثم يضعها فى جراب ويختار أحد الأشخاص الذين يثق فيه أصحاب الشأن، ويطلب منه أن يدخل يده فى الجراب ويخرج السهام واحدا تلو الآخر، ويقرأ ما كتب عليها ويبين حكم القرعة.
وكان لا بد أن يعتقد أهل الجاهلية إذا أصابت القرعة كلمة «أمرنى ربى» أن هذا العمل خير وإذا أصابت القرعة السهم الذى يكتب عليه «نهانى ربى» أن هذا الفعل شر، وإذا أصابت القرعة السهم الخالى من الكتابة كانت إعادة إجراء القرعة بعد مرور سنة من الضرورات الدينية.
وبناء على هذا فالذين يريدون القيام بعمل ما ويريدون أن يعرفوا وجه الخير أو الشر فى هذا العمل، يلجأون إلى قراءة الطالع ويجرون القرعة بثلاثة أسهم يضعونها فى جراب بعد أن يخلطوها، ثم يكلفون أحد الذين يثق بهم صاحب