الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ظهر هذا الحيوان من الجانب الأيسر يتشاءمون منه، ويعتقدون أنه شر محض.
وكانوا يراقبون محط الغربان ويتأملون صورة هبوطها على الأرض وكيفية صياحها. وإذا ما تحركت الغربان وفق ما يزعمون أنه خير يفرحون، ويبتهجون أما إذا لم تحط الغربان فى الأماكن التى يريدون أن تحط فيها أو إذا لم يصح كما يريدون تشاءموا من طيرانها وتحركاتها وهبوطها هنا وهناك ويغضبون ويطردونها من محطها بإلقاء الحجارة عليها.
وقد ظهر كهنة قبل البعثة المحمدية وأخبروا بنبوة محمد-صلى الله عليه وسلم-وصدقوا واعترفوا بهذه النبوة.
حكاية:
مروية عن حضرة لهيب بن مالك
(1)
إذ قال: كان لقبيلتنا كاهن من أعلم كهنتها يدعى خطر فى 380 من عمره، وعلى رواية تاريخ خميس فى 180 سنة من عمره.
وقد اجتمعنا عنده يوما وقلنا له يا خطر أخبرنا بأشياء بواسطة علم النجوم وسنعمل وفق ما تنبئنا به وقال إذا ما أتيتم غدا سأخبركم عن الخير والشر، وفى اليوم التالى ذهبنا إليه مجتمعين فى الفجر. فوجدناه فى هذه المرة واقفا منتصف القامة وقد فتح عينيه من الحيرة والدهشة، وركزهما نحو السماء فكأنه فى حالة الاحتضار.
ولما رأيناه واقفا ساكنا لا يحرك رموش عينيه اعتقدنا أنه قد مات، وناديناه قائلين: خطر، وأخيرا أشار لنا أن نمسكه من جانبيه فأمسكناه. وبعد مدة سقط من السماء كوكب كبير كأنه طائر يحط على الأرض بخفة.
حينئذ صاح خطر صيحة عالية وأخذ يتحدث بشدة وجد قائلا: أصابه وجع عظيم قد عجز عن الإتيان بالأخبار، وقد تشتت أفكاره المضطربة قد عاودته المشقة والصعوبة إلام ستنتهى حالته قد انقطعت حبال من كانوا يسترقون السمع وقد حزن.
وبعد ما وقف هادئا ساكنا فترة توجه نحونا وقال: يا أولاد بنى قحطان
(1)
إن هذا الشخص من الأصحاب الكرام ومن قبيلة أزد التى تنتهى إلى لهب وقبيلة أزد من سكان اليمن.
سأخبركم بالحق والحقيقة أقسم بالكعبة الشريفة ذات الأركان الأربعة. أقسم بالبلدة المباركة التى يسكنها المؤمنون قد منع المستمعون من الجن عجزوا عن الاستماع إلى الأخبار؛ وذلك بسبب بعثة نبى ذا شأن ورفعة وكأنه فى لمعانه نجم ثاقب، وقد بعث للإنس والجن. إن هذا النبى السعيد قد بعث مؤيدا بالفرقان والقرآن وأبطل عبادة الأوثان. وقد حدثنا بعبارات مسجعة ما يفيد المعانى السابقة وهكذا تركنا فى ذهول وخبره بهذه الأقوال.
وقلنا لخطر يا خطر إننا لنأسف على كهانتك إنك لتخبرنا بشئ عجيب
والمنتظر منك أن ترحم قومك الذين يتبعونك وتراعى جانبهم. فأجاب خطر إننى أحب قومى أكثر من نفسى لذلك سأدفعهم إلى تبعية نبى عظيم الشأن هو أعظم الأنبياء جميعا وأفضلهم ودليل عظمته ظاهر مثل شعاع الشمس، وقد بعث فى مكة ويدعو إلى أداء صلوات خمس وإنه تنزل عليه من قبل الله آيات بينات.
