الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي "مقامات الحريري" أنواع من ذلك نحو ساكب كأس، وسكب من لك مكس ونحو ذلك، فيضع الواضع تلك الألفاظ المفردة بعد وضعه غيرها ليتأتى له القلب إذا أراده.
"
سؤال"
قوله: ومن الناس من قال: إن الترادف خلاف الأصل
يشعر بأن غير هذا القائل لم يوافقه، وكونه تعريف المعرف لا ينفي النزاع في أنه خلاف الأصل.
"
المسألة الثالثة: في إقامة أحد المترادفين مقام الآخر
"
إذا أبدلت لفظ "من" بلفظ آخر، والنسخة التي قرأتها على شمس الدين الخسروشاهي كان فيها إذا أبدلت لفظ "من" بلفظ "إن"، وكذلك كان الشيخ شمس الدين الذي يقربه يقول: هو هكذا لفظ الأصل، وكان عالما بلسان الفرس، غير أنا نحن لا نعلم لسان الفرس، فما نأخذ ذلك عن الإمام فخر الدين، والشيخ شمس الدين إلا تقليدا، وقد وجدت في لغة العرب ما يغني عن التقليد وهو مثال لذلك؛ لأن أئمة اللغة قالوا: صلى ودعا مترادفان.
مع أنه يجوز أن يقول: صلى عليه، فيركب صلى مع لفظ على في طلب الخير للمدعو له، ولو ركبت دعا مع على في طلب الخير، فقلت: دعا عليه لم يصح، وانعكس المعنى للشر؛ ولأن "ليت" موضوعة للتمني، فهي مرادفة للفظ التمني.
ويصح أن يركب مع لفظ التمني الخبر عن المبتدأ، فتقول: التمني تعلق الأمل، ولو قلت:"ليت" تعلق الأمل من غير إضمار شيء لم يكن كلاما عربيا؛ لأن العرب لا تجيز الإخبار عن المسمى للحرف معبرا عنه بلفظ الحرف.
وكذلك "حتى" موضوعة للغاية، فهي مرادفة للغاية، ويصح التركيب مع لفظ الغاية، فتقول: الغاية في الشيء نهايته.
ولو قلت: حتى في الشيء نهايته، لم يكن كلاما عربيا، وكذلك جميع حروف المعاني مرادفة في جميع معانيها للأسماء، ولا يصح إقامتها مقام تلك الأسماء، لا في الإخبار عنها، ولا في الإخبار بها، فهذه كلها مثل معلومة لنا، يستغنى بها عن التقليد، والنطق بما لا نفهمه.
ومما يرد عليه في قوله: صحة التركيب من عوارض المعاني دون الألفاظ أن قولنا: في الدار رجل، تركيب صحيح، ورجل في الدر، غير صحيح عند العرب، مع أن المعنى لم يختلف عند السامع، وكذلك "إلى" وجميع حروف الجر تركب مع جميع الأسماء إلا "عند" فلا يدخل عليها من حروف الجر إلا "من"، فتقول: خرجت من عنده، ولا تقول: ذهبت إلى عنده، ولفظ "رب" من حروف الجر لا يركب إلا مع النكرات.
وتقول: كيف زيد؟ فيصح، ولو قلت: زيد كيف؟ لم يصح، وهو كثير في لسان العرب، وهو وإن لم يكن من باب المترادفات، غير أنه يرد على قوله: إن الصحة من عوارض المعاني دون الألفاظ، فهذه صحة من عوارض الألفاظ دون المعاني.
"سؤال"
قال النقشواني: تنظيره باللغتين غير سديد، فمن ادعى ذلك، فإنما ادعاه من لغة واحدة، والصحيح أن اللغة الواحدة يفصل فيها، فيقال: إن لم يكن المقصود إلا مجرد الفهم قام أحد المترادفين مقام الآخر، وإن كان المقصود قافية القصيد، وروى الشعر، وأنواع الجناس، والسجع، فلا يقوم أحدهما مقام الآخر؛ فإن إحداهما لا تكون فيه الحروف المجانسة لتلك اللفظة التي يقصد جناسها، ولا يكون [فيها] حرف الروى، ويكون جميع ذلك في اللفظ الآخر المرادف.