فاستوضحوا الأمر قائلين: يا خطر من هذا الشخص النبيل الذى تعرفه وتصفه لنا؟ فتحدث خطر قائلا: إنه ينتمى إلى قبيلة قريش السعيدة، ويعيش بين أفرادها لا خفة فى حلمه، وأنه لا يظهر بعض كلامه ويخفى الآخر وخلقه خال من الفساد والخلل، وإن ذاته الشريفة السعيدة تنتمى إلى آل قحطان وآل ديش بن الهون، وينتهى نسبه إلى قبيلة خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر، وقد أجاب خطر على تساؤلاتنا التى طلبنا فيها أن يبين لنا القبيلة التى ينتمى إليها من قبائل قريش، قال إنه من آل هاشم بن عبد مناف، ومن أكارم أهل مكة المعظمة وقد بعث لغزو المشركين وقتل الملحدين، وأضاف خطر قائلا بما أن هذا الكلام أخبر به رئيس الجان نفسه فهو صحيح تماما، وغاب عن الوعى قائلا الله أكبر قد ظهر الحق وانقطعت ألا عيب الجن وأفاق بعد ثلاثة أيام.
وقبل الإسلام إذ قال لا إله إلا الله وأغرانا وحثنا على قبول الدين المحمدى المبين. وقد قص لهيب بن مالك هذه الحكاية الغريبة بالتفصيل على أحبائه، ثم عرض ما جرى على نبى الإنس والجان-عليه وعلى آله صلوات الله المنان- فتفضل نبينا صادق القول قائلا:«سبحان الله قد نطق صدقا إن هذا الشخص سيبعث يوم القيامة أمة وحده»
(1)
.
(1)
الخبر فى ترجمة لهيب فى الإصابة 9/ 6 - 10.
وقد ثبت من هذه الحكاية إلى درجة ما شأن قراءة الطالع فى الجاهلية، وأحوالهم فى مد الناس بالأخبار واستراق الشياطين السمع لمعرفة الأخبار من السماء.
وفى الواقع أن مردة الشياطين كانوا يسترقون السمع فى السماء لمعرفة الأحداث إلى زمن ولادة عيسى-على نبينا وعليه السلام-ويلقون بالأخبار إلى قلوب الكهنة. وقد انقطعت ثلث الأخبار التى تأتى بواسطة استراق الشياطين السمع فى السماء فى زمن عيسى-عليه السلام-وانقطع ثلثاها الباقيان بولادة نبينا الذى بعث رحمة للعالمين وهكذا لم يبق أثر من استراق السمع، ولم يبق مجال لأخبار الكهنة.
وقد عرف عبد المطلب بالطريقة التى أوجدت بها سجاح فى إجراء القرعة، واتبع عبد المطلب الطريقة كأنها دستور مكتوب، وضرب القرعة فخرجت تسع مرات واحدة تلو الأخرى على عبد الله وأصابت فى المرة العاشرة اسم الإبل، ولما كان عدد الإبل الذى تجرى عليه القرعة قد بلغ المائة ناقة قالت قريش: يا عبد المطلب إذا ذبحت هذه النوق المائة قربانا تكون قد أوفيت بنذرك، وأديت حق الله وأخبروه بما وصفت به سجاح.
ولكن عبد المطلب لم يلق سمعا إلى قول سجاح ولا إلى أقوال قريش، وقال: لا والله حتى أضرب عليها ثلاث مرات فضرب فخرج القدح على الإبل فى المرات الثلاث.
ولما رأى عبد المطلب ذلك قام فذبح مائة من الإبل ووزع لحمها على أهل مكة طلبا لرضاء الله، وأفهم الناس أن دية الرجل بين العرب ستكون مائة من الإبل بمقتضى ما حدث.
قد ظل حكم عبد المطلب هذا مرعيا إلى ظهور نور النبوة، وقد أبقى صاحب الشريعة-عليه أكمل التحية-هذا الحكم نافذا بحيث تكون دية الرجل مائة من الإبل.